- ThePlus Audio
متى ندعو لإمام زماننا (عج)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الدعاء لإمامنا في ساعات الاستجابة
من علامات الوفاء والصدق في الانتظار؛ أن يلهج الإنسان من دون مذكر بالدعاء لإمام زمانه في ساعات الاستجابة كساعة الإفطار في شهر رمضان المبارك. فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)[١]. فعند الإفطار تفتح أبواب السماء، فما أجدر بالمؤمن في تلك الساعة وهو في قمة الجوع والعطش أن يبادر إلى الدعاء للفرج بلهفة وشوق وتفاعل.
لك صك مفتوح بعد كل فريضة
ومن ساعات الاستجابة ما روي عن النبي (ص) أنه قال: (مَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فَلَهُ عِنْدَ اَللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ)[٢]؛ أي لك صك مفتوح تكتب فيه ما تريد وتطلب من الذي خزائنه بين الكاف والنون. إن أثرى الأثرياء في هذا العالم لا يستطيع أن يقول لك: اكتب في الصك ما تريد، فقد تكتب ما يفوق طاقته لأنه محدود، ولكن الله سبحانه لا يحده شيئا ولو أعطاك ذهبا بعدد رمال الدنيا أو ملئ السماوات والأرض. فلا تكتب في هذا الصك الذي يُعرض عليك بعد كل صلاة حوائجك قبل أن تتكتب حوائج إمامك وتطلب له تعجيل الفرج قبل أي طلبة.
الدعاء بالفرج عند ضريح الحسين (عليه السلام)
ومن المواطن التي لا يغفل فيها المؤمن عن الدعاء لإمام زمانه (عج) هو عند ضريح الحسين (ع). فإذا وصلت إلى الضريح الشريف بعد اللتيا والتي وبعد السير لعشرات الأميال وأنت مع ذلك تدخل وأنت أشعث أغبر بقدمين متورمتين؛ فادع هناك لفرج إمام زمانك قبل أن تذكر حوائجك. إن لهجت بدعاء الفرج من دون مذكر؛ فأنت من الفائزين. إن الغافل هو الذي ينتظر أن يذكره الخطيب بالصلاة على النبي وآله والدعاء للفرج بعد الصلاة أو ينتظر حول الضريح من يذكره بذلك ولا يذكره إلا إذا ذكره أحد؛ أما المؤمن الملتفت يذكره على الدوام ويصلي على النبي وآله دائما قائلا: اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم.
هل تحتاج إلى من يذكرك بإمام زمانك؟
إن الفخر كل الفخر أن يذكره إمامه من تلقاء نفسه في خلوة أو في ظلمة الليل فتهيج أحزانه ويلهج بالدعاء له. قد نرى بعض الأمهات تبكي في عرس ولدها فتُسأل عن السبب فتقول: إنني قد فقدت أحد أولادي وتذكرته في هذا اليوم. إن ذكر الحبيب يجري على لسان المحب من دون سبب. يقول الشاعر عن حالة من حالات العاشق المدلَّه:
خيالك في عني وذكرك في فمي
وحبك في قلبي فأين تغيب؟
هل الإمام (عجل الله فرجه) هو بحاجة إلى دعائنا؟
والمؤمن الصادق المنتظر لإمام زمانه (عج) لا يختلف حاله عن هذه الحالات. وقد يسأل سائل فيقول: ما هو قيمة دعائي لإمام زماني وهو منبع الدعوات وهو سر الدعوة وهو المستجاب، وأنا الفقير الذليل المسكين؟ ما خطري وما خطر دعائي؟ هنالك إجابتان: الأولى: أن الدعاء حركة عاطفية. إنك قد تهذب إلى عيادة مريض أوشك على الهلاك فتقدم لذويه وردة لا قيمة لها بحسب الظاهر ولا تنفع لدواء ولا لعلاج ولكنها حركة عاطفية تبدي بها حبك للمريض، وهذا أضعف الإيمان. يُقال أن نملة أرادت أن تقدم هدية لسلميان (ع) فقدمت له فخذ جرادة، فهو أغلى ما تملك.
أما الإجابة الثانية فندها في ما ورد عن الإمام الصادق (ع)، فقد سأله أحد أصحابه: (عَنِ اَلرَّجُلِ يَتَبَاكَى فِي اَلصَّلاَةِ اَلْمَفْرُوضَةِ حَتَّى يَبْكِيَ فَقَالَ قُرَّةُ عَيْنٍ وَاَللَّهِ وَقَالَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرْنِي عِنْدَهُ)[٣]. إن الإمام الصادق (ع) يبحث عن هذا الصنف من الناس؛ فهم يلفتون نظر إمام زماننا ونظر آبائه (ع). نحن نصف الولد بقرة العين؛ ولكن الصلاة الخاشعة هي القرة أبد الآبدين. ومحل الشاهد في هذه الرواية قول الإمام (ع) وهو إمام زمان السائل: (فَاذْكُرْنِي عِنْدَهُ)؛ أي أذكرني عندما يرق قلبك وتجري دمعتك. وهذا يشبه طلب الحسين (ع) من زينب (س) أن تذكره في صلاة ليلها في اليوم العاشر. فنعلم من هذه الرواية أهمية الدعاء لإمام زماننا في حال الرقة وخاصة مع البكاء وخاصة في الصلاة المفروضة. إن الدعاء لإمام زمانك في قنوت صلاتك؛ هو مما يقر عينه ولا تستبعد أن يدعو لك (عج) في قنوته وشتان بين دعائنا له وبين دعائه لنا.
خلاصة المحاضرة
- من علامات الوفاء والصدق في الانتظار؛ أن يلهج الإنسان من دون مذكر بالدعاء لإمام زمانه في ساعات الاستجابة كساعة الإفطار في شهر رمضان المبارك، وبعد كل فريضة وفي المشاهد المشرفة وفي الخلوات والجلوات كلها. إن المؤمن في ساعة الاستجابة يقدم الدعاء له على الدعاء لنفسه.