درجات الاستفادة من القرآن الكريم

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
حدیثنا حول القرآن الکریم هذه المائدة الالهیة التي أنزلها الله عزوجل علینا لنتقرب الیه، اولا ولنتحبب الیه، القرآن حدیث الرب مع العبد کما أن الصلاة حدیث العبد مع ربه اذا إشتاق الانسان إلی ربه للحدیث معه وقف في صلاة خاشعة مکبراً مهللاً إلی آخره واذا اشتاق إلی حدیث رب العالمین معه فتح کتابه لیستمع إلی آیاته الآن تلاوة من عنده أو استماعاً من غیره، ولهذا اخواني الذي یحب أن یستفید من القرآن لابد أن ینطلق من هذا المنطلق من مطلق الشوق والرغبة، انا ذکرت هذا المثال دائما في کتب الاخلاق یذکرون مثال المحب ومن یحبها الانسان، لو أنه انسان یهوی احداً ثم استلم منه رسالة ولکن بخط غیر معروف بجمل من لغة أخری المحب ماذا یصنع؟ المحب یطلب من أحدهم أن یترجم له ویُبین له المعاني یقول هذه رسالة ممن اُحبه أو اُحبها ولکن لا أعرف المضامین لا یهدأ ولا یستقر باله الا عندما یعلم معنی تلك الکلمات والجمل، الکتاب القرآن الکریم کلام رب العالمین معنا الذي لا یفهم کتاب الله عزوجل ولا یعلم المعاني کیف یتفاعل مع کلام ربه؟ ومن هنا المؤمن المحب عندما یتلوا القرآن الکریم حریص علی فهم مراد المولی طبعاً المرحلة الاولی من فهم کتاب الله عزوجل هي الألفاظ المشکلة هذا کما یقال أضعف الایمان أن یعلم معنی الکلمات المشکلة وهذه الایام ماشاءالله الکتب التفسیرة المحشاة بین أیدینا بإمکان أحدنا أن یعلم معنی هذه الکلمات المشکلة.
المرحلة الأرقی من الکلمات المشکلة معاني الجمل أن تعلم ما هو کلمة ضيزی مثلا هذا جید ولکن أن تعلم تلك اذاً قسمة ضيزى وفي أي سیاق؟ ما قبله وما بعده هذه هي المرحلة الثانیة من فهم کتاب الله عزوجل.
وثم المرحلة الثالثة فهم مراد السورة سورة الجمعة ماذا ترید أن تقول؟ سورة المنافقون ماذا ترید أن تقول؟ ولهذا بعض المفسرین قبل الشروع في تفسیر السورة له کلمة في سطور یقول الإطلالة علی السورة مراد أو مرام هذه السورة هي هذه السور مترابطة في ما بین کلمة جملها وآیاتها، اذاً الکلمات المشکلة ثم الجمل والآیات ثم فهم مجموع السورة بما فیها من معاني.
وأخیرا بقي شيء؟ نعم أن تجلس في زاوية متأملاً بعد الصلاة في جوف اللیل بعد قیام اللیل بین الطلوعین تحت القبة الشریفة حول البیت في المطاف في المسعی وتتأمل في المضامین ما المانع أن تقول یارب أهلمني وأفهمني من هذه السورة معنیً ما فهمها غیري حتی کبار المفسرین ما المانع أن أحدنا یستفید من الآیة معنیً لم یخطر ببال احد والله ذو الفضل العظیم، انا التقیت بأحد الاطباء عالم الابدان أعني وکان عنده مصحف وفي هامش المصحف ما فهمه من الآیات من دون أن یحمل الآیة معنی یعني هکذا انا فهمت طبعا نحن نعلم التفسیر بالرأي هذا أمر مرفوض ولکن انسان یقول انا هکذا فهمت من دون أن اُحمل الآیة ما اُرید هذا المعنی أن أحدنا یجلس في خلوة ویتأمل في الآیات الکریمة هذا أمر راجح بقي شيء؟ نعم بقي مرحلة خامسة المرحلة الأخیرة أن یطبق سلوکه علی مضامین الآیات الکریمة، هناك سورة في القرآن تسمی سورة الآداب طبعا هذه السورة لیست بهذه التسمية هي سورة الآداب المسمی سورة الحجرات فیها آداب التعامل مع المؤمنین آیة الإغتیاب في هذه السورة أيحب أحدکم أن يأكل لحم أخیه؛ فیها الآداب الکثیرة أحدنا یقرأ هذه السورة بهذه النیة أن يتأدب بالآداب التي یریدها رب العالمین من عبده، اذاً من مر بهذه المراحل مرحلة الکلمات المشکلة مرحلة الآیات المشکلة مرحلة فهم السورة ثم التدبر الشخصي ثم تطبیق السلوك علی ما فهمه من کتاب الله عزوجل انا أعتقد أنه من مر بهذه المراحل فقد وصل إلی مغزی تلك السورة وإلی ما یریده رب العالمین من عبده عند تلاوته لکتابه.

وفقنا الله وایاکم جمیعا لئن نکون من التالین لکتاب الله عزوجل إنه سمیع مجیب والحمدلله رب العالمین.