- ThePlus Audio
لا عذر لك بعد هذا عن الاستعداد للسفر الإلهي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
تنامي الحركة نحو التكامل الأخلاقي
إننا نلاحظ في هذه الأيام بفضل الله عز وجل، حركة متنامية نحو التكامل الأخلاقي، وهذه في الواقع حركة مباركة وأعتقد أنها من مبشرات عصر الظهور، ولا شك أن الذين يأتون في آخر الزمان لنصرة الإمام المهدي (عج) هم من صفوة الخلق الذين تكاملت أحلامهم وعقولهم، وترقت نفسياتهم، وبلغوا من الشفافية الروحية مرحلة؛ أصبحت لهم من خلالها شبه بإمامنا المهدي (سلام الله عليه)، فلو أراد الإمام الاستعانة بالقوى الغيبية، كالملائكة المسومة أو بخوارق الأحداث في هذا الوجود، لظهر قبل هذه الفترة ولكنه في هذه الفترة الطويلة ينتظر القاعدة التي يمكنها أن تكون سندا له، روحي وأرواح العالمين له الفداء، ولا شك أن خيارنا في زمن الغيبة هم خيارنا في زمان الظهور
هل تتمنى أن تلتقي بإمام زمانك؟
إن الذين يتشوقون للقاء الإمام سلام الله عليه ولا يبذلون شيئا في سبيل ذلك أو من دون تربية لذواتهم ومن دون تنقية لأنفسهم ومجاهدة لله عز وجل، هؤلاء يعيشون في دائرة الأماني، وللإنسان حق في أن يتمنى ما يريد ولكن هناك فرق شاسع بين مجرد التمني وبين الحركة الواقعية التي يلاحظ فيها الإنسان الظروف والمعطيات الخارجية الحقيقية ويتحرك وفقها وأقول بعد هذه المقدمة: إن هذه الحركة المباركة في نفوس من نلتقي بهم هنا أو هناك، رجالا كانوا أو نساء، صغاراً أو كباراً هي أشبه شيء بحركة الطائرة، والإنسان عندما يحلق عاليا وبمقدار ارتفاعه عن الأرض؛ فإن نكسة الهبوط والسقوط تكون نكسة قاتلة، وهذا بخلاف من يمشي على وجه الأرض من دون ميل إلى الصعود والتكامل وهذا الإنسان يمشي في حركة رتيبة لا يخاف عليه مع شيء من الاحتياط مثلا.
التنافس في درجات الجنة
وعليه، هنالك صنفان من الناس؛ صنف يسير في طريق طاعة الله عز وجل، يكتفي بالعمل الواجب وترك الحرام مع إتيان بعض المستحبات وهو لا شك صنف رابح، فالجنة لم تخلق للمتفوقين في طريق الطاعة فحسب؛ بل خلقت للطائعين ولو في أدنى درجات الطاعة، وحتى العدالة يمكنها أن تتحقق بهذا المقدار الذي ذكرنا، وهناك صنف من الناس لهم طموحهم، والدنيا سوق كما ورد في الروايات الشريفة: (اَلدُّنْيَا سُوقٌ رَبِحَ فِيهَا قَوْمٌ وَ خَسِرَ آخَرُونَ)[١]، وهؤلاء يحاولون أن يخرجوا من الحياة بصفقة خالدة.
ليس من المهم إخواني وأخواتي أن ندخل الجنة فحسب، إن دخول الجنة لعله مضمون لكل من يموت على اعتقاد صحيح، والالتزام بالواجبات وترك المحرمات، بغض النظر عما يجري في عالم البرزخ وكذلك المصفيات في ساعات العرض يوم القيامة، ولعل بعض المؤمنين يتوقف دخوله إلى الجنة على دخوله النار لا قدر الله ويقضي برهة من حياته في القيامة، ولكن أقول: إن المؤمن الذي لم يتورط بالمعاصي التي توجب له الخلود في النار، كالشرك بالله سبحانه هذا سيكون في الجنة في نهاية المطاف، ولكن هناك فرق بين من يدخل الجنة ضيفا عليهم ولا يكون دخوله مستقلا بل يكون تبعا للآخرين وبين إنسان يدخل الجنة ويكون رفيقا لمحمد وآل محمد وفي درجاتهم وفي جنانهم وفي منطقتهم
كيف تصلى إلى رتبة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة؟
ولولا بعض الروايات التي تؤكد هذا المعنى، لما صدقنا أن يصل الإنسان إلى درجة يكون فيها برتبة النبي (ص)، وبالطبع لما يقال في رتبة النبي (ص) لا يراد من هذه الرتبة جميع خصوصياتها، لأن مقام النبي (ص) لا يصله ملك مقرب ولا نبي مرسل ومثلا إن الذي يكفل اليتيم – وهذه الرواية موجودة – يكون مع النبي الأكرم (ص) في الجنة: (أَنَا وَكَافِلُ اَلْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي اَلْجَنَّةِ)[٢]، وقد قرن النبي (ص) بين إصبعين من أصابعه للدلالة على قرب هذا الإنسان من مقام النبي الأعظم (ص).
