Search
Close this search box.
  • كيف نزيل موانع القرب من الله عز وجل؟
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

كيف نزيل موانع القرب من الله عز وجل؟

بسم الله الرحمن الرحيم

لو رق قلبك؛ فلا تدع هذا الدعاء

يشعر الإنسان أحيانا وهو في مواطن الاستجابة كالمشاهد المشرفة، أن قلبه قد رق وتكون دمعته جارية على خديه، فهذا الحالة ينبغي ألا يفرط فيها ويستثمرها للدعاء. ولكن ما يجدر بنا أن ندعو من أجله في تلك اللحظة؟ هل ندعو لسلامة البدن، وحفظ العيال، وجلب المال، وما شابه من الآمال؟ إنها أدعية جيدة ولكنك في لحظة يجدر بك أن تدعو الله عز وجل؛ ألا يسلبك عطش القرب إليه. فكما نقرأ في الدعاء: (أَلْهِمْنِي وَلَهاً بِذِكْرِكَ إِلَى ذِكْرِكَ)[١]. فمن أجل المقامات المعنوية؛ لابد أن يصل الإنسان إلى درجة لا يشبعه إلا الذكر. ترى الرجل يشتري بيتا ويتزوج ويُنجب، ويحصل على المال وتتحقق له الآمال؛ ولكنه لا يرى أنها وصلت إلى شغاف قلبه.

جميع متع الدنيا لا تتجاوز هذا الجسم المادي

هذا وكل متاع الدنيا تقريبا لا يتجاوز هذا البدن. إن الناس يشترون أغلى العطور، والعطر هو عبارة عن رائحة تدخل الأنف وينتهى الموضوع. إنها ذبذبات تنتقل من خلال خلايا الشم إلى المخ، فيقول لك المخ: إنها رائحة المسك. وكذلك الأمر عندما تأكل قطعة من الحلوى، أو تلبس ثوبا ناعما كالحرير أو تستمع إلى غناء أو صوت جميل أو ما شبه ذلك من اللذائذ التي لا يعدو كونها ذبذبات تنتقل إلى الأعصاب من خلال الجوارح، والأعضاء. ولو أننا استطعنا أن نكتشف إبرة أو جهاز يوصل هذه الذبذبات العصبية إلى المخ من دون واسطة الأعضاء؛ لحصلنا على هذه المتع واللذائذ من دون أن نكون قد تناولنا أو لمسنا أو استمعنا إلى شيء.

لذة المؤمن في هذه الحياة

أما غير المؤمن؛ فهو يمشي في طريق الحلوى والطيب والحرير وما ذكرنا؛ أما المؤمن فهو يصل إلى درجة من التجرد وإلى الشفافية، وإلى التعالي؛ يُغمض عينه فيسيح في عالم آخر ترد على قلبه أضعاف هذه اللذائذ. ولهذا لم نرى وليا من أولياء الله يشتكي من ضعف الأعصاب مثلا، أو من الكآبة أو القلق والاضطراب. قم بجرد لأسماء المراجع من أولياء الله لتجد أن أعمارهم بين التسعين والقرن؛ إلا أنهم إلى ساعة الوفاة تصدر عنهم الفتاوى، ويصدر الأمر بالجهاد. هذا وأحدنا سرعان ما يُقبل عليه الخرف؛ فينسى كل شيء. بخلاف المراجع الذين كلما ازدادت أعمارهم المباركة؛ يزدادون تألقاً.

طمأنينة الإيمان

ثم لو تأملت، لوجدت أن معظم المراجع يُقَلدون بين السبعين والمئة. فهم في هذه السن في قمة نشاطهم. وهؤلاء هم أصحاب اللذائذ الحقيقية. يُقال أن أحدهم في إحدى المدراس القديمة التي لم يكن فيها من اللذائذ شيء كان يصرخ عندما يستشعر شيئا من اللذائذ المعنوية: أين الملوك وأبناء الملوك من هذه اللذة؟

لا تقوم لك قائمة ما لم تسيطر على المعاصي

إن الأجهزة والهواتف هذه الأيام لا تخلو من كلمة سر، وكذلك الأمر في البريد الإلكتروني وما شابه ذلك. إن كلمة السر للوصول إلى عالم ذلك العالم يعرفها الجميع: (وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا)[٢]؛ بشرط الصبر وطول البال، وبالإضافة إلى مراقبة السلوك نهاراً. إن الذي يعصي الله في النهار، ويقوم الليل؛ هو كمن يربح بالموجب ويخسر بالسالب، فالنتيجة صفر. وقد مثلت ذلك روايات أهل البيت (ع) بمن يبني حائطا فيرتفع متراً ثم يرفسه آخر الليل، ويكرر ذلك. فهل تقوم لهذا الإنسان قائمة؟ وهل يرتفع له بناء؟ ومثاله القرآني: (وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتۡ غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثٗا)[٣]. وهذه التي كانت تنقض غزلها، تُسمى حمقاء الجاهلية. كانت تنسج شيئا وتنقضه آخر الليل.

