- ThePlus Audio
اليقظة فرصة يجب اغتنامها
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرص التي تمر على الإنسان في تقلبات حياته هي من أغلى الحقائق في هذا الوجود، وفي هذا البحث نحاول أن نُسلط الضوء على هذه الحقيقة -الفرص- التي تعتبر من أكبر النعم الإلهية، وما لم نستثمرها ونغتنمها قد تذهب أدراج الرياح من دون أي فائدة، ولا بد من تحري الطرق الصحيحة والنافعة في استثمار تلك الفرص.
وما نريد أن نتكلم عنه هو؛ أنّ الإنسان في مرحلةٍ من مراحل حياته يمر بحالةٍ من حالات اليقظة قد تعتريه في حالةٍ عباديةٍ متميزة أو في مكانٍ عباديٍ متميز، فيَفتحُ الله تعالى عليه باباً من أبواب الهدى، لكن هذا الباب الذي يُعتبر هبةً من الله تعالى لا يُعلم متى يُفتح، فقد يُفتح في أوائل سن التكليف؛ الذي يُعتبر إكراماً من الله تعالى للإنسان، فيذيقهُ شيئاً من حلاوةِ القربِ مثلاً.
مجاهدة النفس طريق لليقظة
لا شك في أن اليقظة لا تأتي من دون مجاهدة للنفس فإذا جاهد الإنسان نفسه فقد هيأ الأرضية للحصول عليها، سواء كان هذا الجهاد على مستوى الشهوات أو مجاهدة القوة الغضبية، فقد نُقل عن ابن سيرين أنّ الموهبة التي اكتسبها في تعبير الرؤيا لم تكن إلا بعد مُجاهدةٍ لنفسه في مجال الشهوات، وهذا الأمر موجود في تاريخِ وحياة الصالحين والأولياء، فإننا نلاحظ بأن البعض منهم وصل في ليلةٍ من الليالي أو في يومٍ من الأيام إلى درجةٍ روحيةٍ عالية بفضل موقف من المواقف الصعبة التي تحتاج إلى مجاهدات عالية، إذ إنّ في هذا الموقف تجاوزٌ على الذات وعلى الإنّية، وإذا برب العالمين يفتح على عبدهِ هذا الباب، ومن الممكن أن تحدث هذهِ النفحات في بعض المواقف أو المشاهد أو في الأزمنة الشريفة، بعد المجاهدات البليغة وخاصةً في مثلِ بعضِ الأيام المهمة في السنة التي تجمع بين شرفِ المكان وشرف الزمان، ففي بعض الروايات أن الذي لم يُغفر له في شهر رمضان لن يغفر له إلى قابل هذه محطة زمانية في غاية الأهمية، أمّا المحطة الثانية فهي في عصر عرفة حيث شرف الزمان والمكان وهبوبُ لنسائم الرحمة الإلهية. وهناك عدة مواطن ذكرتها الروايات على أن فيها من نفحات خاصة للرحمة الإلهية واستجابة الدعاء مثلاً عند هبوب الرياح، وعند الزوال، وعند التقاء الصفين مُعسكر الحقِ والباطل للقتال وكذلك قُبيل الغروب وقُبيل الشروق وقُبيل الفجر، فهذه المواطن وغيرها في حياة الإنسان التي لا يعلم أن فيها هذه المنزلة الخاصة عند الله (تعالى) إلا من خلال الروايات، المهم في هذا المجال أَن رب العالمين يمَّنُ على عبادهِ بهذهِ الحالة من اليقظة وانفتاح الأبواب.
تقصير العبد سبب للحرمان
نلاحظ في كثير من الأحيان إنَّ العبد لا يغتنم هذهِ الفرص، حيث أنه يعتقد بأنها متاحة لهُ دائماً فيقع في عالم التسويف، كما أن البعض الآخر من الممكن أن يُصاب بحالةٍ من حالات العجب ظناً منه بأن ما لديه من الحال إنما هو حال مستقر ودائم، لكنّ الحقيقة هي؛ أن ما يعيشه الفرد الزائر لبيت الله أو أضرحة المعصومين مثلاً من إقبال ويقظةٍ وخشوع، إنّما هي هباتٌ من الله (عزّ وجلّ)، لكرامة بيته الحرام أو لكرامة ذلك المعصوم، ولا ينبغي الخلط بين الكمال الذاتي وبين النفحات العرضية في هذا المجال لأن الذي يخلط بينهما من الممكن أن يصاب بشيءٍ من الحرمان.
