- ThePlus Audio
كيف ننضبط جنسيا في حياتنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
العلاقات المحرمة بين الجنسين
إن الحديث عن العلاقات المحرمة بين الجنسين من المسائل المهمة والاستراتيجية، والتي تخص الرجل والمرأة، خاصة في هذا العصر الذي يعتبر قمة في التفاعل بين الجنسين، من حيث ارتفاع الحواجز، وتيسر أدوات التعامل والاتصال، وتبعاً لذلك ما يلاحظ هذه الأيام من كثرة الانحرافات وتجاوز الحدود الشرعية بين الجنسين.
ما هي الضوابط الشرعية للعلاقة بين الجنسين؟
إن مسألة التجاذب هي من مظاهر الحكمة الإلهية في عالم الوجود: فهناك الجاذبية الكونية، التي أبقت هذه الأفلاك والمجرات في مداراتها، والجاذبية الأرضية، التي حفظت هذا الوجود وهذا التوازن، وكذلك التجاذب الموجود في الذرة، الذي عندما يرتفع ويتخلخل؛ يحدث الدمار الهائل. ومنها الجاذبية بين الجنسين، حيث جعلها الله تعالى لبقاء الوجود البشري؛ وبما أن تشكيل الأسرة من موجبات تحمل المسؤوليات والمشاق والمتاعب المختلفة، كانت هذه الجاذبية هي السبب الأقوى لتحمل كل ذلك. ولكن هذه الجاذبية إذا لم تحكم بالضوابط الشرعية، فستؤدي إلى انتشار الفساد في الأرض، وتكون المسيرة التكاملية والتنمية الاجتماعية والتكاثر الشرعي عرضة للخلل.
الوقاية خير من العلاج
إن الشارع المقدس سياسته مبنية على الوقاية، فهو لم ينفِ وجود هذه الجاذبية، بل هو خالقها، وقد قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)[١]، والملاحظ في هذه الآية الكريمة، أن أول شهوة قد ذكرت هي شهوة النساء، ولهذا فإن الشارع المقدس أراد للرجل، أن يتعامل مع المرأة في ضمن إطار شرعي، محكوم بكافة الضوابط العقلانية والعرفية؛ تجنباً للوقوع في المعصية. ولذلك قد وضع سلسلة من الأحكام الشرعية، والتي قد لا يستسيغها البعض حيث يعيش في قرارة نفسه حالة التبرم أو عدم القبول؛ والحال بأن الإيمان الكامل، يتوقف على أن لا يجد الإنسان في نفسه غضاضة، أو حرج مما قضى الله ورسوله، بل يسلم تسليماً كاملاً. فلو أننا التزمنا بهذه القواعد الشرعية؛ لأوصلتنا إلى بر الأمان.
إن العين تمثل البوابة الأولى لدخول الشيطان لقلب الإنسان، والمشكلة ليست في انعكاس الصورة على شبكية العين، بل في التفاعلات السلبية لتلك الصورة في الوجود الباطني. وقد من الله تعالى على الإنسان بجفنين، يستطيع من خلالهما أن يتحكم في نظره، بإطباق الجفنين أو بتغيير زاوية النظر. والإنسان قد لا يطالب دائماً بغمض العينين، ولكنه مطالب بغض البصر كما في الآية الكريمة: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)[٢]. أي عليه أن يصرف نظره عن كل الصور المحرمة، وقد روي: أن امرأة مرت من نساء المسلمين أمام صحابي، فجعل الصحابي ينظر خلفها وهو مسلوب الفؤاد والفكر، فارتطم وجهه بعظم أو زجاجة في الحائط، وسال الدم على وجهه وصدره، ولكنه سرعان ما عاد إلى وعيه، وذهب إلى رسول الله (ص) ليخبره بما جرى عليه؛ فنزلت آية هذه الآية.