ما هو الفرق بين المخلِص و المخلَص؟
وإخواني وأخواتي لا ينبغي أن نغفل عن أن اختلاف الدرجات في الدنيا لا يهم كثيرا فالدنيا زائلة، ولكن الفرق الكبير يبدو في عرصات يوم القيامة في عرصات تلك الحياة الخالدة التي قد يصل فيها الإنسان إلى أن يكون في درجة النبي (ص) أبد الآبدين، وحقيقة يكفي هذا الأمر لأن يحفز الإنسان على العمل والحركة، فالبعض عند معرفتهم لهذه الدرجات العالية والنعيم الذي لا يخطر على قلب بشر، تصبح له همة عالية ولا يكتفي في تصحيح العمل بل يصبح همه في كيفية إصلاح ذاته وهناك فرق بين الحسن الفعلي وبين الحسن الفاعلي، فرق بين يكون العمل الصادر من الإنسان عملا صالحا وبين أن يكون الإنسان ممن ارتضاه رب العالمين، وهذا ما يقال في الفرق بين المخلِص والمخلَص، فالمخلِص هو ذلك الذي يكون مخلصا في سعيه وحركته والمخلَص هو من اجتباه رب العالمين وقبله، وزكاه وارتضاه تحت هذا العنوان، كما فعل ذلك بنبيه موسى(ع)، حيث صنعه على عينه ورباه بنفسه وألقى عليه محبة فرعون حتى اتخذه ولدا، فكيف به وهو فاطره وخالقه ومرسله.
هل يغني التغني بالأشعار العرفانية عن السلوك العملي والسير إلى الله تعالى؟
إذاً ما أود بيانه في هذه المقدمة، أن حالة طلب الكمال هي حالة مقدسة، حالة راقية، ولكن المشكلة ليست في النية بل في مقام العمل وفي مقام السير، هنالك الكثيرون ممن يرغبون في الوصول إلى الله سبحانه ويبدون أشواقهم من خلال الشعر والنثر وهذا ما نراه في الدواوين العرفانية هذه الأيام، ولكن البعض منهم في الحقيقة لا يتناسب سلوكه اليومي مع ما يبديه من شوق ومع ما يطفح به لسانه من الشعر والنثر.
بغض إبليس لآدم وخبراته العالية في إغواء الإنسان
إن المشكلة هي أن الطريق محفوف بالمكاره، والشيطان الرجيم قد تزامن شقائه مع خلق آدم[٣]، وهو الذي كان من العباد في هذا الوجود وعبادة إبليس من العبادات المعروفة في التاريخ، ولكن تزامن شقائه مع خلق آدم (ع) فأبى أن يسجد لآدم كما أمره الله سبحانه، ومن هنا فهو يعيش حالة المقت واليأس، والإنسان الذي يذهب بكل طواعية ورغبة إلى بيت من بيوت الله عز وجل وفي خلوة في ظلمة أو أثناء صلاة جماعة يسجد بين يدي الله تعالى، متفنناً بفنون الدعوات، ينظر إليه الشيطان وهو يقول بلسان حاله: أطعت وعصيت وسجدت وأبيت، ولذلك فإن للشيطان المستكبر خبرة عريقة في إغواء بني آدم، وأحدنا يعمل في حقل من الحقول لفترة محدودة فيكتسب على قصر المدة الخبرات العالية والملكات القويمة، فكيف بهذا الوجود الذي يحاول منذ آلاف السنين أن يغوي بني آدم نساء ورجالاً، بل حتى حاول مع الأنبياء (ع)[٤].
براءة الطفولة وبراءة الشباب..!
أنتم تعرفون قصة هبوط آدم من الجنة بفعل الحركة الإبليسية[٥]، والشيطان يعز عليه كثيرا أن يرى بوادر الخير في الإنسان وأنه سائر نحو تحقيق الدرجات العالية من القرب وخاصة بعد سنوات البلوغ أو أن يرى شابا ناشئاً في طاعة الله عز وجل، يعز عليه أن يرى صفحة بيضاء في حياة الإنسان متصلة بأيام براءته، وطوبى لمن أوصل براءة الطفولة وما قبل البلوغ ببراءة العدالة وملكة الاستقامة بعد البلوغ فكلاهما براءة وكلاهما بياض ناصع، ولكن الفرق بينهما في أن الأخيرة تأتي بمجاهدة ومقارعة لمقتضى الشهوات والأولى براءة طفولية طبيعية.
هل أعدت العدة لهذا السفر المخيف؟
أقول: إن الشيطان يهمه أن يلقي[٦] القبض – إذا صح التعبير- على هذه الفئة التي تريد الوصول إلى الله عز وجل في هذا السفر الموحش حقيقة، والسفر إلى الله عز وجل في الحقيقة من أصعب أنواع السفر فهناك منعطفات وأعداء ونحن نرى إذا أراد أحدنا السفر في هذه الأيام يبرمج لسفره صيفاً كان أو شتاء ويسعى في تهيئة المقدمات قبل أشهر كما هو المتعارف، ويهيئ الزاد ويفكر في الرفاق والوجهة التي يقصدها، فكيف الحال بسفر الخلود وهو سفر مليء بالعقبات والنكبات وشياطين الجن والإنس.
