Search
Close this search box.
  • دروس وعبر من سيرة أصحاب الحسين (عليه السلام)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

دروس وعبر من سيرة أصحاب الحسين (عليه السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم

لمن يقيم العزاء عليهم؛ هل قرأت سيرتهم؟

من المواقف المهمة التي ينبغي أن يهتم بها مقيم عزاء سيد الشهداء (ع)؛ التأمل في سيرة أصحابه. فذكر أصحاب الحسين (ع) ممتزج بذكر مصائبهم؛ ولكل واحد منهم قصته، وبطولاته التي خلدها التاريخ وينبغي الاطلاع عليها وأخذ الدروس منها. ولم يصلنا إلينا جميع بطولاتهم وتضحياتهم. إن عابس، والحر، وحبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، وزهير، وأمثالهم، بذلوا ما بذلوا ولم يكن قتالهم إلا بعد مقدمة. وهذا الذي ذكرته كتب المقاتل؛ ففي الغالب كان قتلتهم واستشهادهم مقترناً بحادثة من الحوادث.

كيف وصف الحسين (ع) أصحابه؟

عندما يقول الإمام الحسين (ع): (فَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوْفَى ولاَ خَيْراً مِنْ أَصْحَابِي)[١]، وعندما نقرأ تأريخهم؛ لا نستغرب من هذه المقولة عندها. وعلى رأس هؤلاء الأصحاب؛ التائب الأول الحر بن يزيد الرياحي. إن في قصة الحر عبرة للمعتبرين. لقد أراد أن يعود إلى الله عز وجل بعد جرم كبير ارتكبه. وأي جرم أعظم من أن يدخل الإنسان الفزع والحزن على قلب أهل بيت النبوة (ع)؟ هذا وفي الركب زينب (س) وفي الركب سكينة (س)، وفي الركب بنات الإمام (ع) ونساءه. لقد قام هذا الرجل في مرحلة من المراحل؛ بإدخال الخوف على قلوب أولياء الله وإماء الله. ولهذا عندما جاء إلى الإمام (ع) قال: (فَإِذَا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ عَلَيْكَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ قَتِيلٍ بَيْنَ يَدَيْكَ لَعَلِّي أَكُونُ مِمَّنْ يُصَافِحُ جَدَّكَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ غَداً فِي اَلْقِيَامَةِ)[٢].

موقف الحر بن يزيد الحر…!

لقد انتقل الحر في لحظات إلى قتيل بين يدي سيد الشهداء. ولهذا عندما جيء به بعد استشهاده ووضعوه بين يدي أبي عبدالله (ع)؛ جعل يمسح وجهه، ويقول: (أَنْتَ اَلْحُرُّ كَمَا سَمَّتْكَ أُمُّكَ حُرّاً فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ)[٣]. لقد تحرر من الهوى، وتحرر من اتباع غير إمام زمانه، وغير سبيل المؤمنين، وصار حراً. لقد انفصل عن جيش أعداء الله، وأصبح في زمرة أولياء الله عز وجل.

وهب بن عبدالله

هنالك صفحة مشرقة من صفحات التاريخ لا تجدها في تأريخ البشرية، وهي موقف وهب بن عبدالله .لقد جاء إلى أرض نينوى ومعه أمه، وإذا بهذه الأم تقول لولدها: قم يا بني، فانصر ابن بنت رسول الله (ص). فحمل على جيش العدو، ولم يزل يقاتل إلى أن رجع إلى أمه وامرأته قائلا: يا أماه، أرضيتي؟ أي أنني قاتلت بين يدي أبي عبدالله (ع) وقتلت جماعة من أعدائه؛ فهل يكفيني ذلك؟ فقالت له: ما رضيت. أي لا أرضى حتى تقتل بين يدي الحسين (ع). لقد دفعت هذه الأم ولدها للقتال؛ فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه فأخذت امرأته عموداً واقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمي، قاتل دون الطيبين. هذه المرأة أخذت تقاتل دون الحسين (ع) فبصر بها شمر؛ فأمر غلاماً له فضربها بعمود كان معه فقتلها؛ فكانت أول امرأة تقتل في معسكر الحسين (ع).

مواقف تاريخية لا تُنسى

إن ما قدمه هؤلاء بين يدي الحسين (ع)؛ فهو مما لا يُمكن أن يُنسى في تأريخ الإسلام والمسلمين. فإذا ذهبت إلى قبوررهم؛ تذكر هذه المواقف، فإن ذلك من موجبات رقة القلب ونزول الدمعة.

