س١/ ما هي العوامل المسببة في تفكك الأسرة؟..
أولاً: عدم تقدير الوجود الإنساني: من حيث النظرة إلى الزوجة بأنها أسيرة أو خادمة.. والحال بأن الله سبحانه وتعالى كرم بني آدم، حتى أنه قد يكون أشرف من الملائكة المقربين، فهو بنيان الله في الأرض.. إن هذا الظلم لهو من دواعي سلب التوفيقات الكبرى من الزوج، وسبباً للكثير من التأزمات النفسية.. ورد عن الإمام الباقر (ع) أنه نهى عن تمزيق بعضنا بعضاً سواءً في المجتمع أو الأسرة: (يا عبد العظيم!.. أبلغ عنّي أوليائي السلام، وقل لهم: أن لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا، ومرهم بالصدق في الحديث، وأداء الأمانة.. ومرهم بالسكوت، وترك الجدال فيما لا يعنيهم، وإقبال بعضهم على بعض، والمزاورة؛ فإنّ ذلك قربة إليّ.. ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً؛ فإنّي آليت على نفسي أنه مَن فعل ذلك، وأسخط ولياً من أوليائي، دعوت الله ليعذّبه في الدنيا أشدّ العذاب، وكان في الآخرة من الخاسرين.. وعرّفهم أنّ الله قد غفر لمحسنهم، وتجاوز عن مُسيئهم إلاّ مَن أشرك بي، أو آذى ولياً من أوليائي، أو أضمر له سوءاً؛ فإنّ الله لا يغفر له حتّى يرجع عنه، فإن رجع عنه.. وإلاّ نزع روح الإيمان عن قلبه، وخرج عن ولايتي، ولم يكن له نصيبٌ في ولايتنا، وأعوذ بالله من ذلك).
ثانيا: النظرة المحرمة للرجل: إن المؤمن بتقواه وورعه، لهو من أنجح الناس في حياته الزوجية؛ لأنه لا يحمل في ذهنه ألبوماً من صور النساء الفاتنات.. وبالتالي، فهو مأمون من أن يقيس جمال زوجته بهؤلاء.. إن المرأة كيان فكري وعاطفي، لا مجرد شكل صوري فحسب!.. ولاشك في أن عشق الشمائل زائل فانٍ، بينما العشق الباقي الأبدي هو عشق الأرواح.
ثالثاً: تزين المرأة أمام الأجانب: تظن المرأة بأن مسألة إبداء الزينة، من موجبات تقوية شخصيتها وكيانها.. والحال بأن هذه الحالة من السفور والتبرج، هي مقدمة لجلب الشقاء والتعاسة لها.. فإذا كانت المرأة منهية عن ترقيق الصوت {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، فكيف بتلك الأمور؟!..
رابعا: التوقعات غير المنطقية: ينبغي أن يبتعد الإنسان عن حالة المثالية في التعامل مع عناصر الحياة، فالرجل الذي يتوقع من المرأة المثالية في كل الأمور، ويطلب منها أن تمشي على الخط المستقيم بكل حذافيره، فهل هو بنفس هذا المستوى؟!.. وكذلك بالنسبة المرأة عليها أن لا تتوقع المثالية المادية، وتشق على الزوج في الإنفاق المالي.. إن المرأة -مع الأسف- قد تحرم نفسها من المتاع الدنيوي والأخروي، والسكون، والأولاد؛ وذلك بسبب سيارة أو أثاث أو ما شابه ذلك.. إن التزاوج الأمثل لا يكون إلا بتزاوج الأنفس لا الأبدان، فإذا امتزجت الأرواح؛ فعندئذ كثير من النواقص اليومية، ستكون قابلة للتحمل.
س٢/ ما رأيكم في مسألة الزواج بنية الطلاق؟..
إن إضمار الطلاق لا يوجب التحريم شرعياً، ولكن هنالك تكليف فقهي، وتكليف أخلاقي.. فالرجل الذي يتزوج بنية الانفصال عن المرأة، بعد الاستمتاع بها وإخراجها من حالتها كبنت.. لاشك في أن الله سبحانه وتعالى، سيذيقه شيئاً من العقوبات النفسية والبدنية؛ لأن (الظلم ظلمات يوم القيامة).
