- ThePlus Audio
مؤشرات السعادة عند الجميع
بسم الله الرحمن الرحيم
السعادة؛ ضالة المؤمن والكافر
حديثنا حول مفهوم يبحث عنه ويعشقه كل مؤمن وفاجر وهو من المفاهيم العالمية بخلاف التقوى والتدين وسائر المفاهيم الدينية التي تختص المؤمنين فقط؛ ألا وهو السعادة أو الاستقرار والطمأنينة والابتعاد عن القلق والاضطراب. فحتى شارب الخمر أعاذنا الله يبحث عن السعادة في ما يتناوله من شراب في لياليه الحمر. وقد يصل الأمر عند البعض أن يستجلب سعادة ساعة من خلال المخدرات وما شابه ذلك حتى وإن كلفه الإدمان عليها حياته وساق إليه الحتف. ولو نهيته عن ذلك لقال: دعني أعيش السعادة في هذه اللحظة ولتعقب ما أعقبت. ومن حيل الشيطان وحبائله أن يجعل الماجن يجمع حوله جماعة من أهل المجون والعصيان ليشاركوه في المعصية فيخفف بذلك عن نفسه تأنيب الضمير إذا انفرد بالمعصية والفسق لوحده.
مؤشرات السعادة الستة
ولكن ما هي مفهوم السعادة عند الناس بمختلف أصنافهم وأديانهم؟ فلو ذهبت إلى شرق الأرض أو غربها وتحدثت حتى مع الذين يعيشون في غابات الأمازون ماذا ستكون إجابتهم عن السعادة ومفهوما؟ إن السعادة يمكن حصرها في نقاط ست إن حصل عليها الإنسان جميعها كانت سعادته كاملة وإلا فهو سعيد بمقدار ما استحصل عليه منها؛ إن ربعا فربع وإن نصفا فنصف سعيد وهلم جرا.
انشراح الصدر
أول نقطة هي انشراح الصدر وعلامته أنه يمرح ويمزح المنشرح صدره ولا يعتريه اكتئاب أو قلق وهو يرى المستقبل مشرقا، ولا يمنعه الأرق والقلق من النوم الهنيئ الذي يطاوعه متى ما أراد. وانشراح الصدر يوجب قوة البدن ويورث الصحة والعافية. فقد يبتلى الإنسان بالأمراض الجلدية وأمراض المعدة والضغط والسكر وما شابه ذلك فيذهب إلى الطبيب وإذا به يقول له: أن أمراضك هذه لها أسباب نفسية. ولذلك نلاحظ أن المعمرين هذه الأيام ليسوا من التجار ولا من المطربين والفنانين الذين تشير بعض الإحصائيات إلى أنهم يموتون في سن مبكر؛ وإنما هم مراجع التقليد الذين إذا مات أحدهم في سن الثمانين قيل: مات مبكرا لأنهم عادة يعيشون أكثر من ذلك وقد يتجاوز عمر أحدهم القرن وهم مع ذلك في منهى الالتفات والوعي حتى ليكتب أحدهم أخر استفتاء في حياته قبيل وفاته بأيام ويظل يبحث ويحقق ولا يمنعه من ذلك مانع وهو منشرح الصدر لا يخاف ولا يحزن والبدن إنما هو يتبع الروح في سلامته.
الصفاء والهدوء العائلي
وأما النقطة الثانية أو المؤشر الثاني هو وجود علاقة طيبة مع الأهل والعيال. وهنيئا لمن يحظى في الحياة بامرأة تمتص منه الهموم والأحزان ويكون سروره بالنظر إليها إن هو عاد من عمله وشغله لا أن تزيده هما إلى همومه وحزنا على أحزانه. ولا نتحدث هنا عن المؤمنين وإنما نعني بحديثنا هذا جميع البشر.
