Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف يرى أهل السنة الإمام الصادق (عليه السلام)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا يُنسب الشيعة إلى الإمام الصادق (عليه السلام)

يُنسب الشيعة تارة إلى أمير المؤمنين (ع)، فيُقال: شيعة أمير المؤمنين (ع)، ويُنسبون تارة إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)، فيُقال عنهم: الجعفرية. إن هذه التسميات قد لا تُربحنا شيئا في هذه الدنيا ولكن سيظهر أثرها بوضوح وتتجلى أهميتها عند حوض الكوثر وارتفاع لواء الحمد الذي يحمله الأمير (ع).

إننا نُنسب إلى الإمام الصادق (ع)، لانتشار العلم في زمنه وزمن أبيه الإمام الباقر (ع)؛ لا لمزية خاصة فيه، لأنهم (ع) في الفضل والعلم سواء بغض النظر عما يختص به النبي والوصي (ص)، كما تُشير إلى ذلك الروايات.

لقد كان الإمام زين العابدين (ع) بعد استشهاد والده الحسين (ع) تحت إقامة شبه جبرية ولو ثنيت له الوسادة كما ثنيت للإمام الصادق (ع) لصدر منه ما صدر من الإمام الصادق (ع)؛ ولكن لم تصل إلينا منه من الروايات الكثير. إلا أنه أتيحت شبه فرصة للصادقين (ع) مكنهما من نشر العلوم وتربية العلماء؛ وقد ابتليا هم أيضا بطواغيت في عصريهما كما ابتلي سائر الأئمة (ع).

هل الإمام الصادق (عليه السلام) رئيس المذهب؟

ومما يوصف به الإمام الصادق (ع) من التعابير التي لا نستسيغها؛ رئيس المذهب، وإن كنا نستطيع توجيهه بطريقة أو أخرى. إننا نعتقد بصراحة؛ أنه لا يوجد مذهب في الإسلام كما قال سبحانه: (إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰم)[١]. إن هذا الدين يؤخذ تارة من النبع الصافي ومن باب مدينة العلم، ويؤخذ تارة من غير الباب الذي أمر الله الناس بالرجوع إليه. إن الإسلام حقيقة واحدة وليس تفاحة نقسمها على حسب المذاهب.

إن الإمام الصادق (ع) هو مبين الإسلام الأصيل وقد أتيحت له فرصة التبيين كما لم تتح لغيره. لقد كان أمير المؤمنين (ع) مبين الإسلام من خلال خطبة وكانت الزهراء (ع) تبين الإسلام من خلال خطبتها الفدكية التي كانت تشير فيها إلى ضرورة الرجوع إلى بعلها لأخذ الدين منه. وقد خرج الحسين سيد الشهداء (ع) طلبا للإصلاح ولغرض تبيين المفاهيم الإسلامية الأصيلة.

ماذا قال علماء أهل السنة عن الإمام الصادق (عليه السلام)

ونحن الشيعة نفتخر أننا نأخذ ديننا من هذه الذوات الطاهرة ومن الإمام الصادق (ع) الذي لا يفصله عن أمير المؤمنين (ع) إلا عدة آباء مطهرين. وعظمة الإمام الصادق (ع) قد اعترف بها المخالف والمؤالف. إننا نذكر بعضا من آراء المخالفين لإلزامهم؛ لا للاستدلال بها على فضله وعظمته، فهم (ع) لا يحتاجون إلى ذلك وقد نصبهم الله سبحانه أئمة وكانوا هم والنبي (ص) أنوارا قبل أن يخلق الله آدم (ع).

يقول الذهبي: (کبیر الشأن، من أئمة العلم، کان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور)، ويقول عنه مالك النووي: (واتفقوا على امامته وجلالته وسیادته). وينقل النووي عن عمر بن أبي المقدام: (کنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمت أنّه من سلالة النبیین). ويقول ابن خلكان: (الإمام جعفر بن محمّد الصادق، هو الإمام السادس من أئمة أهل البیت الطاهر (رضي الله عنه)  ولقّب بالصادق لصدقه في مقاله، وفضله أشهر من أن یذکر).

ويقول الشبلنجي في نور الأبصار: (ومناقبه كثيرة تكاد تفوت حد الحاسب ويحار في أنواعها فهم اليقظ الكاتب). وقال ابن الصبان الحنفي في إسعاف الراغبين: (وأما جعفر الصادق فكان إماما نبيلا) وقال: (وكان مجاب الدعوة إذا سأل الله شيئا لا يتم قوله إلا وهو بين يديه). ويقول السبط بن الجوزي بكلمة جامعة: (جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين كان مشغولا بالعبادة عن طلب الرئاسة).

ومن مكارم أخلاقه ما ذكره الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار عن الشقراني مولى رسول الله قال: (خرج العطاء أيام المنصور ومالي شفيع، فوقفت على الباب متحيّراً وإِذا بجعفر بن محمّد قد أقبل فذكرت له حاجتي، فدخل وخرج وإذا بعطائي في كمّه فناولني إِيّاه، وقال: إِن الحَسَن من كلّ أحد حَسَن، وأنه منك أحسن؛ لمكانك منّا، وأن القبيح من كلّ أحد قبيح، وأنه منك أقبح؛ لمكانك منّا. وإِنما قال له جعفر ذلك؛ لأن الشقراني كان يشرب الشراب، فمن مكارم أخلاق جعفر أنه رحّب به وقضى له حاجته مع علمه بحاله، ووعظه على وجه التعريض، وهذا من أخلاق الأنبياء)[٢]. لم ينصحه الإمام (ع) مباشرة وإنما أعطاه عطائه ووبين له بأسلوب رقيق خطأ ما يقوم به من شرب المسكر.

وقال مالك بن أنس إمام المالكية ومن يتبعه إلى الآن الكثير من السنة: (ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا)[٣]. وهذا غيض من فيض ما نقله المخالفون في كتبهم عن فضل هذا الإمام العظيم، ونحن لم نذكر ما ورد في شأنه من كتبنا. فإذا ذهبت إلى مكان وقيل: هذا عالم جعفري أو قاض جعفري أو حاكم جعفري أو مرجع جعفري؛ فارفع رأسك فوق السحاب، ولا تستح من انتمائك لهذا العظيم.

[١] سورة آل عمران: ١٩.
[٢] تذكرة خواصّ الاُمّة ص ١٩٢.
[٣] الإمام الصادق (ع)، علم وعقيدة ص ٣٩.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • يُنسب الشيعة تارة إلى أمير المؤمنين (ع)، وتارة إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)، فيُقال عنهم: الجعفرية. إن هذه التسميات قد لا تُربحنا شيئا في هذه الدنيا ولكن سيظهر أثرها وتتجلى أهميتها عند حوض الكوثر وارتفاع لواء الحمد الذي يحمله الأمير (ع).
  • إننا نُنسب إلى الإمام الصادق (ع)، لانتشار العلم في زمنه وزمن أبيه الإمام الباقر (ع)؛ لا لمزية خاصة فيه، لأنهم (ع) في الفضل والعلم سواء بغض النظر عما يختص به النبي والوصي (ص)، كما تُشير إلى ذلك الروايات.
Layer-5.png