- ThePlus Audio
ما هي اليقظة الروحية وما هي عواملها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الأحاديث وبعض الكلمات ممكن أن تفتح آفاقاً للإنسان؛ لهذا من المعروف أنه ساعة تفكر وتدبر وتأمل من خلال استقراء للماضي أو تأمل في المستقبل لعلها تفوق سنوات من العبادة الخالية من التأمل، وأريد أن أتكلم في حديث أعتبره من الأحاديث المفتاحية إن صح التعبير؛ وهو عبارة عن جواب السؤال التالي: ما هي اليقظة الروحية؟ وما هي عوامل هذه اليقظة؟
استثمار شهور اليقظة
نحن نلاحظ بأن الله (عز وجلّ) يبعث الحياة في الأرض الجامدة أو الأرض الهامدة (فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ وَأَنۢبَتَتۡ مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِيجٖ)[١]، من هذه الآية المتقدمة نفهم بأنَّ هناك يقظة في عالم الطبيعة، ففي فصل الربيع نلاحظ بأن الأرض تستقبل البذرة وبرعاية مختصرة أو معتدة بها نلاحظ بأن الأرض تعطي بركاتها إذن هناك يقظة في عالم الطبيعة، وفي عالم الأرواح كذلك هنالك يقظة…
الله (عز وجلّ) في بعض فصول السنة لكي يتقرب العباد إلى إليه يفتح المجال ويهيئ الظروف ويرفع الموانع، ولو سألنا عبدا منصفاً هل هنالك نسبة بين أول يوم من شوال وبين آخر يوم من شهر رمضان؟ قطعاً سيكون جوابه بالنفي إذ لا نسبة هناك أبداً فضلاً عن ليالي القدر المباركة، وحسب تعبير أحدهم إنَّ المدَّ الروحي في الأشهر الثلاثة المباركة مدُّ تدريجي نبدأ بشهر رجب ثم شعبان ثم في شهر رمضان يبلغ الإنسان أوج الرقي، وإذا به في عشية وضحاها هناك هبوط فجائي!! ويعيش الإنسان بعدها في شهر ليست فيه بركات تلك الأشهر.
إذن يتفق هناك تشابه وإرتباط بين اليقظة في الطبيعة والروح، ففي عالم الطبيعة؛ شهور اليقظة هي في فصل الربيع التي تكون مدتها ثلاثة أشهر، وكذلك في شهر اليقظة الروحية كذلك شهور ثلاث، فهذه اليقظة المكتسبة في الواقع نعمة كبيرة لا بدّ من استثمار هذه النعمة وإلا هذه البركات تذهب هباءً منثورا، فالمزارع الكسول الذي لا يستثمر وقت ويتفاعل مع الطبيعة في وقت يقظتها فسوف لا يجني بعد إنتهاء الموسم أي شيء سوى الندامة، فما هو المانع الذي منعه من ذلك فالمخازن مملوءة بالبذور والفصل فصل اليقظة وهو الربيع والأمطار تتوالى ولكن في ختام الفصل لا يجني هذا الزارع شيئاً من الثمر أبداً لأنه لم يعمل شيئاً في ذلك الفصل، كذلك الإنسان إن لم يستثمر شهور اليقظة الروحية فيخرج منها صفر اليدين لم يجن منها شيئا سوى الحسرة والندامة أو الخسران.
أقسام الناس في الدنيا
وقبل أن أنتقل إلى عوامل اليقظة نتكلم بتمهيد يخص أقسام وتصنيف الناس في هذه الدنيا، فلينظر الإنسان إلى حركة المجتمع يجد الناس حوله على أشكال على أقسام عادةً لا يخرجون منها، وهي مستمدة من القرآن الكريم، وبعض الأقسام لعله توصف بتعابير قاسية ولكن ليتحمل أحدنا هذه القسوة كي ينتفع ويصحح أو يغير إن كان الأمر يقتضي ذلك، فالناس من حولنا على أقسام:
القسم الأول: ما كان ملحقاً بالجماد إذ يكون ظاهره إنساناً أنيقاً مثقفاً متخصصاً له دخل مالي كبير ولكن هذا الإنسان ليس في قائمة الأنعام بل القرآن يصفه بأنه كالجماد قرأنا آنفاً (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)[٢]، هذه الخشبة التي لا حياة فيها.