س٣/ هل عندكم تجربة شخصية نموذجية في حل المشاكل العائلية؟..
من المعلوم أن الإصلاح في الحياة الأسرية، أفضل سبل البر، وخير من عامة الصلاة والصيام.. ويمكن تقسيم الخلافات الزوجية إلى قسمين:
أولاً: الاختلافات السطحية البسيطة: وهي اختلافات وقتية مرحلية في بعض الأمور الظاهرية البسيطة، ولكن الباطن على أفضل ما يرام.. ومن الممكن علاجها بنصيحة أو موعظة.
ثانياً: الاختلافات العميقة والنفور بين الذوات: الذي قد يكون بسبب سوء الاختيار، أو تراكم الخلافات اليومية.. وعادة الإصلاح هنا لا يدوم.. فالنصيحة لمن يعاني النفور الذاتي مع الزوج: عليه بالتضحية، إن كان هنالك ذرية من الأولاد والأحفاد.. والجأر إلى الله عز وجل: بالتلقين الذاتي، والتوسل بأهل البيت(ع)؛ لأنها مرحلة خطيرة، والبقاء في هذا الجو متعب جداً.
س٤/ هل هناك ذكر ينفع لحل الخلافات الزوجية؟..
إن الأمور في الشريعة ليست بهذه الكيفية، أي أن الإنسان لا يقوم بأي حركة تكاملية خارجية إصلاحية، ويريد بعد ذلك أن يحقق هدفه من خلال دعاء أو ما شابه ذلك!.. نلاحظ إن الله سبحانه وتعالى يخاطب مريم (ع) بأن تهز جذع النخلة، وهي تدعو الله عز وجل، بالرغم أنها كانت في حالة مخاض ومع الأذى النفسي، يقال لها: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}.. فإذن، لأجل حل الخلافات الزوجية، ينبغي اتخاذ الخطوات العملية من أجل الإصلاح، مع الالتزام بالدعاء لتأليف القلوب.. فمثلاً: إن الالتزام بصلاة الأولاد؛ لصلاح الذرية كل ليلة.. لا يغني عن المجاهدة في تربية الأولاد.
٥/ هل موقع السراج يحتوي على قضايا تتناول الجوانب والقضايا الأسرية؟..
إن هذا الموقع يعكس قسما كبيرا من الرؤى المختلفة: سواءً في مجال التربية الأخلاقية، أو التربية الأسرية، وهنالك سلسلة مرئية ومسموعة ومقروءة بعنوان (نحو أسرة سعيدة) ضمن أربعين وصية، كما أن هنالك أربعين وصية مشروحة إجمالاً في مجال التربية الذاتية بعنوان: (الوصايا الأربعون).. إذ أنه ينبغي للمؤمن أن يقوي كلا الجبهتين في آن واحد: جبهة الذات، وجبهة الخارج.
س٦/ ما هي المنهجية السليمة التي نصل بها إلى الحياة السعيدة؟..
إن المنهجية السليمة في التعامل الأسري، تتطلب الدخول في دورات، أو قراءة كتب متعلقة في هذا المجال.. وهذا مما يفتح الآفاق للأزواج، ويمكّنهم من تجاوز المحن بأنفسهم.. ومن المناسب عقد جلسات مصارحة: للتفاهم، وحل المشاكل الأسرية في ساعات الاسترخاء والراحة، ومناقشة الأمور بموضوعية خالية من التقريع والاستفزاز.. فمن موجبات تقوية العلاقة الأسرية، هو الاحترام الذاتي المتبادل، صحيح أن هنالك اقتران بحسب الظاهر، ولكن الأمزجة والطبائع والتصورات مختلفة، كما في الحديث الشريف: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة).. وكذلك أيضاً أن يتحلى كلا الطرفين بالصفح والعفو عن الآخر، فإمامنا علي (ع) عندما قام ذلك اللعين بمحاولة اغتياله قال (ع): (إن أبقى فأنا وليُّ دمي، وإن أفنى فالفناء ميعادي، العفو لي فدية ولكم حسنة).. لماذا لا نتأسى بإمامنا (ع) الذي كان يصرح بالعفو عن قاتله إذا بقي حياً؟!.. ولنلتفت أيضاًً إلى هذه الآية المبشرة من الله عز وجل، لمن يحمل في قلبه أريحية في التعامل مع الآخرين: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}.
