- ThePlus Audio
انشراح الصدر؛ غاية ما يبحث عنه البشر…!
بسم الله الرحمن الرحيم
انشراح الصدر في القرآن الكريم
ذكر القرآن الكريم الكثير من المصطلحات والأمثلة، والتي منها مصطلح شرح الصدر وذلك قوله سبحانه: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)[١]، فهناك طبقة من الناس تعيش ضيق الصدر إلى أبعد الحدود وهم كما عنتهم الآية كأنهم يصعدون في السماء وفي هذه الآية معجزة قرآنية في عالم الطبيعة، لأن الأكسيجن ينقص في طبقات الجو العليا وبالتالي يعيش الإنسان ضيقا في صدره كلما ارتفع في السماء.
وهناك طبقة من الناس قد شرح الله صدورهم كثيرا، وهم الذين وصفهم أمير المؤمنين (ع) في خطبة المتقين بقوله: (ولَو لا الأجَلُ الّذي كَتَبَ اللّه علَيهم لَم تَستَقِرَّ أرواحُهُم في أجسادِهِم طَرفَةَ عَينٍ)[٢]، وهؤلاء يحلمون بعالم أوسع وأرحب، ويرون الدنيا كالقفص، ويتمنون تلك اللحظة التي يُفتح فيها باب القفص، ليذهبوا إلى عالم فسيح.
والفارق بين الطبقتين واضح في الحياة؛ فكما يقال: إن منشرح الصدر كالبحر لا يتحرك بإلقاء الحجارة فيه إلا قليلا وسرعان ما يسكن وأما ضيق الصدر كالحوض الصغير يتلاطم يمينا وشمالا لأقل هزة أو نسمة تهب عليه، والمؤمن منشرح الصدر، فهو كما نعتته الروايات الشريفة كالجبل الذي لا تزعزعه الرياح.
فما هي الأعمال التي توصلنا إلى هذه الدرجة من انشراح الصدر والطمأنينة؟
أولا: الاتصال بالله سبحانه، فمن الصعب للإنسان أن يعيش بلا هوية وبلا انتماء إلى جهة، فيكون أشبه شيء بمن يعيشون في بلد لا يحملون وثيقة ذلك البلد أو جنسيته، فهم يعيشون في قلق واضطراب حتى وإن حسنت معيشتهم وكثرت أموالهم. والذي لا ينتمي إلى عالم الغيب لا يحمل جنسية في هذه الأرض ويُنظر إليه بعين الريبة والشك أينما حل أو ارتحل. ولا يمكن الارتباط به سبحانه من خلال الشعر أو النثر أو ادعاء التعبد له فحسب، بل ينبغي للمؤمن أن يكون جادا ومجتهدا في ذلك.
دور الأذكار في انشراح الصدر
ثانيا: الالتزام بما ورد في الشريغة من أذكار وأوراد، منها: الحوقلة والتهليل والتسبيح والاستغفار مع الالتفات إلى مضامينها، ولو فزع الإنسان عند الشعور بالضيق إلى الحوقلة وهي: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فهل يبقى في ضيق وهو يعلم أن الذي يستجير به ذو حول وقوة وهو علي عظيم؟
ثالثا: الإكثار من الصلاة على النبي وآله (ع) وهو من المجربات؛ فالذي يصلي على النبي وآله (ع) بتوجه وتأمل فقد أدخل السرور على أهل البيت (ع) ومن المؤكد أنهم يردون الهدية بأضعافها، كما ذلك دأبهم في حياتهم، وقد أعتق الإمام الحسن (ع) جارية له بعدما قدمت له طاقة ريحان.
رابعا: قراءة سورتي الضحى والانشراح: وفيهما يذكر الله عز وجل عظيم منته على نبيه (ص) بأن شرح له صدره بعد أن أثقلت الهموم كاهله، ومن منا لا يعيش الهموم والأحزان، ولكن هموم النبي (ص) هموم رسالية وفيها يقول سبحانه: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[٣]؛ أي لا تخف من الأحزان والضيق فسرعان ما يأتي الفرج بعد الشدة وهذه سنة إلهية، وبالإمكان مراجعة كتاب جميل اسمه الفرج بعد الشدة يذكر فيه صاحبه عينات من التاريخ ممن فُرِّج عنه بعد الشدة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سورة الضحى فهي وسورة الانشراح تعدان سورة واحدة في مقام التلاوة، والمعانى فيهما مترابطة كما هو واضح.
خلاصة المحاضرة
- يقال: إن منشرح الصدر كالبحر لا يتحرك بإلقاء الحجارة فيه إلا قليلا وسرعان ما يسكن وأما ضيق الصدر كالحوض الصغير يتلاطم يمينا وشمالا لأقل هزة أو نسمة تهب عليه، والمؤمن الذي قد شرح الله صدره كالجبل الذي لا تزعزعه الرياح كما نعتته الروايات الشريفة.