Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ما هي أعظم ليلة مرت على أهل البيت (عليهم السلام) في أيام محرم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أعظم الليالي وأثقلها على أهل البيت (عليهم السلام)

كانت الليلة اللاحقة ليوم استشهاد الإمام الحسين (ع) من أعظم الليالي وأثقلها على أهل البيت (ع). لقد سمعنا وقرأنا في المقاتل: أن الحسين وأصحابه في ليلة العاشر كان لهم دوي كدوي النحل؛ ولكن هذا المعنى لم يكن منطبقاً على الحسين (ع) وأصحابه فقط، وإنما على سيدتنا زينب (ع) وعيال الحسين (ع) – هذه الشخصيات التي أثبتت صبرها وجلدها واستقامتها بعد المعركة – ومن الطبيعي أن يكون لهن في ليلة عاشوراء أيضا دوي كدوي النحل. هل يُعقل أن تتخلف ابنة أمير المؤمنين (ع) في تلك الليلة عن أصحاب الحسين (ع)؟ إن البعض من أصحاب الحسين (ع) كان قريب عهد بخط الولاية، فكان له دوي كدوي النحل؛ فكيف بمن هي تربية النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) وفاطمة (ع) والحسن والحسين (ع)؟ إن تلك الليلة، كانت ليلة التفرغ للعبادة بالنسبة للإمام وأصحابه، وليلة الوداع مع القرآن والصلاة.

ماذا حديث في ليلة عاشوراء في خيام النساء؟

إن وداع الحسين (ع) مع النساء كان نهاراً؛ ولكن يعلم الله عز وجل ما كان في خيام الحسين (ع) من بكاء ونحيب ومناجاة في تلك الليلة العبادية. إن من الأمور التي نُدرك من خلالها ثقل المصيبة على السماوات والأرض؛ أن الذي كان يلهج بالمناجاة في ليلة العاشر، ومن كان له دوي كدوي النحل؛ جرى عليه في يوم عاشوراء ما جرى. ولم يكن هذا بالهين على رب العالمين؛ فالذين كانوا قبل ليلة لهم هذا الموقف العبادي؛ أصبحت أجسادهم مضرجة على أرض كربلاء بعد سويعات قليلة. ثم إننا لا نعلم ما هو حجم ما جرى على الأرض في ذلك اليوم؛ فلا نستغرب من وجود ملائكة شعث غبر عند قبر الحسين (ع) يبكونه إلى يومنا هذا. ولهذا عندما تزور أبا عبدالله (ع) تختم بالسلام على الملائكة المحدقة بقبر الحسين (ع) والمستغفرة لزواره.

من أعمال اليوم العاشر من محرم

ولكن ماذا جرى في الليلة الحادية عشر؟ يقول الرواي: (دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَأَلْفَيْتُهُ كَاسِفَ اَللَّوْنِ ظَاهِرَ اَلْحُزْنِ وَدُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ مِنْ عَيْنَيْهِ كَاللُّؤْلُؤِ اَلْمُتَسَاقِطِ فَقُلْتُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ مِمَّ بُكَاؤُكَ لاَ أَبْكَى اَللَّهُ عَيْنَيْكَ فَقَالَ لِي أَ وَفِي غَفْلَةٍ أَنْتَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ أُصِيبَ فِي مِثْلِ هَذَا اَلْيَوْمِ)[١]؟

ثم الإمام (ع) يدعو أن يُمسك الإنسان عن الطعام في ذلك اليوم، ويقول (ع): (وَلْيَكُنْ إِفْطَارُكَ بَعْدَ صَلاَةِ اَلْعَصْرِ بِسَاعَةٍ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَإِنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ اَلْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ تَجَلَّتِ اَلْهَيْجَاءُ عَنْ آلِ رَسُولِ اَللَّهِ وَاِنْكَشَفَتِ اَلْمَلْحَمَةُ عَنْهُمْ وَفِي اَلْأَرْضِ مِنْهُمْ ثَلاَثُونَ صَرِيعاً فِي مَوَالِيهِمْ يَعِزُّ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَصْرَعُهُم)[٢]. ويشير الإمام (ع) إلى أنه في هذه الساعة علمنا النساء نتيجة المعركة، وأن الحسين (ع) والأصحاب والآل هدأت أنفاسهم وسكن أنينهم، واختلست أرواحهم، وبقين في ذلك اليوم بلا محام ولا كفيل.

