- ThePlus Audio
حديث حول سجدة الشكر وما لها من الأهمية البالغة
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا أنت غافل عن هذه السجدة؟
إن سجدة الشكر هي من السجدات التي لها أهمية بالغة وقد ورد في حقها من التأكيد ما جعل البعض من العلماء يعتقد بوجوبها. ما المانع من أن تسجد بين يدي الله عز وجل بعد أن صليت صلاتك بإقبال وخشوع وتقول مئة مرة: شكرا، شكرا أو شكر لله، شكر لله؟ لقد رأيت في عبارة لبعض الفقهاء يذكر من أذكار السجود العفو مئة مرة. ولعل ذكر العفو هنا ينتفع به من صلى صلاة لاهية، وهو مستحي من صلاته؛ ففي ختام الصلاة يقول في سجدة الشكر: مئة مرة عفواً عفوا. وعندما تشكر الله عز وجل قل: شكراً للمجيب كلما قلتها عشر مرات. إن لسجدة الشكر كيفية؛ ينبغي لنا أن نتعلمها ونتعلم الآداب والسنن التي هي من مزينات ومجملات الصلاة. إن الصلاة التي تخلو من المستحبات صلاة مجزية ومقبولة؛ ولكن الصلاة ذات المستحبات ترتفع إلى العرش قبل غيرها.
ومن الأفضل أن تكون سجدة الشكر؛ سجدتان تفصل بينهما بتعفير الجبين وذلك أن تضع جبينك الأيمن على التربة ثم الأيسر ثم تضع الجبهة مرة ثانية على التربة. ويستحب فيها افتراش الذراعين وإلصاق الصدر بالأرض، ولعل السبب في ذلك أن ترتاح في السجدة. ثم قل ما ذكرنا من الأذكار. وبعد أن انتهيت من سجدتي الشكر؛ امسح بيدك موضع السجود ثم مررها على وجهك ومقاديم بدنك. وهذه الحركة من موجبات نورانية القلب.
متى نسجد لله شكرا؟
لقد كان إمامنا زين العابدين (ع) كثير السجود، وكان يسجد عند تجدد كل نعمة. فإذا صليت يوما صلاة خاشعة؛ اسجد لله عز وجل شكراً. لقد قال لي أحد المؤمنين ذات يوم: إنني بحمدالله فاعل للواجبات، وتارك للمحرمات؛ ولكن لا أدري هل أن ربي راض عني أم لا؟ ما هي علامة الرضا؟ فقلت له: إذا أردت أن تعلم علاقتك بالله عز وجل؛ انظر إلى صلاتك. فلو عملت ما عملت، وتصدقت بالمال الوفير، ولكن كنت في الصلاة مدبراً؛ فاعلم أن هناك خلل ما في علاقتك بالله عز وجل.
ولا أقصد الإدبار في فرض لا في فرضين، ولا في يوم ويومين، ولا في شهر وشهرين؛ وإنما أقصد الإدبار المستمر. إن الإنسان يكاد يقطع أن علاقته بالله في هذه الحالة هي علاقة متوترة. ومن لم تكن له علاقة طيبة مع رب العالمين؛ لتكن له علاقة مع سلاطين الأرض ولتكن لع علاقة غرام مع زوجته، فما عسى أن يستفيد من تلك العلاقات؟ إذا كنت عند الله مبغوضاً لا تُفيدك محبة الخلق أجمعين.
السجود عن دفع النقم والتوفيق للإصلاح
وكان الإمام زين العابدين (ع) يسجد عند دفع كل نقمة. كم رأينا في الطرق الدواب التي كانت محطمة وقد تداخل الحديد بعضه فيه بعض ولكن صاحب الدابة قد نجى من الموت بأعجوبة. فإن خرجت سالما من حادث فأول ما تخرج من دابتك، اسجد بين يدي الله عز وجل شكراً. ومن الأمور التي يجدر بالمؤمن أن يسجد عندها شكرا لله؛ توفيقه لإصلاح ذات البين. انظروا إلى عظمة إصلاح ذات البين الذي يستحق أن تسجد من أجله بين يدي الله شكراً، وقد قال سبحانه: (لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡ)[١].
ما هي سر السجدة اليونسية؟
ومن السجدات التي تحظى بأهمية بالغة؛ السجدة اليونسية. ولا ينبغي للمؤمن أن يغفل عن هذه السجدة والذكر الذي جعله الله سبحانه أداة للخلاص من كل هم وغم. وأي هم وغم أعظم من هم يونس (ع) وغمه؟ لم تكن مشكة يونس (ع) أنه كان حبيسا في بطن الحوت فحسب؛ بل إن مشكلته الأساس في شعوره بعدم رضا ربه عنه، ولماذا ابتلاه ببطن الحوت؟ لقد كان داعياً إلى الله عز وجل وكان سراجاً منيرا؛ وإذا به في بطن الحوت حيث الحرمان من التوفيق.
من كان يشك في توفيقاته، ومن كان يشك في قربه، ومن له بلاء مادي؛ فليتأس بنبي الله يونس (ع)، ولا يقولن: هذا ذكر يونسي، فما لي وليونس (ع)؟ إن الآية تقول: (وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَٰضِبٗا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَيۡهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ * فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَٰلِكَ نُـۨجِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ)[٢]. ولكن ينبغي أن تقولها كما يؤكد العلماء بحالة يونسية. إن البعض يقولها مئة مرة أو أربعمائة مرة والبعض يوصي بها ثلاثة آلاف مرة؛ ولكن الأفضل أن تأتي بها بمقدار الشهية والإقبال ما دامت الرواية لم تتحدث عن عدد خاص. بل قلها مرة واحدة بحالة يونسية يكفيك الله ما أهمك. وقوام الحالة اليونسية أن تكون نادماً بين يدي الله عز وجل وتعترف بأنك كنت من الظالمين. فكلما أصابك ضر؛ لا تعتب على الله عز وجل، وقل: أنا الظالم الذي أوقعت نفسي في ما أوقعت.
خلاصة المحاضرة
- لقد كان إمامنا زين العابدين (ع) كثير السجود، وكان يسجد عند تجدد كل نعمة. فإذا صليت يوما صلاة خاشعة؛ اسجد لله عز وجل شكراً. وكان يسجد عند دفع كل نقمة، فإذا خرجت من المصيبة التي كنت على وشك الوقوع فيها؛ اسجد بين يدي الله من فورك شكرا له.