Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف يتسقبل المؤمن شهر رجب؟ – كيف بين لنا الإمام الهادي (عليه السلام) مقامات أهل البيت (عليهم السلام)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

خلط المسلمات بغير المسلمات وضرورة التثبت

لا ينبغي أن يخلط الناس مسلمات الدين بغير المسلمات التي لا تخضع للمعايير العلمية. لقد أصبحنا في زمن تُشكل المنامات فيه؛ جل ما يعتقده الناس في الأمور الثقافية وقد سرى ذلك إلى البيئة الإيمانية وأصبح من المؤمنين من يعتمد على المنامات في كثير من معتقداته. متى كان المنام دليلاً يُعتد به؟ فالمنام قد يكون صادقا وقد يكون كاذباً، وقد يكون حقاً وقد يكون وهماً، وبتعبير العلماء والفلاسفة: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. إن ديننا دين متين، وهو دين العلم والتثبت ولا يُمكن الاعتماد على ما لا يُمكن إثباته.

لقد وصل الأمر بالبعض أن يخط بعض المكاشفات كما يخط روايات أهل البيت (ع). لقد رأيت في بعض الأماكن لوحة منقوشة بخط ظننتها من روايات أهل البيت (ع)، فبحثت عن السند وإذا بها مكاشفة أحدهم في اليقظة، وقد عُرف بينهم أنها: أحلى من اليقظة. إننا نحترم العرفاء الذين صدرت عنهم الكرامات أو كُشفت لهم بعض الحقائق اعتمادا على قول ابن سيناء: (كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان مالم يذدك عنه قائم البرهان)[١].

لا تُسرع إلى الإنكار

وقد يسمع البعض رواية عجيبة من كرامات المعصومين (ع) مثلا، لا تنسجم مع عقله، فيُسرع إلى إنكارها ويظنها مزيفة أو باطلة، وفي هذا سوء أدب مع المعصومين (ع). والأجدر في مثل هذه الحالات أن ينسب الجهل إلى نفسه ويتهم فهمه ويعلم أنه ليس بمكان يستوعب فيه جميع ما يصدر عن المعصومين (ع). وليسأل كل واحد منا نفسه: من أنا وما استيعابي؟ وبتعبير الفقهاء: ذروه في سنبله. إذا لم تُعجبك هذه الحبة؛ فلا تقطفها واجعلها في السنبلة.

ماذا نقول لمن ينكر فضائلهم (عليهم السلام)؟

وإذا رأيت من يُنكر كرامة من كرامات المعصومين (ع) الموثقة، فقل له: هل المعصوم أعظم مكانا أم الجني المتمرد أو المارد ممن يُطلق عليه العفريت؟ وقد درجت هذه الكلمة بين الناس حيث يصفون بها الولد المشاغب، فيُقال: هذا الولد عفريت. إن القرآن الكريم يذكر لنا قدرة من قدرات هذا العفريت في قوله تعالى: (قَالَ عِفۡرِيتࣱ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ)[٢]. كم يستغرق القيام من الوقف؟ ثانتين أو أكثر بقليل.

ولكن فاز بهذه المناقصة التي عرضها سليمان على ملأه؛ ذلك الذي عنده علم من الكتاب حيث قال: (أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ)[٣]. فإذا كانت هذه قدرات من عنده علم من الكتاب أي جزء من علم الكتاب؛ حيث يستطيع أن ينقل عرش بلقيس العظيم بطرفة عين؛ فكيف بمن عنده علم الكتاب وهو أمير المؤمنين (ع) الذي قال الله تعإلى فيه: (قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ)[٤]. ولذل استطاع أن ينتقل إلى المدائن ويشارك في تشييع سلمان رضوان الله عليه.

لماذا سمي شهر رجب بالأصب؟

إن شهر رجب من الأشهر الكريمة ويُسمى بالأصب، لأن الرحمة تُصب فيه صبا. لقد ورد عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (إِنَّ اَللَّهَ تَعَإلى نَصَبَ فِي اَلسَّمَاءِ اَلسَّابِعَةِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ اَلدَّاعِي فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ يُنَادِي ذَلِكَ اَلْمَلَكُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهُ إلى اَلصَّبَاحِ طُوبَى لِلذَّاكِرِينَ طُوبَى لِلطَّائِعِينَ وَيَقُولُ اَللَّهُ تَعَإلى أَنَا جَلِيسُ مَنْ جَالَسَنِي)[٥]. ولو تأمل المتأمل في كلمة المجالسة هذه، لوقف على عظيم هذه النعمة التي يمن بها الله سبحانه على بعض العباد، فيصبحون من جلساء الله.