لماذا عبر عن السير إلى الله تعالى بالسفر؟
إن تعبير السفر بالنسبة إلى السير إلى الله عز وجل، نستطيع أن نقتنصه من روايات أهل البيت (ع) ومن القرآن الكريم، والقرآن قد استعمل كلمة السبيل: (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا)[٧]، واتخاذ السبيل حركة سفرية، والذي يتخذ سبيلا يعد من المسافرين كما هو العلم، والآية التي تقول: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[٨]، اللقاء بعد الحركة والوصل بعد الفصل، يشعر بأن هناك سفر ولقاء وما أجمله من لقاء بعد كدح وعناء.
إليك هذه الدابة التي توصلك بسرعة إلى الله سبحانه..!
إننا نصوم في شهر رمضان، نصوم النهار فإذا جاء وقت الإفطار نعيش حالة من حالات الفرح: (للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَ فَرْحَةٌ يَوْمَ يَلْقَى رَبَّهُ)[٩]، والسر في هذه الفرحة هو أنه يرى نفسه قد أنجز شيئا من هذا السفر، فهنا سفر قصير من الفجر إلى الغروب، سفر إلى الله عز وجل، وقد أنهى هذا السفر المرحلي في هذا اليوم وتبلغ الفرحة قمتها في يوم العيد إذا أنجز شهراً كاملا من السفر المتقطع إلى الله عزوجل، وإمامنا العسكري (ع) يشير إلى هذا السفر: (إِنَّ اَلْوُصُولَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَفَرٌ – لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِامْتِطَاء اَللَّيْلِ)[١٠]، يشبه والد إمام زماننا (ع) الليل وما فيه من بركات ومن تهجد ومناجاة وقيام بالدابة التي يمتطيها الإنسان في سفره وهذا السفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل، وأعتقد أن الكثيرين يوافقون، أنه لا نجد في حياة المكملين من البشر أو الكاملين من الخلق من لم يكن له أس بالليل.
كيف نعلم صدقنا في حبنا لله عز وجل؟
وفي الحقيقية جاء في الحديث القدسي: (كَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فَإِذَا جَنَّهُ اَللَّيْلُ نَامَ عَنِّي)[١١]، ولا بد أن نحيط بهذا السفر، وكم يصرف أحدنا في مجال تخصصه الطبي أو الهندسي أو الفني أو العلمي أو الحوزوي وما شابه من عمره وريعان شبابه ومن أفضل ساعات عمره في معرفة أسرار مهنته؛ كسباً للمال واستغناء بالمعاش عن عامة الخلق، وأقول: كم من المناسب أن نفكر في عناصر هذا السفر وأن نفكر في ماهيته وزاده وفي طبيعة الرفقة الذين من الممكن أن نتخذهم عونا في هذا الطريق الطويل، وبعد هذا الكلام الطويل الذي يوجب شيئا من التحفز والحركة في النفوس، ندخل إلى صميم الأمر والآن ماذا نعمل؟
الخريطة الإلهية في السفر إلى الله تعالى
أعتقد أنه لا بد من اقتران الحديث النظري والتحريكي التحفيزي بالخطوات العملية، وألا نكتفي بإثارة العواطف ودغدغة المشاعر من دون تبيين الخطوات التفصيلية والنقاط العلمية في هذا المجال، وأول حركة في هذا المجال؛ هي المعرفة النظرية، أن نمتلك في الواقع فهما واستيعاباً دقيقاً لهذه الخطة ولهذه السفرة، وأحدنا في هذه الأيام عندما يسافر إلى بلد من بلدان هذه الأرض وخاصة عند جهله اللغة؛ يستصحب معه خريطة ليتنقل على ضوءها من مكان إلى مكان بحسب ما تشير إليه هذه الخارطة الدقيقة، وفي هذا الطريق هناك خرائط مرسومة من قبل واهب هذا الوجود، وأول كتاب ومنهج يعتمد عليه ويستعان به في هذا المجال هو القرآن الكريم.
عظيم منة الله سبحانه على العباد..!
في الحقيقة أفكر بعض الأوقات في أنه كان بإمكان الله عز وجل أن يعطينا معارف القرآن الكريم إما على شكل أحاديث قدسية أو على شكل الروايات الصادرة من الأولياء والأوصياء، أي أن يكون المعنى من الله واللفظ من المعصوم، ولكن ما الذي جعل رب العالمين يمن علينا فيحدثنا في كتابه بألفاظ منه، حدثنا بكتاب بين دفتين وهو كتاب محمول في جيوبنا وموجود في منازلنا، ومتى ما شئنا أن نتكلم مع الله عز وجل أذن لنا بالصلاة بين يديه ومتى ما شئنا أن نكلم الله عز وجل حدثنا من خلال كتابه، فتارة يحدثنا من خلال صلاتنا وتارة يحدثنا من خلال كتابه، وهذا تفضل منه سبحانه، وعلى أحدنا أن يقرأ كتاب ربه وأن يقرأ بعض الآيات ليكون شاكرا بذلك على هذه النعمة المرسلة، على هذا الكتاب الذي بقي من بين الكتب الإلهية السماوية وهو الكتاب الوحيد: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[١٢].
