– إن هذا الحديث متناسب مع شهر رمضان؛ لأن شهر رمضان هو شهر التزود العلمي والثقافي، بالإضافة إلى التزود العبادي.. ومن ناحية أخرى، فإن هذه الليالي والأيام منتسبة إلى أمير المؤمنين (ع)، شهيد هذا الشهر المبارك.. ومن هنا يجب أن يكون هذا الحديث، من موجبات البحث والتعرف على نهج البلاغة، هذا الكتاب القيم الذي لم يعط حقه.. فالمؤمن له أنس بأدعية أهل البيت (ع)، ولكن هنالك نقصا في الإنس بأفكار أهل البيت ومنهجهم في الحياة.
– إن من الروايات الملفتة في كلمات علي (ع)، هذا الحديث الذي يثير الخوف والتحسر.. لقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: (كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء، حبذا نوم الأكياس وإفطارهم)!.. في هذه الرواية علي (ع) يريد أن يفتح لنا منهجاً في الحياة، وكلام علي (ع) كلام دقيق، وينبغي أن نتناوله بحذر!..
– إن مسألة الموازنة بين العبادة وبين التعقل والتفكر، الموازنة بين العمل الجوارحي وبين العمل الجوانحي، الموازنة بين السلوك الخارجي وبين العمل الباطني.. هي بحث دقيق بين العلماء، وهذا البحث هو مورد ابتلاء الكثيرين.. هناك ثلاثة أصناف من الناس، بالنسبة إلى الحركة الروحية التكاملية:
الصنف الأول: إن هناك قسما من الناس يستهويهم من عالم التقرب إلى الله -عز وجل- جانب العبادة الجوارحية؛ لأن هنالك بعدا ماديا.. فالذين التزموا في هذا الشهر بصلاة ألف ركعة، فيرى في دفتره ألف ركعة، أي أن هنالك وجودا ماديا، هذا الوجود يريحه.. والعمرة كذلك وجود مادي، فهو يذهب إلى البيت، ويقف تحت الميزاب، وعند الحطيم.. وعندما يذهب لزيارة مشاهد أهل البيت (ع)، يصلي عند الرأس الشريف.. فإذن، إن البعض يأخذ من الشريعة هذا الجانب العبادي المادي؛ أي الجانب الذي فيه مزاولة، وتشغيل للجوارح والأعضاء.
الصنف الثاني: وهنالك قسم لعله لا يعطي هذا الجانب حقه، فيعيش الإنماء الباطني -إن صح التعبير- فهو تارة يكون في الحقل النظري، وتارة يكون في الحقل العاطفي.. إن البعض يعيش حالة التأمل دائماً، وخاصة في صنف الفلاسفة والمتكلمين وأصحاب النظريات، ينظر ويتكلم عن الدين في جانبه الفكري، ويأتون بكلام لطيف وجميل.. إن أحد هؤلاء المفكرين، وهو على مستو جيد من الشهرة في مختلف الأوساط، كانت زوجته تشكو من تركه للصلوات الواجبة، حيث كان يجمع الصلوات فترة من الزمن، ثم يصليها دفعة واحدة مثلاً، وعندما تسأله: يا فلان لم لا تصلي؟.. يقول: أنا الآن مشغول بالبحث العلمي لخدمة الدين!.. -وبالفعل له صولات وجولات في المنتديات وغيرها- والصلاة نصليها لاحقاً.. يصل الأمر في البعض إلى هذه الدرجة من السخف في التفكير، أنه يريد أن يطيع أو يخدم رب العالمين بطريقته.. البعض منا هكذا يريد أن يخدم الشريعة كيفما اتفق!.. ولهذا بعض أصحاب المواقع والمنتديات الإسلامية، وفي أثناء العمل يرتكبون المخالفات الكثيرة في هذا المجال: استرسالاً مع الجنس الآخر، وما يلحقها من تبعات.. فالبعض هكذا يعيش الجانب الفكري من الشريعة.. كثير من الفلاسفة الإسلاميين، وأهل التنظير، البعض يشك في عبادتهم، حتى لعل البعض كان يصل لدرجة شرب الخمر، ولكن عندما يكتب، يكتب ما يبهر الألباب!..