الخلوة المريبة
هناك خلوتان: مريبة محرمة، وأخرى غير مريبة، لا يؤاخذ عليها الإنسان إذا كان مأمونا من الزلل. ولكن المؤمن يحسب حساب العدو اللدود، الذي يحمل في قلبه حقداً دفيناً وعريقاً لآدم وولده، والذي يريد استغلال الفرص لإيقاعه في شباكه، ومن سبله أن يوحي للإنسان بأن له القدرة على السيطرة على المؤثرات والإغراءات. والحال بأن الإنسان لا ينبغي أن يأمن جانب النفس وشعاره: (وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)[٣]. ومما رواه العامة كما في التذكرة للعلامة الحلي، والمبسوط أيضا من: أن امرأة خثعمية أتت النبي (ص) بمنى في حجة الوداع تستفتيه، وكان الفضل بن العباس رديف رسول الله (ص)، فأخذ ينظر إليها وتنظر إليه، فصرف رسول الله (ص) وجه الفضل عنها وقال: (رجل شاب وامرأة شابة أخاف أن يدخل الشيطان بينهما)[٤].
إن النبي (ص) ضرب لنا مثلاً نقتدي به حيث مر صحابة على الرسول (ص) ومعه امرأة، فبين لهم أنها عمته صفية، مع أنه (ص) معصوم من أي زلل، ولكنه أراد أن يعطي درساً لأمته، ويقطع الشبهات. وهكذا كان أمير المؤمنين علي (ع) حيث كان يكره السلام على الشابات. أراد بهذه العبارة أن يعطي للمؤمن درساً، وهو أن لا يفتح على نفسه باباً، يخشى أن تنفذ منه الشياطين.
المحادثة عبر النت بين الشباب
نحن لسنا من دعاة الحجر على العقول، وعدم التلاقح الفكري، وانتقال الثقافات، وإيجاد أجواء من البحث العلمي البريء بين كل صنف ونظيره، ولكن المشكلة تكمن في أن الرجل أو المرأة يدخلان في أجواء مريبة، فيدخل الشيطان بینهما؛ لیستثیر المشاعر بینهما، ومع الأسف فإن الضحية في الأعم الأغلب هي المرأة، والتي من المفروض أن تكون على مستوى من اللباقة والفطنة، ولا تتأثر أو تصدق ما ينقل عبر الأثير، فتوقع نفسها في فخ إنسان محتال، قد موّه كثيراً من الحقائق؛ ليصل لأغراضه القبيحة الدنيئة. إذ أن البعض للأسف قد يتقمّص شخصية العالم الواعظ، ولكن بعد فترة يتحول الأمر إلى مسار آخر. فينبغي تحديد الهدف من هذه المحادثة، إن كان من باب البحث العلمي فلا ضير، وإلا ينبغي ترك الاتصال؛ لئلا يصل الأمر إلى حد التورط، وحينها لا ينفع الندم. ومن المعلوم أن الإسلام الذي نهى عن الضرب بالأرجل، حتى لا يؤثر صوت الخلخال في قلوب الرجال، تراه يجوّز للرجل المقدم على الزواج، النظر إلى مفاتن المرأة قبل أن يعقد؛ وذلك لأنه مقبل على أمر جدي لا هزلي.
دور الوالدين في تحصين الشباب والمراهقين
أولاً: اختيار المرأة الصالحة وقد روي عن النبي (ص) أنه قال: (اِخْتَارُوا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ اَلْخَالَ أَحَدُ اَلضَّجِيعَيْنِ)[٥]، فالمؤمن لا يكتفي بالمظهر أو بالثروة والجاه وما شابه ذلك، بل إن نظرته نظرة إيمانية، فعليه أن يحاول الاقتران بمن تعينه على دينه، وتنجب له الذرية الصالحة. وقد ورد في الروايات: بأن أثر إدمان الخمر ينتقل إلى أجيال لاحقة، وقد ثبت ذلك طبياً، بأن المرأة المدخنة أو الكحولية، تنقل سلبيات ذلك إلى الجنين.
