Search
Close this search box.
  • ماذا تعرف عن زين بني هاشم أبي الفضل العباس (عليه السلام)؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ماذا تعرف عن زين بني هاشم أبي الفضل العباس (عليه السلام)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

قمر العشيرة، وزين بني هاشم أبو الفضل العباس (عليه السلام)

من الشخصيات البارزة في واقعة عاشوراء؛ قمر العشيرة، وزين بني هاشم أبو الفضل العباس (ع). إننا كما نبكي على مصيبته – وهذا لازمة المحبة – نتأمل في سيرته العطرة؛ فعندما نعلم قدر من نبكي عليه تزداد حرقتنا عليه. إن هذه الذوات المعصومة؛ شأنها شأن النبي الأكرم في التأسي بهم. إن بطل العلقمي وزين بني هاشم قد انتقل من محطة إلى محطة.

ثمرة الإنسان في حياته

إن الولد هو ثمرة الإنسان التي تبقى بعد وفاته. فأولا، وقبل انعقاد نطفته، لتكن نيتك الذرية الصالحة. رأيتم سنابل القمح تربوا وتنمو، وتتمايل يميناً شمالاً؛ وفي ختام الموسم يأتي الحاصد ليجعل القشرة جانباً ويأخذ اللب اللباب. إن أحدنا كسنابل القمح هذه؛ ففي يوم من الأيام نعود إلى الحفرة المعهودة؛ ولا يبقى لنا إلا عملنا الصالح وولدنا الصالح؛ فهما السنابل الباقية.

لماذا لم يختر أمير المؤمنين (عليه السلام) أم البنين (عليها السلام) بنفسه؟

لقد كان بإمكان أمير المؤمنين (ع) أن يختار امرأة بعلمه الإلهي والغيبي؛ فهو باب مدينة علم النبي (ص)، والمدينة فيها كل شيء؛ فليست هي غرفة أو دار، وإنما هي مدينة كاملة. ولكنه طلب من أخيه عقيل أن يختار له امرأةً تلد له فحلاً. وكأن الإمام أراد أن يجعل لعقيل نصيباً في معركة عاشوراء؛ فولده مسلم قد سجل من المواقف ما سجل قبل الواقعة.  ولقد صار لعقيل باختياره أم البنين (ع) سهم في واقعة عاشوراء؛ فمن دل على الخير كان كفاعله. فلماذا لا يتأسى أحدنا بأمير المؤمنين (ع) في ذلك؟

ماذا كان يريد الأمير (عليه السلام) من زواجه بأم البنين (عليها السلام)؟

فإن لم تكن متزوجاً سل الله عز وجل أن يعطيك هكذا ذرية. إن ليلة الزفاف هي ليلة الغفلة للكثرين؛ فلا تكن أنت منهم، بل قل: يا رب، إن رزقتني منها ولداً؛ فاجعله كذا وكذا. فلا تُفكر في تلك الليلة بالمتعة المجردة؛ بل ابحث عن الثمرة من هذه المتعة. وبعض المتزوجين، قد لا يتوسم خيراً في ذريته مثلاً، أو يريد ذكراً فلا يرزقه الله عز وجل؛ فلا يمنع ذلك أن يطلب من الله عز وجل أن يجعل له صدقة جارية بعد موته. إن زكريا بلغ من العمر ما بلغ، وقد وهن العظم منه، ويبدو أنه لم يكن يفكر في الذرية – فنبي الله من أول المسلِّمين – ولكنه عندما رأى مريم (ع) وما ظهر منها من البركات والكرامات؛ دعا ربه. يعني: يا رب، إن كانت الذرية كمريم (ع) فإني أريدها. ويُمكن القول: أن أمير المؤمنين (ع) عندما تزوج أم البنين (ع)، كان ينظر إلى واقعة عاشوراء، وكان يبحث عن عون لولده الحسين (ع).

تأثر العباس (عليه السلام) بأهل البيت (عليهم السلام)

ثم إن الإنسان الذي يعاشر عالماً أو فقيهاً أو إنساناً ربانياً مدة من عمره؛ يأخذ من رائحته، ويقتبس من سلوكه وعلمه، ويقول الناس: فلان جالس العالم الفلاني، واكتسب من مزيته. إن من نتحدث عنه؛ قد عاشر أباه أمير المؤمنين (ع) منذ أن كان رضيعاً؛ بل نطفته من أمير المؤمنين (ع). إن الإمام المجتبى (ع) كان أكبر منه، وقد وضع يده الحانية على رأسه، وكذلك الحسين (ع) له عناية بمن سيُقتل في سبيله. وزينب الكبرى (ع) هي الأخت الكبيرة، وهي العالمة غير المعلمة، والفهمة غير المفهمة؛ كان لها أيضا دور في رسم شخصية العباس (ع).

شخصية أم البنين (عليها السلام) المتميزة

وأخيراً أمه أم البنين (ع) التي لو أردنا أن نحصر المتميزات في تأريخ الاسلام بعد الزهراء (س) وخديجة وزينب (ع)؛ لكانت منهن هذه السيدة الجليلة. إن المؤمنون اليوم يزورون محطتين في البقيع؛ كل أئمة أهل البيت (ع)، وعندما يصلون إلى قبر أم البنين (ع) ينفجرون بالبكاء، وكأنها تمثل كربلاء في أرض البقيع. فإذا بخلت عليك عينك بالدموع في أرض البقيع؛ اذهب عند قبرها فسوف تجري عبرتك. لأنك تتذكر تارة ولدها العباس (ع)، وتارة تتذكر حالها في البقيع.

لقد لامست شخصية العباس (ع)؛ هذه الذوات الطاهرة، وهذا يكفي لبيان عظمته وشخصيته؛ فلا يحتاج إلى خطب وإلى مؤلف ولا إلى غير ذلك. وما من شك أن حب العباس (ع) للحسين (ع) لا يساويه حب. فهو أولاً: إمام زمانه، وثانياً: أخوه الذي يُذكره بأبيه أمير المؤمنين (ع). إلا أن حب العباس (ع) للرسالة والشريعة والدين كان يطغى على كل حب، وهذا واضح تماما من خلال أرجوزته:

أني أحامي أبداً عن ديني[١]

لقد سمعت من أحد كبار المحققين ممن كان ينعى الحسين (ع) أيضاً: لو أن العباس (ع) عندما اقتحم الميدان ووصل إلى المشرعة وأحس ببرد الماء، ورمى الماء على الماء؛ لم يفعل ذلك وشرب من الماء، لفرح الحسين (ع) وما تألم. إنه يشرب الماء ليتقوى على قتال الأعداء، ويشرب الماء لأنه وصل إلى المشرعة بجهده وجهاده. ولكن انظروا إلى وفاء الأخوة. لقد أبى أن يشرب الماء وهو يسمع صراخ الأطفال والنساء: العطش، العطش.

[١] المناقب  ج٤  ص٩٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • طلب أمير المؤمنين (ع) من أخيه عقيل أن يختار له امرأةً تلد له فحلاً. وكأن الإمام أراد أن يجعل لعقيل نصيباً في معركة عاشوراء؛ فولده مسلم قد سجل من المواقف ما سجل قبل الواقعة. ولقد صار لعقيل باختياره أم البنين (ع) سهم في واقعة عاشوراء؛ فمن دل على الخير كان كفاعله.
Layer-5.png