تحريف الكتب السماوية وحفظ القرآن الكريم من التحريف
طبعا إن الإنجيل والتوراة أيضا كانا كتابين إلهيين كذلك ولا يأتيهما الباطل، ولكن أيدي المحرفين ماذا عملت بالكتب السماوية؟ حتى إن أحدنا يقرأ بعض فقرات الإنجيل ويرى بأن هذا الكتاب بهذه الفقرات لا يمت إلى عالم الغيب بأدنى صلة، ولكن الله سبحانه منَّ على هذه الأمة الخاتمة؛ بأن أرسل إليهم كتاباً تعهد حفظه بنفسه.
المرحلة الأولى في فهم القرآن الكريم
في الحقيقة، من جدا أن يستوعب الإنسان كتاب ربه في سنوات عمره وفي عدة مراحل، المرحلة الأولى هي أن يستوعب الألفاظ، هذه الألفاظ البسيطة بمعانيها اللغوية، وكم من الجميل أن يقرأ الإنسان كتاب ربه ولا تخفى عليه معاني الكلمات فيه، وقد يقرأ أحنا بعد الحمد سورة التوحيد ويمر على كلمة الصمد فيها وهو لا يعلم معناها، تمضي الفترات الطويلة وهو لا يتبين من المعنى الدقيق وليس من المناسب أن يقرأ الإنسان سورة آلاف المرات في حياته وهو لا يفقه حتى المعنى الأولي لتلك الكلمة.
ضرورة فهم معاني الكلمات في الصلوات
قد يصلي العبد بين يدي ربه وهو لا يعلم معنى الكلمات التي يرددها في فقرات صلاته، لماذا نقول في صلاتنا سمع الله لمن حمد؟ سمع هو فعل يتعدى بنفسه ولا يحتاج إلى حرف جر، فلماذا عدي هذا الفعل باللام؟ ماذا يريد أن يفهمنا؟ ما معنى الصلاة على النبي وآله (ع) وما هي صلوات الله على النبي (ص)؟ وقد يكرر أحدنا في سجوده وركوع صبح مساء؛ (سبحان ربي الأعلى وبحمده)، كيف نسبح الله بحمده؟ فالتسبيح هو التنزيه وهو جانب النفي والسلب والحمد جانب الإثبات، فكيف نقوم بعملية السلب عن طريق النفي والإيجاب؟ إن الرموز القرآنية والصلاتية كثيرة وعلى المؤمن أن يكتشف أولا هذه المعاني الخفية في كتاب ربه.
هل فهم المعاني القرآنية هي حكر على المفسرين؟
وقد قام بحمد الله تعالى في هذه الأيام بعض المؤلفين جزاهم الله خيرا بكتابة التفاسير الهامشية وفي هامش المصحف الكريم، هنالك في الواقع تفسير لمثل هذه الكلمات المبهمة من كلام الله عز وجل، وبعد ذلك ننتقل إلى تفسير مبسط، يقرأ فيه الإنسان ليعيش شيئا من المعاني وأن يراها من وجهته، ومن قال أن المعاني القرآنية هي وقف على المفسرين والمتخصصين في هذا المجال، إن القرآن الكريم هو تبيان لكل شيء وصحيح أن بعض الأمور تحتاج إلى مراجعة علوم خاصة ولكن هناك قسم من الظهرات الظهورات القرآنية يستوعبها الإنسان كـ قوله سبحانه: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)[١٣]، وهذه الآيات الواضحة من كتاب الله عز وجل، في غير المتشابه وفي غير أبحاث الرموز القرآنية، والآيات الناسخة والمنسوخة، بإمكان الإنسان أن يحلق بقكره وأن يكتشف من هذه الكنوز وخاصة إذا استمد العون من الله عز وجل.
هل طلبت من الله أن يكشف لك أسرار كتابه؟
ما المانع من أن يقول أحدنا عند فتح القرآن: (اللّٰهُمَّ افْتَحْ عَلَيْنا أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَانْشُرْ عَلَيْنا خَزائِنَ عُلُومِكَ)[١٤]؟ وهذا الدعاء نقرأه عند كل تلاوة وعند كل مطالعة لكتاب نافع، ما المانع من أن يطلب الإنسان من ربه أن يفتح له باب إلى كنوز القرآن الخفية والاستفادة من الفتوحات الربانية التي يسرت لبعض علمائنا؟ رحمه الله العلامة صاحب تفسير الميزان، عندما نقرأ تفسيره نلاحظ نوعا من أنواع التسديد من الله سبحانه، وهذا التأييد إذا حل بأي عبد: (اَلْعِلْمُ نُورٌ يَقْذِفُهُ اَللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ)[١٥]بالإضافة إلى التلاوة الرتيبة المتكررة وبحالة من حالات التأني والترتيل وخاصة في جوف الليل، توصل الإنسان إلى مرحلة من مراحل انكشاف أسرار هذه الكتاب العظيم.
