Search
Close this search box.
  • تعلم هذه الآداب قبل الحضور في أي مجلس من مجالس أهل البيت (عليهم السلام)
Layer-5-1.png
عناوين المحاضرة
عناوين المحاضرة
Layer-5.png
Layer-5-1.png

تعلم هذه الآداب قبل الحضور في أي مجلس من مجالس أهل البيت (عليهم السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم

ما هي قاعدة القابل والفاعل وما هي ارتباطها بمجالس أهل البيت (عليهم السلام)؟

من قواعد الحضور في مجالس أهل البيت (ع) عموماً وسيد الشهداء (ع) خصوصاً؛ قاعدة القابل والفاعل. إن فاعلية الفاعل ليست على وتيرة واحدة؛ وإنما هي تتناسب وقابلية القابل. ومثاله الواضح هو البحر. إن البحر والنهر فاعل بمعنى من المعاني، والمستقي من النهر والبحر فاعل يأخذ منهما بحسبه؛ فمنهم من يأخذ من البحر مثلا فنجاناً، والبعض يأخذ من البحر بحيرة كبعض البحيرات المصطنعة من قبل البشر المتصلة بالبحر حيث يجتمع فيها ماء البحر من خلال قناة ماء يوصلنها له.

إن المواسم الحسنية وأيام العزاء هي فاعل. إن الحسين (ع) هو ذلك المصباح الذي كلما اقتربت نحوه؛ اقتبست من نوره أكثر. إذا كان هنالك ضوء في مكان بعيد، وبيدك كتاب تريد أن تقرأه؛ فكلما اقتربت من المصباح ازددت وضوحاً وفهماً. كذلك هي المجالس ليست على نحو ثابت من جهة المتلقي. فحاول قبل كل موسم أن توسع من إنائك، ولا تقنع بالفنجان ولا بالكأس الصغير. لقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: (إِنَّ هَذِهِ اَلْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا لِلْخَيْرِ)[١]، وأوعاها صيغة التفضيل؛ أي هناك وعاء هو أكثر استيعاباً من غيره.

إن البعض منا لا يفقه هذا المعنى؛ فينتهي الموسم أو عشرة محرم أو ينقضي شهر صفر ولا يجد في نفسه تغيراً جوهرياً؛ بغض النظر عن البكاء وما له من أجر، وبغض النظر عن إقامة المجالس. إن الحاج يرجع وله أجر؛ ولكن كم هم الحجاج الذين تغير سلوكهم بعد الحج تغييرا يُعتد به؟

كيف نزيل الموانع ونزيد من استيعابنا لبركات المجالس الحسينية؟

أولا: الاستغفار البليغ. إن الفاعل هو الفاعل والقابل هو القابل؛ ولكن بينهما مانع. إن الورقة الرطبة إن ألقيتها في النار لا تحترق إلا أن تزول؛ فإن زالت الرطوبة التي هي المانع احتقرت الورقة. من الموانع المعاصي؛ فإذا وجدت في أول ليلة من محرم أو في الليلة الثانية قسوة في قلبك وجفافا في الدمعة، ورأيت أن عينك تبخل عليك بدموعها؛ فابحث عن الأسباب، وقم بمسح ضوئي لقلبك، فقد روي: (مَا جَفَّتِ اَلدُّمُوعُ إِلاَّ لِقَسْوَةِ اَلْقُلُوبِ وَمَا قَسَتِ اَلْقُلُوبُ إِلاَّ لِكَثْرَةِ اَلذُّنُوبِ)[٢]. وكل واحد منا أعلم بباطنه ولو ألقى معاذيره.

ولا نعني بالاستغفار؛ أن تبكي أياماً وليالي، وإنما يكفي منك أن تقول في سويعة أو في دقائق استغفر الله عز وجل بندامة. وإننا لنرى من المؤمنين من عوام الناس من لا يرتكب الموبقات طوال شهري محرم وصفر؛ لأن قلبه لا يطاوعه. أما الخواص فهذا ديدنهم في كل أشهر العام.

