Search
Close this search box.
  • ما لا تعرفه عن كرم سيد الشهداء (عليه السلام)…!
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ما لا تعرفه عن كرم سيد الشهداء (عليه السلام)…!

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا هذا التأكيد على إقامة العزاء لسيد الشهداء (عليه السلام)؟

إن إقامة العزاء لسيد الشهداء (ع)، وذرف الدموع السخية في مصيبته؛ من أفضل القربات إلى الله عز وجل. البعض عندما يسمع مصيبة الإمام يبكي بكاء مريراً، ويبكي كما تبكي الثكلى وحيدها؛ فيستغرب البعض الآخر من هذا البكاء، ويتسائل: هل هذا مطلوب أم لا؟ والجواب نجده في دعاء الندبة: (وَلْيَصْرُخِ اَلصَّارِخُونَ وَيَضِجَّ اَلضَّاجُّونَ وَيَعِجَّ اَلعَاجُّونَ)[١]. إن أمير المؤمنين (ع) عندما نفض يده من تراب فاطمة (س) هاج به الحزن وبكى بكاء عالياً. فلو أن الإنسان انتابته حالة من البكاء الشديد في مصيبة أهل البيت (ع)؛ عليه أن لا يكتم هذا البكاء، فهو منحة ونعمة من الله عز وجل. بل قد يُشار إلى البعض على أنهم من البكائين في مصيبة الإمام (ع)، وهؤلاء ممن يُغبطون؛ فلولا الحرقة الباطنية لما هاجت أحزانهم. والرواية معروفة عن النبي الأكرم: (إِنَّ لِقَتْلِ اَلْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ لاَ تَبْرُدُ أَبَداً)[٢]. كلما ارتقى الإنسان في إيمانه؛ زادت هذه الحرارة.

ما هو الأهم من البكاء على الحسين (عليه السلام)؟

فإن كان البكاء أمر مهم – وهو كذلك – فإن التأسي بهم أهم. إن البكاء يرتبط بجانب العاطفة والمشاعر والتعلق الباطني، والمطلوب من أحدنا بالإضافة إلى ذلك، أن يُقتدي بهم في أفعالهم. إن المعروف عندنا في سيرة أهل البيت (ع) أن الإمامين الحسن المجتبى (ع) والإمام محمد بن علي الجواد يوصفان بالجود والكرم. فالأول كريم أهل البيت (ع)، والثاني، جواد أهل البيت (ع). ولكن هذا المعنى لا ينافي أن يكون كل إمام من أئمتنا (ع) مظهر لتمام الجود والكرم.إننا نريد أن نذكر بعض مواقف الحسين (ع) الدالة على أن هذا الإمام لم يكن بأقل من أخيه المجتبى (ع) في كرمه، كيف لا وهما: (إِمَامَانِ قَامَا أَوْ قَعَدَا)[٣].

كرم الإمام الحسين (عليه السلام) مع والي المدينة الفاسق

من المواقف التي تُبين سعة فضل الإمام (ع) وعظيم كرمه ما وقع بينه وبين والي المدينة وليد من خلاف على ضيعة كانت للإمام (ع). لقد عمد الإمام الحسين (ع) إلى العمامة التي كانت على رأس الوليد ولفها في عنقه؛ ولكن الأخير سكت وتعرض لاستهزاء مروان الذي كان حاضرا في المجلس؛ إلا أن الإمام (ع) تنازل عن حقه ووهب الضيعة لهذا الفاسق الظالم. فإن كان هذا عطائه لمن ناوئه؛ فكيف عطائه لمن والاه وأحبه وأقام ل مآتم العزاء وخدم زوراه ورواد مجالسه؟

كيف كان يهتم الحسين (عليه السلام) بالفقراء والمحتاجين؟

ومنها، أنه وُجد على ظهر الحسين بن علي (ع) يوم الطف أثر غير آثار السنان والسهام والسيوف؛ فسألوا ولده زين العابدين (ع) فقال: هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين. لم يكن إمامنا يستعين بغيره في حمل الجراب التي فيها طعام والتي كانت ثقيلة على ما يبدو حتى أثرت هذا الأثر الواضح الذي شاهدوه على جسده الشريف. إن لحظة من لحظات الإمام تعدل الدنيا وما فيها؛ ولكنه كان يصرف شطراً من عمره الشريف في تفقد الأيتام والأرامل.