السعادة الوظيفية
والمؤشر الثالث موافقة الوظيفة والعمل لمزاج الإنسان وتخصصه. فللأسف الشديد هنالك الكثير من خريجي الجامعات من شبابنا ممن أمضى شطرا من عمره وقضى زهرة شبابه في بلاد الغرب للتخصص فيما يهواه من التخصصات فإذا به يعمل عند رجوعه للوطن في عمل لا يستعمل علمه مما ينسى مع الأيام جل ما تعلمه وهذه من المصائب في زماننا. ولذلك تراه يذهب إلى العمل وكأنه ذاهب إلى السجن المركزي لا إلى دائرة من الدوائر الحكومية. وقد يكون العمل في نفسه مناسبا إلا أنه يوجد إلى جانبك زميل مزعج كثير الأباطيل والمزاح الذي لا يكون في محله؛ أو يكون الزميل من غير ملتك وعلى غير دينك والطامة الكبرى عندما يكون الزميل من الجنس الآخر مما يوجب الحديث معها الوقوع في ما لا يحمد عقباه عادة. ومن السعادة أن لا يكون للإنسان رئيس في العمل يتحكم به.
زيادة الدخل عن الصرف
المؤشر الرابع؛ أن يكون الدخل أكثر من الصرف حيث يبقى من الراتب ما يمكن توفيره. فتارة يكون الصرف أكثر من الدخل فهو الفقر، وتارة يساوي الدخل مصاريف الإنسان وهو الكفاف وتارة يفيض بما يستطيع الإنسان أن يوفر منه؛ فذلك الغنى وإن كان في أقل درجاته. وقد يصل الأمر عند بعض كبار الأثرياء والتجار أن لو أغلق محاله جميعها وأكل مما عنده من مال لكان ذلك كافيا له ولعقبه من بعده ولعاشوا جميعهم في رغد من العيش والهناء.
المقبولية الاجتماعية
خامسا؛ أن يكون محبوبا لدى الجميع. ومن هنا يتبين السر من وراء صرف الأموال الطائلة من قبل بعض المرشحين للانتخابات النيابية وغيرها والذي قد يصل الأمر ببعضهم أن يبيع منزله لتغطية تكاليف الحملة الانتخابية للفوز برضا الناس واستحواذه على آرائهم. وقلَّ من يكون صادقا في ادعائه أنه يريد أن يكون للناس خادما وإنما القضية في الحقيقة هي طلب للشهرة وحب الذات ليس إلا. وهذه درجة من درجات السعادة التي يبذل الناس من أجلها كل غال ونفيس.
ضمان المستقبل
فالسعيد من الناس يريد أن يكون مستقبله مضمونا؛ فحتى إذا كنت وزيرا أو وكيلا فستتجرد من ألقابك وتعود إلى منزلك وتكون من المتقاعدين. وقد التقيت ذات يوم بأحد الذين كان لهم منصب وظيفي مرموق من وظائف أهل الدنيا فقال لي: يا فلان..! لقد انتهى أمد المنصب الذي كنت أشغله وأصبحت أقضي أوقاتي في إيصال أولادي إلى المدارس أو ما شابه ذلك من الأعمال وبعبارة أخرى: أصبحت سائقا لأهل بيتي. ولذلك السعيد هو من يريد أن يكون مستقبله مشرقا؛ فالمصيبة الحقيقية تأتي بعد التقاعد حيث يكون المرء مشغولا بالعمل قبل ذلك وأما بعد الستين حتى الثمانين من العمر يكون في وضع حرج حيث يكون معرض للاكتئاب والضيق وما شابه ذلك. ويمكن أن ندرج سلامة البدن في ضمن انشراح الصدر وسعادة الباطن. كما أن الذرية الصالحة والزوجة المؤاتية من مؤشرات السعادة أيضا.
إلى من يعتقد بالمبدأ والمعاد..!
ولذلك عندما ألتقي بالشباب في الغرب أذكر لهم أن السعادة هي تحصيل هذه العناصر. والآن لنبحث عن السعادة في طريق الأنبياء وفي طريق العبودية لله سبحانه وهل هذه العناصر لها أهمية في هذا الطريق أم لا؟ وحديثي هو حديث موضوعي لست منحازا فيه إلى جهة ولا إلى فكرة ولكنني أتحدث إلى من يعتقد بالمبدأ والمعاد مسلما كان أو يهوديا أو نصرانيا؛ حيث يعتقد أهل الكتاب بالمبدأ والمعاد إلا أن نبي اليهود موسى (ع) ونبي النصارى هو المسيح (ع) ونبينا محمد (ص). أما الملحد فلا حديث لنا معه ولا ينفعه الحديث هذا أبدا.