الصنف الثالث: وهو الذي يريد أن يتقرب إلى الله -عز وجل- من زاوية العواطف والمشاعر: ومن هؤلاء قسم كبير من الصوفية المنحرفين.. وفي التاريخ أيضاً البعض منهم ترك الصلاة متعذراً بقوله: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.. إذا صار هناك يقين، لم يعد هناك عبادة، كأهل الجنة، هذا أيضاً توجههم.. والأبيات في العشق الإلهي كثيرة، والدواوين الشعرية العاطفية الإلهية موجودة بلغات شتى.. ومنها:
أحبك حبين حب الهوى *** وحبا لأنك أهل لــذاكـا
فأما الذي هو حب الهوى *** فشغلي بذكرك عمن سواكا
وأما الذي أنت أهل له *** فكشفك للحجب حتى أراكا
إن البعض يعيش هذا الجو في الجانب التوحيدي، أو في الجانب التوسلي، كالذين يعيشون في هيام وغرام مع أهل البيت (ع)، فهم يكتفون في الارتباط بالمعصومين بإبراز الحب.. وذلك لأنه يعيش وخز الضمير، ومقصر في العمل، فيمني نفسه بهذه الأبيات وبهذه الممارسات العاطفية؛ إرضاء لنفسه.. بل حتى المبالغة في ذلك، وإظهار الجزع الشديد؛ فإن الدواعي الخفية للبعض، هو التنفيس عما يرتكبه طوال السنة، ويريد بهذه العملية أن يكفر عن سيئاته.. هذا جيد، ولكن بشرط عدم العود.. في يوم عرفة هنالك حديث جميل يقول المعصوم (ع) -ما مضمونه-: (أن كل من في عرفة يغفر لهم)، يقول الراوي: مولاي!.. كيف يغفر لهم؟!.. كيف يغفر لكل إنسان شهد عرفة، أين الموازين الأخرى؟.. المعصوم يقول: هؤلاء يعودون لما هم عليه.. أي في يوم عرفة الرحمة غمرت، ولكن في الليلة الثانية في اليوم الآخر، كل يرجع إلى طريقه.. فإذن ترجع القصة كما كانت.
– إن الذين يعيشون القرب إلى الله -عز وجل- على مستوى الحب المجرد، فهذه الأبيات المنسوبة إلى الإمام الصادق (ع)، هي جواب لأصحاب هذا المسلك:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا محال في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع
يقول: هذه حركة غريبة، إنسان يدعي الحب ولا يردفه بالعمل!.. ثم يقول: هناك حب، ولكنه حب ادعائي وتلقيني، وليس حبا ذاتيا في أعماق الوجود.
فإذن، إن هناك ثلاثة مسالك في الحركة الروحية التكاملية: مسلك العمليين: هذا فقط يعبد، ويعمل، ويصوم، ويصلي.. ومسلك التفكريين العقلانيين.. ومسلك العاطفيين والقلبيين.
– ولكن هناك صنفاً آخر أيضا وهو خطير، لأن صاحبه يدّعي التقرب.. يقال: أن من أخوف الآيات هذه الآية: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}.. فهؤلاء أصحاب سعي، وأصحاب مدرسة في الحياة، كلهم طاقات لخدمة الدين؛ ولكن ضل سعيهم.. والخوارج من الذين ضل سعيهم، حيث أن الخوارج كانوا يستميتون في الدفاع عن شعار: إن الحكم إلا لله.. أحدهم كان يصلي خلف أمير المؤمنين، ويرفع أعلى صوته ويقرأ قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، يعرض بأمير المؤمنين، وهو مجسد التوحيد، هؤلاء بلغ بهم الأمر إلى أن استباحوا دم علي (ع).
