Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ما لا تعلمه عن البسلمة وفضلها

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل فاتحة الكتاب أو سبع المثاني

أو ما يفتتح العبد صلاته بعد تكبيرة الإحرام؛ بالسبع المثاني أو فاتحة الكتاب. وسميت بذلك كما ورد في بعض التفاسير، لأنها تُقرأ مرتين في الصلاة، والله أعلم بمراده. ولقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (لاَ صَلاَةَ إلاّ بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ)[١]، وقال سبحانه في فضل هذه السورة: (وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ)[٢]؛ فالقرآن كله في كفة، وسبعا من المثاني في كفة أخرى. لو أن أحدهم أعطاك كيساً من الجواهر مغلقاً، وأعطاك إلى جانبه خاتماً؛ علمت أن هذا الخاتم جوهرة نادرة تعدل ما في الكيس كله.

وإننا نفتتح سورة الفاتحة ببسم الله الرحمن الرحيم، ونتلوها تلاوة ولا نقرأها كقراءتنا للأدعية. ولهذا يستشكل البعض من الفقهاء إذا قلت: (إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ)، بعنوان الخطاب مع الله عز وجل، أو قلت: (ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ)، دعاءً لا تلاوة.

هنا ملتقى الحركتين…!

ثم اعلم أن الصلاة هي القرآن الصاعد، والسورة هي القرآن النازل. وهناك حركتان: حركة من العبد إلى ربه، وحركة من الرب إلى عبده، وفي سورة الفاتحة تلتقي الحركتان. إذ أن العبد يُحدث ربه لأنه يصلي، والرب يحدثه، لأنه يتلو القرآن. يا له من موقف جميل؛ بل هو أجمل حركة في الوجود. إننا عندما نصلي في المسجد يكون بإزائنا من يعقد الجلسات لنيل الصفقات التجارية ومن يعقد القمم لأجل مكاسب سياسية أو ما شابه ذلك؛ ولكن الله سبحانه لا يلتفت إلا إلى هؤلاء المصلين، فهي الحركة التي يلتفت إليها العرش. ما لرب العالمين واجتماع الظالمين والمترفين؟ إننا في ساعة الصلاة نكون في أهم حركة من حركات الوجود؛ حيث ينظر رب العالمين إلى بيوته وإلى عباده وإلى المصلين بين يديه. ومن الفقهاء من يقول لا ضير في أن يقول العبد: إهدنا الصراط المستقيم تلاوة للكتاب ويتشعر حالة الدعاء في قلبه.

هل ضروري الجهر بالبسملة؟

ومن الأمور التي ينبغي أن يلتفت إليها المصلي؛ الجهر بالبسملة. هناك الكثير من المسلمين وللأسف السديد لا يعدون البسلمة من السورة. لإمامنا الباقر (ع) تعبير فيه عتاب وتوبيخ لهؤلاء، حيث روي عنه (ع) أنه قال: (سَرَقُوا أَكْرَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اَللَّهِ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ)[٣]، أي أخرجوها من السورة. هذا وقد ورد عن أئتنا (ع) أن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم من علامات المؤمن. وتعني بذلك: يا أيها الناس، إن بسم الله جزء من السورة. إن بسم الله الرحمن الرحيم كلمة لو وصلت إلى ملكوتها؛ لأمكنك التصرف بالطبيعة. إن آصف بن برخيا، تصرف في الكون، ونقل عرش بلقيس من بلد إلى بلد، ولا نستبعد أنه استعان ببسم الله الرحمن الرحيم لأن الرضا (ع) يقول عنها: (إِنَّ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ –  أَقْرَبُ إِلَى اِسْمِ اَللَّهِ اَلْأَعْظَمِ مِنْ سَوَادِ اَلْعَيْنِ إِلَى بَيَاضِهَا)[٤].

ما هو الاسم الأعظم؟

ولو كنا نعرف الاسم الأعظم لأنجزنا الكثير من الأمور؛ ولكن أين نحن وأين الاسم الأعظم؟! قد يقول قائل: إنني قرأت بسم الله ولم يحصل شيء، ولو قرأتها ألف مرة لن يحصل شيء، ولا يتغير شيء في الطبيعة؛ لأنك قد فهمت الاسم الأعظم خطأ. إن الاسم الأعظم ليس لفظاً يتلفظه الإنسان. إن الهاتف لو لم يكن مشحونا لما استطعت أن تتصل به ولو كان مشحونا ولم يكن هناك شريحة أو خط ارتباط لما استطعت أن تتصل به. لابد أن تكتمل هذه الأمور جميعها حتى تتمكن من إجراء مكالمة والاتصال بمن تريد.

إن الاسم الأعظم يؤثر إذا اتصل بالعرش. وكأن الاسم الأعظم هو سر الدخول في الحاسوب العملاق. باستطاعتنا هذه الأيام أن نددخل إلى حواسيب الآخرين من خلال رمز ونتصرف فيها، والاسم الأعظم هو أشبه شيء بذلك. يقول سبحانه: (وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ)[٥]. إن تدخل إلى حاسوب العرش، وتدخل في الكتاب المبين وتغير من عناصر الطبيعة من خلال الاسم الأعظم.