سنة الرسول وأهل بيته، من روافد المعرفة
ومن روافد المعرفة ومن موجبات وضوح الرؤية، الاستفادة من سنة النبي المصطفى (ص) وعترته (ع)، نحن مأمورون أن نأخذ بكلام النبي (ص) ونطيعه كما أمرنا بإطاعة الله سبحانه: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)[١٦]، فرب العالمين مطاع والرسول (ص) مطاع بأمر الله عز وجل: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ)[١٧]، وكما صدقنا قول ربنا في نبينا، لا بد أن نصدق النبي (ص) فيما قاله بشأن عترته وإطاعتهم.
كيف نتعامل مع الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؟
كذلك هناك قسم من مصادر الثقافة والمعرفة تتمثل فيما ورد عن المصطفى (ص) وعترته الطاهرة (ع)، ولا بد في هذه العجالة أيضا وبما أن الحديث لا زال في معالم هذا الطريق، أن نسجل بعض الملاحظات: أولا، بالنسبة إلى روايات النبي وآله (ع)، قد تكون هناك روايات لا تستوعبها عقولنا فلا يسارع المؤمن إلى الإنكار، نعم إذا كانت هنالك مخالفة بينة لمسلمات الكتاب والسنة والعقل؛ نتوقف عندها ولكن على المؤمن أن يعلم أنه على الرغم مما أوتينا من العلم فهناك مساحة كبيرة من الجهل تلف الوجود البشري، فذروه في سنبله، إذا رأيت رواية لا يمكنك فهمها أولا حاول كخطوة أولى أن تستفهم أهل الفهم والمعرفة من الراسخين في العلم، وبعد ذلك دع هذا المعنى كما قلنا في سنبله، لعله يتضح لك الأمر فيما بعد، فالتعبد بكلماتهم (ع) من سبل الفوز والنجاح وعلينا أن نعمل فإن وقفنا على فلسفة العمل والحكم شكرنا ربنا على هذا الفهم وإ، لو نستوعب فلسفة الحكم تعبدنا بالعمل.
قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ..![١٨]
إن الدين أساسه التعبد، وإلا فمقتضى المنطق وحفظ الصحة هو غسل القدمين وهو مقدم على المسح، والقرآن كما نعلم بحسب فهم أهل البيت (ع) وبحسب أحاديثهم وبحسب ظاهر الآية في القرآن الكريم، نحن مأمورون بمسح الرجلين لا بغسلها، وكان من مقتضى المنطق والعقل والنظافة وإزالة العرق والغبار وما شابه ذلك، أن نغسل الرجلين وأن نغسل الرأس مثلا، ولكن هناك تعبد شرعي ويعلم من خلال امتثال المؤمن لهذه الأوامر يتبين مدى انقياده للشريعة، ولا بد أن لا يجد الإنسان في نفسه حرجا مما قضى الله ورسوله، ولاحظوا الحج بسعيه وطوافه وهرولته ورميه ووقوفه ونحره، لا يستوعبه الكثيرون ونحن لا نفقه هذه الأسرار ولكن أمرنا أن نعمل بذلك ليثبت تعبدنا بهذه الشريعة وامتثالنا للأوامر الإلهية، إن إبليس استنكف من السجود لآدم عندما أمره الله تعالى، وطلب أن يكلفه بعيادة أخرى غير السجود، ولكن الأمر الإلهي كان صريحا وأنه لا بد من العبادة من حيث أريد لا من حيث تريد، وهذه هي القاعدة الكبرى في تعاملنا في هذا المجال.
التسامح في أدلة السنن
أيضا مما ينبغي أن نسجله في باب التعامل مع السنة النبوية وسيرة أهل بيته (ع) في مسائل المستحبات والسنن والأدعية أنه لا يتعامل مع هذه الأمور، معاملة الحلال والحرام، أمرنا أن نتسامح في أدلة السنن، إذا رأيت رواية ضعيفة يرويها أحد الرواة وليس هناك ما يدل على كذب الرواية وتكون محتملة الصدور، هذا الاحتمال يكفي بنفسه لأن نعمل بذلك المستحب برجاء المطلوبية، برجاء أن يكون العمل مطلوبا عند الله سبحانه، ولهذا فقهائنا الأبرار يصرحون في رسائلهم العملية أن الالعمل بالآداب والسنن والمستحبات في رسائلهم هي على أساس التسامح في أدلة السنن، فعلينا أن ننظر إلى رواياتهم بهذه النظرة الصائبة التي أمرنا بها من خلال رواياتهم صلوات الله وسلامه عليهم، ولو عمل أحدنا برواية عن النبي (ص) رجاء أن يصل إلى ذلك الأجر أعطيه ولو لم تكن الرواية صادرة عن رسول الله (ص)، أنظرو إلى الكرم الإلهي في هذا المجال، يراك رب العالمين عملت دهرا من عمرك بهذه الرواية ثم يوم القيامة عندما ينكشف أن هذه الرواية لم تكن صحيحة وأن الأمر لم يكن مستحبا، فهل تراه يخيب ظنك في هذا المجال، حاشا لله، طبعا نحن في الأثناء ندعو الإخوة والأخوات إلى مراجعة الكتب المعتبرة.