القسم الثاني: قسم من الناس ليسوا كالخُشب يوجد لديهم حس ولكن حس بهيمي، فهم كالدابة المرسلة همها علفها وشغلها ماذا تقممها والقرآن الكريم يجل الحيوان أن يكون كهذا الإنسان يقول: (بَلْ هُمْ أَضَلُّ)[٣].
القسم الثالث: تقدم بأنَّ هناك قسماً كالخُشب وقسماً كالأنعام وقسماً ليس كالأنعام، هو بنو آدم ولكنه ميت يحتاج إلى حياة، فهو لم يمسخ ولم ينتقل إلى مرحلة الخشبية أو الأنعامية ولكنه ميت يحتاج إلى من يبعث فيه الحياة.
القسم الرابع: هناك صنف من الناس ليس بخشب ولا بأنعام ولا بميت ولكنه نائم يحتاج إلى إيقاظ من نومة الغافلين، إبرة بسيطة تضربه بها وإذا به يستيقظ من منامه وغفلته، وأغلب المؤمنين بمثابة هذا القسم إنسان متخدر نائم يأتي شهر رمضان يفيق ثم ينتهي شهر رمضان وإذا به يرجع إلى سباته المعهود.
القسم الخامس: قسم من الناس ليس بنائم أو غافل ولكنه مُقعد يرى ويسمع ولكنه على عربة المقعدين يريد أن يتحرك ولكن عضلات رجله لا تحمله في مقام العمل! فما هو الفرق بين إنسان ميت وبين إنسان نائم وبين إنسان مقعد؟ يرى النار أمامه تأتي نحوه وهو يصيح واغوثاه النجدة؛ لأنه يرى ويسمع وينظر ولكنه لا يمكنه أن يدفع عن نفسه الضرر!
القسم السادس: وهذا القسم من الناس ليسوا بموتى ليسوا بمقعدين يتحركون بملء اختيارهم ينظرون إلى الخير يهجمون ويسارعون إلى الخيرات وينظرون إلى الشر ويهربون منه، والمؤمن المثالي هو ذلك الذي ليس من المقعد فمن دون.
محل الشاهد في الكلام، أنّ رب العالمين يمن على أحدنا – إتماماً للحجة- في بعض الحالات بهذه المرحلة من البصيرة واليقظة فكيف نستثمر هذه الحالة؟ ونتحول من الميت إلى النائم ثم نترقى من النائم إلى ماذا إلى الإنسان المشلول ثم نتخلص من الشلل لنمشي على أقدامنا بملء اختيارنا.
وهذا الحديث ينبغي للمؤمن أنْ يتأمل فيه وإذا لم يتأمل خسر الكثير، ليست المسألة مسألة جهنم والنار فحسب! فالحسرة على ما مضى من دون أن ننتفع منه أيضاً توجب الألم والندم، أحدنا يذهب في سفر إلى زيارة أخ مؤمن ويضيع وقته في تلك الزيارة فإنَّ (عليه السلام) سوف يتألم، كيف ساعة من عمره صرفها في انتظار ممل وكانت فيه الخيبة؟! إذا أحدنا في يوم القيامة أو في عالم البرزخ نظر إلى هذا العمر الذي يضيع في زحمة الحياة حقيقة تكون عليه كثير من الأوقات من موجبات الأسف والأسى.
ما هو المراد من التدبر؟
البعض منا عندما نقول له تدبر يأتي في باله الجامعة أو الحوزة أو الكتب الثقافية المعقدة أو يأتي في باله التفسير والتاريخ والرجال والفقه والحديث، ثم يقول ما أنا وهذه الأمور أنا لست معنياً بهذه الأمور أنا كاد لعيالي يكفيني هذا المقدار، لكن ليس المقصود بالتدبر؛ تلك النظرة الباطنية التي تدفع الإنسان إلى تغيير واقعه، التي حصلت مع ذلك الذي كان يتلصص ليلاً على الناس وينتقل من سطح دار إلى آخر طلباً لمال أو ما شابه ذلك، وإذا به يسمع نداء قرآنياً – نتلوه دائماً من دون تأثر – سمع هذا المتلصص من يقرأ قوله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ)[٤]، وإذا به يقول: بلى قد آن وإذا به يقلب حياته رأساً على عقب! هذا هو التدبر الذي ينفع، فمثل بشر الحافي لو دخل أرقى الجامعات وأرقى الحوزات ودرس عند أساتذة الفقه والأصول هل أوجد في نفسه هذا الانقلاب الذي أشار إليه موسى بن جعفر (عليهما السلام) عندما رآه غارقاً في باطله وقال إنه لو كان عبداً لأطاع مولاه هنا انقلب بشر وتغير باطنه.
