• ThePlus Audio
Layer-5-1.png

ما هو السبيل الأمثل للارتباط بالحجة (عجل الله فرجه)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

تقوية العلاقة بإمام الزمان (عجل الله فرجه) قبل ليالي القدر

من الفقرات التي ورد في دعاء الافتتاح والتي هي مرتبطة بصاحب الدعاء صاحب الأمر (عج): (اَللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِهَا اَلْإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ)[١]. إن هذه الفقرة هي من الفقرات التي يُمكن أن يلهج بها الإنسان في كل أشهر العام لا في شهر رمضان فحسب.

إننا ممن يعتقد بالإمام (عج) ولكن الاعتقاد شيء والتعلق الباطني شيء آخر. حاول أن تكون لك صلة مميزة بإمام زمانك (ع) قبل ليالي القدر المبارك، وإن كنت لا تستغني عنه في كل يوم من أيام حياتك. إلا أن المؤمن أكثر ما يحتاج إلى إمام زمانه (عج) في ليلة القدر التي تُعرض فيها عليه الأعمال ويتمنى أن يدعو الإمام (عج) له في تلك الليلة. ماذا لو دعا لك الإمام (عج) وقال في ليلة القدر: يا رب، إن هذا العبد من أحبائي الذين يبكون على فراقي؟ هل تبقى لك حاجة في تلك الليلة؟ حاول أن تُحول قبل ليالي القدر علاقتك بإمام زمانك إلى علاقة عاطفية قائمة على المحبة له. كيف لا وهو الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء.

حالة الإمام (عجل الله فرجه) في زمن الغيبة

إن هذا الوجود المبارك يبكي على جده الحسين (ع) أكثر من ألف عام وهو القائل: (فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ اَلدُّمُوعِ دَماً)[٢]. ثم كم شهد من المصائب والمجازر ومن الآلاف الذين قتلوا وهو ينظر إليهم ولا يمكنه فعل شيء لهم؟ إن من الشهداء من كان ينزف في لحظاته الأخيرة وهو ينادي: يا أبا صالح المهدي أدركني، فليلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يستغيث بإمام زمانه (عج) عين الله الناظرة وأذنه السامعة ويده المسبوطة؛ فكيف يكون حاله (عج)؟ تصور أن ينزف ولدك وهو يستغيث بك وأن تنظر إليه لا تستطيع أن تسعفه، فكيف تعيش بعد ذلك؟ إن هذا المشهد يسلب منك الرقاد إلى آخر العمر. فليكن شعارك في زمن الغيبة: سيدي غيبتك نفت رقادي.

كيف نرقق قلوبنا له؟

أولا: بالدعاء له بلهفة. فأنت تشكو إلى الله عز وجل في دعاء الافتتاح فقد النبي وغيبة الولي، والشاكي يشكو بحرقة وبدموع جارية وقلب رقيق. أما الدعاء الذي ينبغي أن تلهج به دائما وأبدا الدعاء المعروف بدعاء الفرج: اللهم كن لوليك. إنك تدعو للإمام (عج) في هذا الدعاء قائلا: اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن (عج)،… وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا، فلو رد الإمام (عج) التحية هذه بأفضل منها ورفع يديه الشريفتين وقال: اللهم كن له وليا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا، فهل تبقى لك حاجة بعد هذا؟ ما المانع من أن يدعو لك الإمام (عج) بهذه المضامين المشتركة؟ ولا تدع بهذا الدعاء وبأمثاله غافلا من دون أن تتوجه إليه وتلتفت إلى المعاني التي تلهج بها.

دعاء آخر للفرج مهم

ومن الأدعية التي يلهج بها المؤمن دعاء: (اَللَّهُمَّ عَظُمَ اَلْبَلاَءُ وَبَرِحَ اَلْخَفَاءُ وَاِنْقَطَعَ اَلرَّجَاءُ وَاِنْكَشَفَ اَلْغِطَاءُ وَضَاقَتِ اَلْأَرْضُ وَمَنَعَتِ اَلسَّمَاءُ وَإِلَيْكَ يَا رَبِّ اَلْمُشْتَكَى وَعَلَيْكَ اَلْمُعَوَّلُ فِي اَلشِّدَّةِ وَاَلرَّخَاءِ،… يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ اِكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَايَ)[٣]. وقد يقول البعض في قولنا: يا محمد يا علي، فيه شبهة شرك، وهذا قول باطل. فنحن نستعين بالله عز وجل ونتخهما وسيلة إلى الله عز وجل كما قال عز من قائل: (يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ)[٤]. فالهج بهذا الدعاء بكل اطمئنان واعلم أنه لا يصدر عنهم (ع) شيء إلا بإذن الله عز وجل. وقد قال سبحانه عن المسيح (ع): (وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيۡـَٔةِ ٱلطَّيۡرِ بِإِذۡنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيۡرَۢا بِإِذۡنِيۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِيۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِي)[٥].

وأما الدعاء الذي ذكرناه آنفا والذي ورد في دعاء الافتتاح هو من أهم هذه الأدعية التي نرغب فيها إلى الله عز وجل بدولة كريمة. إن هذه الأرض لم تشهد العدل المطبق منذ أن خلق الله آدم وإلى يومنا هذا، ولن تمتلأ الأرض عدلا وقسطا إلا في زمان ظهوره الشريف.

الأنبياء رحلوا وفي قلوبهم هذه الحسرة

إننا نلاحظ في سيرة النبي آدم (ع) وزوجته حواء وولديه هابيل وقابيل وهم أربعة سكان فقط على وجه الأرض، لو قُسمت الأرض عليهم لكان حصة كل واحد منهم قارة من القارات، ومع ذلك قام قابيل بقتل هابيل. وكم سُفكت على هذه الأرض من الدماء الطاهرة كدماء الأنبياء والأولياء.