– إن الإمام (ع) كأنه يريد بهذا الحديث، أن يشير إلى هذه المسالك إجمالاً: (كم من صائم، ليس له من صيامه، إلا الجوع والظمأ)!.. إنسان يقوم بحركة جوارحية وهو الصوم، ولكن هذا الصوم لا رصيد له.. هل يمكن أن يكون هناك عمل صالح، لا رصيد له؟.. مثال من القرآن الكريم: هابيل وقابيل.. إن أعظم جريمة هي أول جريمة، {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، والخلود ليس قضية بسيطة.. فأول جريمة وأعظم جريمة في تأريخ البشرية، لم تكن بسبب نزاع على أرض ولا على عقار، فالأرض ومن عليها كانت لعدة أفراد: جدنا آدم، وجدتنا حواء، وهابيل وقابيل وأخوتهم.. وإنما كانت بسبب تقبل الله القربان من أحدهما، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.. نعم يصل الأمر بقابيل أن يقتل أخاه، وكان القتل أيضاً بلا خبرة مسبقة، فتورط في المقتول {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}، إنه موقف يثير التقزز والنفور من هذا القاتل!.. {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}.. انظروا هذه البساطة والأريحية والطيبة في هابيل!.. {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، إنما أداة حصر.. فإذن، قابيل قدم قربانا شكليا، وهابيل أيضاً قدم قرباناً، فالتقوى الخلفية كانت منتفية في قابيل، ولولا انتفاء هذه الأرضية، لما أقدم على هذه الجريمة الكبرى.
وعليه، فإن تقديم القربان، زائداً تقوى، يساوي القبول.. نبي الله إبراهيم (ع) ما الذي فعله؟.. وضع حجارة على حجارة.. فالبناء ليس بذلك البناء الفخم، فهو لم يبنِ ناطحة سحاب في أرض مكة، ولم يبن قصراً فاخراً، والكعبة التي بناها إبراهيم (ع)، ليست هذه الكعبة.. فهذه مطورة وفخمة جداً؛ قياساً إلى كعبة إبراهيم (ع)، حيث كانت كعبة بسيطة.. فإبراهيم (ع) هو البنّاء، وله مساعد وهو ولده إسماعيل، وأيضاً زوجته هاجر تساعده في ذلك.
فإذن، إن هذه الرواية تقول: بأن الصوم صحيح ظاهرة جوع وظمأ، ولكن له باطنا وملاكا.. فهذا القالب إذا أخذ منه القلب، فلا قيمة له؟.. وهو ما ذكره أمير المؤمنين (ع) عندما سأل المصطفى (ص) عن أفضل الأعمال في هذا الشهر، فقال: الورع عن محارم الله!..
– إن عليا (ع) يأتي بمثال آخر: (وكم من قائم، ليس له من قيامه، إلا السهر والعناء): هو يقوم الليل ويسهر؛ ولكن هذا السهر والعناء لا رصيد له!.. ما العلامة أن سهره هذا لا رصيد له؟.. العلامة أنه لا خاصية له.. مثلا: لو جاءك إنسان وأنت مصاب بصداع، بهذا الدواء المعروف لعلاج الصداع، وتناولت حبة وحبتين وأربعة وخمسة، ولم تشفَ، فإنك ستقول: لو كان دواءً كان من المفروض أن يرفع عني الصداع، أين أثره؟.. والصلاة كذلك لها أثر دوائي علاجي، أثرها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.. فالصلاة لها لسان بليغ فصيح، والمصلي الصلاة الواقعية، لا يحتاج إلى خطب الخطباء، ولا إلى وعظ الواعظين، كل يوم صلاته تتكلم معه: يا فلان، اترك المعصية!.. كيف تقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وأنت بعد الصلاة تعبد الهوى.. فهذه مفارقة؟!..
ولهذا بعد كل فريضة، علينا أن نستغفر الله.. بعض الأوقات الإنسان في الصلاة أو بعد الصلاة، يستغفر الله من صلاته لا من الذنوب.. يقول: هذه الصلاة تحتاج إلى استغفار حقيقة، لأنه من الممكن حسب الروايات أن المصلي عندما يصلي، بعض الأوقات على الأقل يأتيه الخطاب من المليك الأعلى: يا كذاب أتخدعني، تقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وغيري تستعين، لماذا تكذب في الصلاة؟.. ولهذا العلماء يقولون: عندما تقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، عليك بالقرآنية؛ أي تقول: يا رب!.. أنا أقرأ القرآن، ما ادعيت أنني أعبدك، ولا أدعي أنني أستعين بك.. أنا إنسان أصلي صلاتي، وأقرأ القرآن فقط.. فإذن، ينبغي أن نبحث عن الجوهر.