شرح الصدر في القرآن الكريم
والآن لنأتي إلى شرح الصدر في القرآن الكريم وهو الكتاب الناسخ لما سبقه من الكتب. حيث يخاطب الله سبحانه نبيه (ص) في سورة الانشراح فيقول: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)[١]. ولكن من هو الشارح؟ أنه رب العالمين؟ وهو يشرح صدر من؟ صدر النبي (ص) وهو من أكثر الصدور حملا للهموم؛ فهو يحمل هم الأمة ويحمل هم المشركين والمنافقين والمسلمين جميعا، فهو متألم ولا شارح للصدر غير خالق الصدور وخالق السعادة وواهبها. ويذكر أنه ينفع لضيق النفس والاكتئاب الإدمان على قراءة سورتي الضحى والانشراح، وهما صنوان في الصلوات الواجبة لا يكتفى بأحدهما في القراءة كسورتي الفيل وقريش.
خالق النفس أعلم بسعادتها
وخالق النفس والروح الإنسانية هو أدرى بمداخلها وبأسباب سعادتها. إنك تشتري سيارة من الوكالة فتزود بكتيب تشغيل؛ بل إن أبسط جهاز لا يخلو من كتيب يعلمك كيفية استعامله وصيانته يزودك به صاحب المصنع. فهو يقول لك: أنا أدرى بما صنعت منك. وإنك لتشتري قطعة خشبية بسيطة فتجد معها وريقة تعلمك كيفية تركيب هذه القطعة في منزلك. فمن أعلم من رب العالمين بهذا الإنسان الذي نفخ فيه الروح وهو جنين في أحشاء أمه ثم أنشأه خلقا آخر بعد أن كان علقة ومضغة. أليس هو العالم بسرور هذه النفس وسعادتها.
علاقة المؤمن المثالي مع زوجته
ومن السعادة وجود علاقة طيبة مع الأهل والزوجة. قد يطلب مني بعض الشباب بعد انتهاء مراسيم العقد أن أتقدم لهم بالنصيحة إما حقيقة وإما مجاملة، فأقول لهم: إن هناك حساب في البنوك وحساب في القلوب وقد وضع الله لكم في حساب القلوب مودة ورحمة تنفقون منها في كل يوم، فلا تكن هذه المودة الرحمة كالماء الثابت في الخزان تستنزفه القطرات كل يوم حتى لا يبقى منه شيء، وينتهي الأمر بالزوجين في المحاكم والطلاق. وما أثقل الطلاق الخلعي على المرأة حيث تضحي بأولادها وتتنازل عن حضانتهم جميعا وتتنازل عن الأموال في مقابل خلاصها من تعاسة حياتها التي بدأت بالمودة والرحمة لتنتهي بهذه الصورة المؤلمة.
ولذلك لا تجد السعادة الحقيقة في الحياة إلا عند المؤمن المثالي لا الشكلي؛ حيث يزداد مع تقدم العمر مودة لزوجته. وقد يسأل سائل: أن هذا الكلام هو كلام شاعري فأين جاذبية المرأة في شهر العسل من المرأة التي ذرفت على الستين من عمرها؟ وأقول: أن المرأة في شهر العسل لا حق لها على الزوج ولكن هذه المرأة المسكينة التي بلغت الستين من عمرها؛ كم أنجبت وكم طبخت وكم غسلت وكم كنست لك ولعيالك؟ كم تحملت من أيام الحمل الثقيلة وضحت لأجل أنك تريد ذرية منها؟ وقد تموت البعض منهم في النفاس فتصبح شهيدة لك. ولذلك نرى بعض الكبار في السن من المؤمنين عندما ينظر إلى زوجته التي تقدم بها العمر ينظر بحنان ولطف يفوق نظرته لها في شهر العسل وهذه هي الحياة المثالية.
