جزاء الصابرين بغير حساب

بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم والسلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین
جرت السنة الإلهیة علی أختبار الخلق من اول یوم خلق الله عزوجل فیه بني آدم اول من خلقه الله عزوجل من البشر هو آدم وآدم هو اول البکائین، البکاء کثیر البکاء کثیر البکاء یعني کثیر الإبتلاء والمصیبة نحن لا نتخیل ما جری علی جدنا آدم وعلی جدتنا حواء کانا في جنة الخلد ولکنهما طفقا یخصفان علیهما من ورق الجنة نُزع عنهما ثیابهما ما هذه المصیبة العظمی! نوح یقال مشتق من النُوح البکاء الکثیر یعقوب في أمتنا علی رأس البکائین امامنا زین العابدین وهکذا.
الدرس العملي أن الله عزوجل یرید لنا التکامل من خلال الابتلاء وهناك مقولة جمیلة في هذا الباب لو کان الإعفاء عن الإبتلاء لطفاً لکان الأنبیاء أولی بهذا اللطف والحال بأننا نری أن البلاء للأمثل فالأمثل، من باب الطریف أن نعلم هذه روایة لو لا الروایة ما قلنا، سلیمان من الأنبیاء والنبي لا یکون إلا معصوما لا شبهة في ذلك ولکن في مقابل النعیم الذي عاشه في الدنیا فرق بین أیوب وبین سلیمان! أیوب کیف عاش؟ یُضرب به المثل تقول فلان له صبر أیوب وبین سلیمان الذي سُخرت له الریاح والجن والأنس آخر الأنبیاء حساباً یوم القیامة سلیمان مقابل هذا النعیم الذي مر علیه، الله عزوجل ابتلاه بمیتة ملفتة، یحیی قُتل في سبیل الله ولکن سلیمان یستعرض الجُند فما دلهم علی موته إلا دابة الأرض تأکل منسأته کان واقفا مات وهو واقف لم یتجرأ أحد علی سئواله الدودة نخرت في العصی إلی أن خر سلیمان؛ الشاهد من أراد التکامل والقرب من المولی فلیُعید للبلاء جلباباً بأي نوعٍ من أنواع البلاء.
ولکن هنا اخواني لابد أن نعلم هذه الحقیقة، البلاء حقیقة واحده سهم واحد ولکن یتوجه إلی أغراض متعددة؛ تارة سهم البلاء یتوجه إلی بدنك وجع في البدن هذا بلاء وتارة البلاء یتوجه إلی جیبك ترید أن تستخرج مالا تشتري به شیئا فلا تجد هذا ایضا بلاء طبعا هذا البلاء أخف من بلاء البدن وما ضُرب العبد بعقوبةٍ أشد من قسوة القلب سهم البلاء اذا وقع في قلبك أعني القلب الباطني فأنت من أکثر الناس بلاءً، لیلة القدر الکل یبکي أو الجُل یبکي وأنت کالخشبة الیابسة! ما عملته طوال العام جزائك یتجلی في لیلة القدر، الکل في عرفة في خیمتك یضج ویبکي دعاء الحسین علیه السلام وأنت عینك جامدة، في ليلة عاشوراء حتی الطفل الصغیر یبکي وأنت تری نفسك قسي القلب اذاً سل الله عزوجل أن یخرجك من هذا البلاء والإبتلاء.
الآن ماذا نصنع؟ في ما تبقی من الحدیث؛ الإنسان اذا وقع في البلیة له ثلاث حالات اولا لا یبالي بالبلاء وكأنه لا بلاء في البین انا سمعت سئلت بعض الأطباء في بلاد الغرب عندما یؤتی لك بمریض کافر ملحد نصراني یقال أنت مبتلی بمرض قاتل ستموت بعد شهرٍ ما هي حالته؟ أنا استغربت توقعت أنه یجزع کذا یقول لا یبالي لأنه یعتقد أنه لا حساب بعد الموت یقول نموت وینتهي کل شيء بل البعض منهم یصر علی طبیبه أن یعطیه ما یوجب الموت له الموت الرحیم کما یقال، هذا قسمٌ البهایم هکذا تری الخروف یقاد إلی المرعی حالته حالته وهو یقاد إلی المسلخ لأنه لا یعقل ولو تعرف البهائم ما تعرفون ما أکلتم منها سمیناً کما في بعض الروایات.
