- ThePlus Audio
كيف نجلب قلب امامنا المهدي(عج)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث عن الإمام صاحب العصر والزمان
بفضل الله عز وجل انعقدت النية على أن يكون شطرا من حديثنا في هذه الأيام حول إمامنا المهدي روحي وأرواح العالمين له الفداء. لقد شبهنا مسألة الإمام بالصلاة التي هي ثقيلة على المؤمنين، وقلنا: إن التوسل بصاحب هذا المقام أمر متيسر؛ فحتى غير المسلمين يبكون على مصيبته في يوم عاشوراء ويأتون لزيارته في الأربعين. فبعض المواكب هي لغير المسلمين.
علة الجفاء لإمام الزمان
ولكن لا ندري لماذا هذا الجفاء لإمام زماننا؟ إن ذكره قليل ودعاء الفرج بهذا المقدار لا يسمى ذكراً له، وزيارتك له في النصف من شعبان بالسنة مرة واحدة لا يعد ذكرا له. وإجمالاً ذكره ثقيل ولا أدري لماذا؟ بمعنى أن الإنسان يريد أن يلتفت ويتودد إليه وكأنه لا يؤذن إلا للخواص، فماذا نعمل؟ إن هذا العتاب لا ينفع. أولا إن دوائر المنتظرين المهدوين دوائر مختلفة؛ فهناك اللصيقون بالإمام ويقال: أن منهم الخضر، وهناك جماعة تسمى بالأبدال الذين يقضي الإمام حوائج البعض من خلالهم. ولا نصر على التسمية ولا نصر على أصل الأمر.
الأبدال
ولهذا لو رأيت شخصاً غريباً ينجيك من محنة وأنت في حال اليقظة لا تجزم بأنه الإمام فضلاً عن المنام. ولا ندري ماذا نقول عن هذه المنامات؛ فالبعض يبني حياته على المنام، ويزكي الناس بما رأى في المنام. إن بعض أهل الأباطيل عندما تسأله يقول: رأيت مناماً كذائيا ولا أدري ما قيمة المنام، منام إذا كان فيه شواهد كمنام الأنبياء فهو مقبول؛ أما أحدنا طوال الليل يعصي وقبل الفجر يرى مثلا مناماً جميلاً أو نوراً يخرج من رأسه هذا وهو لا يصلي الصبح وإنما يستيقظ بعد طلوع الشمس. إنه طوال الليل في معصية ولم يصلي ثم يتبجح بالمنام. دع المنام وانظر إلى اليقظة كيف أنت فيها؟
وهنالك الدائرة العامة. إن جميع الفرق والأديان تعتقد بالمنقذ والمخلص وهناك إجماع بين المسلمين سنة وشيعة على فكرة الإمام، ولكن إخواننا العامة يعتقدون أنه لم يولد بعد ونحن نعتقد أنه قد ولد. ولكن النتيجة هو اعتقادنا أنه هو الذي ينشر العدل في العالم وخاصة هذه الأيام وكلما تقدم الزمان ازدادت حاجة الأمم الملحة إلى منقذ. إن اليهود النصارى، وحتى الملاحدة كالشيوعيين وغيرهم يقولون: إن الإنسان لا ينقذ الإنسان والحكومات لا تنقذ، وهم رأس الفساد. بالله عليكم هل بالإمكان التعويل على من هم على رأس القوى العالمية هذه الأيام؟ هؤلاء هم سبب الفساد والإفساد. ويرون أنه لابد من موجود خارج دائرة الطواغيت والحكام.
اهتمام الإمام (عجل الله فرجه) بالمستضعفين
إنني اعتقد أن الإمام عينه على المستضعفين من غير المسلمين وهذا دأبهم. فكم كان أمير المؤمنين (ع) يتألم عند الاعتداء على ذمية؟ يقول: لو مات الإنسان بعد سماعه هذا الخبر لما كان عندي ملوماً. ولهذا إذا ظهر الإمام (ع) ورأى المسلمون لطافته ورقته فبالتأكيد سينضمون تحت لوائه، وهو عينه على المسلمين ممن تشهد الشهادتين، فنحن نعتقد أن المسلم المظلوم المنتهك هو بعين الإمام ثم من بعد ذلك؟ وبعد ذلك شيعته ومن يعتقد به أنه إمام زمانه، ومن يبكي على فراقه، ويندبه في كل جمعة وفي الأعياد الأربعة.
وأخيرا الذين يعيشون حالة الانتظار والترقب. نحن في حياتنا هذه رأينا بعض المؤمنين يعيش حالة الانتظار ويلهج بذكره ويسمي أبنائه باسمه، وإذا كان في العراق يلتزم بالسهلة، وإذا كان في قم يلتزم بمسجد جمكران مثلا. وبعض الخطباء يغلب على الخطبة وحديثه وموعظته ذكر الإمام (ع)، ولو بين وقت وآخر. فإذا أردت أن تختبر نفسك أنك مهدوي أم لا؛ إذا أصبحت تحت القبة ولك عشرات الحوائج فذكرت الإمام أولا من دون تكلف ومن دون تلقين ودعوت لفرجه بحرقة فهذه علامة طيبة. وكذلك إن ذهبت إلى الحج والعمرة، ووصلت بعد اللتيا والتي إلى الحجر وأول ما وضعت رأسك في الحجر في أول ثوان اول قل: اللهم كن لوليك. وهذه الحركة مشكورة وهذه علامة القرب من إمام زمانك (ع).
ليلة القدر وعلاقتها بالإمام
إن ليلة القدر هي من المناسبات المهمة في السنة، فيقول سبحانه: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)[١]؛ ونحن نعتقد أن الإمام له حق النقض والإبرام، ودعائه مستجاب. هنالك عبارة البعض لم يقرأها في زيارة الحسين (ع)؛ فنحن نقرأ الوارث وزيارة عاشوراء مثلا، ولا نقرأ عادة هذه الزيارة المذكورة في مفاتيح الجنان والتي فيها عبارة مرتبطة لا بالحسين (ع) فحسب؛ بل بإمام زماننا (عج)، وهي عبارة راقية جداً وأما أحب هذه الفقرة، وهي: (إِرَادَةُ اَلرَّبِّ فِي مَقَادِيرِ أُمُورِهِ تَهْبِطُ إِلَيْكُمْ وَتَصْدُرُ مِنْ بُيُوتِكُمْ)[٢]؛ فالحسين (ع) مظهر الإرادة الإلهية والخطاب للجميع، فالمقادير لا تهبط إلى النبي أو إلى أمير المؤمنين (ع) فقط؛ بل كل إمام في زمانه يتلقى الأوامر الإلهية. ولذلك من أعمال ليلة القدر الإكثار من الدعاء لفرجه.
دعاء الإمام لمن ذكره في يوم عرفة
إنني استبعد أن الإمام لا يذهب إلى الحج؛ بل هو أمير الحاج. فالإمام له وزنه ولولاه لساخت الأرض. إن الإمام في يوم عرفة من أول الداعين لا أعني الأول ترتيبا وإنما أكملهم؛ فأي دعاء يصل إلى دعاء إمام زماننا (ع)؟ في يوم عرفة أوصل نفسك بالإمام. إن هذا السلك الضعيف النحيف أوصله بالإمام واقتبس من نوره. رأيتم كشافاً كبيراً أو مصباحا يضيئ المجلس فتنظر فإذا خلفه سلك بسيط، وهذا السلك متصل بمحطة الطاقة فينير المجلس بسبب بسيط. أوصل نفسك إلى هذه المحطة العظمى ليصبح قلبك المظلم كالمصباح المنير.
