Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ما هي ثمرات التسليم في ختام الصلاة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

التسليم في الإسلام

إن بحث السلام من الأبحاث الشائقة في الإسلام؛ فالإسلام فيه سلام، والسلام من أسماء الله وهو الجنة هي دار السلام وليلة القدر يلام حتى مطلع الفجر وخطاب أهل الجنة، سلام قولا من رب رحيم. وهي مع ذلك تحية أهل الإسلام، وقد سلم الله على الأنبياء في كتابه الكريم.

ما هي ثمرة التوحيد؟

ولا بأس أن نأخذ جولة في روايات أهل البيت (ع) حول هذه المفردة. لقد روي عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: (إِنَّمَا جُعِلَ اَلتَّسْلِيمُ تَحْلِيلَ اَلصَّلاَةِ وَلَمْ يُجْعَلْ بَدَلُهَا تَكْبِيراً أَوْ تَسْبِيحاً أَوْ ضَرْباً آخَرَ)[١]. ألم يكن من المناسب مثلا، أن نخرج من الصلاة بتكبيرات ثلاث كما دخلناها بالتكبير؟ يقول الرضا (ع) وهم العالمون بأسرار الصلاة: (لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اَلدُّخُولُ فِي اَلصَّلاَةِ تَحْرِيمَ اَلْكَلاَمِ لِلْمَخْلُوقِينَ وَاَلتَّوَجُّهَ إِلَى اَلْخَالِقِ كَانَ تَحْلِيلُهَا كَلاَمَ اَلْمَخْلُوقِينَ وَاَلاِنْتِقَالَ عَنْهَا وَاِبْتِدَاءُ اَلْمَخْلُوقِينَ فِي اَلْكَلاَمِ أَوَّلاً بِالتَّسْلِيمِ)[٢].

إن ما أفهمه من رواية الرضا (ع)؛ أن ثمرة التوحيد التوجه إلى المخلوقين ولكن بمنظار إلهي. إن ثمرة الصلاة هي أن تتوجه إلى الله عز وجل ثم في الختام تتوجه إلى البشر. إنك تقول: السلام عليك أيها النبي، وكأنك في مقام شكر هذه النعمة. أي تخاطب النبي (ص) قائلا: يا رسول الله، أشكرك على نعمة الإسلام، ومن الإسلام الصلاة. فأنت الذي بسببك تعرفنا على الصلاة، فتقول: السلام عليك أيها النبي لتسهمه في صلاتك. وهذا يشبه ما نقوله في سجدتي السهو: بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي؛ ويعني ذلك أنه ينبغي أن تكون وفياً لأولياء أمرك، للنبي وآله (ص).

لا تكن كاذبا في تسليمك…!

فإن قلت: السلام عليك أيها النبي، وقلت: السلام علينا وعلى عباد الصالحين؛ ثم ذهبت وغششت مسلماً أو اغتبت مؤمناً أو آذيته بشطر كلمة؛ فأنت كاذب فيما قلته. فأين السلام في الصلاة من أفعالك بعد الصلاة؟! أنت في الصلاة بين يدي الله عز وجل وفي محضر الخالق وكأنك تقول في تسليمك هذا: يا رب، أنت الشاهد علي، لا يصدر مني سوء لأحد من المسلمين، ولكنك سرعان ما تخالف قولك هذا. أين السلام على عباد الله الصالحين، وأين السلام عليكم؟ كيف تسلم وأنت تذهب بعد الصلاة إلى المنزل لتؤذي زوجتك؟ أين الأمانة في الكلام؟ ألا يستحق ذلك منا غضب رب العالمين؟ إن الإسلام هو التسليم والمؤمن مظهر السلم والسلام.

كذلك الإمام أمير المؤمنين (ع) يفسر السلام. تقول الرواية أن الإمام (ع) سُئل ذات يوم: (مَا مَعْنَى قَوْلِ اَلْإِمَامِ: (اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ) فَقَالَ: إِنَّ اَلْإِمَامَ يُتَرْجِمُ عَنِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَقُولُ فِي تَرْجَمَتِهِ لِأَهْلِ اَلْجَمَاعَةِ أَمَانٌ لَكُمْ مِنْ عَذَابِ اَللَّهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ)[٣]. فمن صار إماماً في يوم من الأيام كالزوج الذي يصلي خلفه الأولاد والزوجة لثقتهم به ولعدالته ولقراءته الصحيحة، فليعلم أنه مترجم عن الله عز وجل، ومتكلم باسم القوم. أنت المتحدث الرسمي؛ فلا تجعل صلاتك أقل من صلاة المأمومين. كيف يكون المأموم مقبلا وأنت الإمام تفكر يميناً وشمالاً؟

لماذا يحرص البعض على صلاة الجماعة؟

إن القضية لا تنحصر بدرجات الآخرة والثواب، فذلك أمر له شأنه؛ ولكن عندما تقول: السلام علينا في صلاة جماعة؛ فكل مأموم يدعو للمأموم الذي بجانبه، ألا تُرجى لك السلامة وأنت يدعو لك عشرات المأمومين؟ أو تعلم أن من موجبات الشفاء من الأمراض أن تصلي في الجماعة؟ لأن المأمومين يقولون: السلام علينا، ومن السلام الحفظ من الآفات. ولو كانت عندك حاجة وصليت مع المأمومين ولم تطلب الحاجة؛ فقد طلبها لك من هو بجوارك، لأنه قال: السلام علينا؛ أي الأمان لي ولمن معي من إخواني المؤمنين.