الابتهاج بالنفس

هناك مصطلح يجدر بالمؤمن أن يُبحر فيه ويتدبره جيدا؛ فإذا وصل إلى فحواه، فقد وصل إلى اللآلئ والجواهر وهو مصطلح الابتهاج بالنفس. إن الابتهاج هو السرور. إننا عادة ما نبتهج بالأمور الخارجية كابتهاجنا بزوجة جميلة أو دابة سريعة أو داراً وسيعة أو ما شابه ذلك من ملذات هذه الدنيا. فالمرأة إنسانة تعيش معك، وقد تنفصل عنك أو يفصلها الموت عنك، وهي وإن كانت تُسمى شريكة العمر، إلا أنه لا ضمان لهذه الشراكة أن تستمر. وأما سيارتك قد تخسرها في حادث سير، فتتحول إلى كومة حديد. وقد تضطر إلى بيع دارك أو قد يهدمه زلزال أو حادث، وأولادك كذلك هم من الابتهاج الخارجي.

ولهذا فإن أوحش ليلة للإنسان؛ ليلة الدفن حيث لا تبقى معه زوجة ولا مال ولا دار ولا ما شابه ذلك، فيعيش الوحشة المطبقة. ولذلك لا ينبغي أن ينسى الإنسان أمواته في هذه الساعة؛ فيذكرهم بصلاة الوحشة خاصة الولد الذي فقد والده. إذ أنه من العقوق أن ينسى الولد والده الذي عاش عمرا في كنفه في تلك الساعة العصيبة؟ كيف يرث أموال أبيه ليستمتع بها ويبخل بركعتين في ليلة الوحشة؟

لا تتوقع السرور أن يأتيك من الخارج

الابتهاج بالنفس أن تصل إلى درجة لا تبتهج ولا تُسر بشيء كسرورك بنفسك؛ فأنت عالم ومملكة كاملة سواء تزوجت أم لم تتزوج وسواء أنجبت أم لم تنجب. إن بعض الشباب يعيش أزمة نفسية وتتراكم عنده العقد لأنه بلغ الثلاثين أو الخامسة والثلاثين ولم يتزوج بعد. نعم، إن التعجيل بالزواج أمر حسن ولكن إن لم يتسير الزواج، فلا يعني ذلك أن كارثة قد وقعت. إن من يبتهج بنفسه يعيش من السرور في باطنه ما لا يعيشه في الخارج بأي شيء آخر. ويكون مصداق الحديث القدسي: (أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي)[٦].

إنه يتزوج لينجب ذرية صالحة ويدفع عن نفسه شر الشيطان بإطفاء الشهوة؛ ولكنه لا يضع البيض كله في سلة واحدة، فهو لا يعلق جميع آماله هذا الزواج. يأتيني شاب فيقول: تزوجت وقد كنت أظن أنني سأعيش عالما مخمليا ولكن سرعان ما خابت ظنوني، وحري به أن تخيب ظنونه من ينظر إلى الزواج أو إلى الأولاد بهذه النظرة. يعتقد البعض أن السعادة والسرور الكامل يكمن في الذرية وما إن يرزقه الله سبحانه بالولد ويرى مدى إزعاجه له بالليل مثلا، ينهار ذلك البناء الذي بناه في عالم الخيال، والذي كان يتمناه، صار مزعجاً له. وقد يقول قائل: إنني أنتظره لكي يكبر ويصبح مهندسا أو طبيبا فأفختر به ولكنه يكبر فلا يعبأه به وتنهار عندها آماله. وقد ينتظر الرجل زوجة تُسعده وإذا بها تُزعجه وتشاكسه.

بهذه النفس ينبغي أن تُسر لا بغيرها

أما المبتهج بنفسه التي تصحبه أبد الآبدين والتي قال عنها سبحانه: (يَـٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ * ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ)[٧]، لا يكترث لما يحدث خارج هذه النفس، ولا يُفكر إلا في القلب السليم الذي يرد به على ربه. إن المؤمن لا يبحث عن الأموال والزوجة والأولاد وما شابه ذلك من الأمور الخارجية كما يبحث عما يُرقي هذه النفس ويسمو بها أعلى مراتب القرب من الله سبحانه. إنه يبحث عن الكمالات.