وقد رأيت أحد العلماء الذي كان بحق زوجا مثاليا وهو من خطباء المنبر؛ فقال لي: لقد أصيب زوجتي بالعمى في أيام حملها وهي في غرة الشباب فتحولت لها زوجة؛ أي أصبحت جليسها ومن خدامها، وكانت تقول لي: هل لا زلت الوحيدة في حياتك؟ فكنت أقول لها أنت كذلك وسأبقى خادما لك إلى آخر يوم من أيام حياتي. وقد سمعت بعد فترة أنه أصبح ينتقل من بلد إلى بلد فقلت له ماذا جرى يا فلان؟ فقال: إن زوجتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى وقد أصبحت في حل من أمرها وجاز لي الآن الحل والترحال، وقد أعجبت بهذه المودة الإيمانية.
ضمان الرزق وسهولة تيسره
ومن السعادة ضمان الرزق وسهولة تيسره. إن المؤمن عندما يستيقظ عند الصباح ويخرج إلى المسجد صباحا يسمع أصوات الطيور وهي تطير في السماء وقد بدأ دوامها مع طلوع الشمس ولا تحمل رزقها على ظهرها لأن الله سبحانه يقول: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[٢]، فليعلم أنه ليس بأقل من هذه الطيور؛ بل ومن الديدان تحت الأرض. أحدنا يحفر حفرة في الأرض مترا ومترين وإذا بدودة تعيش في تلك الأعماق حيث لا هواء ولا نور ولا طعام ولكنها مكفول رزقها. ولذلك يقول المؤمن دائما في صلاة الغفيلة: (وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[٣]؛ فالذي تكفل بالحبة والدودة في أعماق الأرض بل وفي أعماق البحار هل ينسى الإنسان وهو خليفة الله في الأرض؟ فلماذا القلق حول الرزق؟
وقد يقول قائل: أنني أعلم هذه المعاني جميعها ولكن ما بال رزقي شحيح وجسمي سقيم والمصيبة الكبرى قساوة القلب حيث أصلي ولا أقبل فيها وعلي من الديون ما علي؟ ونقول: أن الإنسان هو الملوم في ذلك والمقصر حيث أنه غافل عن أن كل معصية تعقبها عقوبة من الله سبحانه. إن رب العالمين قد يجمع هذه المعاصي كالنظرات المحرمة لسنوات فتخرج على صورة مرض مفاجئ لم يكن لك به علم. لقد زرنا أحد المؤمنين الذين أصيبوا بالفشل الكليوي وسألناه عن سبب مرضه ذلك فقال: إن السكر هو الذي ضرب هذا الجهاز في بدني. فقلت له: ألم تحاذر منه؟ قال: بلى وكان لي طبيب أشاوره في السكر وفي الكلى ولكنها ساعة غفلة وإذا بي أصبحت كما ترون. فليحذر المؤمن أن يغافله ربه في لحظة من لحظات الغفلة بمرض يضرب أعز الأعضاء في بدنه. ولا يقولن: أنا طبيب أو صاحب مستشفى أو أنني أذهب كل عام للمستشفى الفلاني في بلاد الغرب للفحص الطبي؛ فكل هذا لا ينفع إذا أرادك الله بسوء حيث تستيقظ على سكتة دماغية أو يصبح الصباح وقد نسيت حتى اسمك. وهكذا هي الصحة كالرزق يطلبها المؤمن من ربه ويفوض فيها أمره لله سبحانه.
المحبوبية الاجتماعية
ومن السعادة المحبوبية الاجتماعية. ولكن ما لك ومحبة العوام من الخلق؟ وما قيمة أن يكون اسمك مشهورا وأن تكون محبوبا في قلب فلان وفلان ممن لا قيمة لهم ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؟ فلا ينبغي للمؤمن أن يكون من عشاق السمعة الاجتماعية والشهرة. والحال أن الشهرة فيها الكثير من المتاعب فأنت تذهب إلى المشاهد المشرفة وتزور وتستلم الضريح وتبكي لا يشغلك أحد عن زيارتك ولكننا نحن المساكين لهذه الشهرة البسيطة يخرجنا من قمة تفاعلنا من يعرفنا، وقد قلت في نفسي ذات يوم: ما قيمة الشهرة التي لا تدعك تزور مواليك بالطريقة التي تريدها. فليزهد الإنسان في الناس وفي رغباتهم أولا.