السلام على النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى الملكين في ختام الصلاة

من معاني التسليم في الصلاة؛ السلام على الملكين الذين هم بجوارك عن يمينك وشمالك. إن الملك موجود مؤدب ومتشرع. فما المانع من أن نقول: يجب عليهما رد السلام؟ إن الملك إذا سلم عليك؛ فسلام الملك لا يُرد كما أن دعوته لا ترد. وبعبارة جامعة، إنك تنتهي من الصلاة وخاصة في الجماعة وقد غمرك السلام يميناً وشمالاً من الله عز وجل ومن غيره، وأنت عندما تقول: السلام عليك أيها النبي؛ فالنبي (ص) حي يسمع الكلام، ويرد عليك ويقول: وعليك السلام أيها المصلي.

هب أنك كنت غافلاً في صلاتك وصليت ساهياً، فعندما تسلم على النبي (ص) كأنك تلتجأ إليه وكذلك الأمر عندما تُسلم عليه في سجدتي السهو. ويعني ذلك أن تُخاطب النبي (ص) قائلا: يا رسول الله، اشفع لي، فقد صليت صلاة لا تساوي عند الله شيئا. إنك في التشهد دعوت للنبي (ص) وقلت: وتقبل شفاعته، وفي الركعة الرابعة سلمت عليه؛ فمجموع الدعاء في الثانية والسلام في الرابعة؛ ألا يجعلك تتوقع من النبي (ص) أن يشفع لك في كل فريضة؟

أتقن الركعة الأخيرة على أقل التقادير…!

إنني أوصي المؤمنين دائما فأقول لهم: إن سهوت في الصلاة؛ أتقن الركعة الأخيرة على الأقل، لكي تختمها ختاماً طيباً. إن الشيطان قد ركبك حتى الركعة الأخيرة؛ فأتقن السجدتين في ختام الصلاة. إن خدعك الشيطان في السجدة الأولى؛ فأطل في السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة، وإن ركبك الشيطان إلى السجدة الأخيرة؛ توجه في التشهد والتسليم الذي هو الفرصة الأخيرة للنجاة والسلامة. ألا تستحق الصلاة أن تقبل في جملتين؟ إن قولنا: السلام علينا هو مستحب في ختام الصلاة؛ إذ يكفي للخروج من الصلاة؛ السلام عليكم ورحمة الله. فعليك بالتوجه في ختام الصلاة، ولا تسلم وحالك فيها حالك في الركعات الأولى، وكن خجلاً وجلاً.

ماذا لو رد عليك النبي (صلى الله عليه وآله) التحية؟

إنك عندما تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته؛ فلا تسلم على النبي (ص) فحسب؛ بل تقول: عليك البركات يا رسول الله، عليك الرحمة. والنبي (ص) هو الذي علمنا: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ)[٤]؛ فلو أنه (ص) قال: عليك السلام أولا، وعليك الرحمة ثانيا، وعليك البركات ثالثا؛ فأنت أثرى الأثرياء في ذلك اليوم، فكيف لو استحوذت على عناية النبي (ص) في الصلوات الخمس؟ ستكون بلا ريب في أعلى درجات القرب والكمال. فإذا كنت ترى نفسك ممن ضيع العمر في ما مضى؛ فتدارك ما بقي منه.

في هذه الحالة يُسلم عليك كل نبي وشهيد…!

وتصور لو أن الله عز وجل بعث بطاقات السلام إلى مئة وأربعة وعشرين ألف نبي وإلى جميع الشهداء طوال التأريخ كسحرة فرعون وأصحاب الأخدود وشهداء بدر وشهداء صفين وشهداء كربلاء من النساء والرجال، وقال لهؤلاء جميعا: هذه البطاقة من فلان بن فلان لأنه قال في صلاته متوجهاً: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ ما مدى الربح الذي تحصل عليه من هذا السلام؟ ليست الأرباح في التجارات وفي الأسهم فحسب؛ فهذا هو الربح الأعظم. في كل تسلمية قلتها بغفلة قد خسرت هذه الخسارة؛ فالدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون.

[١] وسائل الشیعة  ج٦ ص٤١٧.
[٢] وسائل الشیعة  ج٦ ص٤١٧.
[٣] من لا یحضره الفقیه  ج١ ص٣٢٠.
[٤] سورة النساء: ٨٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إنك تقول في تسليم الصلاة: السلام عليك أيها النبي، وكأنك في مقام شكر هذه النعمة. أي تخاطب النبي (ص) قائلا: يا رسول الله، أشكرك على نعمة الإسلام، ومن الإسلام الصلاة. فأنت الذي عرفتنا على الصلاة وحُزنا بها من الأجز ما حزنا. فتقول: السلام عليك أيها النبي لتسهمه في صلاتك.
  • تصور لو أن الله بعث بطاقات السلام إلى مئة وأربعة وعشرين ألف نبي وإلى جميع الشهداء طوال التأريخ وقال لهؤلاء جميعا: هذه البطاقة من فلان بن فلان لأنه قال في صلاته متوجهاً: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ ما مدى الربح الذي تحصل عليه من هذا السلام؟
  • إن سهوت في الصلاة؛ أتقن الركعة الأخيرة، لكي تختمها ختاماً طيباً. إن الشيطان قد ركبك حتى الركعة الأخيرة؛ فأتقن السجدتين في ختام الصلاة، وأطل في السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة، وإن ركبك الشيطان إلى السجدة الأخيرة؛ توجه في التشهد والتسليم الذي هو الفرصة الأخيرة للنجاة والسلامة.
Layer-5.png