Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

ماذا أستطيع أن أقدم لإمام زماني (عج) في زمن الغيبة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

إمام الزمان، لأهل الأرض الأمان

للمؤمن بين الفينة والفينة محطة يذكر فيها إمام زمانه (عج) الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ولولاه لساخت الأرض بأهلها. إن الله سبحانه يقول عن نبيه: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡ)[١]؛ فقد كان وجود النبي (ص) في الأمة مع ما ارتكبته من جنايات ضد النبي (ص) وأصحابه لا تقل عما اركتبته الأمم السابقة من الاستهزاء به والطعن عليه ومحاربته وكسر رباعيته وإيذائه في نفسه وأهل بيته ضامنا لعدم نزول العذاب عليهم، وقد كانوا جديرين بالخسف والمسخ وما شابه ذلك من العقوبات التي تعرضت لها الأمم السابقة.

وما كان للنبي (ص) يجري لذريته الأوصياء المعصومين (ع)، فقد كان وجودهم أمانا للناس في كل زمان، وفي زماننا هذا يدفع الله عنا العذاب بوجود إمام زماننا (عج)، ولذلك عظم حق الإمام (عج) علينا ولابد أن نلتفت إلى هذا الحق العظيم. وهب أنه غائب عنا؛ ولكن دعوته تشملنا. لقد ورد في الروايات الشريفة؛ أن الله عز وجل يدفع البلاء عن أمة أو مدينة مثلا، بدعوة رجل صالح، فكيف بدعاء الحجة (عج)؟ إن دعائه حافظ لهذه الأمة كما هو وجوده.

بركات المراجع من بركاته

عندما يذهب سفير إلى دولة؛ فأول ما يصنعه تقديم أوراق اعتماده، لأمير ذلك البلد أو للرئيس؛ فإذا وقع عليها اكتسب السفير صفته القانونية، وإلا فلا. إن مراجع التقليد على قربهم وعلى مكانتهم؛ لا يصلون إلى ما يصلون إليه لولا هذا التأييد؛ فهو (عج) يجعلهم حجة في هذا العالم؛ ولولا ذلك لما كانت الفتوى ملزمة لنا. فالمراجع أمناء إمام زماننا (عج) ووكلاءه بالمعنى العام، وقد اكتسبوا هذه الشرعية من قوله: (فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ)[٢]. فهم  السبب المتصل بيننا وبينه وهم حجة على الخلق بإمضاء الولي الأعظم والحجة العظمى.

ويُمكن القول: أن ما صدر من المراجع طوال زمان الغيبة الكبرى وإلى يومنا هذا؛ هي من بركات وجوده وتأييده لهم. إن ما يصنعه الوالي هذه الأيام في محافظة أو في بلد من إنجازات، فهي تُنسب إلى الأمير أو الحاكم الذي نصبه وولاه. فما فعله بعض علمائنا في زمان الغيبة من إنقاذ لهذه الأمة من خلال فتوى أو من خلال موقف أو ما شابه ذلك؛ فكل ذلك يرجع إليه، لأنه هو الذي أعطاهم الشرعية.

إن الإمام (عج) هو ذلك الموجود الذي يشكر الجميل. إننا نسمع في قصص العرب أن الرجل يُنقذ أحدهم في صحراء بعد أن أوشك على الهلاك، ثم يهذب إليه ليرى أنه ملك من الملوك، فيُكرمه أشد الإكرام ويقول: جزائك أن أتخلى لك عن ملكي. فطبع الكريم أن يرد الإحسان بأضعفاه؛ فكيف بالمعصوم الذي هو مظهر اسم الكريم والرحمن والرحيم وغيرها من الأسماء الإلهية؟  إنه يرد ما يُقدم له في زمن الغيبة بأضعافها.

ولكن ماذا نستطيع أن نقدم له في زمن الغيبة؟

كان المؤمن في زمن الحضور يُقدم لإمامه (ع) ما يٌدمه تقربا إليه وجلبا لمحبته، فقد يُروى أن المؤمنين كانوا يُقدمون لأمير المؤمنين (ع) أقداحا من اللبن عندما ضربه ابن ملجم وكانت الجارية تُقدم ريحانة إلى المعصوم فيُكافئها بالحرية وهلم جرا. ولكننا في زمن الغيبة ولا نستطيع الوصول إلى إمامنا فضلا عن تقديم شيء له، بغض النظر عن الأعمال الصالحة والزيارات التي نُهديه ثوابها. إن أفضل شيء نقدمه له؛ أن نتخرج من مدرسته ونتخلق بأخلاقه. هب أنك تريد أن ترضي رئيس الجامعة؛ فهل ترضيه بقلم أم بدواة أم بكتاب؟ أم أنك تحرز الدرجات العليا، ليفتخر بك وترفع من شأنه ومن شأن جامعته؟ إذا أراد رئيس الجامعة أن يطلب ترقية، يقول: إن فلانا وفلانا من تلامذتي؛ فأنا الذي هذبتهم ودربتهم وأشرفت عليهم. والرئيس أو الوزير كذلك يفتخر بإنجازات المدراء الذين يعملون تحت إمرته.

أجمل هدية تُقدمها لإمامك

ما المانع بين وقت وآخر من أن تصلي ركعتين لله عز وجل، تحت القبة أو تحت الميزاب أو خلف المقام أو في الروضة أو في أي موطن من مواطن الإجابة بخشوع تام لا تُحدث فيهما نفسك بشيء من التكبير إلى التسليم نفسك وأنت فيهما مقبل تمام الإقبال، وتدعو في قنوت صلاتك بالفرج له وتصلي على النبي وآله في كل ركعة وأنت تردفها بالدعاء لفرجه قائلا: وعجل فرجهم، ثم ترفع يديدك بعد الصلاة وتدعو مرة أخرى بدعاء الفرج، ثم تهديها له؟ إن هذه الهدية لو وصلت إليه، لاختلف حالك عنده ولدعا هو (عج) لك أيضا. إنني لا أستبعد أن يدعو الإمام (عج) لكبار المنتظرين في قنوت صلاة ليله، ويذكره فيمن يستغفر لهم في صلاته. ولا داعي أن يدعو لك الإمام (عج) في كل يوم؛ بل يكفي أن يدعو لك مرة واحدة لتخرج من الذنوب كما ولدتك أمك.

[١] سورة الأنفال: ٣٣.
[٢] التفسير العسکری علیه السلام  ج١ ص٢٩٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • كان الله سبحانه يدفع العذاب عن الأمة لوجود النبي (ص)، وما كان للنبي (ص) يجري لذريته الأوصياء المعصومين (ع)، فقد كان وجودهم أمانا للناس في كل زمان، وفي زماننا هذا يدفع الله عنا العذاب بوجود إمام زماننا (عج)، ولذلك عظم حق الإمام (عج) علينا ولابد أن نلتفت إلى هذا الحق العظيم.
Layer-5.png