Search
Close this search box.
  • ThePlus Audio
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

شذرات من مكارم أخلاق النبي الأعظم (ص)

بسم الله الرحمن الرحيم

مكارم أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله)

سنحوم في هذا الحديث حول مكارم أخلاق النبي (ص)؛ ذلك النبي الذي سنحشر تحت لواءه يوم القيامة كما تحشر كل أمة تحت لواء نبيها. ونحن تحت لواء الأئمة من نسله كذلك وهم تحت لواء جدهم. إنهم يفتخرون بجدهم المصطفى (ص)، ونحن يوم القيامة ننتسب إليه؛ فأقرب الناس إلى رسول الله (ص) أكثرهم شبهاً به؛ الأقرب فالأقرب. وإن كان النبي (ص) قد ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته ولكن الأقرب إليه مقاماً هو أكثر الناس شبهاً به.

أعلى وأغلى أمنية في عالم الوجود

إن هناك أمنية لو تعب الإنسان في تحقيقها إلى آخر العمر لكان الأمر في محله، وهي أعلى أمنية يمكن تحقيقها. أن تبني في الدنيا قصراً وأن تنجب ذرية وأن تجمع مالاً؛ كلها أمور لا تسعفك إلا إلى القبر. ولكن غاية الأماني وأمنية الأماني؛ هي أن تكون أبد الآبدين بجوار المصطفى محمد وآل محمد (ص).

تخيل نفسك أن تكون في منطقة في الجنة؛ تتمنى فيها زيارة النبي (ص) فيكون الأمر ميسر لك، وتتمنى زيارة أمير المؤمنين (ع) فيسمح لك بذلك. وأبناء فاطمة (س) في الجنة إذا أرادوا زيارة أمهم فاطمة (س) اُذن لهم بذلك. ولكن لا تنال هذه الأمنية جزافا؛ بل لا بد من التشبه به.

ما هو معنى اسم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)؟

إن الأمر – كما يقال – سهل ممتنع. إنه سهل ومتعسر في الوقت نفسه. إنني لا أبالغ إذا قلت: أنك لو سألت المسلمين جميعا بكل فرقهم عن معنى اسم النبي (ص) الذي نلهج بذكره صباحاً ومساءاً لما استطاع أكثرهم أن يبين لك معناه الدقيق. إن اسم النبي (ص) مشتق من الحمد. إن رب العالمين هو المحمد والذي أرسله بالحق نبياً وبشيراً هو محمد (ص). راجعوا قواميس اللغة، فلسنا بصدد  أن نشرح الاسم معنوياً ولغوياً. ولكن قيل: إن الذي سمي بهذا الاسم؛ هو ذلك الإنسان المحمود الفعال والمرضي الخصال؛ لأنه حُمد وأثني عليه. إنك عندما تثني على شخص، تقول: حمدته، فأنت الحامد وهو المحمد؛ أي الذي أثنيت عليه.

إن رب العالمين قد أثنى على النبي المصطفى (ص) ومدحه. ووجه الثناء عليه وسببه أمران يتمحور حولهما كل حديثنا. فلا تنسى إلى آخر العمر؛ أن النبي (ص) قد سمي بهذا الاسم لأنه كان مرضي الفعال والخصال. إن الخصال هي أمور باطنية؛ فالكريم كريم وهو نائم، والحال أنه عند النوم لا يعطي شيئاً. وكذلك العالم ومرجع التقليد فهو وإن كان نائما تقول: هذا مرجعنا. وكذلك سائر الخصال كالتواضع والحلم والعلم هي صفات باطنية لا تتوقف على الفعل أبداً. لو أن حاتم الطائي كريم الدنيا الذي يضرب به المثل في الكرم – إن أئمتنا وأصحابهم أكرم من حاتم بالتأكيد – حُبس في سجن ولم يراجعه أحد لم يكن ذلك مما ينافي كرمه، وكما يقولون: خصلته الكرم.

جذور الأفعال الحميدة

إن النبي (ص) في الباطن في أعلى درجات النقاء، وفي الخارج فعاله مطابقة لخصاله. تارة يكون الفعل الذي يصدر من الإنسان لا جذور له كالنباتات السطحية التي تقلع من جذورها بسهولة. وتارة تكون الأفعال التي تصدر من الإنسان تصدر من جذور قوية ثابتة في الأرض؛ كالنخلة التي تقطع منها فسيلاً فينبت آخر في الموسم اللاحق، لأن لها جذور في الأرض.