لا تدخل موسم العزاء وأنت مطلوب لهذا وذاك

وإياك أن تتهاون في أداء حقوق المخلوقين. إن رب العالمين وإن كان عصيانه جرم عظيم؛ فكما روي: (لاَ تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ اَلْخَطِيئَةِ وَلَكِنِ اُنْظُرْ إِلَى مَنْ عَصَيْتَ)[٣]؛ إلا أن الله عز وجل يقول في كتابه: (مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمٗا)[٤]. لقد خلقنا رب العالمين للرحمة، وهو يغفر لنا في دقيقة معاصي خمسين سنة. وهذا ما رأيناه في التاريخ؟ تأمل حياة الجاهليين التي كانت مليئة بالقتل والنهب والسلب؛ إلا أن الإسلام يجب ما قبله فغفر الله لهم بإسلامهم كل ذلك. واعلم أن حقوق المخلوقين كالدين مثلا لا يسقطها البكاء، ولو بكيت إلى الصباح؛ فهذا البكاء لا يرفع عنك درهماً واحداً. فادخل هذا الموسم نظيفا. إننا لدينا موسمان مهمان هما شهر رمضان المبارك، وشهري محرم وصفر؛ فادخلهما وأنت نظيف ليست في ذمتك حقوق للخالق ولا المخلوق. ثم حاول أن تخفف من تبعاتك العبادية من الصيام والصلاة وإلى آخره.

امزج العبرة بالفكرة

ثانيا: حاول أن تمزج بين العاطفة والفكرة. إن الخطيب عادة ما يبدأ منبره بقصيدة ويختمها بأبيات، وبينهما كم من الموعظ. حفظ الله خطبائنا؛ فهم من أول المنبر إلى آخره بين آية وحديث وموعظة. فعندما تذهب إلى مجلس ليكن حالك حال من ذهب إلى الطبيب أو إلى المستشفى. هل رأيتم مريضاً يذهب إلى المستشفى للعلاج ثم لا يدخلها ويجلس في حديقتها مثلا؟ أو يجلس على كراسي الانتظار ثم يخرج؟ أم أنه يعرض حاله على الطبيب ليعلم ما داءه ودوائه؟

وقد يذهب الرجل إلى مجلس لا يعرفه خطيب ذلك المجلس؛ فيخطب خطبة يظنها موجهة إليه وتكون بلسما لجراحه ودواء لدائه، فيقول في نفسه: كأنه حدثني، وحديث الليلة كأنه كان موجها إلي. وهكذا هي مجالس الحسين (ع)؛ مجالس استشفاء. وللخطيب حق عليك، فما المانع من أن تقول: اللهم اقذف على لسانه ما فيه صلاحنا؛ فلعل هذا الدعاء يحسن من أداء الخطيب.

كيف تكون نيتنا عند الحضور في المجالس؟

لا تتعامل مع الحسين (ع) معاملة تجارية؛ فاذهب إلى كربلاء حباً وشوقاً، ولتكن نيتك زيارة من سفك في طاعة الله دمه، وليكن حضورك كذلك في مجالسه حبا وشوقا لا أن تلتقي بفلان صديقك أو أن تتناول الطعام الذي يعدونه هناك؛ فهذه شوائب لابد أن تتخلص منها. أو تذهب إلى المجلس لأنه مجلس الأهل والعشيرة والجماعة. إن هذه العناوين هي ما يجب عليك نبذها. إن بعض المؤمنين يتعمد الذهاب إلى المجالس التي لا يعرف فيها أحدا؛ لأنه يريد أن يتخلص من هذه الشوائب.

الاهتمام بالدعاء لفرج إمام زماننا (عجل الله فرجه) في ختام المجالس

ثم ليكن على رأس الأهداف مواساة إمام زمانك (عج). فكما كانت الكآبة تغلب على أهل البيت (ع) عند دخول شهر محرم الحرام؛ فكذلك الكآبة تغلب على إمام زمامنا (عج) عند دخولنا في شهر الحزن هذا. فواس إمام زمانك (عج) وذلك بأن تحيي مجالس جده (ص). ولهذا أتقن في ختام المجلس دعاء الفرج بهذه الدمعة السابكة، وبهذه الحرقة الباطنية التي تعيشها في تلك اللحظات. فإن دعوت لفرجه دعاءاً بليغاً؛ فسوف تضمن بذلك دعاء الإمام (عج) لك. وشتان بين دعائه لنا وبين دعائنا له.

[١] عیون الحکم  ج١ ص١٥٠.
[٢] علل الشرایع  ج١ ص٨١.
[٣] الأمالي (للطوسی)  ج١ ص٥٢٥.
[٤] سورة النساء: ١٤٧.
Layer-5.png
Layer-5-1.png

خلاصة المحاضرة

  • لا تتعامل مع الحسين (ع) معاملة تجارية؛ فاذهب إلى كربلاء حباً وشوقاً، ولتكن نيتك زيارة من سفك في طاعة الله دمه، وليكن حضورك كذلك في مجالسه حبا وشوقا لا أن تلتقي بفلان صديقك أو أن تتناول الطعام الذي يعدونه هناك؛ فهذه شوائب لابد أن تتخلص منها.
Layer-5.png