- ThePlus Audio
حب الله عز وجل وحب أهل البيت (عليهم السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم
هل حب الله عز وجل وحب أهل البيت (عليهم السلام) كاف لوحده؟
اختلف العلماء في هل أن مجرد المحبة لله ولرسوله ولأهل بيته (ع) نافعة منجية أم أنها لا تنفع الإنسان ما لم تقترن هذه المحبة بعمل أو فعل من المحب؟ وهل لهذه المحبة المجردة عن العمل قيمة أم ليست لها قيمة بحد ذاتها؟ وقد ناقشوا هذه المسألة تارة من منظور علم الأخلاق وطورا من الناحية العقائدية، وسنتناول هذه المسألة بدورنا من الناحية العقائدية.
وقد ذهب البعض: إلى أن الذي يظهر الحب من دون عمل هو إنسان مستهزئ بنفسه، وأصحاب هذا الرأي يستهزئون بكل شكل من أشكال المحبة القلبية التي يظهرها هؤلاء.
قلب الفاسق المليء بحب الله والرسول..!
وأما أصحاب الرأي الآخر: يرون أن القلب هو محل الحب والبغض؛ فإذا انقدح الحب في هذا القلب كان محمودا وجديرا بالاحترام. وإذا جرت المقارنة بين فاسق يحمل في قلبه حب الله عز وجل وحب أهل البيت (ع) وبين غيره ممن لا يحمل في قلبه هذا الحب؛ لوجدنا أن قلب المحب أقرب إلى الله عز وجل من قلب غيره، وإن كانت جوارحه مقصرة تستحق العذاب يوم القيامة.
ويمكننا الحديث عن هذه المسألة في نقاط ثلاث:
النقطة الأولى: هي أن قلب المحب بلا ريب خير من القلب الذي لا يحب وإن كانت جوارحه خائنة لقلبه..! وينبغي أن نقدر كل شكل من أشكال إظهار المحبة منه وإن كانت بحسب الظاهر بسيطة ساذجة. وهذا ما نشاهده في بعض المشاهد المشرفة عندما يقوم البعض ببعض الأمور التي لا يقبلها العرف عادة ولكنها أمور تكشف عن محبة قلبية وجديرة بالاحترام. فلا ينبغي لنا أن نغفل عن المنكَشف وإن كان الكاشف بسيطا..! ويمكن تشبيه ذلك بالذي يقدم لمريض أو غيره وردة وهو لا يعلم أنها ذابلة؛ أفهل تراه يؤاخذ على ذبولها أم يحمد على تقديمها؟!
والنقطة الثانية: هي أن حب الله عز وجل وحب أوليائه من المسائل التي تشتبه على الإنسان فيخلط الأوراق ويساعده على ذلك الشيطان الذي يميل إلى تضليل الإنسان واستبداله الملفات الحقيقية بالملفات المزيفة؛ فهناك فرق بين الحب وبين إظهار الحب والشوق. إن الذي نلاحظه في عامة الناس هو إظهارهم الشوق لرب العالمين في مواسم الحج والعمرة وكذلك إظهارهم الشوق في المشاهد المشرفة لأئمة أهل البيت (ع) ولا يمكن تسمية ذلك بالحب الحقيقي. وقد يرتقي الذي يظهر الشوق إلى درجة يستشعر فيها كمالات المحبوب وهي إن كانت درجة أرقى إلا أنها لا ترقى إلى الحب الحقيقي أيضا.
فإن الحب الحقيقي هو الحب الذي يدفع المحب إلى التشبه بالمحبوب. فهو عبارة عن شوق إلى لقاء المحبوب، مع الرغبة بالتشبه بصفات المحبوب قدر الإمكان؛ لأن لقاء المحبوب يحتاج إلى مسانخة مع صفات المحبوب وملكاته. فعلى سبيل المثال: لو أحب الرجل فتاة كريمة الطبع وكان صادقا في حبها وراغبا في وصلها لتكلف الكرم إرضاء لها وتشبها بالصفة التي تحبها حتى تتعمق الصفة في نفسه وتتعمق إلى أن تصبح ملكة من ملكاته.
النقطة الثالثة: هي أنه لا يمكن اعتبار الشوق والتشبه بالمحبين حباً. ولهذا يقال: أن الرواية المعروفة (أَحَبَّ اَللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً)[١] تدل على أن الله عز وجل قد جعل حب الحسين (ع) لوحده من موجبات الحب الإلهي. حيث يُعلم من خلال المسانخة بين المبتدأ والخبر، وبين المقدمة وبين النتيجة، وبين الصدر وبين الذيل؛ أن هذه المحبة محبة مؤثرة، تلك المحبة البليغة المؤثرة في تغيير السلوك، كما ذكره القرآن الكريم: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)[٢]. فإذن، (أحب الله، من أحب حسيناً) أي اشتاق إليه، وأحبه المحبة التي توجب الاتباع. ومن الطبيعي إذا اجتمع حب الحسين (ع) مع العمل برسالة الحسين (ع)، وما جاء به جد الحسين (ع)؛ لكان ذلك كافياً في استجلاب المحبة الإلهية، وهي بلا ريب من أسباب النجاة، ودخول الجنة.
خلاصة المحاضرة
- إن حب الله عز وجل وحب النبي وأهل بيته (ع) أمر محمود في نفسه، وإن كان هذا الحب في نهاية المطاف لابد وأن يجر الإنسان إلى الاتباع الحقيقي للنبي الأكرم وذريته (ع) وذلك قوله سبحانه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ).