Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

في رحاب الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

موقع السيدة الزهراء (سلام الله عليها) عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام)

عندما تمر على المؤمن مناسبات أئمة أهل البيت (ع) أو قل: مناسبات المعصومين (ع) ليشمل ذلك الزهراء (ع)؛ يتخذ من سيرتهم درساً ومدرسة ليتأسى بها. وهذه السيدة الجليلة فاطمة (ع)، تفاحة الفردوس، وأم ابيها، والحوراء الأنسية، هي محور اهتمام أهل البيت (ع) جميعا. إنها بنت رسول الله (ص) وزوجة أمير المؤمنين (ع) وأم لأئمة أهل البيت (ع). بنت من؟ أم من؟ حليلة من؟ هكذا يصفها الشعراء. ينبغي لنا كمؤمنين أن نتأسى بسيرة الزهراء (ع) العطرة وأن نطلع عليها في ولادتها وفي استشهادها.

إن أئمة أهل البيت (ع) بالطبع هم أقدر على وصف أمهم الزهراء (ع) من غيرهم. إن أئمة أهل البيت (ع) عندما يقولون: قال النبي أو قالت فاطمة أو فعلت فاطمة هكذا؛ يكون هذا الكلام حجة علينا. إننا لم نرى في تاريخ المسلمين – وهذه مزية لنا – أئمة أو أفرادا من غيرنا إلا ومختلف فيهم؛ أما أئمتنا (ع) فلا اختلاف عليهم. وكل من على وجه الأرض حتى غير المسلم؛ يعتقد بصدق هؤلاء. فنحن نعتقد أنهم أئمة ولكن غيرنا من المسلمين وغيرهم؛ لم يقدحوا في صدق أئمة أهل البيت (ع) أبداً وإن لم يروهم أئمة مثلنا. إن المخالف والموافق يعتقد بذلك، ولهذا يقال: عندما سمم المأمون الرضا (ع)؛ كان يتظاهر بالحزن والحداد، ويعني أنه لم يكن يتجرأ أن يظهر عداوته للرضا (ع).

الاحتكام إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تقسيم أعمال المنزل وخارجه

إن الإمام الباقر (ع) ينقل هذه الواقعة عن أمه فاطمة (س). وكم من الجميل أن نسمع خبر الأبوين أو الجدين من الحفيد، يقول (ع): (تَقَاضَى عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهَا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي اَلْخِدْمَةِ فَقَضَى عَلَى فَاطِمَةَ بِخِدْمَةِ مَا دُونَ اَلْبَابِ وَقَضَى عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَا خَلْفَهُ قَالَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَلاَ يَعْلَمُ مَا دَاخَلَنِي مِنَ اَلسُّرُورِ إِلاَّ اَللَّهُ بِإِكْفَائِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ تَحَمُّلَ رِقَابِ اَلرِّجَالِ)[١].

إن بعض تصرفات أئمة أهل البيت (ع) ومواقفهم لا تحمل على الحقيقة دائماً إن عليا (ع) معصوم كما فاطمة (س)، ولا خلاف في ذلك، فهم داخلون في آية التطهير، ولا يقع خلاف بينهما حيث يعرف كل واحد منهما تكليفه. فهل هناك حاجة إلى مقاضاة النبي (ص) وأن يأتي رسول الله (ص) ليحكم بينهما؟

يبدو أن هذه الحركة؛ حركة تعليمية؛ أي إذا اختلف الزوجان في شيء – ومن الطبيعي أن يجر كل واحد منها النار إلى قرصه – فلابد من وجود حكيم في البين. ولكن من هو الحكيم؟ عالم البلد أو أبو البنت أو أبو الولد، أو أياً كان، حتى مرجع التقليد. فقد أمرنا عند وقوع الخلاف وخشية الانفصال أن نكون كما قال: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا)[٢]. فالدرس العملي من هذه الفقرة – نريد أن نأخذ درساً من كل فقرة – أن إذا وقع اختلاف في وجهات النظر؛ لا تحمل رأيك على الخصم، وقل: لنحتكم إلى عالم أو إلى حكم عدل.

كيف قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الخدمة بين أمير المؤمنين وفاطمة (عليهما السلام)

وأمير المؤمنين (ع) وفاطمة (س) ذهبا إلى رسول الله. كيف تقسم الخدمة؟ ماذا نعمل؟ ما هي وظيفتنا؟ فقضى أن يكون عمل فاطمة (س) امن الباب إلى الداخل، من شئون المنزل طحناً وخبزاً وكنساً وغسلاً وطبخاً وما شابه ذلك. وفي الروايات؛ أن فاطمة (ع) كانت تباشر شئون المنزل حتى مع وجود فضة خادمتها؛ حتى اغبر بدنها، ودكنت ثيابها، ومجلت يداها، كل ذلك من أثر العمل في المنزل. إن هذه اليد الرقيقة مجلت وأصبحت خشنة لمزاولة الطحن.