أريد أن أصل إلى مقام طي الأرض

إن آصف قد دخل إلى ذلك الحاسوب الذي هو كتاب مبين، وقال: يا عرش بلقيس، انتقل من مكان إلى مكان فانتقل. وقد دخل النبي الأعظم (ص) في هذا الكتاب المبين وقال: أيها القمر، انشق؛ فانشق القمر. وكثيرا ما سمعنا عن بعض خواص المؤمنين ممن كان يحوم حول هذا المقام؛ أنه كان يشفي المريض بدعاء بسيط. ولكن المؤمن لا يستثمر علاقته بالله عز وجل لبعض المزايا الدنيوية. فلا نرى الرجل يلهج بالذكر وبيده سبحة لا يفتر عن الذكر ساعة، فإذا قيل له ماذا تفعل؟ قال: أريد أن أصل إلى مقام طي الأرض، وأستغني عن الحجوزات. هل ذكر الله مقدمة للانتقال بين البلدان؟ ما لك وهذا العمل؟

أراد أن يسخر الملائكة فعوقب

هذا وقد رأيت رجلا كان يشعر بندامة شديدة، فقلت له: ما بك؟ قال: أردت أن أسخر الملائكة فعوقبت عقابا شديدا. إن هذا الذي يسخر الأرواح والجان؛ يستغل كتاب الله لأغراضه الشخصية. لا ينبغي للمؤمن أن يتاجر باسم الله عز وجل. لو جائك إنسان وتزلف عندك، وأخذ يخدمك، ويشتري لك حوائج المنزل، ويلاطف أولادك، ترتاح له مبدئياً، وتشكره على لطفه، ولكنك لو علمت أنه استغل هذه العلاقة ليستجدي في السوق، ألا تعاتبه وتقول له: لماذا تستغل مكانتي وعلاقتي لجلب المال مثلا؟ لقد أسأت إلى العلاقة بيننا. فلا تستثمر علاقتك بالله عز وجل في كسب شيء من حطام الدنيا.

وقد كثر هذه الأيام الحديث عن الرقى الشرعية، والاستشفاء بالقرآن، والحال أنهم يستغلون ذلك لكسب الأموال وما شابه ذلك. إننا نلتزم بمقدار ما أمرنا به الشرع. لقد روي عن الزهراء (ع) مثلا دعاء باسم دعاء النور ينفع لعلاج الحمى، وآية الكرسي هي للحفظ من آفات السفر وغير ذلك. فالتزم بحدود المأثور ولا تتعدى الحدود.

ما هو معنى بسم الله عز وجل؟

وبسم الله الرحمن الرحيم مفتتح عظيم للصلاة وللقرآن ولسورة الحمد بالتحديد. ما معنى بسم الله الرحمن الرحيم؟ أو تعلم أن هذه الجملة جملة ناقصة في اللغة العربية، ولا معنى لها في نفسها؟ تقول مثلا: بالقلم، فيُقال لك: ماذا بالقلم؟ كتبت بالقلم؟ ألفت كتابا بالقلم؟ أمضيت معاملة بالقلم؟ القلم له آلاف الاستخدامات. أو تقول: بالسكين. ماذا فعلت بالسكين؟ هل قتلت إنساناً أو قشرت فاكهة؟ الرحمن الرحيم صفتان من صفات لله عز وجل. تقول: بالقلم الذي يكتب سريعا، وهذه أيضا جملة ناقصة. متى يتم المعنى؟ عندما تقدر شيئا. أنت قدر.

عندما يأتيك إنسان له هيئة المجرمين ويقول لك: بالسكين؛ أي بالسكين قتلت إنساناً خصوصا إذا كانت السكين تقطر دماً. وفي موسم الحج عندما يأتيك الوكيل في الذباحة، ويقول: بالسكين؛ فهو يعني بالسكين ضحيت لك أضحية، فالقرينة تدل على المعنى المقدر. وبسم الله يعني: يا رب، أبتدأ عملي بسم الله، وافتتح تلاوتي بالسورة بسم الله، أو تفتتح المحل بسم الله، وتدخل على الزوجة ليلة الزفاف بسم الله. ففي كل مقام أنت الذي تُقدر المعنى. أما المعنى المشترك فهو: أن هذا العمل مفتتح بذكر الله عز وجل.

[١] الصراط المستقيم  ج٣ ص١٩٩.
[٢] سورة الحجر: ٨٧.
[٣] بحار الأنوار  ج٨٢ ص٢٠.
[٤] بحار الأنوار  ج٨٢ ص٢٠.
[٥] الأنعام: ٥٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • كثر هذه الأيام الحديث عن الرقى الشرعية، والاستشفاء بالقرآن، والحال أنهم يستغلون ذلك لكسب الأموال وما شابه ذلك. إننا نلتزم بمقدار ما أمرنا به الشرع. لقد روي عن الزهراء (ع) مثلا دعاء باسم دعاء النور ينفع لعلاج الحمى، وآية الكرسي هي للحفظ من آفات السفر وغير ذلك.
Layer-5.png