المرحلة الثانیة الرضی بما جری أو الصبر علی ما جری بعض المؤمنین أیمانه غیر ممیز ولکن له هذه الحالة لا یجزع یصبر علی ما جری علیه هذا أرقی ولکن لم یصل إلی القمة، من هم أصحاب القمم؟ الحسین علیه السلام وأصحابه، أن یعشق الإنسان فعل ربه الشاعر یقول أنا للعالم عاشق انا أعشق العالم أعشق الورد مثلا لمَ؟ لئن الکون منه أجمع هذا الوجود من الله فأحب کل ما یصدر منه! ولهذا في یوم عاشوراء هناك عبارة ملفتة حقیقتاً تستوجب التأمل کلما أشتد علیه البلاء کلما أشرق لونه الشریف، یتهلل فرحاً وقت اللقاء ساعة اللقاء صارت قریبة لیلة العاشر البعض منهم کان یمازح صاحبه لأنه بعد سواد هذه اللیلة الحور والقصور.
اذاً الکمال کل الکمال أن یصل العبد إلی درجة زینب، زینب تربیة مدرسة الحسین علیه السلام ما قالتها مجاملة کلاما شاعریاً ما رأیت إلا جمیلاً، لو أن الحسین سلم من القتل یوم عاشوراء لو أن یزید أطلق سراح الحسین ورجع إلی المدینة یعني زینب ما رأت هذا الجمیل، الجمیل أن تری أخاها کما أراده الله عزوجل شیبتهُ مخضبة بدم رأسه وهي ترکب علی ناقة بغیر وطاء هذا هو الجمیل.
کلمة أخيرة ما الطریق إلی هذا الکمال؟ نحن نتمنی الطریق إلی هذا الکمال أمران وبه نختم الحدیث، اولا الخب الألهي من أحب احداً أحب فعله رب العالمین أحب لك النقص، النقص في الله أحب إلیك من الوجود مع غیره کلام أصحاب سید الشهداء الفناء مع الحسین أحب الیهم من البقاء مع غیره هذا اولا وثانیا مبدأ التعویض؛ الحسین علیه السلام صحیح في عاشوراء جری علیه ما جری أضف إلیه یوم التاسع حوصر الحسین وأشتد عطشهم یومان من أیام الدنیا من أیام الأرض أعقبتهم هذا الخلود، هذا المنبر حدیثنا اللیلة استماعکم له إلی یوم القیامة! یومان من الحیاة أورثتهم الأبدیة، اذاً قانون التعویض والیقین بهذه الآیة اتفاقا کنت أتأمل هذا ختام.
ما معنی أنما یوفی الصابرون أجرهم بغیر حساب؟ له معنیان المعنی الأول بغیر حساب یخرج من قبره لا سئوال ولا جواب ولا محکمة ولا صراط حتی أن الملائکة تتعجب کیف قوم یقفون علی باب الجنة بغیر حساب!
والمعنی الثاني ایضا معنی طریف بغیر حساب یعني لهم فیها ما یشائون بتعبیر البعض أهل الجنة یتشبهون بالله عزوجل وأنت منهم، رب العالمین یقول للشيء کن فیکون وأنت في الجنة تقول للشيء کن فیکون لهم فیها ما یشائون البعض یشکك في الروایة المعروفة عبدي طعني تکن مثلي ولکن ماذا تصنع بقوله تعالی لهم فیها ما یشائون،‌ شيء شاء الله واذا شاء الله تحقق ما ترید.

إلهي بحق اولیائك وبالصالحین من عبادك أدخلنا الجنة التي حشوها البرکة وعمارها الملائکة ألحقنا بالصالحین من عبادك انك علی کل شيء قدیر.