هل لدى الشيعة كتبا صحاحا كما عند العامة؟
هناك طائفة من الكتب التي في الواقع نكاد نطمئن إلى صحة كثير منها، نحن لسنا أصحاب الصحاح كما تعلمون فنختم على كتاب بختم الصحة كصحة كتاب الله عز وجل، ليس هذا منطقي أبدا، نحن نعتقد بأنه لا يوجد كتاب واحد في تراث أهل البيت (ع) يمكن أن نصفه بالصحة المطلقة، ولكن مع ذلك نحاول أن نراجع الكتب التي يمكن أن تحوز على مقدار كبير من ثقة الأصحاب والعلماء الذين يرجعون إلى هذه الكتب، وأقول بعد ذلك: إن الذي يعيش في أجواء روايات أهل البيت (ع)، يمتلك ذوقا خاصا في هذه المجال وهو ذوق التشخيص والترجيح.
خصوصية بارزة في المحدث القمي
رحم الله المحدث القمي، هذا الرجل الذي في الواقع امتزج لحمه ودمه بروايات أهل البيت (ع)، وهو من خيار المحدثين الذين أدركنا زمانهم، فهذا الرجل لكثرة مراجعته روايات أهل البيت (ع) في الواقع أبدع فيما كتبه في هذا المجال، ينتقي الروايات المناسبة والمرتبة والمتناسقة، انظروا إلى كتابه الدعائي المعروف، كيف جمع طبعا على وفق تشخيصه قدرا كبيرا مما يمكن أن يكون عونا للسالكين إلى الله عز وجل، إذاً هنالك طريق القرآن الكريم وهنالك طريق السنة، وعندما أقول السنة كما اتفقنا تشمل أحاديث النبي وسيرته وتقريره (ص) وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهل بيته (ع).
التأسي بالسلف الصالح من العلماء
كذلك يمكننا في هذا المجال أن نستفيد من تجارب السلف الصالح من علمائنا طوال التاريخ، وفي الحقيقة علمائنا متميزون في هذا الحقل، نحن لا نعتقد إلا بعصمة النبي وآله (ع) ولكن نقول أن هؤلاء العلماء من خلال سلوكهم اليومي، بلفوا مستوى يعتد به من النزاهة والموضوعية والتعبد الشرعي، والإنسان المتكاسل أو الكسول عندما يتذرع في قعوده عن هذا الطريق بأنه لا يمكن التأسي بعلي وذريته (ع)، نريه سيرة العلماء الصالحون القدماء منه والمعاصرون، وكيف أنهم مع كونهم بشر مثلنا وصلوا إلى ما وصلوا إليه، ويستطيع أن يتيقن بأن الطريق مفتوح على مصراعيه لكل من يريد.
هل تبقى حجة للمتكاسل بعد آسية بنت مزاحم..!
والطريق مفتوح حتى أمام امرأة كانت تعيش في كنف طاغية من طواغيت العصر الذين كان يضرب بهم المثل في الجبروت وأعني آسية امرأة فرعون، إن الطريق إلى الله عز وجل متاح للجميع، هذه المرأة التي كانت تعيش مع أسوأ عينة من عينات التاريخ وهو فرعون الذي انفرد في قول كلمة لا نظن على الأغلب من نطق بها من جبابرة التاريخ غيره وهي ادعائه الربوبية، وهذه المرأة على الرغم من كل ذلك تعيش حالة من الإنابة إلى الله تعالى في جوف هذا البيت، إلى درجة تطلب فيها من الله عز وجل أن يبني لها بيتاً في الجنة، وتطلب النجاة من فرعون وعمله، نعم إن رب العالمين ليست له علاقة أو قرابة مع أحد من الخلق وهذه آسية التي بلغت من مراحل القرب إلى الله سبحانه وتعالى ما بلغت.
أم موسى والدعم الإلهي
إن المدد جاء لأم موسى (ع) وهي أم وامرأة تحمل مشاعر الأمومة وتحمل عواطف الأمومة، وهي في عصر كما نعلم تذبح فيه الأطفال، ثم يأتي الأمر الإلهي بوضع موسى (ع) في ذلك التابوبت، تصوروا أماً تلقي بيدها فلذة كبدها في ذلك التابوت لتلقيه في النيل بعد ذلك وتسلمه إلى مستقبل مجهول، ولكن الله سبحانه وتعالى ربط على قلب هذه المرأة المؤمنة، ومن الموارد الملفتة في القرآن الكريم استعمال تعبير الوحي، فإن رب العالمين كما أوحى لموسى وكلمه تكليما وكما أوحى للأنبياء (ع)، كذلك يوحي إلى بعض مخلوقاته حتى غير العاقل منهم، فعندما يقول: (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)[١٩]، أو عندما يوحي إلى موجود كأم موسى (ع) التي هي ليست بنبية ولا وصية والتي كانت نتيجته أن يصبح قلبها فارغا والفراغ هنا اختلف المفسرون في معناه ولكن ما يمكن أن يمال إليه، هو فراغ قلبها من كل هم وغم، هذا القلب الذي تلقى الوحي الإلهي تحول إلى قلب ساكن وهادئ بعد أن كان مضطربا قلقا، وهذا قد تم بفعل المد الإلهي، وانظروا كيف وفى الله سبحانه بوعده عندما وعدها بإرجاع ولدها إليها ورب العالمين يرتب الأسباب والمقدمات: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ)[٢٠]، فقالت لأخته قصيه، فتذهب أخت موسى فتقتفي أثره، ويرتب الله تعالى الأمور لكي يرجع هذا الصبي إلى حضن والدته، عندما حرم عليه المراضع وكانت النتيجة هي أن تقر عين هذه الأم بلودها التي ألقته قبل أيام أو قبل قليل في اليم.