أسير الوهم والخيال

ومن موانع القرب إلى الله عز وجل؛ مانع الوهم والخيال. إن الإنسان هو أسير الوهم والخيال. فالشيطان يوهم الإنسان مثلا أنه إذا أنفق في سبيل الله عز وجل فسوف تنقص أمواله أو لن يكون له مال يدخره لأيام فقره، وهذا قوله سبحانه: (ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡر)[٤]. ترى بعض التجار له من الثروة ما يموله وأربعة أجيال من بعده. لقد قلت لأحدهم ذات يوم: لم هذا الإصرار والتفاني في جمع الأموال؟ قال: إنه الحرص…! وهذا إن أراد أن يدفع مالاً زهيداً؛ ثبطه الشيطان ووعده الفقر. إن الوهم والخيال من الأمور التي لو فُتحت على الإنسان نغصت عيشته.

هل يتسلط الشيطان على بدن الإنسان؟

وليس للشيطان سلطان على بدنك. هل رأيت إنساناً يقول: أرغمني الشيطان على شرب الخمر؟ أو قال: إن الشيطان أدخلني الحانة وسكب الكأس في فمي وشربته؟ لو قال لك أحدهم ذلك، لقلت له: أنت كذاب، وهذا وهم وخيال. إن الشيطان لا يجعل سكينا في يدك ويقول: اطعن فلانا؛ فلا سلطان له علينا.

أسراء الوهم والخيال المساكين…!

ولكن الله عز وجل فتح له باباً من أوسع الأبواب، فقال سبحانه: (ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ)[٥]. فما تشعر وأنت جالس إلا وقد هجمت عليك الأوهام والتخيلات، وتحزن من غير سبب وجيه أو تخاف من مستقل مجهول؛ فتصبح بين الحزن على الماضي والخوف من المستقبل. فتفكر في تجارة خسرتها قبل عشرين سنة فتحزن لتلك الخسارة التي أكل عليها الدهر وشرب. وقد سمعت عمن يُخزن الطعام في أيامنا هذه خوفا من الحرب العالمية الثالثة التي يظنها بتوهمه أنها باتت على الأبواب. وتراه لا ينام الليل إلا وكابوس الحرب النووية يراوده مثلا. إن المسكين لا يدري أنه أصبح أسير الوهم والخيال.

استمرار الشياطين بالوسوسة

وقد ذكر سبحانه عن الشيطان أنه: (يوسوس)، وهذا الفعل مضارع؛ أي بمجرد أن تستيقظ؛، تراودك الأفكار الشيطانية إلى أن تنام. ولهذا أنت بحاجة إلى استعاذة مستمرة. من الأدعية التي تنفعك في هذه الحالات، أن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأعلى من ذلك القلاقل الأربعة؛ الكافرون، والتوحيد، والناس، والفلق. فإنك كنت تبحث عن تحصينات إضافية فعليك بقراءة آية الكرسي خمس مرات؛ فمن فعل ذلك تولاه رب العالمين بالحفظ دون ملائكته.

[١] الصحیفة العلویّة  ج١ ص١٨٥.
[٢] سورة الإسراء: ٧٩.
[٣] سورة  النحل: ٩٢.
[٤] سورة البقرة: ٢٦٨.
[٥] سورة الناس: ٥.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • بمجرد أن تستيقظ؛، تراودك الأفكار الشيطانية إلى أن تنام. ولهذا أنت بحاجة إلى استعاذة مستمرة. وأعلى من ذلك القلاقل الأربعة؛ الكافرون، والتوحيد، والناس، والفلق. فإنك كنت تبحث عن تحصينات إضافية فعليك بقراءة آية الكرسي خمس مرات.
  • من موانع القرب إلى الله عز وجل؛ مانع الوهم والخيال. إن الإنسان هو أسير الوهم والخيال. فالشيطان يوهم الإنسان مثلا أنه إذا أنفق في سبيل الله عز وجل فسوف تنقص أمواله أو لن يكون له مال يدخره لأيام فقره، وهذا قوله سبحانه: (ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡر) .
Layer-5.png