– إن عليا (ع) يقول في ختام هذه الفقرة: (حبذا نوم الأكياس وإفطارهم)!.. الأكياس؛ جمع كيس.. والكيس هو الإنسان الذي له عقل مدبر، لا عقل منظِّر.. قد يكون هناك فيلسوف كبير له عقل، ولكن هذا العقل يتكلم وينظر.. هذا التنظير إذا انتقل إلى ساحة الحياة وأصبح تدبيراً، فهو إنسان كيس.. يقول علي (ع): نم في الليل، فليس هناك داع لصلاة الليل؛ ولكن إذا صار النهار: كن كيساً، وكن فطناً، وكن عاقلاً!.. إذا وقفت بين طريقين، لابد أن تملك القدرة على التمييز، أن هذا الطريق هو حق أو باطل؟.. إن كان الأمر بين حلال وحرام، فإن الأمر واضح؛ ولكن القضية ليست دائماً بهذا الوضوح!.. مثلا: كيف يختار الإنسان من بين المستحبات أرضاها لله عز وجل؟.. هذا حلال وهذا حلال، هذا مستحب وهذا مستحب!.. بعض المستحبات هي مستحب، ولكن يبعّد الإنسان عن الله فراسخ وأميال.. مثلا: هناك أم مريضة تحتاج إلى رعاية، وهي لم تلزم ابنها بشيء، وعندها من يأخذها للطبيب، وفي نفس الوقت هنالك عرض للعمرة.. هنا العاقل الكيس يوازن، فيقول: هذه العمرة فيها هوى النفس، حيث هناك جماعة من الأصحاب، أذهب معهم، وخاصة إذا كانت المنحة مجانية للعمرة، وهذه امرأة عجوز في زاوية البيت، إن شاء الله ندعو لها في العمرة، وتشفى من مرضها.. من يقول أن التكليف هو ترك هذه الأم، والذهاب إلى العمرة؟.. أحد المؤمنين توجه للحج ودفع مبلغاً، وطريقة الدفع كانت بحيث المبلغ لا يسترجع، يقول: أنا ذهبت للحج، وفي الطريق تذكرت أن أمي وقت السفر -طبعاً حج مستحب ليس واجب- كأنها غير مرتاحة من سفري، امرأة كبيرة في السن، يقول: أحسست أنها في اضطراب وغليان، فأوقفت السفر، ومن حيث ذهبت رجعت إلى المنزل، وجلست بجوار أمي!.. يعلم الله أنه من ذلك اليوم فتحت له الأبواب.
– إن رب العالمين عطاؤه غير مرسوم بيد البشر.. إذا أراد الإنسان أن يرسم لنفسه طريقاً في الحياة، فلينظر إلى رضا الله عز وجل، وما الذي يريده رب العالمين منه في هذه اللحظة؟.. قد يقول قائل: من قال أن خدمة أمي في هذه اللحظة أهم من العمرة؟.. إن هذا يحتاج إلى نور من الله عز وجل، والعقل فيه نور، والنور الذي كالكشاف ويفتح الطريق إلى كيلومترات، هو ذلك النور الإلهي.. قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}، إن النكرة في سياق النفي تفيد العموم.. إذا فقد الإنسان هذا النور، وهو في صحراء محفوف بالمكاره: الوديان من جانب، والوحوش من جانب، ووعورة الطريق من جانب؛ هذا الإنسان متى يصل إلى منزله؟.. المؤمن في حياته يحتاج إلى هذا النور: البعض يمشي في مسلك سياسي معين عدة سنوات، ثم يكتشف أن هذا المسلك خطأ، فينحرف إلى مسلك آخر، وكذلك يمشي في هذا المسلك عدة سنوات أخرى، ثم يراه خاطئا، فيعود إلى ما كان عليه.. أي أنه أمضى نصف عمره أو أكثر وهو يتخبط بين يمين وشمال!.. فالذي لا نور له، من الطبيعي أنه لا يعلم من أين المسير.
لذا على الإنسان أن يطلب هذا النور من الله -عز وجل-.. وشهر رمضان، وأسحار شهر رمضان، وليالي القدر، هي الفرصة الذهبية لامتلاك هذا النور؛ فليسأل الإنسان ربه أن يهب له هذا النور.. هذا النور الذي لو أوقعه الله في قلب وفي وجود الإنسان، فإنه يخرج من الحيرة (يا دليل المتحيرين!.. يا هادي المضلين)!.. والإنسان الذي يعيش هذا النور، تتحول حياته إلى جنة من جنان الله في الأرض.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.