هل المدد الإلهي هو للخواص من عباد الله فقط؟
إن المدد الإلهي ينزل على الخواص من خلق الله وعلى العوام، فأصحاب الكهف الذين احتل ذكرهم مساحة كبيرة من القرآن الكريم في سورة الكهف، ماذا عملوا؟ هؤلاء اعتزلوا القوم وواجهوا طاغوت زمانهم وإذا برب العالمين يربط على قلوبهم ويقلبهم ذات اليمين وذات الشمال في الكهف الذي أَوَوْا إليه، كما تقلب الأم ولدها في الحر لئلا يصاب بالأذى، وليس فقط أصحاب الكهف هم الذين حظوا بهذا التكريم بل حتى كلبهم الذي رافقهم أعطي هذه المزية وهذا يدل على أهمية المجاورة والمرافقة فهي لها آثارها الإيجابية.
يد الله عز وجل التي رافت الأنبياء لا زالت كما هي..!
إذاً عندما نلاحظ أو نراجع هذه السلسلة في تاريخ البشرية، يكاد يطمئن الإنسان إلى وجود يد حانية، هذه اليد هي التي رافقت الأنبياء والأوصياء ورافقت أم موسى في اليم ورافقت إبراهيم عندما ألقي في النار، وهذه اليد هي التي رافقت النبي نوح (ع) عندما طغى الطوفان وفار التنور وغطى الماء كل شيء في هذا الوجود، ولم يكن ثمة عاصم من أمر الله عز وجل، أصبحت تلك السفينة فيما بعد مضرب مثل في النجاة في هذا الوجود؛ حيث شبه أئمة أهل البيت (ع) بسفينة نوح، وهذه اليد التي رافقت الوجودات المباركة لا زلت يد حانية، وعندما يصل أحدنا حقيقة إلى هذه الرواية المعروفة بأن الله عزوجل – مضمون الرواية – أشد فرحا بتوبة عبده ممن ضلت راحلته في ليلة ظلماء ثم وجدها يذهل من هذه العناية الإلهية بعباده، حتى العاصين منهم ويقال أنه من نادى (يا إله العاصين) هذا النداء الذي يسند فيه الإنسان ألوهية الله تعالى حتى للعاصين لمن موجبات الاستجابة،
وأخيرا، من روافد المعرفة والزاد وفهم الخريطة في هذا المجال؛ التأملات الذاتية، للمؤمن ساعات من ساعات الخلوة ومن أفضلها ساعتان: ساعة عقيب الصلوات المفروضة ففيها دعوة مستجابة، ومن الممكن في بعض الحالات أن يغشاه جلال الله عز وجل في جماعة من المؤمنين وفي بيت من بيوت الله عز وجل، وفي مشهد من مشاهد القرب إلى المولى، وعلى الإنسان أن يستغل هذه الساعة لا في التعقيبات وتلاوة القرآن فحسب، بل عليه أن يجلس كهيئة المستفيد والمتعلم ويقول يا رب عبد بين يديك، مسكينك بين يديك، فقيرك بين يديك، ويطلب من الله عز وجل أن يلهمه السبيل: (وكلمهم في ذات عقولهم)[٢١]، ومن هنا أمرنا بأن نتقي فراسة المؤمن، لأنه يرى بنور الله عز وجل، أو يرى بعين الله عز وجل، لماذا يتحول المؤمن بالتزامه بالنوافل والفرائض إلى موجود يمثل الله عز وجل في أرضه؟ في الواقع حتى عينه ويده ورجله تتحول إلى مظهر من مظاهر الله تعالى كما تعلمون في حديث قرب النوافل، يده التي يبطش بها تصبح يد الله عز وجل.
