- ThePlus Audio
لماذا الخوف من المستقبل؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
إن طبيعة بني آدم قائمة على الخوف من المستقبل والحزن على الماضي؛ فهو يخشى من المستقبل كثيراً، ويحزن على الماضي وما فاته فيها كثيراً، وهل تبقى لمن اجتمعت عليه هموم الماضي وقلق المستقبل وكآبة الحاضر صحة نفسية جيدة وتركيز في الحياة؟ والحال أن النفس لها تأثير كبير على صحة البدن، فما هو الحل؟
إنَّ هناك قسم من حوادث المستقبل والابتلاءات تحدد بالسلوك الفعلي للإنسان؛ فإن الذي يخشى من الأمراض المستقبلية؛ كالضغط والسكر وما شابه ذلك ينبغي له أن يراعي في أيام شبابه ويحافظ على صحة بدنه، ولعل من مصاديق الحديث الشريف: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)[١]، القوة البدنية.
ومنها الخوف من الفقر والحاجة إلى الآخرين عند كبر السن، ويقول الإمام السجاد (ع): (وَاجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ إذَا كَبُرتُ)[٢]، ومن نعم الله عز وجل على العبد أن يكون مستغنيا في أخريات حياته حتى عن أولاده؛ وهذا يتوقف على نشاط الإنسان في أيام شبابه، فإن الكسول الذي لا يعمل في أيام شبابه من الطبيعي أن يبلغ به الكبر ولا ثروة ولا سكن عنده ولا ما يدخره، ثم هو يرحل عن الدنيا غير راضٍ عن نفسه ولا راض عنه أبناءه.
وقد تبين أن هنالك من المخاوف ما يمكن دفعه، ولكن هنالك ما لا يمكن دفعه من المخاوف؛ كالزلازل والموت الفجأة وما شابه ذلك من الأمور غير المتوقعة، وقد قلت مراراً أنَّنا لو ضممنا هاتين المعادلتين إلى بعضهما البعض – صغرى وكبرى – لخرجنا بنتيجة تجعل الإنسان من أسعد الناس في حياته. المقدمة الأولى من القرآن الكريم: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا)[٣]، وهناك ما يكمل هذه الآية من صميم الحياة وهي ليست آية إلا أنها واقع نعيشه وهو أن الله عز وجل لا يكتب إلا ما فيه صلاحنا، والمؤمن الذي أرضى ربه بالطاعة سوف يحبه الله ولا يكتب له إلا ما فيه صلاحه.
ثم تصبح النتيجة الرياضة بعد حذف الوسط أنَّه لا يصيبنا إلا ما فيه صلاحنا، والذي يعتقد أن كل ما يكتب له هو في صالحه هل سيعيش التبرم يوماً ما؟ وينبغي أن يكون الإنسان بين يدي ربه كالمريض الذي أوكل أمره إلى الطبيب يقطع ساقه أو يستخرج قلبه أو عضواً من أعضاء بدنه؛ لأنه يعلم أنَّ الطبيب حاذق وليست له نية سيئة، والله عز وجل حكيم ولا بد أن ندخل غرفة عمليات الوجود واثقين بطبه وعلاجه، وهل كنت لتقلق لو كان الطبيب أباك أو أخاك؟ وكيف بك لو كان الطبيب أمك؟ وعلى كل حال إن الخوف من العواقب أمر حسن إلى حد ما؛ حتى يكثر الإنسان من الالتجاء إلى الله عز وجل.
إنَّ الأولياء الصالحون يطلبون حسن العاقبة من الله عز وجل عندما يناجونه ويجئرون إليه، لأن الإنسان لا يعلم هل سيختم له بخير أم لا، والشيطان يجمع كل قواه لكي يخرج الإنسان من طريق الطاعة في اللحظات الأخيرة من حياته، حتى وإن أمكنه أن ينسيك الشهادتين أو يجعلك تموت على غفلة أو تموت من دون وصية لا يقصر في أخذ سهمه الأخير منك في ساعات الاحتضار، وعلى الإنسان أن يعيش حالة الخوف والرجاء حتى تختم حياته بالسعادة والعاقبة الحسنة بمن الله وكرمه.