- ThePlus Audio
قصة العاصي الذي صادف امرأة جميلة في جزيرة نائية
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
إنَّ العاصي الذي يمارس الحرام مدة من الزمن ثم يتوب إلى الله عز وجل توبة حقيقية، من المعروف أنَّه سيختصر بعض المراحل وتكون له قوة في باطنه تدفعه نحو الله عز وجل، وقد يتقدم على الطائعين من عباد الله عز وجل لما يعيش من الانكسار والندامة في نفسه.
وكمثال على ما ذكرنا القصة التي ينقلها الإمام السجاد (ع) ويبدو أن هذه القصة هي قصة واقعية وقعت في الأزمان السابقة: (إِنَّ رَجُلاً رَكِبَ اَلْبَحْرَ بِأَهْلِهِ فَكُسِرَ بِهِمْ فَلَمْ يَنْجُ مِمَّنْ كَانَ فِي اَلسَّفِينَةِ إِلاَّ اِمْرَأَةُ اَلرَّجُلِ فَإِنَّهَا نَجَتْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ اَلسَّفِينَةِ حَتَّى أُلْجِئَتْ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ اَلْبَحْرِ وَكَانَ فِي تِلْكَ اَلْجَزِيرَةِ رَجُلٌ يَقْطَعُ اَلطَّرِيقَ وَلَمْ يَدَعْ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلاَّ اِنْتَهَكَهَا فَلَمْ يَعْلَمْ إِلاَّ وَاَلْمَرْأَةُ قَائِمَةٌ عَلَى رَأْسِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهَا فَقَالَ إِنْسِيَّةٌ أَمْ جِنِّيَّةٌ فَقَالَتْ إِنْسِيَّةٌ فَلَمْ يُكَلِّمْهَا كَلِمَةً حَتَّى جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ اَلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمَّا أَنْ هَمَّ بِهَا اِضْطَرَبَتْ فَقَالَ لَهَا مَا لَكِ تَضْطَرِبِينَ فَقَالَتْ أَفْرَقُ مِنْ هَذَا وَأَوْمَأَتْ بِيَدِهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ – وصحيح أن الجزيىة خالية وليس ثم إلا أنا وأنت ولكن الله عز وجل مطلع علي فكيف لا أخاف –
قَالَ فَصَنَعْتِ مِنْ هَذَا شَيْئاً قَالَتْ لاَ وَعِزَّتِهِ قَالَ فَأَنْتِ تَفْرَقِينَ مِنْهُ هَذَا اَلْفَرَقَ وَ لَمْ تَصْنَعِي مِنْ هَذَا شَيْئاً وَإِنَّمَا اِسْتَكْرَهْتُكِ اِسْتِكْرَاهاً فَأَنَا وَاَللَّهِ أَوْلَى بِهَذَا اَلْفَرَقِ وَاَلْخَوْفِ وَأَحَقُّ مِنْكِ – أنت تخافين هذا الخوف وأنت مكرهة فكيف بي أنا – قَالَ فَقَامَ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئاً وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ إِلاَّ اَلتَّوْبَةُ وَاَلْمُرَاجَعَةُ فَبَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي إِذْ صَادَفَهُ رَاهِبٌ يَمْشِي فِي اَلطَّرِيقِ فَحَمِيَتْ عَلَيْهِمَا اَلشَّمْسُ فَقَالَ اَلرَّاهِبُ لِلشَّابِّ اُدْعُ اَللَّهَ يُظِلَّنَا بِغَمَامَةٍ فَقَدْ حَمِيَتْ عَلَيْنَا اَلشَّمْسُ فَقَالَ اَلشَّابُّ مَا أَعْلَمُ أَنَّ لِي عِنْدَ رَبِّي حَسَنَةً فَأَتَجَاسَرَ عَلَى أَنْ أَسْأَلَهُ شَيْئاً – وصحيح أنه قد تاب ولكنه يتذكر أيامه الماضية فيستحيي من ربه – قَالَ فَأَدْعُو أَنَا وَتُؤَمِّنُ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَأَقْبَلَ اَلرَّاهِبُ يَدْعُو وَاَلشَّابُّ يُؤَمِّنُ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ أَظَلَّتْهُمَا غَمَامَةٌ فَمَشَيَا تَحْتَهَا مَلِيّاً مِنَ اَلنَّهَارِ ثُمَّ اِنْفَرَقَتِ اَلْجَادَّةُ جَادَّتَيْنِ فَأَخَذَ اَلشَّابُّ فِي وَاحِدَةٍ وَأَخَذَ اَلرَّاهِبُ فِي وَاحِدَةٍ فَإِذَا اَلسَّحَابُ مَعَ اَلشَّابِّ فَقَالَ اَلرَّاهِبُ أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي – وتعجب من نفسه الراهب؛ إذ كيف بعبادته تلك لم تأت معه السحابة – لَكَ اُسْتُجِيبَ وَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي – وهذه السحابة إنما جاءت لقولك آمين ولم تأت لدعائي – فَخَبِّرْنِي مَا قِصَّتُكَ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِ اَلْمَرْأَةِ فَقَالَ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى حَيْثُ دَخَلَكَ اَلْخَوْفُ فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ)[١]
ونستفيد من رواية الإمام زين العابدين (ع) ضرورة استثمار الندامة الماضية وتحويل الندامة والأسف إلى حركة دائبة لقضاء ما فات وأداء ما يأتي والله تعالى خير الغافرين.