Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ماذا تعرف عن البعثة النبوية الشريفة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الاحتفال بإتمام الأصل

يحفتل المسلمون في عيدي الفطر والأضحى بإتمام فرعين من فروع الدين؛ الصيام والحج، ويحتفلون بعيدي المبعث والغدير بأصلين من أصول الدين؛ النبوة والإمامة. أما الجمعة فهو عيد عام للمسلمين جميعا.

لقد عاش النبي (ص) في هذه الدنيا ثلاث وستين عاما بإجماع المسلمين؛ وقد بُعث في الأربعين من عمره، وعاش بعد البعثة ثلاث وعشرين سنة، قضى ثلاثة عشر منها في مكة وعشر سنوات هي الحكومة الإلهية في المدينة. لقد أمضى (ص) ثلثي عمره الشريف في مكة وهو متخف في غار حراء الذي يصل إليه المرء بمشقة، وإلى الآن هناك الكثير من الحجاج يعرضون عن تسلق هذه الجبل لصعوبته.

هل سمعت بالخلوة العرضية؟

الدرس الأول الذي نقتبسه من سيرة النبي (ص)، أن المؤمن يحتاج إلى خلوة مع نفسه تأسيا بنبيه (ص). هنالك خلوة عرضية تحصل للإنسان في جوف الليل، ينبغي أن يستثمرها المؤمن؛ خصوصا من يعيش في منزل صغير لأسباب مادية وفي البيت أطفال يمنعه صراخهم ولعبهم من الخلوة والهدوء في النهار. إذا جن الليل، فمعظم البيوت تكون هادئة وكأن لا أحد فيها؛ فما العذر في مثل هذه الحالات أن يختلي الإنسان بربه؟

إن الله سبحانه يقول: (وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةࣰ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامࣰا مَّحۡمُودࣰا)[١]، ويقول سبحانه في هذه الآية أن هذه النافلة هي لك وسيعود نفعها في العاجل والآجل عليك؛ فلا تمن على ربك؛ بل ينبغي أن تشكره إذا وفقك دون غيرك للقيام بين يديه في جوف الليل. وهو لم يذكر الحور والقصور والجنات التي تجري من تحتها الأنهار وإنما ذكر المقام المحمود جائزة لمن وقف في تلك الساعة بين يدي ربه. ولا يعلم ما هو هذا المقام المحمود من الناس أحد وإنما هو مقام لا تُدركه عقولنا في هذه الدنيا.

الخلوة الزمانية والخلوة المكانية

وهناك خلوة طولية؛ حيث يحتاج فيها الإنسان أن يختلي بنفسه بين وقت وآخر في أماكن وأزمنة خاصة كشهر رمضان عموما أو العشرة الأخيرة منه وفي الحج والعمرة أو في الزيارة إلى المشاهد المشرفة مثلا. ولا ينبغي أن يغلب على الإنسان فيها جو السياحة والفرح واللهو وإن كانت أمور لا بأس بها في السفر. ولذلك يذهب البعض إلى المشاهد المشرفة لوحده ليخلي بربه من دون أن يشغله شاغل، ثم يصطحب معه أهله في زيارة أخرى.

ما هي بركات هذه الخلوات؟

والمساجد من أماكن الخلوة؛ حيث لا يزاحمك هناك زوجة ولا ولد ولا صديق. أحيانا بعض المؤمنين من الأكاديمين في المسجد قبل الصلاة بفترة، ويمكثون بعد الصلاة بفترة، وعندما يُسئلون عن السبب يقولون: هذا محل أنسنا ومقام خلوتنا. إن هذه الخلوة التي تتكرر في اليوم ثلاث مرات؛ تعيد النشاط وتمحو السيئات وتعيد البرمجة من جديد. إن هذه الأهزة الإلكترونية تتلكأ أحيانا، فيعاد تشغليها من جديد لتعود إلى سابق عهدها وكذلك هو الإنسان في خلوته هذه في المسجد؛ يعيد تشغيل باطنه. إذا أتقن الإنسان هذه الخلوة، فستكون حياته مباركة، كما شملت بركات الأربعين سنة من الخلوة كل حياة النبي (ص) وكانت فتوحاته في مكة والمدينة من بركات هذه الخلوة.