أعتق جارية في مقابل باقة من الورد

ومنها أن جارية له حيته بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله. يقول الراوي، قلت للإمام (ع): (تُحَيِّيكَ بِطَاقَةِ رَيْحَانٍ لاَ خَطَرَ لَهَا فَتُعْتِقُهَا؟! فَقَالَ: كَذَا أَدَّبَنَا اَللَّهُ تَعَالَى، قَالَ وَإِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا  فَكَانَ أَحْسَنَ مِنْهَا عِتْقُهَا)[٤]، وعندما تذهب لزيارة الحسين (ع) وخاصة مشياً وتصل في مشقة وتعب؛ يكون ذلك تحية منك لسيد الشهداء (ع). أالا تحتمل أن الإمام (ع) يحييك بأحسن من ذلك؟ الجارية بجوار الإمام (ع) لم تسافر وتقطع الفيافي وإنما تقدم له طاقة ريحان فيعتقها؛ فكيف بمن زاره من بعد؟ إن الإمام (ع) من شأنه أن يطلب من الله عز وجل أن يعتق رقبتك من النار.

كرم الحسين (عليه السلام) مع الأعرابي الشاعر

ومنها أن أعرابيا جاء إلى المدينة فسأل عن أكرم الناس بها؛ فقيل له الحسين (ع). ويبدو أن ذلك كان بعد استشهاد أخيه المجتبى (ع). تقول الرواية: (فَدَخَلَ اَلْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُ مُصَلِّياً فَوَقَفَ بِإِزَائِهِ وَأَنْشَأَ

لَمْ يَخِبِ اَلْآنَ مَنْ رَجَاكَ وَمَنْ 
حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ اَلْحَلَقَةَ

أَنْتَ جَوَادٌ وَأَنْتَ مُعْتَمَدٌ 
أَبُوكَ قَدْ كَانَ قَاتِلَ اَلْفَسَقَةِ

لَوْ لاَ اَلَّذِي كَانَ مِنْ أَوَائِلِكُمْ
كَانَتْ عَلَيْنَا اَلْجَحِيمُ مُنْطَبِقَةً

فَسَلَّمَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَالَ يَا قَنْبَرُ هَلْ بَقِيَ مِنْ مَالِ اَلْحِجَازِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِينَارٍ فَقَالَ هَاتِهَا قَدْ جَاءَهَا مَنْ هُوَأَحَقُّ بِهَا مِنَّا ثُمَّ نَزَعَ بُرْدَيْهِ وَلَفَّ اَلدَّنَانِيرَ فِيهَا وَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ شَقِّ اَلْبَابِ حَيَاءً مِنَ اَلْأَعْرَابِيِّ وَأَنْشَأَ:

خُذْهَا فَإِنِّي إِلَيْكَ مُعْتَذِرٌ 
وَاِعْلَمْ بِأَنِّي عَلَيْكَ ذُو شَفَقَةٍ

لَوْ كَانَ فِي سَيْرِنَا اَلْغَدَاةَ عَصًا 
أَمْسَتْ سَمَانَا عَلَيْكَ مُنْدَفِقَةً

لَكِنَّ رَيْبَ اَلزَّمَانِ ذُو غِيَرٍ 
وَاَلْكَفُّ مِنِّي قَلِيلَةُ اَلنَّفَقَةِ

تقول الرواية: (فَأَخَذَهَا اَلْأَعْرَابِيُّ وَبَكَى. فَقَالَ لَهُ: لَعَلَّكَ اِسْتَقْلَلْتَ قَالَ: لاَ وَلَكِنْ كَيْفَ يَأْكُلُ اَلتُّرَابُ جُودَكَ)[٥].

[١] إقبال الأعمال  ج١ ص٢٩٥.
[٢] مستدرك الوسائل  ج١٠ ص٣١٨.
[٣] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٢٩١.
[٤] نزهة الناظر  ج١ ص٨٣.
[٥] مستدرك الوسائل  ج٧ ص٢٣٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • البعض عندما يسمع مصيبة الإمام يبكي بكاء مريراً، ويبكي كما تبكي الثكلى وحيدها؛ فيستغرب البعض الآخر من هذا البكاء، ويتسائل: هل هذا مطلوب أم لا؟ والجواب نجده في دعاء الندبة: (وَلْيَصْرُخِ اَلصَّارِخُونَ وَيَضِجَّ اَلضَّاجُّونَ وَيَعِجَّ اَلعَاجُّونَ).
  • لو أن الإنسان انتابته حالة من البكاء الشديد في مصيبة أهل البيت (ع)؛ عليه أن لا يكتم هذا البكاء، فهو منحة ونعمة من الله عز وجل. بل قد يُشار إلى البعض على أنهم من البكائين في مصيبة الإمام (ع)، وهؤلاء ممن يُغبطون؛ فلولا الحرقة الباطنية لما هاجت أحزانهم.
Layer-5.png