المقصود من التدبر هو أنْ يحاول الإنسان أن يصل إلى النقطة التي يمكن أن تغيَّر له مجرى الحياة، ومن مواطن التدبر تلاوة القرآن الكريم، فينبغي للمؤمن أن يقرأ القرآن تلاوة المريض، تلاوة المستفيد، فعندما يقرأ قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) يقول في نفسه لبيك اللهم لبيك ماذا تريد مني.
وعلى المؤمن أن يحذر من الملهيات قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ)[٥]، انظر المال يشغل بني آدم والولد يشغله أيضاً، فلينظر المؤمن إلى شغاف القلب وزواياه الخفية هذه الزوايا يملأها حب من؟ حب الله (تبارك وتعالى) أو حب الرسول (صلى الله عليه وآله)، أو أنّ هنالك حباً آخر يشغف قلبه وهو؛ هذا المتاع الزائل بدءاً بالأحياء والأشياء فينبغي للإنسان أن يكون يقظاً وملتفتاً إلى هذه النقطة من الانتباه والتدبر في أفعاله وأعماله كتلاوة القرآن أو في أعقاب الصلوات الواجبة أو في مجالس الوعظ والإرشاد أو في قراءة الكتب فليحاول أن يصل أحدنا إلى هذه النقطة من الوعي.
موجبات اليقظة
أولاً: أن يمر الإنسان في ظروف قاهرة من مرض أو من شدة في الحياة كأن تكون من السجن أو من تراكم الديون أو من المتابعة في نفسه من جهات قاهرة قوية تطلبه إلى آخره، هذه من موجبات اليقظة ولكن بني آدم إذا ركب في الفلك وأحاط به الموج من كل مكان دعا الله فإذا رجع إلى البر إذا هو يشرك حقيقة بعض الناس يخسر خسارة كبرى عندما يمر في ظرف قاهر ضاغط إذ يخرج من ذلك الظرف بلا أي نتيجة أو ثمرة فلو كان قد أضاف قسما من التدبر والتأمل إلى معجون البلاء لخرج أيضاً بنقلة نوعية في حياته.
ثانياً: العوامل الخارجية المتمثلة بالمدد الغيبي عنصراً مهماً من روافد تشديد هذه اليقظة وانفتاح البصيرة في هذا المجال، وإنَّ الذي يرفع الإنسان درجات عليا في عالم القرب ويشدد هذه اليقظة المجاهدات الخفيفة المستمرة أو المجاهدات القوية المتقطعة ليلاحظ المؤمن هذا المبدأ في الارتقاء في عالم المعنى، فهناك صنف من الناس يعيش الجهاد مع نفسه جهاداً خفيفاً ولكنه مستمر وإنسان في مجال عمله مبتلى بالحرام مبتلى بالمال الذي يغري مبتلى بالنساء مبتلى بهذه الفتن وهو في كل يوم يجاهد نفسه جهاداً مستمراً طبعاً تجاوز فتنة النساء والأموال ليس بذلك الجهاد العظيم الذي يمن الإنسان به على ربه ولكنه جهاد مستمر خفيف وبعد سنوات من المجاهدة في هذا العالم يرجى أن يعطي الإنسان ثمرة معتدة في هذا المجال، وإما أن يقوم بحركة انقلابية بجهاد عظيم هذا الجهاد العظيم في سويعة في دقيقة تفتح له الآفاق إبراهيم الخليل (عليه وعلى نبينا السلام) وهو شاب يافع دخل المعبد معبد الأصنام وكسرها متحدياً قومه ومعرضا نفسه للقتل والتعذيب وهو الذي ألقي في النار هذا موقف من المواقف التي رشحت إبراهيم (عليه وعلى نبينا السلام) لأن يكون خليل الرحمن، الإمام علي (عليه السلام) من أين بدأ حياته الجهادية؟ عندما بات على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) نام في فراش في بيئة معاكسة له والسيوف شاهرة عليه نعم عرض نفسه لهذا الموقف وهي من المواقف التي لا تنسى في حياة أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه).
