كيف ندعو لإمام زماننا (عج)؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هل نُحشر تحت لواء إمام زماننا؟

إن لكل أمة من الأمم لواء وإمام يُدعون به ولا شك أن اللواء الجامع هو لواء النبي الأكرم (ص) الذي يحمله أمير المؤمنين (ع) وهو لواء يقف تحته جميع الموالين. إلا أن لكل إمام لواء تحت هذا اللواء، وكل جماعة تُحشر تحت لواء إمام زمانها؛ فأصحاب الحسين (ع) يُحشرون تحت رايته وأصحاب الباقر (ع) يُحشرون مع إمامهم تحت لواءه، وهكذا الأمر في جميع الأئمة (ع). وإننا سنحشر تحت راية إمام زماننا (عج) الذي تنزل عليه المقدرات في ليلة القدر. وكم صرف عنا بدعائه ما كُتب لنا من البلاء المبرم؛ فهو ليس مجرد متلق في تلك الليلة وإنما يحق له الطلب والتبديل.

إمامنا (عجل الله فرجه) يعيش بيننا

وهناك فرق بين إمامنا (عج) وبين آبائه (ع) وهو أنه حي يعيش بين أظهرنا. إننا نزور الأئمة (ع) ولكن نزور قبورهم الطاهرة وإن كنا نعتقد أنهم أحياء عند ربهم يُرزقون لأنهم استشهدوا جميعهم والشهيد حي يُرزق؛ فكيف بسيد الشهداء (ع)؟ ولذلك يقول البعض من العلماء: لا تقل: زرت قبر المعصوم، بل قل: زرت المعصوم. إلا أن حياة إمامنا الذي نحن نحشر تحت رايته حياة حقيقية دنيوية، ولطالما رأينا في طواف أو في سعي ونحن لا نعرفه. ولهذا عندما يظهر (عج) يرى الناس وجها مألوفا، وقد رُئي حاجاً في زمن الغيبة وبعد أن اختفى علم من رآه أنه إمام زمانه. فعندما تلهج باسمه الشريف في الشدائد أو في غيرها؛ تذكر هذا المعنى جيدا.

الاهتمام بالدعاء له وزيارته (عجل الله فرجه)

من الأمور التي ينبغي أن نهتم بها كثيرا؛ الاهتمام بالأدعية الخاصة به، وزيارة الإمام (عج) بالزيارات المأثورة والمتنوعة، فلا نكتفي بزيارة واحدة، كما أنك لا تكفي من الطعام والشراب والفاكهة بلون واحد. هناك مجموعة من الزيارات مرتبطة بوجوده الشريف، منها: زيارة آل ياسين المنسوبة إليه والتي ينقلها الطبرسي في الاحتجاج ويذكر أنها خرجت من الناحية المقدسة؛ والناحية المقدسة كناية عن وجوده الشريف. ومن الأدعية المهمة التي تُقرأ في الأعياد الأربعة؛ دعاء الندبة. ومن الأدعية دعاء زمن الغيبة وهو دعاء مفصل يتضمن مضامين عالية، ومنها الدعاء: سلام الله الكامل التام، ومنها: إلهي عظم البلاء الذي يُعرف بدعاء الفرج.

التدقيق في سند الدعاء والزيارة

ولا تبحث عن سند لهذه الأدعية والزيارات؛ فلسنا في مقام الفتوى. فاكتف بالسند أنها مما ينقلها الكبار كالسيد ابن طاووس والكفعمي والشيخ الطوسي رضوان الله عليهم جميعا. إننا نلهج صباحا بدعاء الصباح ونلهج بدعاء كميل من دون أن ندقق في الأسانيد ويكفينا ما تتضمنه من المعاني العميقة والعالية. إن البعض يدقق في ما لا يلزم التدقيق فيه؛ فيحرم من بركاته.

