- ThePlus Audio
شرح دعاء اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد عن النبي الأكرم (ص) في الدعاء السابع والعشرين من شهر رمضان: (اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي فِيهِ فَضْلَ لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَصَيِّرْ أُمُورِي فِيهِ مِنَ اَلْعُسْرِ إِلَى اَلْيُسْرِ وَاِقْبَلْ مَعَاذِيرِي وَحُطَّ عَنِّي اَلْوِزْرَ يَا رَءُوفاً بِعِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ)[١].
ومن الغريب ذكر ليلة القدر في السابع والعشرين من هذا الشهر بعد أن اجتاز المؤمن هذه الليالي التي تنتهي الأخيرة في الليلة الثالثة والعشرين. فقد يكون هذا الدعاء بصدد لفت الأنظار إلى فضل هذه الليلة، ويطلب المؤمن في هذه الليلة ما ناله العباد من الفضل في ليلة القدر المباركة.
الضيافة الخاصة
إن الله سبحانه في شهر رمضان المبارك يشمل قراه[٢] الخاص والعام وتعم ضيافته الجميع. ولكن هناك صنف من الضيوف يترقبون في كل ساعة من ساعات الشهر نوالا يخصهم الله به فيزيدهم كرامة من عنده. ولهذا يقال: أن في ليلة العيد لله عتقاء من النار لم تشمله العناية الربانية فيما مضى من أيام هذا الشهر المبارك ولياليه.
إن الكثير من المؤمنين يركنون إلى أنفسهم بعد انتهاء ليالي القدر المباركة وكأنهم قد قضوا ما عليهم وانتهى كل شيء. ولا شك أن المقدرات الإلهية قد كتبت ولكن الدعاء يرد البلاء وإن كان قد أبرم إبراما. وينبغي للمؤمن أن يستغل الساعات الأخيرة من ضيافة الرحمن وخاصة المعرض فيما سبق منه. وللأسف تعتري المؤمنين حالة من حالات الإدبار بعد ليالي القدر وبعد مواسم الحج؛ فبعد عرفة يسترسل الحاج في شئونه العادية ويتوقف عن الطلب والاستجداء. ولهذا فإن ليلة المزدلفة وهي ليلة العيد وليلة الجائزة العظمى وقد أمسى الحاج في مناطق الرحمة وقد عاد لتوه من جبل عرفات وهي من أشد الليالي التي تستوجب الذكر يعرض الحاج ويدبر. فلذلك يتوقف الكثير من المؤمنين عن طلب الرحمة الخاصة التي لم توهب للعوام في أواخر شهر رمضان المبارك.
لن يغلب عسر يسرين..!
ثم نقول في الدعاء: (وَصَيِّرْ أُمُورِي فِيهِ مِنَ اَلْعُسْرِ إِلَى اَلْيُسْرِ). وقد قال سبحانه: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[٣]؛ فلا بد أن يعقب العسر اليسر، وقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: (لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ)[٤]، إشارة منه (ص) إلى ذكر اليسر مرتين في الآيات الشريفة من هذه السورة.
ولا يطلب المؤمن اليسر إلا في مرضات الله عز وجل ولأن الله سبحانه قد أمر بذلك. لأن بعض صور البلاء تمنع الإنسان من السير إلى الله عز وجل. ولذلك مما نسب إلى أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (لو كان الفقر رجلا لقتلته)[٥]؛ فالمؤمن يستعيذ بالله تعالى من كل ما يشغله عن الله ويقطعه عنه. ويقول بلسان الدعاء: اللهم اقطع عني كل شيء يقطعني عنك. وينبغي للمؤمن أن يصر على هذا الدعاء ليرفع من أمامه كل العوائق التي تعيقه عن السير إلى الله وتشغله حتى نفسه التي بين جنبيه فنحن نقرأ في دعاء مكارم الأخلاق: (وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمُرِي بِذْلَةً فِي طَاعَتِكَ، فَإِذَا كَانَ عُمُرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ، أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ)[٦]، فالمؤمن لا يبالي بنفسه إن حالت دون وصوله لكماله فكيف بالأموال والعناوين زائفة الباطلة وما شابه ذلك.
واقبل معاذيري
ثم نقول في دعاء هذا اليوم: (وَاِقْبَلْ مَعَاذِيرِي)؛ أي يارب..! قد آتيك بأعذار لا تكون مقبولة لديك ولكن من علي بقبولها. بل نقول في بعض الأدعية الشريفة: اللهم لقني حجتي يوم ألقاك. فالمؤمن قد يصل به الأمر خوفا أو وجلا أو حياء أن لا تكون له حجة ولا عذر فيلقنه الله حجته. فيقال: أن العبد يؤمر به إلى النار فيقول: يار رب..! لم أكن أتوقع منك وأنت الرؤوف الرحيم أن تدخلني نار جهنم. فيقول الرب لملائكته: أرجعوه ما دام ظنه بي حسنا، وقد ورد في الخبر أن الله عز وجل يقول لهذا العبد: (لَوْ ظَنَّ بِي سَاعَةً خَيْراً مَا رَوَّعْتُهُ بِالنَّارِ أَجِيزُوا لَهُ كَذِبَهُ وَأَدْخِلُوهُ اَلْجَنَّةَ)[٧].
إذن الحديث مع الرب
وقد يقول قائل: أن هذه الحيلة قد يستعملها أهل جهنم كلهم ونقول: أن الأمر ليس كذلك وإنما هو توفيق وتلقين من الله عز وجل لعنصر في هذا العبد استوجب من الله هذه الرحمة وهو من مصاديق الدعاء الذي ذكرنا. وليس جميع أهل النار يؤذن لهم بالكلام، فقد يجيب الله سبحانه بعضهم بقوله: (قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)[٨].
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- إن الكثير من المؤمنين يركنون إلى أنفسهم بعد انتهاء ليالي القدر المباركة وكأنهم قد قضوا ما عليهم وانتهى كل شيء. ولا شك أن المقدرات الإلهية قد كتبت ولكن الدعاء يرد البلاء وإن كان قد أبرم إبراما. وينبغي للمؤمن أن يستغل الساعات الأخيرة من ضيافة الرحمن وخاصة المعرض فيما سبق منه.