لا بد للإنسان الراغب في الوصول من عملي بطولي في حياته
فليحاول أحدنا أن يقدم لله قرباناً يقدم لله شيئاً متميزاً وليثق بالله (عز وجل) أنه لو فعل عملا بطوليا ولو واحداً في الحياة، فإنّ البركات ستنفتح عليه بإذن الله (تعالى)؛ لأنَّ الله (عز وجل) كريم يقبل اليسير وما حصّل عليه موسى (عليه السلام) في وادي طور من تكليم الله (عز وجل) له – وهذا مقام عظيم لم يمر فيه نبي من الأنبياء إلا موسى (عليه السلام) كلمه الله تكليماً لا عن طريق الوحي وإنما خلق الكلام خلقاً ونبينا الخاتم في عالم المعراج كلمه ربه أيضاً- لكن بركات موسى (عليه السلام) في وادي الطور بدأت مقدماتها قبل ذلك، تحديداً عندما رأى (امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)[٦]، عندئذ سقى لهما ثم تولى إلى الظل ماذا قال موسى (عليه السلام) ( َسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[٧]، سقى شربة من الماء دلواً لابنتين تذودان وإذا به أصبح صهراً لنبي من أنبياء الله وهو شعيب، وأكمل بطولته عندما مشت المرأتان أو إحداهما أمامه فقال: ارجعا إلى الخلف لئلا أنظر إلى خلف النساء، كانت المرأة من خلفه تتكلم أو ترمي أمامه بالحجارة ليعرف الطريق يميناً وشمالاً.
فهذا عمل بسيط قام به موسى (عليه السلام)، انتقل من شاب أعزب إلى مصاهرة شعيب في كنف ذلك النبي ثم إذا به يذهب إلى وادي الطور وامرأته معه وإذا به ذهب ليقتبس ناراً فرجع ماذا نبياً مكلما!
ومن صور تقديم القربان بين يدي الله (عز وجل) النذر الذي قدمته أم مريم (عليهما السلام) فقد كانت تحب بيت المقدس وتحب أن تجعل ما في بطنها محرراً له فتقبلها الله منها قال (تعالى): (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا)[٨]، فحركة بسيطة من أم مريم ما الذي كلفتها تلك الحركة غير كلمات قليلة؛ (أن قالت لله علي نذر بأن أجعل ما في بطني في خدمة بيت الله عز وجل) فتقبلها ربها بقبول حسن بالنسبة إلى مريم وإذا بالبركات تتعدى من الأم إلى البنت وبركات البنت تتعدى إلى الولد وفي يومنا هذا أغلب من على وجه الأرض يدعون الانتماء إلى هذا المسيح!
على الإنسان أن يفتش في حياته عن صفقة مربحة
تقدم كيف استثمرت أم مريم (عليهما السلام)، الصفقة مع الله وعلى الإنسان المؤمن أن يفتش عن هكذا صفقات مربحة مع رب العالمين، الناس كم ينفقوا في سبيل الله (تعالى) من الأموال ينفقون الغالي والنفيس والرخيص وإذا بالإمام علي (عليه السلام) وفاطمة (صلوات الله وسلامه عليهما) يقدمان قرصا من خبز ولكن بعد طول جوع لا يوم ولا يومين ولا ثلاثة أيام ولم يقدمانه للمسلم وإنما للأسير الكافر قدما هذا القوت في سبيل رب العالمين فكتب الله (تعالى) لهم الخلود، في سورة الدهر أو الإنسان من محاور هذه السورة هذا الإنفاق.
الالتجاء الدائم لله تعالى يفتح الباطن
على المؤمن الراغب بالوصول للقرب الإلهي، الالتجاء الدائم إلى الله (عز وجل) كي يكون سبباً بأن يفتح عليه الباطن، فليسأل الله (عز وجل) في مواطن الإجابة أن يجعل له نوراً يمشي به، فالذي لا نور له ليس له ما يستضاء به في ظلمة الطريق قال (تعالى): (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)[٩].