لم تدع صلاة ليلها في هذه الساعات الموحشة

ولكن هل لك أن تتصور في ليلة الحادي عشر ماذا صنعت زينب (س)، وهي قريبة عهد بما جرى عليها وعلى نساء النبوة؟ إنها أقامت صلاة الليل كما كانت تفعل في كل ليلة، ولكنها صلتها وهي جالسة. ولم تفعل ذلك اختياراً، وإنما لم يبقى لديها رمق لتقف لصلاة الليل. فمن أراد أن يكون زينبياً في منهجه، وحسينياً في سلوكه؛ ليعلم موقع قيام الليل من حركة الإنسان في قربه إلى الله عز وجل. إن النبي (ص) عندما أوصى علياً (ع) بقيام الليل، دعا له الله بأن يعينه عليها. إن هذه الصلاة هي التي وهبت السيدة زينب (س) الاستقامة في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

فلا تتوقع أيها المصلي مزية مباشرة بعد الليلة التي صليت فيها صلاة الليل؛ وإنما هذه التراكمات، ومجموع إحيائك الليل طوال العمر، تعطيك حصانة في يومك. وأنت بحاجة إلى حصانة كذهه، فلولا هذه الحصانة، ولولا هذه القوة الإلهية في قلب زينب (ع) لما تحملت هذا المنظر الذي لا يُتحمل. إنها تخرج من الخباء أو الخيمة؛ فلا ترى أحداً في الميدان إلا وقد صافح التراب خده وعندما صلت قرب ميدان أو في خيمتها؛ لعلها كانت تشم رائحة الدم المنتشر في كل مكان، وهو دم أخيها، وابن أخيها علي الأكبر (ع)، ودم القاسم ابن أخيها. إن هذه السيدة تحملت ما جرى لأنها استعانت بالعروة الوثقى المتصلة بعالم الغيب.

موقف الإمام زين العابدين (عليه السلام) من نداء الحسين (عليه السلام)

وأما إمام زمانها علي بن الحسين زين العابدين (ع) لم ينقل لنا التأريخ حاله كما ينبغي؛ ولكني أعتقد أن الأمر ليس بحاجة إلى بيان،. إن الإمام (ع) سمع واعية الحسين (ع)، وسمع استغاثته، وقوله: هل من ناصر ينصرني؟ وبحسب ما يُنقل: طلب سيفاً وعصى؛ لأن صوت استغاثة الحسين (ع) لا يطاق.

صحيح أن إمامنا علي بن الحسين (ع) مدخر ليكمل مسيرة الأئمة الاثني عشر (ع)؛ ولكن أنى له تحمل صوت استغاثة والده (ع) من دون أن يُحرك ساكنا؟ ثم هو بعد ذلك يطل على الميدان ليرى أبدان الشهداء موزعة على ذلك الصعيد. فلا أظن أننا لو أقسمنا على الله عز وجل بتلك الحالة؛ أي حالة الاضطرار، والتفجع التي أصابت السيدة زينب والإمام زين العابدين (ع)؛ رد الله سبحانه لنا دعوة.

[١] مصباح المتهجد  ج٢ ص٧٨٢.
[٢] مصباح المتهجد  ج٢ ص٧٨٢.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إننا لا نعلم ما هو حجم ما جرى على الأرض في ذلك اليوم؛ فلا نستغرب من وجود ملائكة شعث غبر عند قبر الحسين (ع) يبكونه إلى يومنا هذا. ولهذا عندما تزور أبا عبدالله (ع) تختم بالسلام على الملائكة المحدقة بقبر الحسين (ع) والمستغفرة لزواره.
  • من أراد أن يكون زينبياً في منهجه، وحسينياً في سلوكه؛ ليعلم موقع قيام الليل من حركة الإنسان في قربه إلى الله عز وجل. إن النبي (ص) عندما أوصى علياً (ع) بقيام الليل، دعا له الله بأن يعينه عليها. إن هذه الصلاة هي التي وهبت السيدة زينب (س) الاستقامة في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.
Layer-5.png