ماذا لو أطعنا الله عز وجل؟

وقد ورد في هذه الرواية فقرة أعجب من الأولى وهي: (وَمُطِيعُ مَنْ أَطَاعَنِي)[٨]. وهذا نظير ما ورد في حديث قدسي آخر: (عَبْدِي أَطِعْنِي أَجْعَلْكَ مِثْلِي…، أَنَا مَهْمَا أَشَاءُ يَكُونُ أَجْعَلُكَ مَهْمَا تَشَاءُ يَكُونُ)[٩]. وقد يستغرب البعض من هذه الرواية والحال أن الله سبحانه قد ذكر في سورة المائدة عن النبي عيسى (ع) إحياءه للموتى وإبراءه للأكمة والأبرص وكل ذلك بإذن الله عز وجل. فلو أعطي هذا الإذن الإلهي لغير عيسى (ع) لفعل ما كا يفعله. فكن مطيعاً لله عز وجل، عندها يعطيك ويستجيب دعائك. يُحكى أن حمالا في السوق رأى طفلا على سطح منزل وهو يهوي إلى الأرض، فأشار إليه بيده فأوقفه ونزل الطفل سليما. فاجتمع الناس حوله وعادة ما يمزقون الثياب للتبرك في هذه الحالات وسألوه: من أنت يا ولي الله؟ وما سر هذه القدرة؟ فأجابهم قائلا: أطعته دهرا وأطاعني مرة، فأين الغرابة في هذا الأمر؟

اتصل بحبل شهر رجب

ثم تقول الرواية: (وَغَافِرُ مَنِ اِسْتَغْفَرَنِي اَلشَّهْرُ شَهْرِي وَاَلْعَبْدُ عَبْدِي وَاَلرَّحْمَةُ رَحْمَتِي فَمَنْ دَعَانِي فِي هَذَا اَلشَّهْرِ أَجَبْتُهُ وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَمَنِ اِسْتَهْدَانِي هَدَيْتُهُ وَجَعَلْتُ هَذَا اَلشَّهْرَ حَبْلاً بَيْنِي وَبَيْنَ عِبَادِي فَمَنِ اِعْتَصَمَ بِهِ وَصَلَ إِلَيَّ)[١٠]. إننا نشاهد في التلفاز ووسائل التواصل الفانوس وما شابه ذلك من الزينة التي يستعملها الناس للدعاية لشهر رمضان المبارك ولكننا لا نرى دعاية لشهر رجب على عظمته. إن شهر رجب مقدمة لشهر شعبان؛ فمن قصر فيه قصر في شعبان ومن قصر في شعبان، يقصر في شهر رمضان ومن قصر في شهر رمضان أضاع ليلة القدر.

إن الصيام أمر مهم في هذا الشهر ولكن الأهم منه صيام الجوارح من العين والأذن والفم وغير ذلك. وهذا أشرف من أن تصوم ويرهقك الجوع والعطش وأنت تغتاب فلانا وتنال من فلان وتخوض في ما لا ينبغي لك. فكما روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: (إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَفَرْجُكَ وَلِسَانُكَ وَتَغُضُّ بَصَرَكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ اَلنَّظَرُ إِلَيْهِ وَاَلسَّمْعَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ اِسْتِمَاعُهُ إِلَيْهِ وَاَللِّسَانَ مِنَ اَلْكَذِبِ وَاَلْفُحْشِ)[١١].

كتساب العدالة في الشهور الثلاثة

إن هذه الشهور الثلاثة هي ربع السنة؛ فلو استطعت أن تكون عادلا في هذه الأشهر، قدرت على أن تكون عادلا في غيرها وعلى طول السنة. ما عليك إلا أن تضع القطار على السكة؛ فإذا سار القطار فلن تستطع قدرة أن توقفه. إن ما عليك فعله في شهر رجب أن تجد السكة الصحيحة وتسير ولو بسرعة بطيئة؛ فسرعان ما تتضاعف السرعة في شهر شعبان ويصل الأمر إلى الطيران في شهر رمضان.

