Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

مقامات السيدة فاطمة الزهراء (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

مقامات مولاتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)

حديثنا متشرف بأن يكون حول مقامات مولاتنا فاطمة الزهراء (س) ومهما تحدثنا عنها وأكثرنا من الحديث ما أدينا معشار ما هي عليه. إن عمرها القصير في هذه الدنيا لم يكن كافياً لإبداء ما في جوف هذه السيدة من الأسرار الإلهية، ولم يترشح منها إلا القليل. وبالطبع يسعرف الناس فضلها وتتبين مقامتها في عرصات القيامة عندما تأتي (س) فيؤمر الخلائق بغض أبصارهم حتى تجوز فاطمة (س).

من مقاماتها أنها من العترة وسنبين موقع العترة في روايات النبي (ص). إننا عندما نقول: أن أهل البيت (ع) المطهرون، نعني بذلك كل المعصومين؛ بدءا من النبي (ص) وانتهاءً بخاتم الأوصياء الإمام المنتظر روحي وأرواح العالمين له الفداء. ولكن بالدرجة الأولى والمقدار الواضح الذي لا خلاف فيه بين أحد والذين كانوا في زمان النبي (ص) هم الذين حصرهم النبي بالكساء. لقد بين النبي (ص) بالإشارة تارة وبالكلام تارة أخرى في مختلف المناسبات حدود العترة والآل ولكن – كما يقال –قد لفهم بالكساء اليماني احتياطاً؛ لئلا تبقى شبهة عند أحد.

ولكن ما هو وزن هذه العترة؟

هناك رواية معروفة في الطبقات الكبرى رواها أحمد بن حنبل وغيره، وهي لا تحتاج إلى بحث سندي؛ فالراوي هو أبو سعيد الخدري عن النبي (ص) قال: (إِنِّي أَوْشَكَ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ كِتَابَ الله حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَإِنَّ اَللَّطِيفَ اَلْخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ اَلْحَوْضَ فَانْظُرُوا مَاذَا تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا)[١].

إن الله سبحانه لطيف وخبير؛ فهو إذا يعلم ما هو صلاح هذه الأمة. و(لن) في لن يفترقا للنفي المؤبد؛ لا في زمانه فحسب ولا بعد النبي (ص)؛ بل إلى يوم القيامة. إنهما جزءان أحدما مكمل للآخر؛ فالعترة بلا كتاب والكتاب بلا عترة لا يتحقق بهما الهداية. ثم إننا نلاحظ في ختام الحديث من لحن الكلام؛ أن النبي (ص) يريد أن يسجل موقفاً. أي أنتم لن تعملوا بهذه الوصية، وستخالفوني فيها، فيقول: (فَانْظُرُوا مَاذَا تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا). أي أريد أن أعلم كيف عملكم والتزامكم بكلامي؟ ولكن ما وقع بعد حياته شاهد على أن الأمة لم تعطي الكتاب حقه ولا الذرية والعترة حقها، وكانوا كما قال الشاعر:

مُشَرَّدونَ نُفوا عَن عُقرِ دارِهِمُ
كَأَنَّهُم قَد جَنَوا ما لَيسَ يُغتَفَرُ

مبدأ الخلافة مبدأ فطري

ولو نظرنا إلى مسألة الخلافة  من دون تحيز ومن دون تعصب، لرأينا أن الاستخلاف مبدأ فطري مغروس في فطرة ابن آدم. وبإمكان كل واحد منا أن يبحث عن دليل الإمامة والوصاية في نفسه. إنك لتغيب عن أهلك يوماً أو يومين، وشهرا أو شهرين؛ فتجعل خليفة عليهم إما زوجتك، وإما ولدك الأكبر وإما أخوك أو أمثالهم. فلا يطاوع الإنسان قلبه أن يترك ذريته من دون خليفة. ولهذا عندما نسافر نقول: اللهم أنت الخليفة في الأهل والصاحب في السفر؛ أي بعد الخليفة البشري؛ الله سبحانه هو الخليفة عليهم.

