Search
Close this search box.
  • كيف وصف لنا الإمام الباقر (عليه السلام) آداب زيارة الحسين (عليه السلام)؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف وصف لنا الإمام الباقر (عليه السلام) آداب زيارة الحسين (عليه السلام)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

البشاشة من سمات المؤمنين

من صفات المؤمن أنه إلف مألوف. إن شخصية المؤمن شخصية محبوبة مرغوبة؛ فهو له حزن إلا أنه يُضمره؛ فحزنه في قلبه، وبشره في وجهه. إن المؤمن لا يؤذي أهل بيته بدعوى أنه مشغول بآخرته، ولا يمنعه خروج من المسجد بعد أن كان مقبلا في صلاته من أن يهش ويبش في وجوه الآخرين.

تتأكد البشاشة في هذه المواضع الثلاثة

قد يرجع الرجل من العمل إلى منزله متعبا فالراجح أن يدع ما مر عليه من التعب والأذى خارجا ويستقبل الأهل بوجه بشوش. إلا أن هذه البشاشة تتأكد في مواضع ثلاثة يكون فيها المؤمن أكثر حرصاً على الملاطفة والمؤانسة والكرم: أحدها السفر. فإذا ذهبت مع جماعة في سفر طاعة كن منشرحاً منفتحاً لا تخالف من معك. ولبا تكن كمن يذهب للتنزه والسياحة مع القوم؛ فينغص عليهم سفرتهم بكثرة المخالفة، وبالغضب وما شابه ذلك. فيقولون: يا ليتنا لم نأت به معنا. هذه ليس من صفات المؤمنين. وثانيها سفر الحج. انظر إلى الحاج على أنه ضيف الرحمن. فاحذر في سفر الحج أن تتعرض للحاج بالأذى أينما كان وكيفما كان؛ لأنه قد خرج من منزله وأصبح في ضمانة الله عز وجل. فتحمل أذاهم، ولا تؤذي منهم أحداً لأن الانتقام سريع.

ثالثاً: زيارة الحسين (ع) سيرا على الأقدام في أيام الأربعين؛ بل طوال العام. فإذا خرجت في رفقة لزيارة الحسين (ع) كن كريماً، وكن صاحب مروئة، وأنفق في السفر على غيرك، وأحسن صحبة من تصحبه. وهذه صفة عامة في المؤمن وهناك صفة خاصة بهذه الزيارة وهي: أن لا تدقق في الحساب كرامة لمن تزوره؛ ولا تقل: هذا نصف لي ونصف عليك، بل كن سمحاً في سفرك هذا.

ولكن كيف نخرج إلى زيارة الحسين (ع)؟

قال أحد أصحاب الإمام الباقر (ع) له: (إِذَا خَرَجْنَا إِلَى أَبِيكَ أَ فَلَسْنَا فِي حَجٍّ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَيَلْزَمُنَا مَا يَلْزَمُ اَلْحَاجَّ)[١]. إنه يعني بخروجه إلى أبيه الخروج لزيارة الحسين (ع) لا الإمام السجاد (ع) مثلا. فمعروف في عرف الأئمة (ع) أنهم عندما يذكرون الجد فهم إما يعنون به رسول الله (ص) وإما الحسين (ع). وإن كان هناك احتمالية أخرى مثلا، وهي أنهم يعنون بذلك أن زيارة المدينة أيضا في حكم الحج، والتي تتضمن أيضا زيارة الإمام زين العابدين (ع)، والاحتمالان واردان.

حسن الصحبة للزوار

لقد ذكر المحدث القمي رحمه الله هذه الرواية في آداب زيارة الحسين (ع)، والذي يقال عن الإمام زين العابدين (ع) يقال أيضا عن الحسين (ع)؛ فلا ضير في ذلك. ثم يذكر الإمام الباقر (ع) آداب الزيارة فيقول: (يَلْزَمُكَ حُسْنُ اَلصَّحَابَةِ لِمَنْ يَصْحَبُكَ). إنه عنوان عام، كما ورد عنوان عام في التعامل مع الزوجة وهو قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ)[٢]. إنها كلمة جامعة مانعة، ولا داعي بعد ذلك للتفصيل. إن هذه الكلمة تتضمن كل السمات والمزايا.