ثانياً: الالتزام بالأدعية المستحبة سواءً في ليلة الزفاف، أو في فترة الحمل. ثالثاً: الإكثار من قراءة هذه الآية: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[٦]. رابعاً: الحرص الشديد على حلية المكسب، وحلية الطعام والشراب. خامساً: مراقبة الأولاد والتمهيد قبيل أيام البلوغ: تأديباً، وتمريناً على الصلاة؛ حتى يتم التكيف والتعود على الأحكام الشرعية.
ولا تقتصر مهمة الآباء على الاعتناء بالأبناء ماديا، بل ينبغي لهم الاعتناء بهم معنويا، والعمل على تهذيبهم وتربيتهم، وهو ما سيبقى لهم لعدم فناء الدنيا. ويكفي أن نعلم بأن العلاقة الأسرية باقية إلى أبد الآبدين. وقد ورد أن المؤمن يدخل الجنة، فيبحث عن ذريته، حتى أنه يسأل عن خويدمته التي كانت معه في الدنيا.
ما هو الحل العملي لمشكلة العادة السرية بين الجنسين؟
ورد عن النبي (ص) أنه قال: (ناكح الكف ملعون)[٧]، وروايات أهل البيت (ع) تشنع بشكل واضح على هذه الحركة المشينة، وكذلك فإن الطب يصرح بمدى خطورة هذه العادة على مستقبل الحياة الزوجية، وعن الأمراض التي تنشأ منها. بالإضافة إلى حالة الكبت الشديد، والاكتئاب المزمن، وحالة العذاب الداخلي؛ نظراً لمرارة الحرمان، والإشباع الكاذب. ولذلك فإنه لابد للأبوين من مراقبة هذا الأمر، الذي يبدأ في أوائل سن البلوغ، وخاصة مع الإثارات الموجودة، وأجواء المعاشرة المؤثرة. وأيضاً ومن خلال تشجيع الزواج المبكر. وأخيراً: إذا أراد ممارسة ذلك المحرم، فليغير الأجواء التي فيها ولا يختلي بنفسه مهما أمكنه ذلك.
حماية الأبناء من أصدقاء السوء في المدارس
إن المدارس مع أنها تعلم المناهج العلمية، إلا أنه من زاوية أخرى قد تمثل تجمعاً للعناصر الفاسدة. فإذا لزم الأمر ينقل الطفل إلى المدارس الخاصة، التي تحصن الذرية من الوقوع في الانحراف. وينبغي الاقتصار على المسائل العلمية في المدرسة قدر الإمكان، والحيلولة دون تعلق الطفل بالخروج للمتنزهات والتزاور فيما بينه وبين والأصدقاء وغير ذلك.
ما هي التوجيهات الشرعية للأشخاص المبتلين في العمل بنساء ملتزمات أو غير ملتزمات؟
إذا كان هو صاحب القرار، لا يورط نفسه بتوظيف مجموعة نسائية غير ملتزمة، يخشى أن يسببن له الانحراف، ولا بأس في أن يكون للزوجة المؤمنة دور توعوي تنبيهي، إذا رأت في زوجها بدايات الانحراف. وأما إذا كان المؤمن مضطراً للعمل في وظيفة يشارك فيها النساء، فينبغي أن يجعل حدا بينه وبين النساء ويفهمهن أنه بعيد عن الباطل واللغو. ورب العالمين يضفي عليه حالة من حالات الهيبة والوقار، التي تصرف عنه السوء والأذى.
منع الأبناء عن مشاهدة الأفلام الإباحية
كما أن الإنسان المؤمن حريص على أن لا يأكل ولده طعاماً مشبوهاً انتهت صلاحيته، كذلك ينبغي عليه الاهتمام بعلمه وثقافته ومصدر معلوماته. وقد ورد في تفسير قوله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ)[٨]، أي إلى علمه ممن يأخذه. فلابد من مراقبة الأبناء عند استخدامهم الأدوات الحديثة، ووضعها في مكان عام، وتحديد ساعات معينة، وضمن خطوط آمنة، أو لا يدخلها إلى بيته، إن أمكن.