في رحاب سورة التين المباركة

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وصلی الله علی سیدنا ونبینا محمد وآله الطیبین الطاهرین
علی مائدة سورة من سور القرآن الکریم وهي سورة التین والزیتون وفیها مضامین بلیغة ومؤثرة لئن هذه السورة بعد القسم بالتین والزیتون وطور سینین وهذا البلد الامین أربعة اقسام متوالیة علی مُقسم علیه واحد وهو قوله تعالی لقد خلقنا الانسان في أحسن تقویم، هنا اُرید أن أخذ وقفة قصيرة في هذا الآیة هي هذه الوقفة خارجة عن التفسیر ولکن ذریعة ومقدمة لمناجات رب العالمین مناجات بلیغة، الجنین عبارة عن نطفة ملقحة؛ نطفة الانسان مع بویضة المرأة هنالك ملقحة ثم هذه الخلیة تتکاثر تتحول إلی علقة قطعة من الدم المتجمد ثم رب العالمین یُکسي العظام لحماً إلی أن یخرج طفلا سویاً، یعني حقیقتا تسعة أشهر هل تکفي هذا الخلق البدیع؟ أحدنا لو مثلا دخل دورةً هکذا تدریبية علمیة في تسعة أشهر لا یصل إلی درجة علمیة یُعتد بها الجامعات من السنوات الأربع إلی سنوات الثمان فما فوق هذه الأشهر ضائعة في حیاة الانسان ولکن رب العالمین ینمي هذه النطفة علی رأس شهر التاس وقبل ذلك ایضاً یتفق رب العالمین یُخرج هذا الخلق السوي موجود ذو روح بعد فترة یتکلم ویضحك ویبکي وهو مصدر الاُنس الوالدین، أقول ما الذي جری في هذه الأشهر التسع؟ في هذه الظلمات بطن الاُم؟ ظلمة اللیل المشیمة إلی آخره، رب العالمین تولی تربیة وتنمیة هذه النطفة لو أنه (هنا بیت القصید) لو أن الله عزوجل صار بنائه علی تولي روح الانسان لیُخرجها من مرحلة النطفة إلی مرحلة الکمال لو تبنی ماذا سیصبح؟ یصبح هذا الموجود في أعلی درجات الجمال والکمال ولکن الحاصل أن رب العالمین یقول انا خلقت هذا الطفل وسلمته لکما ایها الأبوان، عندما یخرج الطفل من بطن اُمه یتغذی من صدر اُمه انتهت المشیمة رب العالمین کان یغذیه في بطن اُمه هو المتولي للأمر ولکن الآن یقول للأبوین دونکما هذا الرضیع، طبعا کل البرکات من الله عزوجل إلی آخر العمر أقول في الظاهر هذا الطفل یُسلم إلی الأبوین، ولکن نتفاجئ بعد سن البلوغ في العشرین والثلاثین واذا بهذا الصبي الذي خلقه الله في أحسن تقویم یُصبح من کبار المجرمین من کبار الفراعنة، اذاً الدرس العملي أنه تقول یارب أنت الذي سلبت هذا الأمر تولیت هذا الأمر خلقتني من نطفة أمشاج لم الانسان شیئاً مذکورا واذا انا أخرج طفلاً سویاً یارب هذه الید الحانیة ید الرعایة التي تولتني في بطن امي هذه الید لا ترفعها عني؛ هکذا نقول لرب العالمین لا تکلني إلی نفسي طرفة عین ابدا، اذاً في سورة التین هکذا اشارة کأنه هذه الآیة تجعلنا نحول هذه الآیة إلی محطة مناجات مع رب العالمین طبعا هذا المضمون لم نره في دعاء بعینه ولکن ما المانع أن تتحدث مع رب العالمین بهذا المنطق! من باب المثال المؤمن کل شيء یحوله إلی مناجات وذکر تنظر إلی نفسك في المرآت تری وجهاً جمیلاً وجها سویاً وخاصة في النساء الانسان عندما یری جمال وجه فلیقل اللهم کما حسنت خَلقي حسن خُلقي طبعا التحسین هنا معنی غیر الجمال کل واحد منا رب العالمین حسنَ وجهه التناسب في الأعضاء وغیرها، اذاً لقد خلقنا الانسان في أحسن تقویم ذریعة للمناجات مع رب العالمین یارب إجعل خِلقة الباطنیة في أحسن تقویم وهذا المعنی لو اُستجیب لك لکنت من کبار الواصلین إلی درجة الکمال، ثم رددناه أسفل السافلین؛ وفي ختام الآیة هذا المعنی ذکرناه سابقاً قوس النزول وقوس التقهقر ولکن الله عزوجل یستثني من هؤلاء الذین آمنوا وعملوا الصالحات؛ ما هو جزائهم؟ لهم أجر غیر ممنون، البعض فسر ممنون هنا بغیر مقطوع یعني بمعنی الخلود اذا دخلت الجنة فأنت خالد فیها هذا الأجر لا ینقطع والبعض فسرها بعدم المن یعني رب العالمین لا یمن علیك أنه أدخلتك الجنة وعملت بك کذا وکذا هذا التعبیر من موجبات الإعتراف بالمنة الإلهیة علی عبده، فما یُکذبك بعد بالدین؛ رب العالمین یقول ما الذي یجعل الغیر یُکذبك بالدین؟ ألیس الله بأحکم الحاکمین؟ یا رسول الله دعهم یکذبونك ولکن هذا التکذیب له أمده یأتي یوم من الایام رب العالمین یحکم بینهم یحاکمهم هو أحکم الحاکمین متی؟ في ذلك الظرف الذي رب العالمین یضع الموازین القسط ویحاسب الخلق علی سوء اعمالهم أو علی حُسن اعمالهم.

إلهي بفاطمة وابیها وبعلها وبنیها والسر المستودع فیها اللهم اجعلنا من الذین أکرمتهم بکرامتك ولم تقطع عنهم لطفك طرفة عین إنك علی کل شيء قدیر وصلی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.