- ThePlus Audio
في رحاب الإمام العسكري (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الاهتمام بمناسبات المعصومين خصوصا تلك التي ترتبط بصاحب العصر والزمان
عنوان حديثنا في هذا اليوم المبارك؛ في رحاب إمامنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (ع). إن المؤمن المنتظر المهدوي المحب لإمام زمانه؛ له التفاتة خاصة في مناسبات أبيه وجده. لأن الإنسان إذا أحب إنساناً ثم فقد المحبوب عزيزه أباً وجداً فمن الطبيعي أن يتفقده الإنسان المحب له.
هؤلاء الأئمة قد قتلوا في عنفوان الشباب
إن الإمامين الهادي والعسكري (ع) هما الأبوان المباشران لإمام زماننا (ع)، ومن المناسب أن نحيي ذكرهما فرحاً وميلاداً واستشهاداً. إن إمامنا العسكري وأبيه وجده – هؤلاء الأئمة الثلاث – لهم محنة متميزة وهي أنهم قتلوا في ريعان شبابهم. تارة يفقد الإنسان والده في سن السبعين والثمانين فيهون عليه الخطب؛ ولكن قد يفقد البعض أباه وهو شاب، وكلما يتذكره تنتابه الحسرة. ومن هذا المنطلق كان بكاء الأئمة (ع) على أمهم فاطمة (س)؛ لأنها قبضت في ريعان شبابها أيضا.
ولهذا عندما ولد الجواد (ع) سر به الرضا (ع) كثيرا؛ لأنه ولد على كبر سن من الإمام الرضا (ع). ومع ذلك اشار إلى أن ولده هذا سيقتل والإمام يعلم ماذا سيجري على ولده. إن هذه المحنة هي من المحن المتميزة في حياة العسكريين والجواد (ع)، ولهذا لو تشرفت بزيارتهم تذكر هذه المحنة.
لماذا وصف الإمامين العسكريين بهذا الوصف؟
قد يسأل البعض عن علة وصف العسكريين بهذا الوصف، والحال أن ألقاب الأئمة السابقين مشتقة من مكارم الأخلاق؛ كالجواد من الجود، والهادي من الهداية، والرضا من الرضا، والكاظم من كظم الغيظ، وكذلك الصادق والباقر إلى أولهم (ع). ولكن الإمام العسكري ما هو وجه تسميته بهذه التسمية؟ هل في هذه التسمية منقبة مثلا؟ إن هذه النسبة إلى منطقة العسكر في سامراء. إن الإمام كان تحت الإقامة الجبرية هو والإمام الهادي (ع). لعله يمكن تعليل هذه النسبة إلى العسكر على أنها إشعار بمحنة الإمام. أي أنه الإمام الممتحن، والإمام المظلوم الموضوع تحت الإقامة الجبرية.
كيفية دراسة سيرة المعصومين (عليهم السلام)
ينبغي أن نركز في حياة كل معصوم على بابين – وهكذا يبوب علمائنا رحمهم الله حياة الأئمة – الباب الأول؛ هو النصوص على إمامته، وما قيل في حقه، وغرائب أمره. والباب الآخر؛ هو مكارم أخلاقه وسيرته. وفي هذا الباب الأثر العملي. فاقرأ هذه السيرة الطاهرة من أجل الاقتداء بهم.
وإنني أوصي إخوتي المؤمنين؛ إذا تشرفت لزيارتهم (ع) في الأربعين وفي غيره من المناسبات؛ وأخذت معك كتاب الدعاء وحملت زاد السفر والمال وما إلى ذلك؛ اصطحب معك كتاباً في سيرة ذلك المعصوم. فعندما تذهب إلى زيارة الرضا (ع) وتبقى في مشهد الرضا شهراً كاملاً؛ لا تزر الإمام (ع) ثم تنام وتأكل وتشرب وتذهب إلى أماكن السياحة مثلا. ولا ضير في ذلك، ولكن هل اطلعت على سيرته؟ هل قرأت كتاباً عنه وأنت بجواره؟ إن البعض قد زار الحسين (ع) عشرات المرات، ولو قلت له: اذكر لي رواية عن سيد الشهداء لا يمكنه ذلك.
