Search
Close this search box.
  • لماذا لا ننظر إلى الحسين (عليه السلام) من جميع أبعاد حياته؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

لماذا لا ننظر إلى الحسين (عليه السلام) من جميع أبعاد حياته؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هكذا تقرب إلى إمام زمانك (عجل الله له الفرج)

إن أراد أحدنا التقرب إلى الله عز وجل وإلى إمام الزمان (عج) تقرباً مميزاً يحط عنه الذنوب؛ فموسم العزاء في شهر محرم هو خير موسم لذلك. من منا يدعي أنه قد أرضى إمام زمانه (عج)؟ لو كان إمامك عنك راضٍ لرضي عنك الرسول ورضي عنك المرسل. لقد رأيت في بعض المقاطع؛ قد أقيم العزاء في الأماكن التي لا يتوقعها الإنسان ومن أناس لم يتثقفوا بثقافة المنبر وليست لديهم فكرة مفصلة عن القضية الحسينية؛ بل فيهم من هو بعيد عن الثقافة الدينية والثقافة العامة. ولا ندري ما هذا السر؟ كأن حب الحسين (ع) يجري في دم الإنسان المؤمن؛ بل غير المؤمن.

وإن كان النبي الأكرم جده المصطفى (ص) قد بين لنا هذا السر إجمالاً عندما قال (ص): (إِنَّ لِقَتْلِ اَلْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ لاَ تَبْرُدُ أَبَداً)[١]. ولهذه الحرارة درجات أعلى هي عند إمام زماننا (عج) حيث يبكي بدل الدموع دما. أما أنا وأمثالي نبكي عليه دمعاً وغيرنا ممن لم يتبعه تماماً، يتأثر به في قلبه. ولا أعتقد اليوم أن رؤساء العالم، ومثقفوه، وأساتذة الجامعات؛ يعلمون من هو الحسين (ع) ولا يتأثرون به. ويكفي في ظهور تلك الحرارة ما نجده أيام الأربعين مما ذهل العالم على أرض الرافدين. ما هذه الحرارة التي لا نظير لها في التأريخ؟ ومن الطبيعي أن تهتم بهذه الحركة وسائل الإعلام، الإعلاميون المثقفون حول العالم.

ظاهرة زيارة الأربعين الفريدة من نوعها

عندما كنت في النجف رأيت كتاباً مفصلا في تحليل ظاهرة الأربعين والمشي نحو الحسين (ع). كان الكتاب يتضمن مصطلاحات أجنبية وغيرها؛ تبين أن الأربعين ظاهرة إنسانية فريدة. أما مواكب الحسين (ع) في يوم الأربعين، وما يقدمونه من الطعام والشراب وسائر الخدمات؛ دخلت الموسوعات القياسية في العالم. ومن الطبيعي أن يسأل الناس: من هذا الذي يُحتفى به هذا الاحتفاء؟ كيف يُمكن أن تتجدد في كل عام حادثة وقعت قبل عدة قرون وكأنها حدثت لتوها؟

وكلما ازداد الإنسان بكاءً وحرقة وأنيناً؛ كان ذلك كاشف عن حياة قلبه. هناك اختبارات ثلاثة إن اجتزتها بنجاح؛ فأنت حي قلبك. أولا: تعاملك مع رب العالمين وهو يتجلى في صلاتك ومناجاتك وخشوعك. ثانيا: رقة قلبك في الالتفات إلى إمام زمانك (عج) في عصر الجمعة. والمؤمنون الخواص لهم وقفة مهدوية ولو إجمالاً. ثالثا: علاقتك بالحسين (ع). والغريب الملفت؛ أن أحدنا قلما يبكي من خشية الله – فهؤلاء من الخواص – وقلمن يبكي في فراق إمام زمانه (عج)؛ إلا أننا جربنا في بعض المجالس بمجرد أن نقول: السلام عليك يا أبا عبدالله، تبدأ الدمعة ويبدأ البكاء.

خطأ النظرة التجزيئية إلى الأئمة (عليهم السلام)

حاول في مثل هذه الأيام؛ أن تقترب من دائرة الجذب الإلهي والجذب النبوي والجذب العلوي والفاطمي والحسني والحسيني (ع). إن الحسين (ع) هو مدرسة متكاملة، وكذلك هم جميع أئمتنا (ع). ولا ينبغي كذلك أن تنظر إلى جانب من حياة المعصوم غافلا عن سائر الجوانب. فمن الخطأ أن تنظر إلى الحسين (ع) من زاوية ثورته، أو تنظر إلى الإمام الحسن (ع) من زاوية صلحه مع معاوية، أو تنظر إلى أمير المؤمنين (ع) من زاوية شجاعته أو تنظر إلى الصادقين من زاوية علمهما. إن هذه النظرة المتجزئة لا تغني من الحق شيئا؛ لأن المعصوم مدرسة متكاملة.