لقد خرج نبينا (ص) من هذه الدنيا وفي قلبه حسرة؛ فهو يعلم ما سيجري على عترته من بعده وأن اليد التي رفعها في يوم الغدير، ستحارب بعد وفاته. وقد تجرع أمير المؤمنين (ع) من الغصص ما تجرع حتى قال: (فَصَبَرْتُ وَفِي اَلْعَيْنِ قَذًى وَفِي اَلْحَلْقِ شَجًا)[٦]

إننا كلنا ننتظر العدل الشامل وقد يكون انفراج هنا وهناك قبل الظهور الشريف؛ ولكن الانفراج الأعظم والنصر الأتم لا يكون إلا بظهوره (عج). ونحن لا نريد بحسب ما ورد في هذا الدعاء إلا عزة الإسلام وأهله؛ فنحن لا نبحث عن حكم ومغانم، كما يمزح البعض قائلين: سُنصبح في زمن الظهور من الأثرياء من كثرة الغنائم. ليس هذا هو الهدف من الانتظار وإنما الهدف؛ دولة كريمة يُعز الله بها الإسلام وأهله ويُذل النفاق وأهله. ويتبين لنا من هذا الدعاء؛ أن مشكلتنا الأساسية هي مع النفاق وأهله، لأن الكفر وأهله مفضوحون. ولكن الخطر كل الخطر ممن يُظهر الإيمان ويستبطن الكفر.

ثم نقول: (وَتَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ اَلدُّعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ وَاَلْقَادَةِ إِلَى سَبِيلِكَ)[٧]. وهذا هو المنصب الذي ينبغي أن يبحث عن المنتظر الحقيقي في زمان الغيبة. إن طلاب العلوم الدينية هم على رأس الدعاة إلى الله عز وجل ولكن لا يمنع ذلك أن تكون من الدعاة بما تستطيعه بين أهلك وأسرتك ودائرة عملك.

الدعاء للفرج بذكر الحسين (عليه السلام)

وإذا وُفقت للحج أو العمرة فالهج بالطواف وأنت ترى الناس من ملل شتى ومن أجناس وأعراق مختلفة من الأبيض والأسود والعربي والأعجمي: عزيز علي أن أرى الخلق ولا تُرى. وما المانع أن تلهج ببعض الفقرات من زيارة الناحية المنسوبة إليه في مشهد جده الحسين (ع): (فَلَئِنْ أَخَّرَتْنِي اَلدُّهُورُ، وَعَاقَنِي عَنْ نَصْرِكَ اَلْمَقْدُورُ، وَلَمْ أَكُنْ لِمَنْ حَارَبَكَ مُحَارِباً، وَلِمَنْ نَصَبَ لَكَ اَلْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً، فَلَأَنْدُبَنَّكَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بَدَلَ اَلدُّمُوعِ دَماً)[٨]. فاقرأ هذه الفقرات واذكر مصيبة الحسين (ع) عند الضريح الشريف وخاطب ولده المهدي (عج) بنية أن تُبكي إمام زمانك (عج)؛ فلو أبكيته مرة واحدة فأنت من السعداء في الدنيا والآخرة. حاول أن تتفنن في قراءة العزاء واختيار الطريقة التي تنفذ بها إلى قلبك مولاك (عج).

وبإمكانك ساعة الإفطار أن تذكر جده الحسين (ع) وعطشه قبل أن تشرب الماء وتلهج بهذه الأبيات:

شِیعَتِي مَا إِنْ شَرِبْتُمْ ماءَ عَذْبٍ فَاذْکرُونِي
أَوْ سَمِعْتُمْ بِغَرِیبٍ أَوْ شَهِیدٍ فَانْدُبُونِي

وَأَنا السِّبْطُ الَّذي مِنْ غَیرِ جُرْمٍ قَتَلُوني
وَبِجُرْد الخَیلِ بَعْدَ القَتْلِ عَمْداً سَحِقُوني

فلو قرأت هذه الأبيات وجرت دمعتك على عطش الحسين وعلى قتل رضيعه، فارفع يديك بالدعاء وقل: اللهم عجل لوليك الفرج.

[١] مفاتيج الجنان.
[٢] بحار الأنوار ج٩٨ ص٣١٧.
[٣] بحار الأنوار ج٥٣ ص٢٧٥.
[٤] سورة المائدة: ٣٥.
[٥] سورة المائدة: ١١٠.
[٦] الطرائف  ج٢ ص٤١٧.
[٧] بحار الأنوار / الجلد ٨٨/ الصفحة ٦.
[٨] المزار الکبير  ج١ ص٤٩٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

• إننا ممن يعتقد بالإمام (عج) ولكن الاعتقاد شيء والتعلق الباطني شيء آخر. حاول أن تكون لك صلة مميزة بإمام زمانك (ع) قبل ليالي القدر المبارك، وإن كنت لا تستغني عنه في كل يوم من أيام حياتك. إلا أن المؤمن أكثر ما يحتاج إلى إمام زمانه (عج) في ليلة القدر التي تُعرض فيها عليه الأعمال

• إننا كلنا ننتظر العدل الشامل وقد يكون انفراج هنا وهناك قبل الظهور الشريف؛ ولكن الانفراج الأعظم والنصر الأتم لا يكون إلا بظهوره (عج). ونحن لا نريد بحسب ما ورد في هذا الدعاء إلا عزة الإسلام وأهله وذلة النفاق وأهله الذين هم أخطر من الكفار صريحي الكفر؛ فنحن لا نبحث عن حكم ومغانم.

Layer-5.png