وإذا زرت العسكريين كذلك؛ خذ معك كتاباً في سيرتهم وسنتهم. وبحمدالله إن المؤلفات في هذا المجال كثيرة، منها ما هو نقل روائي مجرد ومنها ما فيه تحليل وبحث في سيرته. فإن أردت المحلل أو المجرد؛ فالأمر إليك. رحم صاحب البحار، فقد جمع سيرة الأئمة الأثني عشر في ضمن البحار. وبحار الأنوار في الحقيقة بحار للأنوار. وبالطبع إنا لا نوثق كل ما ورد فيه فليس عندنا كتاب صحيح بأجمعه؛ بل إننا نفتح لكل رواية ملفا، وندرسها مستقلة.
طلب الحوائج من الإمام العسكري (عليه السلام)
وسأذكر لكم من هذا الكتاب الشريف شذرات من سيرة الإمام الهادي والإمام العسكري أبي محمد (ع). من هذه الشذرات العسكرية رواية تنفعك حين الزيارة. إن البعض من الزوار يسأل: ماذا يقول إذا ذهب إلى زيارة المعصوم؟ هل يطلب منه شيئاً أو يزور وينصرف؟ ويقول البعض: إن لساني لا يطاوعني أن أسأله حاجة، ولكن هذه الرواية تدل على أن الإمام يحب أن يطلب منه، ويحب أن تسأله شيئا.
يقول الرواي: (شَكَوْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ضِيقَ اَلْحَبْسِ وَشِدَّةَ اَلْقَيْدِ فَكَتَبَ إِلَيَّ تُصَلِّي اَلظُّهْرَ فِي مَنْزِلِكَ. فَأُخْرِجْتُ وَقْتَ اَلظُّهْرِ وَصَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي وَكُنْتُ مُضَيَّقاً فَأَرَدْتُ أَنْ أَطْلُبَ مِنْهُ مَعُونَةً فِي اَلْكِتَابِ اَلَّذِي كَتَبْتُهُ إِلَيْهِ فَاسْتَحْيَيْتُ. فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى اَلْمَنْزِلِ وَجَّهَ إِلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ وَكَتَبَ إِلَيَّ إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَلاَ تَسْتَحْيِ وَاُطْلُبْهَا تَأْتِيكَ عَلَى مَا تُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَكَ)[١].
لقد حدد له الإمام (ع) ساعة الخروج من السجن بعلم الله عز وجل. ثم إنه قد ذكر للإمام ما أصابه من ضيق وحبس ولكنه لم يذكر أنه في ضيق مالي حياء، ولكن الإمام أرسل مائة دينار. إنه لا فرق بين كون الإمام حياً أو ميتاً؛ فإن كانت لك حاجة؛ فلا تستح واطلبها تأتيك على ما تحب أن تأتيك. فبعد إتمام الزيارة والبكاء على مصائبهم وقراءة الجامعة وما شابه ذلك من الأعمال؛ لا بأس أن يذكر للإمام (ع) ما يريده حيث يبدو من هذه الرواية أن هذه الحركة يحبها الإمام (ع).
خلاصة المحاضرة
- إن إمامنا العسكري وأبيه وجده؛ لهم محنة متميزة وهي أنهم قتلوا في شبابهم. تارة يفقد الإنسان والده في سن السبعين والثمانين فيهون عليه الخطب ولكن قد يفقد البعض أباه وهو شاب وكلما يتذكره تنتابه الحسرة. ومن هذا المنطلق كان بكاء الأئمة على أمهم فاطمة س لأنها قبضت في ريعان شبابها أيضا.
- إنني أوصي إخوتي المؤمنين؛ إذا تشرفت لزيارتهم (ع) في الأربعين وفي غيره من المناسبات؛ وأخذت معك كتاب الدعاء وحملت زاد السفر والمال وما إلى ذلك؛ اصطحب معك كتاباً في سيرة ذلك المعصوم.
- لقب الإمام العسكري بالعسكري لأنه كان تحت الإقامة الجبرية هو والإمام الهادي (ع). ويمكن تعليل هذه النسبة إلى العسكر على أنها إشعار بمحنة الإمام. أي أنه الإمام الممتحن، والإمام المظلوم الموضوع تحت الإقامة الجبرية.