كيف نُدمن زيارة الحسين (عليه السلام)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ما هي الزيارات المطلقة؟

من الملفت في المناسبات المختلفة طوال العام كليالي القدر، والنصف من شعبان، وفي شهر رجب، وفي الأربعين، وفي محرم أننا نجد من أهم الأعمال زيارة الحسين (ع). ولا أعني الذهاب إلى كربلاء فحسب؛ وإنما زيارته ولو من بعيد. ولهذا نلاحظ في كتب الدعاء فصلان في زيارته: أحدهما الزيارات المطلقة التي تزوره بها في أي وقت تحب أن تزوره (ع). إذ من الممكن أن تزوره بلا توقيت كزيارتك له بُعيد تعقيب الصلوات الواجبة. فمن أراد أن يجمع الفضيلة؛ يزور الزيارة العامة والخاصة، ويُعقب بالتعقيب العام والتعقيب الخاص.

الزيارة من بعيد

من آداب الزيارة أن تجعل الزيارة خطاباً. فإذا سلمت على أحدهم وعينك على الجهاز مثلا، أو سلمت عليه وأنت معرض بوجهك عنه وتنظر إلى جهة أخرى ألا يقول لك: يا فلان، ما هذا السلام؟ إن سلامنا على البشر فيه توجه إجمالاً. فلا ينبغي أن تسلم على إمامك إلا بشيء من التوجه بغض النظر عن البكاء والنحيب. لا تقل أنه ميت أو أن الإمام في كربلاء مثلا وأنا في أقصى بقاع العالم. ألسنا نقرأ في زياراتهم: (أشهد أنك تسمع كلامي، وترى مقامي). إنه يرى مقامك لا في الحائر، ولا عند الباب ولا في كربلاء فحسب؛ بل لو كنت في القطب الشمالي فإنه يرى مقامك. لا فرق عند من يراك عبر الجدار أن تكون خلف الجدار أو في قارة أخرى؛ فالأمر هو هو. إنه يسمع كلامك ويرد سلامك أينما كنت. عليك أن تستحضر هذه المعاني في زيارة المعصومين (ع).

كيف أقرأ في الزيارة ما لا أدعيه؟

قد يسأل سائل فيقول: إن بعض مضامين الزيارة لا تناسب مزاجي، فأين أنا من قولي: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما، أو قولي: إن لم يجبك بدني عند استغاثتك واستنصارك؛ فقد أجابك سمعي وبصري. ألست أكون كاذباً عند قرائتي إياها؟ أين أجابك سمعي وبصري، وأنا أنظر إلى الحرام؟ ومن يقول: يا ليتنا كنا معكم؛ لابد أن يكون في مستوى أصحاب الحسين (ع). فكيف نقول هذه العبارات؟ الجواب: إنه يشبه ما نقوله في سورة الحمد: إياك نعبد. من الذي يعبد الله حصراً؟ وإياك نستعين؛ ومن الذي يستعين بالله حصراً؟ إنك تتمثل بهذه الزيارة وتقرأها على لسان المعصوم؛ لا أنك تدعي هذه المضامين. ومثال ذلك دعاء كميل. كم نجد فيه من المضامين التي لا تنطبق علي وعلى أمثالي؟ كقوله: لأضجن بين أهلها ضجيج الآملين، ولأنادينك أين كنت يا ولي المؤمنين؟ إن الإنسان في نار جهنم مشغول بعالمه.

الاستخارة تحت قبة الحسين (عليه السلام)

ومن الأمور التي قل من يلتفت إليها في زيارة الحسين (ع) رفع الحيرة بالاستخارة تحت قبته. إننا في حياتنا كثيرا ما نتحير في أمورنا ولا ندري في بعض الأحيان الإحجام خير لنا أم الإقدام. لا ندري من نتزوج ومن نصاهر وهلم جرا. فالحياة كلها حيرة في حيرة. من طرق رفع الحيرة استشارة أهل الحل والعقد، ومن الطرق الاستخارة المتعارفة بالقرآن وغيره. ومن هذه الطرق الاستخارة تحت قبة الحسين (ع)، وصفتها على ما أوردها العلامة المجلسي بسند صحيح عن الصادق (ع) أنه قال: (مَا اِسْتَخَارَ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدٌ فِي أَمْرٍ قَطُّ مِائَةَ مَرَّةٍ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَيَحْمَدُ اَللَّهَ وَيُهَلِّلُهُ وَيُسَبِّحُهُ وَيُمَجِّدُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَأَهْلُهُ إِلاَّ رَمَاهُ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَخْيَرِ اَلْأَمْرَيْنِ)[١]. وفي رواية: (أَسْتَخِيرُ اَللَّهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ)[٢] قل ذلك واذهب.

هذه هي أفضل استخارة

تقول ما العلامة؟ أين قبضة السبحه؟ أين القرآن الكريم؟ لا شيء من ذلك ومع ذلك رماه الله بأخير الأمرين فعلاً أو تركاً. أي أنت مسدد وقد نظروا في ملفك؛ فارجع من كربلاء، فإن تمت الزيجة ففيها خير، وإن تمت المعاملة ففيها خير. هذه صورة من صور الاستخارات النادرة؛ فأنت قد تستخير الخيرة فتكون جيدة ولكن لا توفق لها؛ ولكنك تحت القبة تسأل الله عز وجل أن يستخير لك ويسددك. فإذن هنالك مزيتان.

إليك هذه الكلمة التي لو عملت بها حزت خير الدارين

روي أن رجلا قال للإمام الصادق (ع): (إِنِّي كَثِيراً مَا أَذْكُرُ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَأَيَّ شَيْءٍ أَقُولُ: قَالَ قُلْ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ تُعِيدُ ذَلِكَ ثَلاَثاً فَإِنَّ اَلسَّلاَمَ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قَرِيبٍ وَمِنْ بَعِيدٍ)[٣]. أي عندما تذكره عند شرب الماء أو في غيره. إن بعض المؤمنين يستيقظ من النوم فيتوجه إلى كربلاء، ويقول ثلاثاً: صلى الله عليك يا أبا عبدالله. ما المانع إن ذهبت إلى الحمام لتستحم؛ أن تقول برجاء المطلوبية: اغتسل غسل الزيارة؛ فإذا خرجت من الحمام، تتوجه إلى كربلاء، وتقول: صلى الله عليك يا أبا عبدالله ثلاثاً. أو افرش السجادة وصل ركعتين؛ فهي زيارة كاملة فيها غسل وفيها زيارة وفيها ركعتان. كم تمر أمثال هذه الفرص علينا مر السحاب؟