وعودا على بدء نقول: إن الغاية الحصول على الارتياح الباطني والابتهاج النفسي؛ فإن حصلت زوجة فنور على نور وإن حصلت دابة وولد ومنزل، فنور على نور. وقد قال الله سبحانه: (أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ)[١٢]؛ فكل مشاكلنا هي بين أمرين؛ الخوف من المستقبل والحزن على الماضي. ليتني دخلت الكلية الفلانية، وليتني لم أتزوج المرأة الفلانية، وليتني وليتني…! وإما أن يكون الخوف من مستقبل مجهول. إلا أن ولي الله لا خوف له من المستقبل الذي يعتقد أنه بيد الله ولا حزن له على الماضي لأنه كان منضبطاً في سلوكه.

فن التأثير على الآخرين

من الأمور التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة هو فن التأثير على الآخرين وهو من الفنون النافعة في الحياة. إن الشاب الذي يطلع على هذه العلوم، لا يتعامل مع زوجته في المستقبل كما يتعامل الضابط مع جنوده. إنني أرى البعض من الرجال يمدح نفسه قائلا: إنني بحمدالله مهاب في منزلي، فإنني أدخل عليهم وكأن على رئوسهم الطير. هل يفتخر الإنسان بأنه مخيف؟ هل هذه هي أخلاق المؤمنين؟ إن النبي الأكرم (ص) إذا لم يكن يُعجبه شيء يعرض عنه بوجهه وينتهي الأمر ولم يكن يتكلم فضلا عن أن يرفع صوته. إذا دخل الأب المثالي إلى المنزل وسمع صوت غناء، يُضرب عن الطعام مثلا ويقول: إنني لا أشتهي أن أتناول الطعام في بيت يُسمع فيه غناء ويُبدي انزجاره بهذه الطريقة أو بأمثالها من دون ضخب ورفع صوت وما شابه ذلك.

إنه هبة من الله سبحانه

وفن التأثير هذا يكون ذاتيا واكتسابيا من خلال المشاركة في الدورات أو قراءة الكتب المعنية بهذه العلوم؛ إلا أننا ينبغي أن نعلم أنه هبة من الله عز وجل. إنها هبة من الله أن تصبح كالجبل الراسخ الذي لا تزعزعه العواصف؛ كيف يتزعزع وهو قد التجأ إلى ركن وثيق؟ كيف تعامل مالك الأشتر وهو وزير حرب الأمير (ع) بمصطلح اليوم مع من تجاسر عليه في السوق ورمى عليه ما رمى؟ عندما علم ذلك المتجاسر أن هذا مالك، هرع إليه فوجده في المسجد يصلي ويستغفر له.

من أراد أن يكون هادياً لابد أن يكون عالماً بما يهدي إليه ويأمر به وينهى عنه. لابد وأن يطلع كل واحد منا إجمالا على الفضائل والرذائل وعلى تفسير للقرآن الكريم كالأمثل؛ فهو كتاب جامع. وهناك كتاب مرجعي لمعرفة الفضائل والرذائل وهو كتاب جامع السعادات. ولا ندعي صحة كل ما فيه إلا أنه كتاب من الكتب النافعة التي لا تعتمد الأسلوب الفلسفي، ولذلك يستطيع الطالب أن يطلع عليه ويستوعبه بسهولة.

الكاريزما أم السمياء المؤثر؟

يعتمد الغربيون في وصفهم الرجل صاحب الوجه الشخصية المؤثرة بأنه صاحب كاريزما ونحن لا نفضل تعابيرهم وإنما نستعمل السيماء بدل ذلك، فنقول: له سيماء مؤثر. ولهذا يسئل الإمام زين العابدين (ع): ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها؟[١٣] وإننا نجد في العرف من يقول: لفلان وجه جميل مشرق نوراني، ولا يقصدون بالجمال هنا الجمال الأوروبي مثلا وإنما يتحدثون عن جاذبية وأنس ولطافة في وجهه. ولهذا عندما يبحث الشاب المؤمن عن امرأة له يقول: أريد وجهاً نورانياً، لا عيناً زرقاء وشعراً أشقر وإلى آخره. إنه يبحث عن وجه يبعث البهجة في النفس؛ فجمال الوجه مما يعتاد عليه.

