- ThePlus Audio
دور أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) في حفظ الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة وأتم الصلاة على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين
دور أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) في حفظ الدين
لقد استعمل القرآن الكريم في آية من آياته أسلوب إثارة الغيرة والحوافز الباطنية وهي قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)[١]، وينتاب المرء حالة من الغيرة عندما يراجع سيرة أصحاب الإمام الصادق (ع)، وهم قوم جمعوا بين التكسب والتعلم، فلم يكونوا كرجال الدين في يومنا هذا ممن يحترفون في طلب العلم، بل كانوا رجال أعمال وتجارا وكسبة جمعوا إلى أعمالهم طلب العلم والتتلمذ عند الإمام (ع)، ولقد كان منهم المنحرفون عن الإسلام في بادئ أمرهم أو نصارى أسلموا أو منحرفين عن أهل البيت (ع) اهتدوا إلى نور الإمام (ع).
ومن أصحاب الإمام الصادق (ع) أبان بن تغلب الذي توفي في حياة الإمام (ع) وقد أبنه الإمام بهذه الكلمات التي يتمناها كل مؤمن: (رَحِمَهُ اَللَّهُ أَمَا وَاَللَّهِ لَقَدْ أَوْجَعَ قَلْبِي مَوْتُ أَبَانٍ)[٢]، وفينا من ترتاح الأمة بموته وفينا من يموت ولا تشعر الأرض بفقده، ولكن موت أبان يوجع قلب إمام زمانه، ومن الناس في زماننا ن يموت يتوجع قلب الإمام لفقده، فالملاك لا يتغير بتغير السنين.
أربعة من خواص أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) حفظوا دين النبي (صلى الله عليه وآله)
ومن أصحاب الإمام الصادق (ع) أربعة من النجباء يقول فيهم الإمام: (إِنَّ أَصْحَابَ أَبِي كَانُوا زَيْناً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً أَعْنِي زُرَارَةَ وَمُحَمدِ بْنَ مُسْلِمٍ وَمِنْهُمْ لَيْثٌ اَلْمُرَادِيُّ وَبُرَيْدٌ اَلْعِجْلِيُّ، هَؤُلاَءِ اَلْقَوَّامُونَ بِالْقِسْطِ هَؤُلاَءِ اَلْقَوَّامُونَ بِالْقِسْطِ وَهَؤُلاَءِ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ `أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ)[٣]، وانظر كيف يصفهم الإمام بما ورد في سورة الواقعة من أوصاف السابقين المقربين، ويقول (ع) في رواية أخرى: (بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِينَ بِالْجَنَّةِ بُرَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ اَلْعِجْلِيُّ وَأَبُو بَصِيرٍ لَيْثُ بْنُ اَلْبَخْتَرِيِّ اَلْمُرَادِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَزُرَارَةُ، أَرْبَعَةٌ نُجَبَاءُ أُمَنَاءُ اَللَّهِ عَلَى حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، لَوْ لاَ هَؤُلاَءِ اِنْقَطَعَتْ آثَارُ اَلنُّبُوَّةِ وَاِنْدَرَسَتْ)[٤]، والإمام (ع) يضفي عليهم – وهم خريجو مدرسة أهل البيت (ع) – من الصفات ما نخاطبهم بها نحن في زيارتنا للأئمة (ع) في أنهم أمناء الله على الحلال والحرام، ولا عجب لو قام النبي (ص) في يوم المحشر وقال: اللهم اشهد على هؤلاء الأربعة الذين حفظوا دينك ثم كافئهم على ذلك، وقد تشبهوا بالحسين (ع) في كونهم حفظوا دين النبي من الاندراس.
كيف نحي أمر أهل البيت (عليهم السلام)؟
ولابد للموالي أن يسير على هدي هؤلاء النجباء من أصحاب الأئمة (ع) وأن يحيي أمرهم كما فعلوا، فقد ورد عن الإمام الصادق أنه قال (ع) في وصية لأصحابه وشيعته: (رَحِمَ اَللَّهُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَنَا)[٥]، والأمر قد يكون ما هو محفوظ عند الله في اللوح وهو الحكم الواقعي، وقد يكون ما صدر عن المعصوم من قول أو فعل أو تقرير، وقد تكون المسائل الشرعية المدونة في الرسائل العملية، فمن التزم بالأحكام الشرعية في متجره وفي تعامله مع أسرته وفي جهاده وفي تعليمه وتعلمه فقد أحيا أمرهم (ع).
الموالاة الحقيقية لأئمة أهل البيت (عليهم السلام)
وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) في وصيته لخيثمة: (وَأَعْلِمْهُمْ يَا خَيْثَمَةُ أَنَّا لاَ نُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اَللَّهِ شَيْئاً إِلاَّ بِالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ وَأَنَّ وَلاَيَتَنَا لاَ تُنَالُ إِلاَّ بِالْوَرَعِ وَاَلاِجْتِهَادِ وَأَنَّ أَشَدَّ اَلنَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَى غَيْرِهِ)[٦]، وقد أراد الإمام من خلال هذه الكلمات أن يغير من مفهموم المولاة عند المؤمنين، ويبين لهم أن ولايتهم لا تنال بمجرد إظهار العواطف ونظم الشعر في حقهم وما شابه ذلك من الأمور العاطفية؛ بل عليهم أن يجتهدوا في العمل بالشريعة وفي حسن تعاملهم مع الآخرين وفي تقوى الله سبحانه.
خلاصة المحاضرة
- إن المؤمن يسعى في حياته أن يتشبه بأصحاب الأئمة (ع) في حفاظه على الدين وحرصه على الشريعة، ووصوله إلى حيث يتوجع قلب إمام زمانه لموته كما توجع الصادق (ع) لموت أبان، ويعلم أن ولاية أهل البيت (ع) لا تنال بالادعاء ما لم يجتهد في العمل ويتورع في معاملاته ويتقي الله في سره وعلانيته.