إن في يوم عرفة يبدأ العمل البعض منا من الزوال. فتوجه أنت من الصبح إلى الإمام، وقل: يا مولاي، أنت اليوم على جبل الرحمة، وفي يوم عرفة اجعلني على بالك. فليس من الضرورة أن يقول: فلان بن فلان فقد يكون الإمام في شغل، ولكن يكفي أن يقول: يا رب، اغفر لكل من سألني الدعاء، وأنت قد سألته الدعاء. أو قال: اللهم اغفر لكل من دعى لفرجي.
استجلاب نظر الإمام
إشارة حسينية أو كما يقال: من تجارب الحياة؛ إذا وصلت إلى الضريح تحت القبة في أي زيارة ثم رق قلبك – قد تزور عشرات المرات فلا يرق إلا في زيارة وتراه نابضاً كما يقال – واتصل سلكك وجرت دمعتك فقل مخاطبا إمام زمانك: يا مولاي، اشهد علي فإني أدعو لك عند قبر جدك وأنت الآن لعلك في الصين تقضي حوائج البعض أو في الشمال أو في الجنوب – فالإمام يجوب الأرض يقضي الحوائج – أو لعلك الآن لست عند جدك وأنا عند جدك الآن تحت القبة أدعو لك؛ فاذكرني. وهذه الحركات العاطفية تثمر في الحقيقة. قد تقرأ دعاءً طويلاً فلا يلتفت إليك الإمام ولكن قد يلتقت إليك بهذه الحركة البسيطة. ماذا قال الحر؟ قال: هل لي من توبة. إنها كلمة بسيطة ولكنها جعلت الحر حراً.
التوصيات العملية
وبما أني أحب أن يكون الكلام عملياً؛ فإن لي بعض التوصيات. فماذا ينفع أن نكثر من العتاب؟ إذا ذهبت إلى الطبيب وعاتبك على أنك ما جعلت نفسك في حرز من المرض تقول له: يا فلان أكتب لي الوصفة ولا تعاتبني فتزيد الطين بلة. إنني حزين ومتألم كولامك يزيدني ألماً. أولا: الإمام هو ولي الله الأعظم وحجة الله على من فوق الأرض وعينه على السماء، وأنت عينك عليه. فتشبه به. إن من لا يصلي أول الوقت غير متشبه بإمام زمانه، والعاصي غير متشبه بإمام زمانه. إن الإمام عينه على الذي يشبهه إجمالاً؛ فالمتقي هو أهل الفضائل، وكلما زدت في التقوى درجة، زدت قرباً من مولاك (ع). ولهذا لا يتوقع أصحاب المعاصي نظرة مهدوية. وسيشفع لنا يوم القيامة وسنحشر تحت رايته؛ فرب العالمين يدعو كل أناس وكل أمة بإمامهم.
احمل هم إمام زمانك
وثانيا: احمل همه. أو تعلم أنك عندما تعصي معصية ما الذي يجري؟ أولا إن للمعاصي رائحة نتنة لو كشف لك الغطاء لشممتها. إن أمير المؤمنين (ع) كان يقول: (تَعَطَّرُوا بِالاِسْتِغْفَارِ لاَ تَفْضَحْكُمْ رَوَائِحُ اَلذُّنُوبِ)[٣]؛ إن أكل الميتة ملكوت الغيبة، وأكل النار ملكوت أكل مال اليتيم، وكل المعاصي لو كشف لك الغطاء لكنت أول المتأذين من رائحتها النتنة. يقول الملكان: ماذا صنعت اليوم بنا من الصباح إلى الليل ورائحتك نتنة؟ إن الملكين يتأذيان، ومن يتأذى غير الملكين؟ يتأذى نبيك الأعظم يوم القيامة، فيقول لك: أخجلتني يا فلان في دائرة فيها المسيحي واليهودي وغير المسلم، وهم يقولون: انظروا إلى المسلم كيف يسرق؟
أنت في دائرة فيها من لا يعتقد بإمامك وبولي أمرك أمير المؤمنين (ع). وهذه ثقيلة جداً على الإمام أن يقال: هذا علوي أو جعفري أو هذا يقول: أنا من شيعة أمير المؤمنين (ع) وهو على نهج أعداء أمير المؤمنين (ع). كم يحز ذلك في نفس الإمام (ع)؟ ثم تذهب إلى النجف تطلب من الإمام النظرة؟ يقول: فضحتنا في الأمس وعيروك بنا والآن تطلب الشفاعة؟ أي منطق هذا؟ والنبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) في عالم البرزخ لهم نظرتهم. أحدهم عمل عملاً صالحاً وهو أنه وصل ابن عم له، يقول الإمام: أنا سررت بك، وهم يفرحون.