الاستخلاف مبدأ الأنبياء

إن الوصاية والاستخلاف بالإضافة إلى أنه مبدأ فطري؛ مبدأ أنبيائي. والأنبياء لم يخرجوا عن الفطرة. إن موسى (ع) ذهب لتلقي الألواح أربعين ليلة فقال لأخيه هارون: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)[٢]؛ فما دام في الأمة مفسد؛ فكن يا هارون خليفتي على بني اسرائيل. ومع ذلك رجع ليرى أن قومه اتخذوا العجل من بعده. وهذا هو منطق الأنبياء ومنطلقهم. ولم يشذ النبي الأكرم عن هذه القاعدة، فهو ليس ببدع من الأنبياء.

تأكيد النبي (صلى الله عليه وآله) على الولاية

ثالثا: إنه مبدأ من مبادئ الإسلام. إن النبي (ص) ما ترك فرصة إلا وأشار إلى الوصي، إلى درجة قال الإمام الباقر (ع): (وَلَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلاَيَةِ)[٣]. وكذلك في حديث الدار ووقت المبيت، وفي الغزوات وحديث المنزلة، وحديث السفينة وفي المباهلة وحديث الكساء، وآية التطهير، وآية التصدق بالخاتم، وحدث ولا حرج. وكم جمع علمائنا من هذه الموسوعات؟

العترة عدل القرآن وترجمانه

وقد أوصى النبي (ص) قبل رحيله من الدنيا بهم، والعترة هي المفسرة للقرآن. إن آيات الأحكام في القرآن هي قرابة الخمسمائة آية؛ بالله عليكم هل هذه الآيات تكفي لإدارة الحياة؟ إن سائر آيات القرآن هي مواعظ وقصص وأخلاق وعقائد، فمن الذي يكمل النقص في الأمة؟ وكذلك روايات النبي (ص) وسنته قليلة وغير كافية، ولابد في المسائل المستحدثة من الرجوع إلى كلمات النبي والآل (ص).

استغناء الفقه الشيعي بالعترة المطهرة

ولهذا نحن فرحون كثيرا بهذه التركة؛ فعندما نأتي بالحكم أو يصدر الفقيه حكماً يأخذه من كتاب الله أولا فإن لم يجد فيأخذه من كلام النبي (ص) وسنته – قول النبي وفعله وتقريره – فإن لم يجد أخذه من كلام آله وهم أمير المؤمنين (ع) والأئمة من ذريته. ولهذا نحن في غنى عن الاستحسان والمصالح المرسلة والاجتهاد في مقابل النص وعن التخرص بغير علم. فما من مسألة في الرسالة العملية –  راجعوا مصدرها الاستدلالي – إلا وهناك دليل محكم كالجبال الرواسي يدعمه. من أين؟ من كلمة عترتي..!

[١] الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ج١ ص١١٥.
[٢] سورة الأعراف: ١٤٢.
[٣] الکافي  ج٢ ص١٨.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • عندما يصدر الفقيه حكماً يأخذه من كتاب الله، فإن لم يجد فيأخذه من كلام النبي (ص) وسنته – قول النبي وفعله وتقريره – فإن لم يجد أخذه من كلام آله وهم أمير المؤمنين (ع) والأئمة من ذريته. ولهذا نحن في غنى عن الاستحسان والمصالح المرسلة والاجتهاد في مقابل النص وعن التخرص بغير علم.
  • لو نظرنا إلى مسألة الخلافة من دون تحيز ومن دون تعصب، لرأينا أن الاستخلاف مبدأ فطري مغروس في فطرة ابن آدم. وبإمكان كل واحد منا أن يبحث عن دليل الإمامة والوصاية في نفسه. إنك لتغيب عن أهلك يوماً أو يومين، وشهرا أو شهرين؛ فتجعل خليفة عليهم إما زوجتك، وإما ولدك الأكبر.
Layer-5.png