Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وصلی الله علی سیدنا ونبینا محمد وآله الطیبین الطاهرین
من السور البلیغة المؤثرة في تحریك الانسان نحو عالم الکمال سورة العصر، والعصر إن الانسان لفي خسر؛ في سورة التین ذکرنا رب العالمین یقسم بأقسام أربعة علی مقسم واحد لقد خلقنا الانسان في أحسن تقویم، في سورة العصر رب العالمین یکتفي بقسم واحد یقول والعصر إن الانسان لفي خسر، ما المراد بالعصر هنا؟ هنا اقوال طبعا في عالم التفسیر نذکر المحتملات الموجودة ولا نجزم بأن مراد المولی هذا المعنی بالتحدید، الذي یفسر لابد أن یحتاط في کلامه یعني یذکر المحتملات ویقول رب العالمین أعلم بمراده هکذا نفهم من القرآن الکریم، والعصر من الممکن أن قسم بهذا الوقت الذي في مقابل الضحی واللیل رب العالمین یُقسم بالأوقات المختلفة والفجر والضحی والعصر هذه عیّنات من الزمان الذي یمر علی الانسان، قیل بأن العصر هنا اشارة بأن صلاة العصر لأنه صلاة الظهرین أو خصوص الظهر أو خصوص العصر یُعتبر هي الصلاة الوسطی حافظوا علی الصلوات والصلاة الوسطی لعل المراد بذلك صلاة العصر لکونها وسطاً بین صلاة الصبح وصلاة المغرب والعشاء، البعض فسرها بعصر النبوة يعني هذا العصر عصرٌ بليغ في تغییر مسیرة البشریة والبعض أضاف الیها عصر الظهور ایضاً لئن في البعثة بُدأ الاسلام وفي عصر الظهور الاسلام یتجدد علی ید امام زماننا صلوات الله وسلامه علیه.
وهناك من یقول بأن المراد بالعصر مطلق الزمان لا العصر بمعنی ما قبل المغرب مثلاً رب العالمین یقسم بالزمان إن الانسان لفي خسر، اخواني هذه الآیة کم فیها من المؤکدات! فهم قواعد اللغة العربیة والبلاغة هذا الفهم یفیدنا في فهم مراد الله عزوجل، رب العالمین اذا اراد أن يؤکد علی أمر علی مضمون اولا یتقدم ذلك حرف التأكيد إن في اللغة العربیة للتأکید الجملة جملة اسمیة زید یقوم یختلف عن زید قائم هذه جملة اسمیة فیها مزید من التأکید والتثبیت؛ ثم علیها لام التأکید إن الانسان لفي خسر اللام لام التأکید زید لقائم فیها تأکید وأخیرا ما قال إن الانسان خاسر قال إن الانسان لفي خسر، کیف نقول فلان متورط مغموس في الخسارة؟ فلان هکذا یقطس في الفساد هذا التعبیر متعارف الانسان یصل إلی مرحلة من المراحل الخسارة تحیط به في کل مکان وهکذا الظرف الإناء الذي فیه ماء اناء الزجاجي مثلا یحیط الماء من کل الجهات یقولون الماء في الإناء هذا ظرف وهذا مظروف، القرآن الکریم یقول إن الانسان لفي خسر وكأن الخسر اناء والانسان واقع فیه، کیف الذي في الاناء اذا لم یأتي أحد لیخرجه من الاناء یبقی الماء في مکانه یعني کأن الظرف حابس لما فیه، الخسران بمثابة الحبس الذي حُبس فیه الانسان إن الانسان لفي خسر؛ ولکن هذا الاطلاق فیه تقیید ما هو التقیید؟ الا الذین آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر! اولا الایمان أمر باطني یتعلق بك کما یقال بجوانحك بعد ذلك العمل الصالح، العمل الصالح یتعلق بجوارك وإن کانت الجوانح ایضاً لها حظ من العمل الصالح القرآن الکریم یؤکد علی أمرین اجتماعیین؛ الجانحة ملأتها بالایمان جید الجوارح شغلتها بالعمل الصالح جید ولکن أين اهتمامك بالغیر تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر؛ ما قال أوصوا الکلام لیس في الموصي والموصی الکل موصي وموصی عندما ترى أخاك المؤمن وتری فیه عیباً توصیه بالحق والطرف الآخر ایضا یوصیك بالحق تواصوا فعل طرفیني المؤمن مرآة أخیه المؤمن، ولهذا اذا انتقدك أحدهم قل لهم جزیت خیراً أهدیت لي هدیة هذا الیوم ولکن انا بدوري أقدم لك هدیة: تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر؟ الذي لا صبر له الذي لا تحمل له المستعجل في قطف الثمار المتبرم هذا لا یصل إلی درجة من درجات الکمال ابداً، الصبر من الایمان بمنزلة الرأس من الجسد.
وهنا نختمها بکلمة: الصبر عندما نقرأ شرح الصدر في کتب الاخلاق یقسمونها إلی الصبر علی المصیبة والصبر علی الطاعة والصبر علی المعصیة؛ من کان صابراً في هذه الحقول الثلاث سُمي هذا الانسان اُطلق علیه عنوان الصبر ومن کان علی هذه المثابة من الصبر خرج من الخسران الذي ذکرته هذه السورة في اولها.

اللهم قنا شر ما قضیت واهدنا في من هدیت اللهم اجعل عواقب امورنا خیرا وإلی أرواح المؤمنین والمؤمنات نهدي ثواب الفاتحة مع الصلوات.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.