س٧/ ما هي النصيحة في حال التفاوت الطبقي بين الزوجين، وكون الزوج طامعاً في مال زوجته؟..
إن مسألة الإمكانات الكفؤية المالية، لم يرد في الموازين الشرعية، ولا في أي الجهات الدنيوية.. وإنما ورد في مجال التزاوج النفسي، بحيث يكون هناك تلاقح وتجاذب في النفوس.. إن النجاح في إرساء الأسرة الإسلامية الصالحة في الحياة الدنيا، مقدمة للاجتماع أبد الآبدين، كما جاء في الروايات والآيات الدالة على مصير الأسر في الجنة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ}.. وروي عن النبي الأكرم (ص): (إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه؛ لتقر بهم عينه).
س٨/ ما هو الحل في حال تزوج الابن بغير ذات الدين رغماً عن أهله؟..
هنالك إجراءات وقائية؛ وذلك باختيار الزوجة الصالحة للابن، قبل أن تقع الواقعة ويختار لنفسه وفق المواصفات غير الشرعية.. والنصيحة في مجال عالم الانحراف، أن لا يحمل الإنسان نفسه فوق طاقتها {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}، فهو عليه أن يسعى سعيه؛ لإصلاح مجتمعه، وذريته، وأسرته.. ولكن يبدو أن الإنسان في بعض الحالات، لا يحقق مناه في هذه الدنيا، فعليه أن يصبر، ويفوّض الأمر لرب العالمين.. ولطالما رأينا بعض أولاد العلماء والصلحاء انحرفوا عن الجادة، وابن نوح هو أكبر شاهد على ذلك.
س٩/ ما هو الحل إذ كان الزوج لا يقبل جلسات المصارحة؟..
إن القضية ليست سهلة، بل إن الأمر يحتاج إلى مقدمات كثيرة؛ لدراسة السلبيات التي أدت لسلبية الزوج.. إذ أنه من المؤكد أنها لم تأتِ من فراغ، ومن ثم اختيار الوقت المناسب للمصارحة.. ولا بأس بالاستعانة بركعتي قضاء الحاجة، من باب تليين الفؤاد.
س١٠/ ورد عن الإمام الصادق (ع) أن إبراهيم شكا إلى الله تعالى ما يلقى من سوء خلق زوجته سارة، فأوحى الله عز وجل إليه: (إنما مثل المرأة مثل الضلع الأعوج، إن أقمته كسرته، وإن تركته استمتعت به، فاصبر عليها).. نرجو توضيح هذا الحديث؟..
أولاً الأمر يحتاج إلى إثبات تاريخي، وحتى لو ثبت فإنه أمر غير مستغرب، فزوجة النبي لا عصمة لها.. وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن يكون لها شيء من الغيرة، إذا ذهب إبراهيم (ع) لزيارة هاجر.. ويبدو أن الغيرة النسائية غيرة متأصلة في الأعماق، حتى أن أم سلمة كانت تخشى من ذلك، عندما خطبها الرسول (ص)، فدعا لها النبي (ص) بذهاب هذه الغيرة.
وأما بالنسبة لتعبير المرأة بأنها ضلع أعوج، هذا لا يمكن الجزم به حتى نعمم على النساء جميعاً.. لأن (ال) هنا ليست للجنس بل هي (ال) العهد الذهني أو الذكري.. وبالتالي، فمن الممكن أن يكون المقصود به إشارة خاصة: بأن هذه الزوجة وصفها كذا.