الإنجاز الكبير الذي حققه النبي (ص) في فترة قصيرة

الدرس الثاني من دروس البعثة النبوية الشريفة؛ أن نعلم أن العبرة بالكيف لا بالكم. إن أحدنا يحتاج إلى عشر سنوات من الدراسة الجادة لكي يصبح طبيبا والتاجر يحتاج إلى عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر ليكون من كبار رجال الأعمال، والموظف يعمل كذلك عشرات السنوات ليصل إلى درجة وظيفية معينة. ولكن النبي (ص) أسس حضارة بلغت المشرقين بالرغم من التعذيب الذي تعرض له أصحابه في مكة كياسر وسمية وعمار رضوان الله عليهم، وكذلك لم يكن في المدينة في راحة فقد خاض غمار حروب مفصلية كحرب بدر وأحد وخيبر وغير ذلك من التحديات التي كان يواجهها إلى آخر أيام حياته الشريفة ليوصل لنا هذا الدين العظيم. فلا تطلب طول العمر من الله إلا وأنت تقول: في خير وعافية؛ فما الفائدة من عمر طويل يخلو من أي إنجاز؟!

الدرس الثالث؛ لكل منا بعثة ينبغي أن يبحث عنها. قد تكون الأيام والليالي عندنا متساوية ونسخة مكررة من الصباح إلى الليل، وهنا ينبغي أن يتدراك الإنسان هذا الخسران؛ فيقوم بثورة باطنية، فكما روي: (مَنِ اِسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ)[٢]. لقد كانت أيام النبي كلها أيام مباركة ولكنه كان يختلف في يوم البعثة عن سائر أيامه وهذا ما نلاحظه في دعاء ليلة هذا اليوم المباكر: (اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالتَّجَلِّي اَلْأَعْظَمِ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ)[٣].

ابحث عن يوم مبعثك…!

لم يخل النبي (ص) من عين الرعاية الإلهية طرفة عين ولكنه في يوم المبعث، اختصه الله بالرسالة، كما أن أيام أمير المؤمنين (ع) كلها أيام مباركة ولكن يوم الغدير يوم مميز؛ فقد تم تنصيبه أميراً للمؤمنين. ابحث عن تلك الليلة التي تُبعث فيها واطلب من الله سبحانه أن يعجل لك هذا المبعث إما في ليلة قدر أو تحت قبة شريفة أو تحت الميزاب في الطواف أو في روضة النبي (ص)، وقل: يا رب، حول حالي إلى أحسن حال. إن النسيم الإلهي يهب عليك ويحييك كما يحيي الشجر في فصل الربيع، وحذار من أن تموت على الحال التي بلغت الحلم فيها؛ لم تتغير صلاتك درجة واحدة.

فضل النبي وآله (صلوات الله عليهم) علينا

ثم ينبغي للمؤمن أن يعرف هذا الفضل العظيم للنبي (ص) عليه. قد يشعر البعض من المؤمنين (ع) بأن له منة على الرسول بالصلاة عليه وعلى آله، والحال أنه لولاهم لكنا من عبدة الأصنام المستحقين النار أو كالضلال من اليهود والنصارى. ولهذا من مستحبات المبعث الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد (ع). عندما يدعوك مؤمن إلى مائدة قد هيأ لك فيها أنواع الأطعمة والشراب، تشعر بأن له يد عليك وتيبقى خجلا منه مدينا له؛ فكيف بمن أتى بالضيافة الكبرى وأجلسنا على مائدة الإسلام؟ كن خجلا عندما تصلي على النبي وآله (ص) وكن ممتنا لهم خاصة إذا كنت في الروضة.

[١] سورة الإسراء: ٧٩.
[٢] وسائل الشیعة  ج١٦ ص٩٤.
[٣] المصباح (للکفعمی)  ج١ ص٥٣٥.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • المساجد من أماكن الخلوة؛ حيث لا يزاحمك هناك زوجة ولا ولد. أحيانا أجد بعض المؤمنين من الأكاديمين في المسجد قبل الصلاة بفترة، وعندما يُسئلون عن العلة، يقولون: هذا محل أنسنا ومقام خلوتنا. إن هذه الخلوة التي تتكرر في اليوم ثلاث مرات؛ تعيد النشاط وتمحو السيئات وتعيد البرمجة من جديد.
  • قد يشعر البعض من المؤمنين (ع) بأن له منة على الرسول بالصلاة عليه وعلى آله، والحال أنه لولاهم لكنا من عبدة الأصنام المستحقين النار أو كالضلال من اليهود والنصارى. ولهذا من مستحبات المبعث الإكثار من الصلاة على محمد وآل محمد (ع).
Layer-5.png