إن الجمال الدنيوي يمله الإنسان وهذا ما لا يحدث في الجمال المعنوي والتجلي الإلهي. إن رب العالمين يعاقب أهل الدنيا وعشاقها بالملل والاكتئاب؛ فلكل جديد بهجة، وسرعان ما تزول هذه البهجة. لقد دعاني أحدهم إلى قصره الذي كان قد فرغ من بنائه لتوه، وكان القصر فاخرا وفيه أثاث مغربي أندلسي وما شابه ذلك، فقال لي: لقد أصبت بالاكتئاب بعد يومين من دخولي في هذا القصر وكنت أشعر أنني سأكون في قمة السعادة. ولكن العلماء يقولون: لا تكرار في التجلي؛ فلذة صلاة الليل ليست مملولة ولذة زيارة الأربعين التي تعد الأيام لتكرارها ولذة حجة رجب والعمرة هي لذات غير مملولة كذلك؛ بل يتمناها المؤمن دائما ويبحث عنها رغم كثرة زياراته.

مما يزيد من تأثيرك على الآخرين

ومن الأمور التي تنور الوجه غير صلاة الليل وتزيد من تأثيرك في الناس؛ أن تسجد بين يدي الله عز وجل بتذلل بعد كل فريضة وأن تذكر الله بالذكر اليونسي بمقدار الشهية. إن يونس (ع) نادى في ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت ربه بهذا الذكر ولعله لم يقله إلا مرة واحدة. إن علينا أن نذكر الله لا بالذكر اليونسي فحسب؛ بل بالحالة اليونسية أيضا؛ فلا نذكر الله ونحن مستلقين على الأرض أو جالسين على الكنبة وإنما ننادي ربنا كما ناداه يونس (ع) بصوت عال وبانقطاع تام.

ويذكر العلماء عددا لهذا الذكر ولكنني لست ممن يُشجع الأعداد ما لم يرد فيها نص واضح وصريح كتسبيحات السيدة الزهراء (س). ونحن أيضا في ظلمات الغضب والشهوة والوهم والخيال، وملخص كتب الأخلاق أنها تدعو للتخلص من هذا المثلث الذي يتكون من ضلع الشهوة وضلع الغضب وضلع الوهم والخيال. وقد ذكرت الشهوة والغضب الملائكةُ حين خلق آدم إذ قالت: (أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ)[١٤]؛ فالإفساد إشارة إلى الشهوة وسفك الدماء إشارة إلى الغضب. لقد قال سبحانه في ختام الآية التي يذكر فيها حال يونس (ع): (وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ)[١٥]، ليُبين لنا أن الذكر هذا لا يختص بيونس (ع). إذا جمعت ذرتين من الهيدروجين مع ذرة من الأكسيجين؛ لنتج من ذلك الماء قهرا، وهذه الذكر اليونسي إذا اجتمع مع الحالة اليونسية؛ أنتج النجاة قهرا.

ثم إن المؤمن يعتاد هذه السجدة بعد فترة ويستذوقها ويصل الحال به إلى ما ذكره لي أحد الشباب الأكاديميين أنه يشعر بشيء يُشبه الوجع في جبهته وكأنها تجره إلى السجود جرا. إن أول السجود على التربة وبعد ذلك سير في الآفاق والأنفس وهذا يختص بأهله. إن البعض من المؤمنين له سجدة تستغرق ساعات ويستوحش عند رفع رأسه منها.

ما هي فائدة السجدة؟

عندما يقف الإنسان في صلاته أمام الكعبة مثلا؛ يرى أمامه الطائفين وقد تشغله الكتابات على كسوة الكعبة أو يشغله النظر إلى مقام إبراهيم (ع)، وعندما يكرع تتقلص رؤيته ويقل انشغاله؛ فإذا سجد وكانت له عباءة يغطي بها نفسه، لا يرى إلا ظلاماً أو طرف أنفه وهذه خلوة تُسهل الخشوع في الصلاة. لقد رأيت أحدهم قد ابتكر في منزله طريقة تساعده على التركيز في الصلاة والخشوع فيها؛ فقد وضع خيمة صغيرة لكي لا يرى أمامه شيئا في الصلاة ولا يشغله عنها شاغل. إن أهل الفساد يبتكرون في الفساد وهذا يبتكر في التقرب إلى الله وشتان ما بينهما…!

إن الساجد يكون في أفضل حالات القرب ولذلك تصف لنا إحدى زوجات النبي (ص) أنه بحثت عنه في ليلة من ليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان فلم تجده وإذا لها تراه ساجدا وكأنه جسم مكور على الأرض. إن هذا المخ البشري من أعجب ما خلق الله سبحانه؛ فلا هو يشبه القلب اللحمي ولا هو روحاني كالروح وإنما هو برزخ بين المادة والمعنى. وقد يصاب الإنسان بحادث سير فينسى كل شيء. إن خدشة بسيطة في المخ كفيلة بأن تُعيدك إلى صف الأول الابتدائي بعد أن كنت أستاذا جامعيا، بل قد لا تتذكر حتى اسمك.