وليقل ثانيا: (اللهم أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلني إلى قربك)[٤]. فالقيمة الحقيقية أن تكون محبوبا في قلوب الصالحين لأنهم يدعون لمحبيهم في صلاة الليل وهم ممن يأخذون بيد محبيهم يوم القيامة ويشفعون لهم وهذا هو الحب الذي له وزنه.
دعاء طريف لا ينفك منه المؤمن في أسفاره
وإن أردت المحبوبية فقل عند نزولك في أي بلد تسافر إليه للعلاج أو التجارة أو الزواج أو ما شابه ذلك من الأسباب: (اللهم حببني إلى أهلها)[٥]. وحتى عند زيارتك للأئمة (ع) كالرضا (ع) قل عند دخولك مدينة مشهد: (اللهم حببني إلى أهلها) ولا تكن ساهيا لاهيا، ومن هم أهل مشهد، أليس على رأسهم الرضا (ع)؟ وكذلك قل عند دخولك بوابة كربلاء: (اللهم حببني إلى أهلها) وأولهم الحسين (ع) وأخيه العباس (ع) والشهداء الأجلاء، وقل كذلك عند دخولك النجف الأشرف. ثم قل في تكملة هذا الدعاء: (وحبب صالحي أهلها إلي)[٦]؛ فالمؤمن يريد أن يكون محبوبا لدي أهل البلدة التي يزورها ولكن ليس كل أحد وإنما الصالحون منهم.
إن هذه السعادات الست يطلبها المؤمن من صاحبها ويبحث عنها في مظانها فإذا أراد صحة البدن قال: (قو على خدمتك جوارحي)[٧] وإذا أراد ذرية طيبة قال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)[٨]، وإذا أراد مالا وفيرا قال: (اللهم أغنني بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك)[٩] وإذا أراد ودا في قلوب الناس قال: (اللهم اجعل محبتي في قلوب الصالحين من عبادك) وهو قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)[١٠].
خلاصة المحاضرة
- قد تكون الكثير من الأمراض التي يبتلى بها البشر في زماننا هذا لها أسباب نفسية. فقد يذهب المريض إلى الطبيب لمسكلة جلدية أو باطنية أو ما شابه ذلك وإذا بالطبيب يقول له: أن سبب مرضك هذا نفسي. ولذلك إن أطول الناس أعمارا ليسوا هم التجار ولا الفنانون ولا غيرهم وإنما هم مراجعنا العظام.
- أحدنا يحفر حفرة في الأرض مترا ومترين وإذا بدودة تعيش في تلك الأعماق حيث لا هواء ولا نور ولا طعام ولكنها مكفول رزقها. أليس الذي تكفل بالحبة والدودة في أعماق الأرض بل وفي أعماق البحار ولم ينساهما هل ينسى الإنسان وهو خليفة الله في الأرض؟ فلماذا القلق حول الرزق؟
- خالق النفس والروح الإنسانية هو أدرى بأسباب سعادتها. إنك تشتري سيارة من الوكالة فتزود بكتيب تشغيل؛ بل إن أبسط جهاز لا يخلو من كتيب يعلمك كيفية استعامله وصيانته يزودك به صاحب المصنع. فمن أعلم من رب العالمين بهذا الإنسان الذي نفخ فيه الروح وهو جنين في أحشاء أمه؟
- ما لك ومحبة العوام من الخلق؟ وما قيمة أن يكون اسمك مشهورا وأن تكون محبوبا في قلب فلان وفلان ممن لا قيمة لهم ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؟ فلا ينبغي للمؤمن أن يكون من عشاق السمعة الاجتماعية والشهرة وإنما ليبحث عن المحبة في قلوب الصالحين ممن يشفعون له يوم القيامة.