ومن هؤلاء العظماء مسلم الذي مكان في لحظاته الأخيرة يجود بنفسه، وإذا بحبيب بن مظاهر يقف على رأسه، ويبشره بالجنة. كانت عين مسلم على الحسين (ع) فقال: أوصيك بهذا، وهو يُشير إلى أبي عبدالله (ع). ولقد كان حبيب وفيا من الأوفياء، ولذا قال له: لأنعمنك عيناً، وقد مضى بالفعل في سبيل نصرة الحسين (ع).

أبو ثمامة الصيدواي ينتظر وقت الصلاة

وعندما أحس أبو ثمامة الصيداوي أن المنية قد اقتربت منه، وسمع صيحة الأعداء؛ اقترب من الحسين (ع)، وقال كلمة تُسجل في ديوان المصلين إلى يوم القيامة. فقد قال للحسين (ع): (بُّ أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَقَدْ صَلَّيْتُ هَذِهِ اَلصَّلاَةَ اَلَّتِي دَنَا وَقْتُهَا. فَرَفَعَ اَلْحُسَيْنُ [عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ] رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: ذَكَرْتَ اَلصَّلاَةَ، جَعَلَكَ اَللَّهُ مِنَ اَلْمُصَلِّينَ اَلذَّاكِرِينَ! نَعَمْ، هَذَا أَوَّلُ وَقْتِهَا)[٤]. وإذا به يصلي مع إمام زمانه آخر صلاة من عمره.

عمرو بن قرظة الأنصاري

ومن هؤلاء عمرو بن قرظة الأنصاري الذي استأذن الحسين (ع) للقتال. تقول الرواية: (كان لا يأتي إلى الحسين سهم إلا اتقاه بيده ولا سيف إلا تلقاه بمهجته فلم يكن يصل إلى الحسين سوء حتى أثخن بالجراح فالتفت إلى الحسين وقال يا ابن رسول الله أ وفيت)[٥]؟ وهذه صورة مشرقة من صور الجهاد بين يدي أبي عبد الله (ع).

صاحب أرجوزة: أميري حسين

وهناك شاب سعيد جاء مع أبيه وأمه – يا لها من أسرة سعيدة – فأبوه مع الحسين (ع) والأم في أرض القتال، وإذا بهذا الشاب أيضا يبرز إلى القتال. لقد قالت له أمه: (اخرج يا بني وقاتل بين يدي ابن رسول الله فخرج فقال الحسين هذا شاب قتل أبوه ولعل أمه تكره خروجه فقال الشاب أمي أمرتني)[٦]. لقد كانت الأم تدعو لولدها؛ ليكمل ما قام به أبوه. فقاتل دون الحسين (ع) فقتل، وهو صاحب هذه الأرجوزة المعروفة:

أميري حسين و نعم الأمير
سرور فؤاد البشير النذير

علي و فاطمة والداه
فهل تعلمون له من نظير

له طلعة مثل شمس الضحى
له غرة مثل بدر منير

وفي سيرة هؤلاء دروس وعبر لمن أراد أن يكون مثلهم من أنصار إمام زمانه. وليتعلم من أبي ثمامة؛ كيف كان عند اشتداد المعركة يترقب ساعى الصلاة وعينه على السماء.

[١] إعلام الوری  ج١ ص٤٥٥.
[٢] اللهوف  ج١ ص١٠٢.
[٣] اللهوف  ج١ ص١٠٢.
[٤] وقعة الطف  ج١ ص٢٢٩.
[٥] بحار الأنوار  ج٤٥ ص١٣.
[٦] بحار الأنوار  ج٤٥ ص١٣.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

مقتطفات من الخطبة

  • لقد انتقل الحر في لحظات إلى قتيل بين يدي سيد الشهداء. ولهذا عندما جيء به بعد استشهاده ووضعوه بين يدي أبي عبدالله (ع)؛ جعل يمسح وجهه، ويقول: (أَنْت الحُرُّ كَمَا سمَّتك أمُّك حُرّا فِي اَلدُّنْيَا وَاَلآخرة). لقد تحرر من الهوى، وتحرر من اتباع غير إمام زمانه، وغير سبيل المؤمنين.
Layer-5.png