إشعاعات السجود…!

إن سجدتك على الأرض وعلى تربة الحسين (ع) خصوصا تعرض هذا المخ للإشعاعات الربانية…! هناك انفعالات ومعادلات لا تعلمها. تدخل في جهاز الرنين ولا تسمع إلا طقطقة فتخرج وقد علم الطبيب كل شيء. إذا كانت هذا فعل الأشعة والرنين والإشعاع النووي في عالم الطبيعة؛ فما بالك بعالم المعنى حيث الإشعاعات أعظم وأعظم؟ أ يعقل أن تدخل في جسم مادي يصور لك كل شيء من خلال الإشعاع، وهذا العالم المعنوي لا إشعاع فيه؟ إن الدخول في المسجد ليس أقل من أجهزة الرنين؛ فإذا دخلت المسجد وخرجت، فقد تسلطت أشعة المسجد عليك؛ فلا تقل: إنني لم أحضر درسا ولم أستمع خطبة في هذا المسجد، لأن مجرد الدخول في المسجد أمر نافع.

أغلى ما يملكه الشيعة

إن زيارة الجامعة الكبيرة هي أغلى ما نملكه نحن الشيعة وهي من كنوز الإمامية. إن هذه الزيارة هوية الأئمة (ع) وهم لا يحتاجون إلى ذلك. إننا كاملون في ولايتنا ولا نستغرب إذا خاطبنا الأئمة (ع) في الجامعة الكبيرة قائلين: بكم يمسك الله الأرض. ما المانع من ذلك وقد روي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: (لَوْ بَقِيَتِ اَلْأَرْضُ يَوْماً بِلاَ إِمَامٍ مِنَّا لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا)[١٦]، ونقرأ في الدعاء عن إمام زماننا (عج): (اَلَّذِي بِبَقَائِهِ بَقِيَتِ اَلدُّنْيَا وَبِيُمْنِهِ رُزِقَ اَلْوَرَى وَبِوُجُودِهِ ثَبَتَتِ اَلْأَرْضُ وَاَلسَّمَاءُ)[١٧]. وقد جعل سبحانه وجود النبي (ص) مانعا من نزول العذاب حيث قال: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡ)[١٨]. ووجود الوصي يمنع العذاب ولا ما مانع من ذلك.

إن هذا الدعاء يحتوي على مضامين عظيمة صدرت عن إمام عظيم وهو الإمام الهادي (ع). وطوبى لهذا الرواي الذي طلب من الإمام ذلك قائلا: (عَلِّمْنِي يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ قَوْلاً أَقُولُهُ بَلِيغاً كَامِلاً إِذَا زُرْتُ وَاحِداً مِنْكُمْ)[١٩]، فعلمه هذه الزيارة التي ليس فيها ذكر لمعصوم خاص وإنما يستطيع المؤمن أن يزور بها أئمته (ع) جميعهم.

تعليق على فقرات الزيارة الجامعة

لقد شرح الكثير من علمائنا هذه الزيارة ونحن سنذكر بعض فقراتها ونعلق عليها. إن معظم زيارات الأئمة (ع) يُستحب أن تبدأ بالتكبير، وكأننا بالتكبير هذا ندفع كل شبهة من الشبهات التي تثار حولنا وتتهمنا بالشرك وغير ذلك. اطلب ممن يشكك في ولاية أهل البيت (ع) أن يقرأ زيارة أمين الله. إن هذه الزيارة تعدد بعض صفات الأمير (ع) في أقل من دقيقة ثم تبدأ فيها بالثناء على الله عز وجل. إن ثلثي زيارة أمين الله هي مناجاة مع رب العالمين.

مما ورد في هذا الدعاء: (اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلدُّعَاةِ إِلَى اَللَّهِ)[٢٠]. لا ينبغي أحدنا أن يكتفي من الدين بالمعلومات البسيطة ولا يتعمق في معرفة الحلال والحرام والمعارف التي تعينه على التأسي بهم (ع) والدعوة إلى الله عز وجل.

