- ThePlus Audio
تشرف السيد مرتضى النجفي بلقاء الحجة (عج) في مسجد الكوفة وقصة الشيخ الدخني
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة الشيخ الدخني
من يلاحظ سيرة الأعلام من علماء الطائفة؛ يرى أن السيد بحر العلوم والمقدس الأردبيلي، والشيخ جعفر كاشف الغطاء، والشيخ مرتضى الأنصاري كانوا يؤثرون بشكل عجيب في نفوس من أدركهم من أهل زمانهم. فنس معايشتهم كانت لها تأثيراتها على النفوس. ومن المعروف أن الإنسان الصالح، والعبد الصالح الولي، يؤثر في نفس من يعاشر، حتى لو لم يتحدث معه. فمن الممكن أن يكون التأثير في نفوس المحيطين به؛ من خلال نظراته ودعواته.
حدث السيد الثقة التقي الصالح السيد مرتضى النجفي رحمه الله وقد أدرك الشيخ شيخ الفقهاء وعمادهم الشيخ جعفر النجفي وكان معروفاً عند علماء العراق بالصلاح والسداد، قال: كنا في مسجد الكوفة مع جماعة فيهم أحد من العلماء المعروفين المبرزين في المشهد الغروي، وقد سألته عن اسمه غير مرة فما كشف عنه، لكونه محلّ هتك الستر، وإذاعة السر.
قال: ولما حضرت وقت الصلاة المغرب جلس الشيخ لدى المحراب للصلاة والجماعة في تهيئة الصلاة بين جالس عنده، ومؤذن ومتطهر، وكان في ذلك الوقت في داخل الموضع المعروف بالتنور ماء قليل من قناة خربة وقد رأينا مجراها عند عمارة مقبرة هانئ بن عروة، والدرج التي تنزل إليه ضيقة مخروبة، لا تسع غير واحد.
فجئت إليه وأردت النزول، فرأيت شخصاً جليلاً على هيئة الأعراب قاعداً عند الماء يتوضأ وهو في غاية من السكينة والوقار والطمأنينة، وكنت مستعجلاً لخوف عدم إدراك الجماعة فوفقت قليلاً فرأيته كالجبل لا يحركه شيء، فقلت: وقد أقيمت الصلاة ما معناه لعلك لا تريد الصلاة مع الشيخ؟ أردت بذلك تعجيله فقال: لا، قلت: ولم؟ قال: لأنه الشيخ الدخني، فما فهمت مراده، فوقفت حتى أتم وضوءه، فصعد وذهب ونزلت وتوضأت وصليت، فلما قضيت الصلاة وانتشر الناس وقد ملأ قلبي وعيني هيئته وسكونه وكلامه – ويستفاد من هذه القصة أن المؤمن يهتم لهيبته ووقار ولا يأتي ما يخدش هذه الهيبة والوقار من قبيل القيادة بسرعة عالية وتناول الطعام في الأماكن العامة وفي الطرقات، والجلوس مع الأنذال والبطالين، والجلوس في المقاهي اللاهية اللاغية المطربة وما شابه ذلك – فذكرت للشيخ ما رأيت وسمعت منه فتغيرت حاله وألوانه، وصار متفكراً مهموماً فقال: قد أدركت الحجة (عجل الله فرجه الشريف) وما عرفته، وقد أخبر عن شيء ما اطلع عليه إلا الله تعالى.
أعلم أني زرعت الدخنة في هذه السنة في الرحبة وهي موضع في طرف الغربي من بحيرة الكوفة، محل خوف وخطر من جهة أعراب البادية المترددين إليه، فلما قمت إلى الصلاة ودخلت فيها ذهب فكري إلى زرع الدخنة وأهمني أمره، فصرت أتفكر فيه وفي آياته.
دروس القصة
والدرس الذي ينبغي أن يتعلمه المؤمن من هذه القصة؛ هو الاهتمام بالصلاة بين يدي الله عز وجل. إن الإمام لم يكن يرى قيمة لهذه الصلاة التي يكون صاحبها لاهيا عنها بفكرة من الأفكار، أو منشغلا عنها بحطام الدنيا. فإن هذه الصلاة هي صلاة السوق، وصلاة الأسهم، وصلاة العملة الصعبة، وصلاة الوظيفة؛ وليست هذه صلاة رب العالمين.
وليس للأئمة منهج إلا منهج رب العالمين، وقد أوصى بها النبي (ص)؛ فالصلاة هي قرة عين الرسول، وقرة عين المهدي (ع). والذي يريد أن يحظى بشرف لقائه، وبشرف نظرته الكريمة، عليه أن يكون أهلا لذلك.
هل هناك ما هو أهم من لقاء الإمام المنتظر (عجل الله فرجه)؟
إن اللقاء جيد، ولكن الذي هو أهم من اللقاء إلتفاته إليك، سواء تم اللقاء أو لم يتم.. فطالما هناك قوم لم يلتق بهم الإمام.. وهذا الرجل الذي نقل القصة، لم يكن متميزا، وليس من العلماء مثلا.. أو لعله أنه السيد المعهود.. وبالتالي، فإن الإنسان قد لا يتشرف باللقاء، ولكنه مورد لنظرة إمامه صلوات الله وسلامه عليه..
إن اللقاء به (ع) أمر حسن وهي أمنية كل مؤمن ومؤمنة؛ إلا أن الأهم من اللقاء هو أن يجلب المؤمن رضاه ويحظى بالتفاتة الإمام (ع) إليه؛ سواء تم اللقاء أم لم يتم. فإذا أردنا أن يلتفت إلينا، علينا أن ننظر إلى جوهر الصلاة، وإلى روح الصلاة، فإنه لا يرفع من صلاتنا، إلا ما أقبلنا فيها بقلوبنا.
خلاصة المحاضرة
- إن اللقاء بالحجة (ع) أمر حسن وهي أمنية كل مؤمن ومؤمنة؛ إلا أن الأهم من اللقاء هو أن يجلب المؤمن رضاه ويحظى بالتفاتة الإمام إليه؛ سواء تم اللقاء أم لم يتم. فإذا أردنا أن يلتفت إلينا، علينا أن ننظر إلى جوهر الصلاة، وإلى روحها؛ فإنه لا يرفع من صلاتنا، إلا ما أقبلنا فيها بقلوبنا.