- ThePlus Audio
علة ابتلاء يعقوب (عليه السلام) بفقد يوسف (عليه السلام) وأخيه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
إن الإنسان كلما ترقى في الإيمان درجة؛ ازدادت توقعات رب العالمين منه، وهذه قاعدة، وإن الله سبحانه قد لا يتجاوز عن خطيئة المؤمن في بعض الحالات رغم صغرها، وكما قلنا إنَّ حسنات الأبرار هي سيئات المقربين، وسأذكر رواية تطبيقاً لهذه القاعدة عن الإمام الصادق (ع)، وقد يستعجل رب العالمين في تصفية الحسابات مع العبد في الدنيا قبل الآخرة.
(إِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَمَّا ذَهَبَ مِنْهُ بِنْيَامِينُ نَادَى يَا رَبِّ أَ مَا تَرْحَمُنِي)[١]، وقد أخذ بنيامين رهينة ثانية، وهنا يطلب النبي يعقوب (ع) الرحمة من الله وهو ليس في مقام الاعتراض؛ بل في مقام الاستعطاف والاسترحام، (أَذْهَبْتَ عَيْنَيَّ وَ أَذْهَبْتَ اِبْنَيَّ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَوْ أَمَتُّهُمَا لَأَحْيَيْتُهُمَا لَكَ حَتَّى أَجْمَعَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمَا)[٢].
ولعل هناك وعد إلهي ليعقوب (ع) في أنه سيلتقي بيوسف (ع)، والدليل على ذلك ما شاهده الصديق يوسف (ع) في منامه، (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)[٣]، ومن الطبيعي أن ينتظر النبي يعقوب (ع) تأويل الرؤيا، ولهذا من الأشياء التي كانت تثير أحزان أهل البيت (ع) في مأساة كربلاء؛ أن يعقوب (ع) بكى هذه المدة الطويلة وهو يعلم أنه سيلتقي بيوسف (ع) في نهاية المطاف، فكيف بأهل البيت (ع) الذين فقدوا من فقدوا من الأحبة في كربلاء.
وتقول الرواية معللة ابتلاء يعقوب (ع): (ولَكِنْ تَذْكُرُ اَلشَّاةَ اَلَّتِي ذَبَحْتَهَا وَ شَوَيْتَهَا وَ أَكَلْتَ وَ فُلاَنٌ وَ فُلاَنٌ إِلَى جَانِبِكَ صَائِمٌ لَمْ تُنِلْهُ مِنْهَا شَيْئاً)[٤]؛ أي كان بجوارك صائم محتاج إلى الطعام فنسيته وهذه البلية على ما يبدو مقابل تلك.
وبالطبع، إن عد إطعام الطعام ليس بحرام حتى ينافي عصمة الأنبياء، ولكنها حركة لا يرتضيها الله عز وجل؛ فابتلاه بفقد ولده، (فَكَانَ يَعْقُوبُ يُنَادِي مُنَادِيهِ كُلَّ غَدَاةٍ مِنْ مَنْزِلِهِ عَلَى فَرْسَخٍ: أَلاَ مَنْ أَرَادَ اَلْغَدَاءَ فَلْيَأْتِ إِلَى يَعْقُوبَ وَإِذَا أَمْسَى نَادَى: مَنْ أَرَادَ اَلْعَشَاءَ فَلْيَأْتِ إِلَى يَعْقُوبَ)[٥]، وقد حاول النبي بذلك أن يكفر عن خطأه، ولعل ببركة هذه الحركة؛ جمع الله عز وجل بينه وبين قرة عينه ورآهما في أحسن حال وخاصة يوسف الذي امتك خزائن الأرض.