التامين في محبة الله

ومن فقرات الدعاء: (اَلتَّامِّينَ فِي مَحَبَّةِ اَللَّهِ). إن القلب إذا امتلئ بحب الله عز وجل وفرغ من الدنيا؛ أصبح قلبا إلهيا. لم تكن للدنيا عند أمير المؤمنين (ع) قيمة وهو القائل يخاطب الدنيا: (قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاَثاً لاَ رَجْعَةَ فِيهَا)[٢١]، وقد روي عنه (ع) في وصف المتقين: (عَظُمَ اَلْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ)[٢٢]. إننا نوالي هؤلاء التامين في محبة الله عز وجل. لماذا اقشعرت لدم الحسين (ع) أظلة العرش؟ إن الذي قتل في يوم عاشوراء كان من التامين في محبة الله؛ فمن حق الملائكة أن تبكيه إلى يوم القيامة وأن تعظم مصيبته في السماوات والأرض. ولهذا خلد ذكرهم ونرى هذا الزحف أيام الأربعين إليه.

وهم من جهة أنهم تامين في محبة الله لا يحتاجون إلى صلواتنا وزياراتنا وإنما هو أمر يعود نفعه علينا، ولهذا ورد في هذه الزيارة: (وَجَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ وَمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلاَيَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنَا وَطَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا وَتَزْكِيَةً لَنَا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا)[٢٣]، فلا تمنوا عليهم إسلامكم. إذا ذهبت إلى زيارة أي واحد منهم؛ فأنت المنتفع من هذه الزيارة. إنك تخرج من منزل أخيك المؤمن الذي تزوره بذنوبه وذنوب أهل بيته؛ فكيف بزيارة الموالي (ع)؟

بين إطاعاتهم وإبداء المشاعر

ومما ورد: (فَثَبَّتَنِيَ اَللَّهُ أَبَداً مَا حَيِيتُ عَلَى مُوَالاَتِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ وَوَفَّقَنِي لِطَاعَتِكُمْ)[٢٤]؛ فأن تقرأ قصيدة لهم وتصبح رادوداً أو شاعرا، فهذا أمر جيد، ولكن إبراز هذه العواطف لا تكلفك كثيرا. إن ليلة يسهر فيها الشاعر على قصيدة – من دون انتقاص لقيمة الشعر والشعراء – تختلف عن ليلة يسهر فيها المجاهد في سبيل الله. قد يكون لك قلم مبارك وصوت جميل، وحنجرة قوية وأوتار صوتية رنانة – ومن الطبيعي أن تصبح كذلك مع التمرين – فتقع في خلوة مع أجنبية ذات منصب وجمال؛ فإن أطعت الله أطعتهم وإلا فلا وزن لك عندهم.

حتى من الله علينا بكم…!

ومما ورد: (خَلَقَكُمُ اَللَّهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ)[٢٥]. إن هذه الأنوار كانت في العرش مع الملائكة، وقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (كُنْتُ نَبِيّاً وَآدَمُ بَيْنَ اَلْمَاءِ وَاَلطِّينِ)[٢٦]. لماذا أنزل رب العالمين روح أمير المؤمنين (ع) إلى الأرض التي قال فيها: (فَصَبَرْتُ وَفِي اَلْعَيْنِ قَذًى وَفِي اَلْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً)[٢٧]؟ لماذا أنزل روح الزهراء التي تشع نورها في الآفاق كما قال الشاعر:

شعت فلا الشمس تحكيها ولا القمر
زهراء من نورها الأكوان تزدهر

والتي ورد في شأنها: (عَلَى مَعْرِفَتِهَا دَارَتِ اَلْقُرُونُ اَلْأُوَلُ)[٢٨] ثم تعصر بين الحائط والباب؟ ويحبس الكاظم (ع) في طامورة التي هي سجن في سجن في مكان مظلم؟ وأن يُحسب العسكريان في سامراء؟ وأن يتعرض الأئمة (ع) إلى ما تعرضوا له؟ لقد أراد ربنا أن يرحمنا بهم. إن الإمام الحسين (ع) قُتل بهذه القتلة الفجيعة في يوم عاشوراء، لتبكي عليه وتستحق بهذا البكاء الجنة؛ فكم عظيم حقه علينا؟ كم قضيت لك من الحوائج في أيام الفاطمية وكم طهرت قلبك بالبكاء على الصديقة (س)؟

وورد فيما ورد: (اَللَّهُمَّ إِنِّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعَاءَ أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ اَلْأَخْيَارِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْأَبْرَارِ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعَائِي)[٢٩]؛ أي لا نجد إلى الله طريقا أقرب منهم ولذلك وجب علينا معرفتهم ومعرفة عظيم حقهم علينا.