ولكن ينبغي أن نعلم؛ أنه مهما أوتينا من العلم فإننا عاجزون عن وصف المعصوم كما ينبغي. إن أول مزية لكل معصوم أو لكل نبي أو لكل وصي هو الذوبان في العبودية، وتجاوز الذات؛ هذه الذات التي نعبدها نحن. من منا لا يحب ذاته؟ عندما تقع في مفترق طريقين: الهوى، والهدى؛ هل تختار الهوى أم الهدى؟ لو عرضت لك امرأة فاتنة؛ فإن الهدى يدعوك إلى إلى الإعراض والهوى يدعوك إلى النظر؛ فأيهما تختار؟ فإن قدمت الهوى؛ فأنت لم تسمع نداء الهدى، وقدمت ما أملته عليك ذاتك، على رب العالمين.

لا تقدم هوى غيرك على هدى ربك

بل المصيبة في أن تقدم ذات غيرك وهواه غيرك هنا المصيبه، ففي أيام الانتخابات مثلا؛ نرى أن البعض يبيع آخرته لدينا رئيس أو نائب أو إلى آخره. ترى الرجل في كامل الاستعداد لكي يكذب ويزور ويتهم حتى يفوز غيره بمقعد لأيام قصيرة. أو تاخذ زوجتك بيدك إلى السوق، وتطلب منك أن تشتري لها قطعة من الذهب وأنت تجزم بأنه إسراف وتبذير، وذمتك مشغولة مع ذلك بالأخماس وحقوق الناس؛ فتستلم لها في نهاية المطاف. أليس هذا تقديم للهوى على الهدى؟ وكلما توغلت في العبودية؛ انفتححت لك آفاق المعرفة. وهذه الرواية من الروايات العجيبة التي حار فيها الكثيرون: (اَلْعُبُودِيَّةُ جَوْهَرَةٌ كُنْهُهَا اَلرُّبُوبِيَّةُ)[٢]. فإن صرت عبداً لله عز وجل؛ تعرفت على ربك؛ (مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ)[٣].

ثم إن الإمامين الحسن والحسين (ع) ريحانتا رسول الله وإمامان قاما أو قعدا، ومعظم الأوصاف التي وردت في حق أحدهما وردت في حق الآخر. فبما امتاز الحسين (ع) عن أخيه المجبتى (ع)؟ حتى أصبحت التسعة من ذريته، والشفاء في تربته، والإجابة تحت قبته؟ إن كل ذلك هو من أجل أنه قدم لله قرباناً متميزا.

ابحث في حياتك الماضية عن أعمالك الملفتة

هل كبحت شهوة عارمة كيوسف (ع)؟ هل كظمت غيظك في موقف غضب لوجه الله عز وجل؟ هل قدمت لله مالاً يُعتد به؟ لقد رأيت أحد المؤمنين كانت قد صارت له نقلة في حياته فقلت له: يا فلان، لم تكن متميزاً سابقا، والآن أرى فيك بعض التميز من كلام موزون ومن هبات إلهية؟ فذكر لي أنه في يوم صائف رأيت إنساناً على قارعة الطريق؛ فرق قلبي له، وأركبته دابتي، وعلمت أنه محتاج؛ فأخرجت كل ما في جيبي من الأموال من دون أن أعدها – وكان صاحبنا هذا ميسور الحال، وعادة يكون في جيبه مال يُعتد به – وقدمتها له. عندما نزل؛ دعى لي دعوة بليغة استجيب بحقي. حاول أن تقدم لله شيئا مما ذكرنا؛ فصلاتك الرتيبة في مكان مكيف ومريح، وصومك شهر رمضان وأنت تنام من الصباح إلى العصر، شيء متعارف. ابحث عن قربان تقدمه بين يدي الله عز وجل.

[١] مستدرك الوسائل  ج١٠ ص٣١٨.
[٢] تفسير نور الثقلين  ج٤ ص٥٥٦.
[٣] مصباح الشريعة  ج١ ص١٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • لقد رأيت في بعض المقاطع؛ قد أقيم العزاء في الأماكن التي لا يتوقعها الإنسان ومن أناس لم يتثقفوا بثقافة المنبر وليست لديهم فكرة مفصلة عن القضية الحسينية؛ بل فيهم من هو بعيد عن الثقافة الدينية والثقافة العامة. ولا ندري ما هذا السر؟ كأن حب الحسين (ع) يجري في دم الإنسان المؤمن؛ بل غير المؤمن.
  • هناك اختبارات ثلاثة إن اجتزتها بنجاح؛ فأنت حي قلبك. أولا: تعاملك مع رب العالمين وهو يتجلى في صلاتك ومناجاتك وخشوعك. ثانيا: رقة قلبك في الالتفات إلى إمام زمانك (عج) في عصر الجمعة. والمؤمنون الخواص لهم وقفة مهدوية ولو إجمالاً. ثالثا: علاقتك بالحسين (ع).
Layer-5.png