- ThePlus Audio
تأثير الحواس على الفؤاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقاية خير من العلاج
من المناسب بين فترةٍ وأخرى أن نتأمل في الكلمات الشرعية لنتصيّد منها بعض القواعد؛ وتسمى هذه القواعد بالقواعد المتصيدة، قد لا يكون هنالك نص بمضمون تلك القاعدة ولكن من مجموع القواعد الشرعيّة الأخرى والشواهد القرآنية والروائية نستفيد قاعدة جديدة، وكمثالٍ على ذلك نقول: إنّ الشارع يُقدّم الوقاية قبل العلاج، كما هو دأب العقلاء في حياتهم اليومية، فقبل أن تقع في الحرام فإنّ الشارع يُقدّم لنا مجموعة من المقدمات المحذرة لكي لا يقع أحدنا في الحرام وبعبارة متداولة على الألسن -يبدو بأنها رواية أيضاً- تقول: من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه، فالذي يحوم حول حمى السلطان من الطبيعي أن يتسللَ عمداً أو سهواً في حدود تلك المملكة وبالتالي يقع في المحذور، وكتطبيق على هذه النظرية نذكر مثالاً واضحاً وهو: إنّ الشارع المقدس حرّم علينا الخمر وجعلها اُم الخبائث ومع تحريم شرب الخمر حرم علينا أيضاً الجلوس على مائدةٍ يُشرب عليها الخمر وإن لم تكن أنت شارب له، وكذلك في موضوع النساء نلاحظ أيضاً إنّ الخطيئة الكبرى هي الزنا، ولكن هنالك مجموعة من المحرمات من قبيل حرمة النظر وحرمة المصافحة وحرمة الحديث الشهوي والنظرة الشهوية، لأن هذه المقدمات في الواقع سوف تؤثر في تغيير التركيبة الباطنية للإنسان فتكون أشبه بالمقدمات للفاحشة الكبرى.
تغير تركيبة الباطن بالحواس
من المعروف أنّ للإنسان سلسلة من الأمور الخفية عن الحواس، منها السلسلة العصبية وعندما تتفاعل هذه السلسلة تقوم بفرز بعض المواد في دم الإنسان من غددٍ صغيرةٍ جداً، كما أنّها تقوم بمهام كبرى، ومن الطبيعي أنّ الإنسان الذي يتعرض لمواطن الإثارة السمعية والبصرية والقولية تتغير تركيبته الفسيلوجية والسايكولوجية معاً؛ أي بدنه ونفسه، وتحريم النظر وكذلك الاستماع له تأثيرٌ في تجنيب الإنسان من أن يتغير إلى مخلوقٍ تغلب عليه الشهوات فيفقد السيطرة على نفسه، ولهذا نلاحظ بعض المدمنين على المعاصي عندما تعظه يبكي ويتألم ولكنه يقول لك في ختام الموعظة: إنّ الأمر ليس بيده هذه العبارة كثيراً ما نسمعها من المتوغلين في المعاصي، فحقيقته قد تغيرت ونفسه خالطت الشهوة إلى درجةٍ من الصعب أن يرجع إلى حالته الأولى، يقول الله تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسؤولًا)[١]، وذكر الفؤاد بعد السمع والبصر-قد يُراد منه- إنّ العنصر الباطني الذي هو الفؤاد يتأثر بالحواس الخارجية من السمع والبصر.
نظافة القلب بنظافة روافده
عندما تنهى بعض المؤمنات عن السفور يقول بعضهن مقولة عامية معروفة لكنها بمنتهى السذاجة وهي: إنّ الإيمان في القلب. قلبي نظيف دع الحواس على ما هي عليه، نقول لهنّ: إنّ الأمر ليس كذلك، فالقلب وهو العنصر الباطني يتأثر بهذه الروافد الحسية، فعندما تقول للحوض المائي: أيها الحوض لا تتلوث لكنكَ في نفس الوقت تقوم بصب المجاري السيئة والكريهة والمنتنة في داخله، فطلبك هذا غير ممكن أصلاً، لأنّك إن أردت أن تُنظّف المصب لا بد من أن تُنظّف الروافد، فكذلك الإنسان المؤمن في تعامله مع الجنس الآخر لا بد أن يراقب سمعه وقوله، وقد علّق أمير المؤمنين (عليه السلام) تعليقاً جميلاً عندما مرت امرأةٌ فقال ما مضمونه: إنّ أبصار هذه الفحول طوامح[٢]، رجل فحل وينظر إلى إمرأة متزينة، أمر طبيعي أن تنتج حركة باطنية تنعكس على شكل مد البصر وما شابه ذلك من عوامل التأثر السلبي.
خلاصة المحاضرة
- هناك قواعد في الشريعة تسمى بالقواعد المتصيدة، حيث تنشأ من خلال النظر في الأدلة الشرعية، وكمثالٍ على ذلك نقول: إنّ الشارع يُقدّم الوقاية قبل العلاج، كما هو دأب العقلاء في حياتهم اليومية، فقبل أن نقع في الحرام فإنّ الشارع يُقدّم لنا مجموعة من المقدمات المحذرة، وكتطبيق على هذه النظرية نذكر مثالاً واضحاً وهو: في موضوع النساء فإننا نلاحظ أنّ الخطيئة الكبرى هي الزنا، ولكن هنالك مجموعة من المحرمات من قبيل حرمة النظر وحرمة المصافحة وهذه المقدمات في الواقع سوف تأثّر في التركيبة الباطنية للإنسان فتكون أشبه بالمقدمات للفاحشة الكبرى.
- فالإنسان الذي يتعرض لمواطن الإثارة السمعية والبصرية والقولية تتغير تركيبته الداخلية، وتحريم النظر والاستماع المحرم له تأثيرٌ في تجنيب الإنسان من أن يتغير إلى مخلوقٍ تغلب عليه الشهوات فيفقد السيطرة على نفسه.
- عندما تنهى بعض المؤمنات عن السفور يقول بعضهن مقولة بمنتهى السذاجة وهي: إنّ الإيمان في القلب. قلبي نظيف دع الحواس على ما هي عليه، نقول لهنّ: إنّ الأمر ليس كذلك، فالقلب وهو العنصر الباطني يتأثر بهذه الروافد الحسية، فالمؤمن في تعامله مع الجنس الآخر لا بد أن يراقب سمعه وقوله، ليتجنب التأثير السلبي على باطنه.