إن بعض الناس قد يسمع حديثا كحديثنا عن الكرم أو عن خصلة من خصال الخير فيتفاعل لفترة قصيرة؛ كأن يجد بعد سماع الخطبة فقيرا على باب المسجد فيدف له ديناراً. إن هذا الفعل ليست له جذور في باطن الإنسان. إنه تفاعل بحسب الموسم أو المكان، وإنما قيمة الفعل إذا كان لذلك الفعل ملكة داخل الإنسان كملكة الكرم. فإن تحدث لك عن الكرم متحدث أم لم يتحدث فالأمر سيان عندك وإنما الكرم أصبح عادة عندك. وهذا الذي نطلبه.

يذكر العلماء في كتب الأخلاق: أن الأفعال الحميدة منبتها الخصال الحميدة. وهذا يبين لماذا البعض يقبل في الحج وفي الطواف وفي عرفة وتحت قبة الحسين (ع) وفي روضة النبي (ص) ثم إذا رجع إلى الوطن تبخر ذلك كله؟ لأن الخشوع لم يترسخ في باطنه ولم يصبح خصلة من خصاله. ولأن الخشوع والإقبال هي معان سطحية في حياته. إن جاء موسم أو ذهب إلى مشهد يتفاعل وإلا فلا. إن النبي (ص) كان يجمع بين أمرين ؛ فقد كان محمود الفعال ومرضي الخصال، ولهذا ذكر رب العالمين اسمه في أربعة مواضع من القرآن الكريم.

الآية الأولى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)[١]، والآية الثانية: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ)[٢]، والآية الثالثة: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله)[٣]، وأما الآية الأخيرة: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)[٤]. وهذه الآيات الأربع تشير إلى علاقة النبي بالوجود؛ فهو مع الكفار شديد وبالمؤمنين رحيم، والذين آمنوا وعملوا الصالحات يؤمنون به. والنبي (ص) مع كل هذه الصفات بشر يوحى إليه.

دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة رضوان الله عليها

وفي الختام نريد أن ندعوا بدعاء النبي الأكرم (ص) المروي عن الإمام الصادق (ع) – وهم أدرى بأخبار جدهم – فيقول: (كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي لَيْلَتِهَا فَفَقَدَتْهُ مِنَ اَلْفِرَاشِ فَدَخَلَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يَدْخُلُ اَلنِّسَاءَ فَقَامَتْ تَطْلُبُهُ فِي جَوَانِبِ اَلْبَيْتِ حَتَّى اِنْتَهَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي جَانِبٍ مِنَ اَلْبَيْتِ قَائِمٌ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَبْكِي وَهُوَ يَقُولُ «اللهمَّ لاَ تَنْزِعْ مِنِّي صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنِي أَبَداً اللهمَّ وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً اللهمَّ لاَ تُشْمِتْ بِي عَدُوّاً وَلاَ حَاسِداً أَبَداً اللهمَّ لاَ تَرُدَّنِي فِي سُوءٍ اِسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ أَبَداً»)[٥]؛ فإن  كنت عاكفاً على حرام فترة من الزمن ثم تركته قل: يارب، لا تردني إلى هذا الحرام أبدا.

[١] سورة آل عمران: ١٤٤.
[٢] سورة الأحزاب: ٤٠.
[٣] سورة الفتح: ٢٩.
[٤] سورة محمد: ٢.
[٥] بحار الأنوار  ج١٦ ص٢١٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • إننا يوم القيامة ننتسب إلى رسول الله (ص) وسنحشر تحت لواءه؛ فأقرب الناس إلى رسول الله (ص) أكثرهم شبهاً به؛ الأقرب فالأقرب. وإن كان النبي (ص) قد ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته ولكن الأقرب إليه مقاماً هو أكثر الناس شبهاً به.
  • هناك أمنية لو تعب الإنسان في تحقيقها إلى آخر العمر لكان الأمر في محله، وهي أعلى أمنية يمكن تحقيقها. أن تبني في الدنيا قصراً وأن تنجب ذرية وأن تجمع مالاً؛ كلها أمور لا تسعفك إلا إلى القبر. ولكن غاية الأماني وأمنية الأماني؛ هي أن تكون أبد الآبدين بجوار المصطفى محمد وآل محمد (ص).
Layer-5.png