هل تعلم ماذا يحدث لك عندما تطيع الله عز وجل؟
وأنتم تعرفون بأن هذا المعنى ليس معنى غريبا، إن الإنسان إذا أطاع ربه وكما يقول القوم؛ فنى في الله عز وجل وتجاوز النية ومحى ذاتيته، قمع شهواته فمن الطبيعي بإزالته للأغيار ومحيه الظلمات أن تحل عليه الأنوار الإلهية، وحينئذ، ذلك النور الذي يسعى بين يدي المرء يوم القيامة يصبح رفيقه في هذه الدنيا، ونحن ندعوا في دعواتنا، (و هب لي نورا أمشي به في الناس)[٢٢]، وخاصة في هذا العصر، عصر الفتن وعصر تداخل المفاهيم وعصر الذين يدعون زوراً أنهم قادرون على نجاة الإنسان، في هذا العصر الذي كثر فيه الكذابون في هذا المجال، وعلى المؤمن أن يكون بصيراً بزمانه: (اَلْعَالِمُ بِزَمَانِهِ لاَ تَهْجُمُ عَلَيْهِ اَللَّوَابِسُ)[٢٣]، فالمؤمن في حياته العلمية بفضل هذا النور يعلم من يوالي ومن يعادي ويعلم متى يقدم ومتى يحجم، وكل ذلك من بركات هذا النور الذي يحل عليه تارة في وضح النهار وتارة في ظلم الليل حيث يخلوا بربه ويقول: (إِلَهِي غَارَتْ نُجُومُ سَمَائِكَ وَ نَامَتْ عُيُونُ أَنَامِكَ)[٢٤]، وخلا كل حبيب بحبيبه.
إلهي نقسم عليك بأحب خلقك إليك محمد وآل محمد أن تفتح لنا أبواب رحمتك وأن تنشر علينا خزائن علومك، أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، إنك على كل شيء قدير وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والفاتحة مع الصلوات.
[٢] بحار الأنوار ج٣٥ ص١٥٧.
[٣] أرى أن خلق أفضل.
[٤] تعني أن الإنسان يكتسب الخبرة لبضع سنین یعملها فی عمل هنا وهناک فکیف ب إبلیس صاحب التجارب الطويلة.
[٥] إغواء آدم وما دله عليه من شجرة الخلد..!
[٦] يلقي صحيحة.
[٧] سورة الإنسان: ٢٩.
[٨] سورة الانشقاق: ٦.
[٩] وسائل الشیعة ج١٠ ص٤٠٤.
[١٠] بحار الأنوار ج٧٥ ص٣٨٠.
[١١] بحار الأنوار ج٨٤ ص١٣٩.
[١٢] سورة فصلت: ٤٢.
[١٣] سورة البقرة: ١٨٣.
[١٤] مفاتيح الجنان.
[١٥] مصباح الشريعة: ج١ ص١٦.
[١٦] سورة المائدة: ٩٢.
[١٧] سورة النجم: ٣ و٤.
[١٨] سورة الحجرات: ١٦.
[١٩] سورة النحل: ٦٨.
[٢٠] سورة القصص:
[٢١] نهج البلاغة، الخطبة ٢٢٢.
[٢٢] الصحيفة السجادية.
[٢٣] الکافي ج١ ص٢٦.
[٢٤] الصحيفة السجادية.
خلاصة المحاضرة
- ليس لقاء الإمام المنتظر أمنية يتمناها الإنسان، بل هو عمل دؤوب صبح مساء في سبيل استجلاب رضايته والتهيي للقائه وإلا سيقف الأمر عند التمني، فليتمنى الإنسان ما شاء..!
- بحسب تتبع الروايات الشريفة فإن المؤمن لا يخاف عليه النار وهو سيدخل الجنة بحال من الأحوال مع التزامه بالفرائض وتركه المحرمات، فعليه التنافس في درجاتها..!
- إن مقام النبي وأهل بيته عليهم السلام مقام شامخ لا يرقى إليه من هذه الأمة بشر مهما على، إلا أن هناك من الأعمال ما يجعل الإنسان رفيقاً لهم في الجنان وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء..!
- هنيئا لمن راقب نفسه وسلوكه ووصل براءة الطفولة ببراءة اجتناب المعاصي بعد بلوغه..!
- إن الإمام العسكري (عليه السلام) قد بين لنا ما نحتاجه من المراكب في الوصول إلى الله سبحانه فقال: ((إِنَّ اَلْوُصُولَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَفَرٌ – لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِامْتِطَاء اَللَّيْلِ).
- إن المسافر في دار الدنيا يتخذ خريطة ترشده إلى قصده وتجنب الوقوع في المتاهاة والمجاهيل وتبين له الصراط من الطريق الوعر وكذلك القرآن في السفر إلى الله سبحانه..!
- من أعظم نعم الله سبحانه على العباد أن اتاح لهم الحديث معه متى ما أرادوا بأن يتوجهوا إليه في الصلاة بين يديه وشرفهم في أن يكونوا مخاطبين لكلامه بأن يفتحوا القرآن ويستمعوا إلى حديثه..!
- من المعيب أن يقضي الإنسان شطرا كبيرا من حياته وهو لا يعلم معنى الألفاظ التي يرتلها في صلاته بعد قراءتها لآلاف المرات والكرات..!
- من عظيم فضل الله على الإنسان قبوله الأعمال المستحبة التي تقرب بها الإنسان إلى الله ظنا منه أنها أعمال مندوبة في الروايات، حتى وإن كانت الروايات في هذا الباب ضعيفة وهذا ما يسميه العلماء: التسامح في أدلة السنن.