[١] أنوار الهداية – السيد الخميني – ج ١ – الصفحة ١٩٠.
[٢] النمل: ٣٩.
[٣] النمل: ٤٠.
[٤] الرعد: ٤٣.
[٥] بحار الأنوار  ج٩٥ ص٣٧٧.
[٦] بحار الأنوار  ج١٣ ص٣٤٥.
[٧] الفجر: ٢٧-٢٨.
[٨] زاد المعاد  ج١  ص٢٩٦.
[٩] کلیات حدیث قدسی  ج١ ص٧٠٩.
[١٠] بحار الأنوار  ج٩٥ ص٣٧٧.
[١١] بحار الأنوار  ج٩٣ ص٢٩٥.
[١٢] یونس: ٦٢.
[١٣] ميزان الحكمة ج ٢ ص ١٦٥٥.
[١٤] البقرة: ٣٠.
[١٥] الأنبياء: ٨٨.
[١٦] بحار الأنوار  ج٢٣ ص٣٧.
[١٧] زاد المعاد  ج١ ص٤٢٢.
[١٨] الأنفال: ٣٣.
[١٩] بحار الأنوار  ج٩٩ ص١٢٧.
[٢٠] بحار الأنوار  ج٩٩ ص١٢٧.
[٢١] مجموعة ورّام  ج١ ص٧٩.
[٢٢] بحار الأنوار  ج٧٥ ص٢٨.
[٢٣] بحار الأنوار  ج٩٩ ص١٢٧.
[٢٤] زاد المعاد  ج١  ص٢٩٦.
[٢٥] زاد المعاد  ج١  ص٢٩٦.
[٢٦] عوالي اللئالي  ج٤ ص١٢١.
[٢٧] الطرائف  ج٢ ص٤١٧.
[٢٨] الأمالي (للطوسی)  ج١ ص٦٦٨.
[٢٩] زاد المعاد  ج١  ص٢٩٦.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • قد يكون لك قلم مبارك وصوت جميل، وحنجرة قوية وأوتار صوتية رنانة – ومن الطبيعي أن تصبح كذلك مع التمرين – فتضعها في خدمة الأئمة (ع)؛ ولكن تقع في خلوة مع أجنبية ذات منصب وجمال؛ فإن أطعت الله أطعتهم وإلا فلا وزن لك عندهم.
  • لماذا اقشعرت لدم الحسين (ع) أظلة العرش؟ إن الذي قتل في يوم عاشوراء كان من التامين في محبة الله؛ فمن حق الملائكة أن تبكيه إلى يوم القيامة وأن تعظم مصيبته في السماوات والأرض. ولهذا خلد ذكره ونرى هذا الزحف أيام الأربعين إليه.
  • إن معظم زيارات الأئمة (ع) تبدأ بالتكبير، وكأننا بهذا ندفع كل شبهة تثار حولنا وتتهمنا بالشرك وغير ذلك. اطلب ممن يشكك في ولاية أهل البيت (ع) أن يقرأ زيارة أمين الله. إن هذه الزيارة تعدد بعض صفات الأمير (ع) في أقل من دقيقة ثم تبدأ فيها بالثناء على الله عز وجل ثناء مطولا.
  • متى كان المنام دليلاً يُعتد به؟ فالمنام قد يكون صادقا وقد يكون كاذباً، وقد يكون حقاً وقد يكون وهماً، وبتعبير العلماء والفلاسفة: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. إن ديننا دين متين، وهو دين العلم والتثبت ولا يُمكن الاعتماد على ما لا يُمكن إثباته.
  • قد يسمع البعض رواية عجيبة من كرامات المعصومين (ع) مثلا، لا تنسجم مع عقله، فيُسرع إلى إنكارها ويظنها مزيفة أو باطلة، وفي هذا سوء أدب مع المعصومين (ع). والأجدر في مثل هذه الحالات أن ينسب الجهل إلى نفسه ويتهم فهمه ويعلم أنه ليس بمكان يستوعب فيه جميع ما يصدر عن المعصومين (ع).
Layer-5.png