الجمع بين فاطميتين
هنالك مسألة شرعية موجودة في كتب الفقه القديمة؛ يقولون: يكره الجمع بين فاطميتين. تقول الرواية: (لاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ثِنْتَيْنِ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ، إِنَّ ذَلِكَ يَبْلُغُهَا فَيَشُقُّ عَلَيْهَا)[٤]. أنت في القرن الحادي والعشرين وفي زاوية أو في قرية تتزوج وتجمع بين ضرتين وكلاهما من ذرية فاطمة (ع) فيبلغها ذلك. أين الزهراء (س) وأين أنا؟ إن هذه الذوات ذوات مراقبة وذوات حية تفرح وتحزن. وأخيرا؛ اعلم أن إمام زمانك إمام حي حاضر يتألم عند ارتكابك للمعصية؛ فلا تدخل عليه حزناً.
الشعور بفقد الإمام (عجل الله له الفرج)
وكذلك الدعاء بلهفة وحرقة. يقول السيد بن طاووس: ترى بعض النساء في الحرم تبكي كالمجنونة فتقول لها ما بك؟ تقول: فقدت ولدي الصغير، وهي بعد قليل تراه في المفقودين وتلتقي بولدها؛ وأنت افتقدت إمام زمانك منذ البلوغ إلى الآن؛ فعليك أن تكون من الذين يعيشون هذا الفقد.
خلاصة المحاضرة
- وصلت إلى الضريح تحت القبة في أي زيارة ثم رق قلبك واتصل سلكك وجرت دمعتك فقل مخاطبا إمام زمانك: يا مولاي، اشهد علي فإني أدعو لك عند قبر جدك وأنت الآن لعلك في الصين تقضي حوائج البعض أو في الشمال أو في الجنوب أو لعلك الآن لست عند جدك وأنا عند جدك الآن تحت القبة أدعو لك؛ فاذكرني.
- إن جميع الفرق والأديان تعتقد بالمنقذ والمخلص وهناك إجماع بين المسلمين سنة وشيعة على فكرة الإمام، ولكن إخواننا العامة يعتقدون أنه لم يولد بعد ونحن نعتقد أنه قد ولد. ولكن النتيجة هو اعتقادنا أنه هو الذي ينشر العدل في العالم وخاصة هذه الأيام وكلما تقدم الزمان ازدادت حاجة الأمم الملحة إلى منقذ.
- يقول السيد بن طاووس: ترى بعض النساء في الحرم تبكي كالمجنونة فتقول لها ما بك؟ تقول: فقدت ولدي الصغير، وهي بعد قليل تراه في المفقودين وتلتقي بولدها؛ وأنت افتقدت إمام زمانك منذ البلوغ إلى الآن؛ فعليك أن تكون من الذين يعيشون هذا الفقد.
- أنت في دائرة فيها من لا يعتقد بإمامك وبولي أمرك أمير المؤمنين (ع). وهذه ثقيلة جداً على الإمام أن يقال: هذا علوي أو جعفري أو هذا يقول: أنا من شيعة أمير المؤمنين (ع) وهو على نهج أعداء أمير المؤمنين (ع). ثم تذهب إلى النجف تطلب من الإمام النظرة؟ يقول: فضحتنا في الأمس وعيروك بنا والآن تطلب الشفاعة؟