ان للاعتقاد الحق الذي يرتبط بعالم الجوانح ضريبته المرتبطه بعالم الجوارح .. فمن عرف السبيل الصحيح فعليه ان يبذل جهده في الحركة فيه ، والا فانه سيواجه الندامه الشديدة يوم القيامة ، حيث قطع نصف الطريق وبقي النصف الآخر … ومن هنا كان اشد الناس ندامة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه الى غيره .
ان من فروع الاعتقاد المهم هو الاعتقاد بالحركة المهدوية ، التي تختم بها حياة البشرية ، فان الله تعالى لم يخلق الكون سدى .. فكما ان الشمس تجرى لمستقر لها ، فكذلك الحركة البشرية تجري لمستقر حضاري يمثل قمة العدل في تاريخ الانسان ، فان الهدفية والمحورية من سمات هذا الوجود ، ولاشك ان محور هذا الوجود هو التوحيد ، اذ البدء والختم يعود الى واهب هذا الوجود، وهدف هذا الوجود هو صيرورة الكون كله بلون واحد ، وهو لون العبودية لله الواحد سواء في عالم الجمادات اوالناطقات .
ان من الاثار المهمة للاعتقاد بوجود الامام المهدي (ع) هو شحن طاقات الامة وبعث ! روح الامل فيها .. ففرق بين من يسير وليس له هدف مرجو ومحدد ، وبين من يسير ويحدوه الامل الكبير بان نهاية النفق الطويل المظلم هو النور والفلاح .. ومن هنا تأكد الامر بانتظار الفرج وانه افضل الاعمال ، ومن الواضح ان المراد بانتظار الفرج هو تهيئة الاسباب لقدوم من ننتظر فرجه ، والا فمجرد الشوق – بل حتى الدعاء – لايعد من مصاديق انتظار الفرج .
ان من لوازم الاعتقاد بمواكبة الامام المهدي (ع) لحركة الامة وتحمله لآلامها هو مشاركته هذه الهموم ، والتالم الشديد لما هو فيه من الغربة والشدة ، تألما لما يجري على الامة من الويلات والمآسي .. فكم من العجيب عندما نرى الائمة السابقين له من ابائه (عليهم السلام) وهم يتألمون لحاله (ع) وهو لم يولد بعد !.. حتى ان الامام الصادق (ع) رؤي وهو جالس على التراب ، ويبكي بكاء الوالهة الثكلى ويقول: ( سيدي غيبتك نفت رقادي ) والامام الرضا (ع) يفديه بأبيه وأمه قائلا : باني انت وامي!
ان البعض يعتقد ان الدعاء للفرج لافائدة فيه بمعنى انه لا يؤثر في تعجيل الفرج ، حيث انه امر ثابت موقوت لايتقدم ولا يتأخر، والحال ان هذا التصور يمكن مناقشته بأن الامر مما يدخل في دائرة المحو والاثبات والذي هو بيد الله تعالى .. ولاشك ان كثرة المتضرعين في زمان الغيبة لها تأثيرها في تحريك الارادة الالهية ، لانه قطع على نفسه با! جابة الداعي اذا دعاه .. وقد ورد عن ائمة الهدى (ع) : ان الله تعالى كان قد قدر الرخاء لهذه الامة لولا تورطهم بقتل الحسين (ع).
ان المعرفة على نوعين : فهناك المعرفة الاكتسابية وذلك من خلال مراجعة بطون الكتب والاستماع لأهل العلم ، وهناك معرفة اشراقية يتلقى الانسان فيها جانبا من المعرفة : شرحا للصدر، والقاءا في الروع ، وتسديدا للفكر، وتثبيتا للفؤاد .. اليس هو الذي ربط على قلوب اهل الكهف وزادهم هدى رغم انه لم يوح اليهم ؟! .. اليس هو الذي اوحى الى ام موسى وهي ليست في زمرة الانبياء ولا الاوصياء ؟!.. بل اليس هو الذي اوحى الى النحل ؟!.. اولسنا نحن بني! ادم اولى بذلك منها ؟.. ولا شك ان الارتباط النفسي والشعوري بصاحب الامر(ع) من موجبات التفضل الالهي لهذه المعرفة الاشراقية .
ان من المناسب ان نتخذ بعض ساعات الاجابة موضعا لتركيز الدعاء لصاحبنا (ع) بالنصرة والتأييد ، ومنها : قنوت الصلوات اليومية ، وذلك بجعلها من المحطات الثابته للدعاء دفعا للسهو والنسيان ، و ساعة الأذان فان عندها تفتح ابواب السماء ، وكذلك في جوف الليل عند صلاة الليل .. واخيرا لنتساءل : ماهو حال العبد الذي يدعو له امام زمانه بالنصر والتأييد ؟!.. اوهل ترد دعوة اشرف خلق الله تعالى على الارض في هذا العصر ؟
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.