إنَّ الإنسان إذا أراد أن يعرف مسألة في الحلال والحرام، أو شكاً في صلاة أو خلل في عبادة أو زكاة فطرة أو خمساً واجباً ما عليه إلا أن يفتح الرسالة العملية ويقرأ أو يسأل العالم فيخرج بنتيجة تنتهي المشكلة، ولكن ماذا نعمل في هذه الحياة؟ ماذا نعمل في ظلماتها؟ من نوالي أو نعادي أو نحب؟ كيف نتصرف مع من حولنا ومتى نغضب؟ متى نرضى أو نقدم أو نحجم أو نعطي؟ متى نمنع أو نؤدب أو نعفو؟ هذا الكم الهائل من الحيرة من علامات الاستفهام، يومياً الإنسان يقف على مفترق طريقين لا يدري أين الصواب لا يدري أين الربح لا يدري أين الخسارة الإنسان من يأخذ بيده في هذه الظلمات المدلهمة من الذي يكون سالكاً له في واضح الطريق؟
الجواب: هو اللجوء إلى رب العزة والجلال أن يبقى لكم هذه اليقظة دائماً هذا المثال الذي قلت لكم الخشبة الأنعام الميت النائم المشلول البصير الماشي فليتصور أحدنا هذه الأمثلة وليسأل ربه أن يكون من القسم الأخير إذ لا قيمة في الدنيا إن لم تكن في القسم الأخير.
أسباب سلب الشعور باليقظة
من موجبات سلب هذا الشعور باليقظة التوغل في الشهوات يقول الإمام علي (عليه السلام) في وصفه لذلك العبد الصالح يقول: (وكان خارجاً عن سلطان بطنه وفرجه)[١٠]، يا له من تعبير علوي فخم يقول البطن والفرج سلطان لا تكن عبداً لهذين الأجوفين وكان خارجاً عن سلطان بطنه وفرجه.
نعم من عوامل اليقظة وإبقاء اليقظة هذه الحالة الشعورية الواضحة وهنيئاً لمن كان كذلك المستيقظ في الدنيا مستيقظ في البرزخ وفي القيامة، لا بدّ للإنسان من أن يحضر ما يعينه عندما يأتي في يوم القيامة في تلك الأهوال والظلمات في ذلك التيه في تلك الشمس الحارقة في ذلك الاضطراب فالإنسان يحتاج على الأقل إلى عينين يمشي بهما في متاهات المحشر ليرى سادته ليرى أوليائه ليرى دربه إلى النجاة (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا)[١١]، ألا تكفيني أهوال القيامة متاهات القيامة لأكون أعمى أيضاً في ذلك العالم الموحش؟ (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ﴿١٢٥﴾ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖوَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ)[١٢]، واللافت في الآية أنَّه لا مطابقة بين السؤال والجواب، فهو يشتكي من العمى وإذا تأتي بالآية بما هو أعظم يقول نسيناك اليوم أنت إنسان أعمى ومهمل هناك أعمى الإنسان يرق عليه يأخذ بيده ينقله من مكان إلى مكان تهون المصيبة ولكن اليوم تنسى مهمل أعمى مطرود من باب الإرشاد والهداية يا له من موقف فجيع!
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- نحن نلاحظ بأن الله عزوجل يبعث الحياة في الأرض الجامدة أو الأرض الهامدة (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) من هذه الآية المتقدمة نفهم بأنَّ هناك يقظة في عالم الطبيعة، ففي فصل الربيع نلاحظ بأن الأرض تستقبل البذرة وبرعاية مختصرة أو معتدة بها نلاحظ بأن الأرض تعطي بركاتها.
- الله عزوجل في بعض فصول السنة لكي يتقرب العباد إلى إليه يفتح المجال ويهيئ الظروف ويرفع الموانع ولو سألنا عبدا منصفاً هل هنالك نسبة بين أول يوم من شوال وبين آخر يوم من شهر رمضان؟ قطعاً سيكون جوابه بالنفي إذ لا نسبة هناك أبداً
- ولينظر الإنسان إلى حركة المجتمع يجد الناس حوله على أشكال على أقسام عادةً لا يخرجون منها، وهي مستمدة من القرآن الكريم، فالناس من حولنا على أقسام:
- (ما كان ملحقاً بالجماد. أوكالدابة المرسلة همها علفها أو ميت يحتاج إلى حياة أو نائم يحتاج إلى إيقاظ أو مُقعد يرى ويسمع ولكنه على عربة المقعدين أو ليسوا بموتى ليسوا بمقعدين يتحركون بملء اختيارهم )
- فكيف يكون الإنسان يقظاً:
- أولاً: أن يمر الإنسان في ظروف قاهرة.
- ثانياً: العوامل الخارجية المتمثلة بالمدد الغيبي عنصراً مهماً من روافد تشديد اليقظة وانفتاح البصيرة