وقضى على علي من الباب إلى الخارج من التسوق وتهيئة احتياجات المنزل. وواضح أن النبي الأكرم (ص) يريد لفاطمة أن تكون مستورة في المنزل. ما لها والشراء؟ ما لها ومقارعة الرجال؟ إلى آخره. وقصة أمير المؤمنين (ع) مع ابنته زينب (س) معروفة؛ عندما أطفأ القناديل لئلا يُرى شخصها.

ما هو موقف الزهراء (سلام الله عليها) من هذا التقسيم؟

والآن لنتأمل موقف الزهراء (س) من هذا التقسيم. بماذا شعرت؟ إنها لم تقل: يا أبتاه، شكراً لك على هذا التقسيم العادل؛ بل القضية أعظم من ذلك، إنها قالت: (فَلاَ يَعْلَمُ مَا دَاخَلَنِي مِنَ اَلسُّرُورِ إِلاَّ اَللَّه). أي إن سروري لا يوصف. والحمدلله الذي أعفاني من عمل الخارج، (بِإِكْفَائِي رَسُولُ اَللَّهِ ص تَحَمُّلَ رِقَابِ اَلرِّجَالِ)[٣]. إنها تريد أن تشتري سلعة فمن الطبيعي أن تماكس في الثمن. ثم إن البائع ينظر إلى المشتري، ويعلق عليه إلى آخر ذلك.

ابتعاد المرأة عن الرجال

إن هذا درس للأبد، وهذا المعنى مجرب. فعندما تقترب المرأة من دائرة الرجال؛ هناك انجذاب قهري يحصل بينهما. يتفق أن تكون المرأة قانعة بزوجها الذي له جمال متعارف، ومال متعارف؛ ولكن عندما تجلس إلى من هو ألبق في الكلام وأوفر في المال، وأجمل وجهها منه؛ قد لا تفكر هذه المرأة في الحرام، ولكنها تنجذب إليه بما يعبر عنه في الكتب؛ بالانجذاب الجبلي الغريزي. فعندما تمشي في الشارع وترى بستاناً؛ تمتد إليه عينك ويلفت نظرك، هذا وقد كنت قبل ذلك ترى رملاً خالياً. وكذلك هذه الجاذبية موجودة في المرأة الجميلة والرجل الملفت اللبق.

رواية في عفتها (سلام الله عليها)

وأما الرواية الأخيرة فهي في بيان عفة هذه السيدة العظيمة. تقول الرواية: (أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ ص اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا أَعْمَى فَحَجَبَتْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ص يَا فَاطِمَةُ حَجَبْتِيهِ وَهُوَ لَا يَرَاكِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَانِي فَأَنَا أَرَاهُ وَهُوَ يَشَمُّ الرِّيحَ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ص أَشْهَدُ أَنَّكِ بَضْعَةٌ مِنِّي‏)[٤]

ويبدو أن الرجل كان يريد أن يسأل سؤالا – مثلا – أو يظهر حاجة فوضعت بينها وبينه حجأبا، وهذا هو معنى حجبته. أو قد يحتمل أنها لم تأذن باللقاء، يقول: حجب فلان فلاناً أي ما أذن له بلقاءه؛ فالمعنيان ممكنان.

بالطبع إنها أجل من أي أمر آخر، وإنما هذا درس للنساء جميعا. إن هذا الأعمى لا يرى ولكن قد يتفق أن يكون فيه جاذبية ما، وقد يكون شابا؛ فالرواية لم تقل: كان أعمى كبير السن. فإذا كانت المرأة ترى الأعمى فهذا المقدار يكفي لوضع الحجاب بينها وبينه وهو يشم الريح. إن العمى لا يمنع من الشم. وقد فرح النبي كثيرا بهذا الموقف من ابنته. في الرواية الأولى فرحت فاطمة (س) وفي الرواية الثانية فرح النبي (ص) وقد بين إعجابه بقوله: (أَشْهَدُ أَنَّكِ بَضْعَةٌ مِنِّي‏).

[١] بحار الأنوار  ج٤٣ ص٨١.
[٢] سورة النساء: ٣٥.
[٣] بحارالانوار ج٤٣ ص٨١.
[٤] العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، ص: ٢٢٤.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إننا لم نرى في تاريخ المسلمين أئمة أو أفرادا من غيرنا إلا ومختلف فيهم؛ أما أئمتنا (ع) فلا اختلاف فيهم. وكل من على وجه الأرض حتى غير المسلم؛ يعتقد بصدق هؤلاء. فنحن نعتقد أنهم أئمة ولكن غيرنا من المسلمين أو من غيرهم؛ لم يقدحوا في صدق أئمة أهل البيت ع أبداً وإن لم يروهم أئمة مثلنا.
  • إذا اختلف الزوجان في شيء – ومن الطبيعي أن يجر كل واحد منها النار إلى قرصه – فلابد من وجود حكيم في البين. ولكن من هو الحكيم؟ عالم البلد أو أبو البنت أو أبو الولد، أو أياً كان، حتى مرجع التقليد.
Layer-5.png