الهج بالدعاء ولكن بهذا الشرط

حاول أن تلهج بها بين وقت وآخر وخاصة مع الإقبال؛ فهو شرط مهم. إذا رزقك الله نشاطا وخفة وفراغا؛ فاستثمره لقراءة هذه الأدعية والزيارات. ترى الرجل قد أخذ قسطا كافيا من النوم وأكل طعاما مقوياً على شاطئ بحر مثلا، ثم يصرف وقته في ما لا طائل تحته. ما دمت نشيطاً معافاً، وفي حالة إيجابية؛ فاصرفها في هذه المعاني، وزر إمام زمانك، والهج بالدعاء له وصل لله ركعتين. إن بعض المؤمنين عندما يذهب إلى بلاد الغرب ويكون في غابة أو على بحيرة؛ يستثمر ذلك الجو الميل لكي يتقرب إلى الله سبحانه بركعتين.

توجه إلى الله بزيارة آل ياسين

وزيارة آل ياسين من الزيارات البديعة وقد ورد في صدر روايتها: (لاَ لِأَمْرِهِ تَعْقِلُونَ وَلاَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ حِكْمَةٌ بٰالِغَةٌ فَمٰا تُغْنِ اَلنُّذُرُ  عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ فَإِذَا أَرَدْتُمُ اَلتَّوَجُّهَ بِنَا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْنَا فَقُولُوا كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى)[١] ثم يذكر الإمام (عج) نص الزيارة. وهنا لفتة توحيدية حيث يقول الإمام (عج): إذا أردتم التوجه بنا إلى الله؛ فأين شبهة الشرك في مثل هذه الزيارة؟ أي توجهوا إلى الله عز وجل أولا، ثم إلينا ثانيا. وكذلك الأمر في دعاء التوسل لو دقق المتأمل فيه؛ فهو دعاء توسل ولكنه مناجاة مع رب العالمين: إنا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك إلى الله وقدمناك بين يدي حاجتنا، يا وجيها عند الله، اشفع لنا عند الله. تأمل كيف نذكر اسم المعصوم مرة واحدة ولكننا نكرر لفظ الجلالة أضعاف ذلك.

الزيارات التي تنتهي بأدعية عالية المضامين

ولو تأملنا في زيارات أهل البيت (ع) لوجدنا أن أكثرها تنتهي بالدعاء. من هذه الزيارات؛ زيارة عاشوراء التي تنتهي بدعاء العلقمي ذي المعاني العظيمة، وزيارة أمين الله تنتهي بالمنجاة مع رب الأرباب، وزيارة آل ياسين من تلك الزيارات. فيتلو هذه الزيارة دعاء مفصل عظيم، نقرأ فيه: (اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَكَلِمَةِ نُورِكَ وَأَنْ تَمْلَأَ قَلْبِي نُورَ اَلْيَقِينِ وَصَدْرِي نُورَ اَلْإِيمَانِ وَفِكْرِي نُورَ اَلنِّيَّاتِ وَعَزْمِي نُورَ اَلْعِلْمِ وَقُوَّتِي نُورَ اَلْعَمَلِ وَلِسَانِي نُورَ اَلصِّدْقِ وَدِينِي نُورَ اَلْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَبَصَرِي نُورَ اَلضِّيَاءِ وَسَمْعِي نُورَ اَلْحِكْمَةِ وَمَوَدَّتِي نُورَ اَلْمُوَالاَةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ)[٢]. لو استجاب الله سبحانه لك هذا الدعاء؛ لخرجمت من الظلمات ودخلت إلى النور من أوسع الأبواب.

من الأنوار المهمة التي وردت في هذا الدعاء؛ نور اليقين، لما روي: (مَا قُسِمَ بَيْنَ اَلنَّاسِ أَقَلُّ مِنَ اَلْيَقِينِ)[٣]. لماذا نجزع في البلاء؟ لعدم اليقين بالتعويض. لماذا نحرص على الرزق؟ لعدم اليقين برازقية الله عز وجل. لماذا نركن إلى الشهوات؟ لعدم اليقين بجزاء الآخرة. إذا وصلت إلى المرتبة التي يصفها الإمام أمير المؤمنين (ع): (فَهُمْ فِي اَلْجَنَّةِ كَمَنْ قَدْ رَآهَا مُنَعَّمُونَ)[٤]؛ فهل تُصاب بمرض نفسي؟ كيف يكون ذلك وهو في هذه الدنيا يعيش مشاعر أهل الآخرة المنعمون في جنانهم وفي جوراهم لربهم؟