لا تُكثر الكلام في الزيارة

ثم يقول (ع): (وَيَلْزَمُكَ قِلَّةُ اَلْكَلاَمِ إِلاَّ بِخَيْرٍ)[٣]. قد يظن البعض بأن الثرثار مؤنس. فهو يقول: فلان كثير الكلام يؤنسنا بكلامه؛ ولكنه غافل عن هذه الرواية: (مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ وَمَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ)[٤]. فكن مقلاً في الكلام وهذا أأمن لك. إن القلم بيد الملك – القلم كناية عما يكتب – فبمجرد أن تفتح فمك؛ يأخذ الملك القلم، فإن قلت خيراً كتب لك، وإن قلت شراً كتب عليك، وما دمت ساكتاً فالملك ساكت.

فرق بين الزائر الذاكر وبين الزائر الساهي اللاهي

ثم يقول (ع): (وَيَلْزَمُكَ كَثْرَةُ ذِكْرِ اَللَّهِ). فرق بين من يذهب إلى حرم سيد الشهداء يضحك ويمزح وبين من يكثر الذكر والصلاة على النبي وآله. فهو يدخل الحرم متطهر. ويقول (ع): (وَيَلْزَمُكَ نَظَافَةُ اَلثِّيَابِ وَيَلْزَمُكَ اَلْغُسْلُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ اَلْحَائِرَ وَيَلْزَمُكَ اَلْخُشُوعُ وَكَثْرَةُ اَلصَّلاَةِ وَاَلصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ)[٥]. ويقول (ع): (يَلْزَمُكَ أَنْ تَغُضَّ بَصَرَكَ). إنك في طريق الزيارة؛ فحاول أن لا ترتكب الحرام وأنت في محضر المعصوم. ثم يقول (ع) له بعد ذلك: (فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَمَّ حَجُّكَ وَ عُمْرَتُكَ وَ اِسْتَوْجَبْتَ مِنَ اَلَّذِي طَلَبْتَ مَا عِنْدَهُ بِنَفَقَتِكَ وَ اِغْتِرَابِكَ عَنْ أَهْلِكَ وَ رَغْبَتِكَ فِيمَا رَغِبْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ بِالْمَغْفِرَةِ وَ اَلرَّحْمَةِ وَ اَلرِّضْوَانِ)[٦].

أين أنت عن سيرة المعصومين في الزيارة؟

واعلم إجمالا أنك إن أردت أن تذهب إلى مشاهد أئمة أهل البيت (ع) لابد وأن تكون سفرتك تلك، سفرة هادفة. لأنك في هذه السفرة تقضي الأيام وتدفع النفقة وتهيئ الزاد؛ فلابد أن تخرج من كل ذلك بخير. ثم لا تذهب إلى زيارة الإمام وأنت لا تعلم شيئا عن سيرته. فعندما تخرج من كربلاء المقدسة أو النجف الأشرف إلى سامراء لا تنظر كالذاهل يمينا وشمالا في هذه الساعات التي تقضيها في الطريق؛ بل خذ كتاباً في سيرة العسكريين حتى تقف أمام ضريحهما وأنت ملم إجمالاً بسيرتهما؛ وكذلك الأمر في زيارة سائر المعصومين (ع). لكي تعرف شيئا من مقامات أئمتك (ع) وإن كنا لا نحيط علما بمقاماتهم، ولا نُدرك إلا النزر اليسير من علومهم.

[١] كامل الزيارات  ج١ ص١٣٠.
[٢] سورة النساء: ١٩.
[٣] بحار الأنوار ج٩٨  ص١٤٢.
[٤] کنز الفوائد  ج٢ ص١٤.
[٥] كامل الزيارات  ج١ ص١٣٠.
[٦] كامل الزيارات  ج١ ص١٣٠.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إن أردت أن تذهب إلى مشاهد أئمة أهل البيت (ع) لابد وأن تكون سفرتك تلك، سفرة هادفة. لأنك في هذه السفرة تقضي الأيام وتدفع النفقة وتهيئ الزاد؛ فلابد أن تخرج من كل ذلك بخير. فلا تذهب إلى زيارة الإمام وأنت لا تعلم شيئا عن سيرته.
  • فعندما تخرج من كربلاء المقدسة أو النجف الأشرف إلى سامراء لا تنظر كالذاهل يمينا وشمالا في هذه الساعات التي تقضيها في الطريق؛ بل خذ كتاباً في سيرة العسكريين حتى تقف أمام ضريحهما وأنت ملم إجمالاً بسيرتهما؛ وكذلك الأمر في زيارة سائر المعصومين (ع).
Layer-5.png