س١١/ جاءت امرأة للإمام الباقر (ع)، وقالت له بأن زوجها لا يحبها، فقال لها (ع) عليك بصلاة الليل، وبعد فترة من إتيانها هذا المستحب، أصبح زوجها يحبها حباً جماً.. فما علاقة صلاة الليل بحب الرجل لزوجته؟..
إن هذه الرواية بشارة للمرأة، بأن عليها أن لا تيأس إذا رأت قلب الرجل منكوساً؛ فإن القلوب بين يدي الله عز وجل، وهو جاعل المودة التي تبخرت بسوء تصرف الزوجين.. فما المانع من التوسل برب العالمين أن يرجعها من جديد؟!.. فإذن، إن من موجبات التحول من العداوة إلى الألفة: تقوى الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}.. والدفع بالتي هي أحسن {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.
س١٢/ إن الله تعالى جعل للرجل الحور العين، ولكن ما مصير الزوجة الصالحة في الجنة إذا كان زوجها غير صالح؟..
مبدئياً أدعو لعدم التوغل في الأبحاث، التي ليس لها ثمرة عملية في الحياة الدنيا.. هناك رواية تقول: بأن المرأة إذا تزوجت رجلاً ثم مات، وتزوجت بآخر تعطى لأحسنهما خلقاً.. ومن الممكن -والله العالم- بأن المرأة الصالحة التي لم يقدر لها بالزواج في الحياة الدنيا، تزوج بالشاب الأعزب الذي ذهب شهيداً أو ما شابه ذلك.. فما المانع لمن فاتها قطار الزواج، أن تطلب من الله عز وجل قريناً صالحاً في الجنة!.. ومن الممكن أيضاً أن رب العالمين قد يحجب بعض الأزواج العادين عن بعض المؤمنات المتميزات، من أجل أن يجمع بينهن وبين الأنبياء السلف، الذين لم يتزوجوا كعيسى (ع) مثلاً.. فرب العالمين له حساباته الخاصة، المهم أن ندعو بأن يجعلنا من أحسن عبيده عنده.
س١٣/ هل يشترط أخذ موافقة الزوج للخروج من المنزل، إذا كان من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟..
إن من الملاحظ هذه الأيام بأن هناك حركة جيدة في أوساط النساء، بالانضمام إلى الحوزات العلمية، والمراكز التربوية الهادفة.. ولكن يشترط في ذلك التنسيق؛ لأنه بعد فترة قد تصبح هناك حالة من الشد بين الرجل والمرأة.. وهو قد يعمل حقه في المنع؛ لأنه من المعلوم أن هذه الدورات ليست واجبة شرعاً، بحيث يقاوم نهي الرجل.. وعليه، فإن المرأة إذا كانت ذكية وحاذقة، بإمكانها أن تجمع بين التكليفين، وتقنع الزوج بما هي بصدده من الأمور الاجتماعية.
س١٤/ ما هي نصيحتكم لتأمين حياة زوجية سعيدة؟..
إن من أفضل ثمرات الحياة الزوجية، هي إمداد الأمة الإسلامية والمجتمع الإسلامي بالذرية الصالحة.. وعليه، فإن الإنسان المؤمن من الممكن أن يضحي برغباته الخاصة، ويقبل بزوجة ليست بمستوى جمالي أو مالي متميز، ولكن الله تعالى جعل في رحمها ذرية صالحة.. والإنسان إذا رأى بعض بوادر الخير في أولاده، فليس من الإنصاف أبداً أن يدمر الحياة الزوجية، ويكفر بهذه النعمة الكبرى، مقابل خلاف بسيط، أو مقابل بعض التوقعات غير المنطقية.. والحال بأن صاحب الأمر (عج) في زماننا هذا يتوقع الأنصار والأعوان، ومن أولى منا نحن المؤمنين بتربية من يمكن أن يكونوا في جيشه (عج) لنصرة الدين، الذي بدأ غريباً وعاد غريباً.. فطوبى للغرباء، وطوبى لمن أخرج الدين من هذه الغربة بما قلناه آنفاً!..
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.