الاستمرار والمداومة على مجاهدة النفس سبيل للحفاظ على النفحات الإلهية
على الإنسان الذي يحصل على هذه ِالنفحات وهذهِ الفيوضات أن يعيش حالة الإنسان الرياضي، فالذي يريد أن ينمي بعض عضلات جسمه، كم يبذل من الوقت والعمر في النوادي الرياضة، فهناك حركة مستمرة صباحاً ومساءً بشكلٍ دائم، وبعد سنوات عديدة وبذل الوقت والعمر والمال يسمى رياضياً، بمعنى أنّ له جسماً متميزاً يعدو أسرع من غيره، يحمل الأثقال أكثر من غيره وهكذا في باقي الرياضات، فإذا كانت الرياضة البدنية تحتاج إلى هذا المقدار من الاستمرارية والمداومة فكيف بالرياضات الروحية وتكميل الروح، والحال أنّ نسبة الروح إلى البدن في الواقع هي نسبة الصفر إلى الأعداد، لأنّ هذا البدن الذي مآلهُ التراب يعيش مائة سنة أو أكثر أقل ثم يصير طُعمةٌ لديدان الأرض وللتراب، ولكن الروح الإنسانية التي لا تَفنى إلى الأبد، كما ورد في بعض الأخبار أن الله تعالى يخاطب بالقول: من الحي القيوم الذي لا يموت إلى الحي القيوم الذي لا يموت. نعم يبقى الفارق بين الحي الذي لا يموت بذاته، وهو ربُ العالمين الذي أعطى الخلودَ لأهل الجنة، وبين أهل الجنة الذين لا يموتون بإذن الله (عزّ وجلّ)، أي أحياء لا يموتون بسبب غيرهم وهو الله تعالى.
أقول: فهذهِ الروح التي يُراد تنميتُها وتهذيبُها وإلحاقُها بأرواح المعصومين(عليهم السلام)، حيث إننا نعلم بأنّ بعض أهل الجنة يعيشون في كنف المعصومين وفي جوارهم هذهِ المجاورة في البيوت، والأبدان، ولكن هذه المجاورة فرعٌ المُسانخة الروحية فإنّ عالم الآخرة ليس كعالم الدنيا، فلولا المسانخة الروحية لما وجد هذا الجوار في جنان الخلد، فالأمر بحاجة إلى حركة دائبة وصبرٍ وإصرار في السير في هذا الطريق، أمّا الإنسان العجول فلن يستطيع الوصول إلى غايةٍ من الغايات النبيلة.
البرنامج التكاملي طريقٌ للوصول
لا بد للإنسان من برنامج تكاملي، فكما أنه يصرف شطراً من وقته لملبسهِ ومأكلهِ ومشربهِ ولأهلهِ وولده، عليه أن يهتم بنسبةٍ مساوية أيضاً لهذهِ اللطيفة الربانية التي بها يميز الإنسان عن البهائم، وهنالك حقلان من الحقول المهمة في هذا المجال:
تحقق المقتضي وارتفاع المانع
إنّ مختلف التفاعلات الكونية على وجهُ الأرض تحتاج إلى المقتضي كالنار، وكذلك المادة القابلة كالخشب الذي فيهِ قابلية الاشتعال، فهنالك فاعل وهنالك قابل، ولا بد من انتفاء الموانعِ أيضاً، فانتفاء المانع ايضاً شرطٌ أساسي، فعندما نأتي بالنار ونأتي بالعود الرطب لا تتحقق عملية الاحتراق لأنه لا بد من ارتفاع المانع وهو الرطوبة في المثال، فمجموع هذهِ العناصر تُحقق عملية الاحتراق.
العيش في دائرة الوهم من أهم موانع الوصول إلى القرب الإلهي
ولا بد من التأكيد على مسألة الموانع التي تحول دون تحقق التكامل، فالكثير منا يحمل المقتضيات، كالاعتقاد السليم، إتباع الكتاب والعترة، فبذور الخير كثيرة والمقتضيات جمة، والموانع هي التي تحول دون نمو هذه البذور الطيبة في حياة الأمة، ولكن ما هي هذهِ الموانع؟
وفي مقام الجواب لا نريد أن نَستقرأ كل الموانع وإنما نقدم بعض النماذج التي تكشف عن موانع القرب إلى الله سبحانه وتعالى، ومن هذه الموانع؛ العيش في دائرة الوهم، هنالك فرعٌ جديد من الثقافة الإنسانية يسمى بعلم البرمجة اللغوية العصبية، هؤلاء يقولون: إنّ الإنسان لا يتعامل مع الواقع الخارجي تعاملاً مباشراً، بل من خلال الخارطة الذهنية المرسومة عن الواقع في ذهنه، فإذا كانت هذه الخارطة مطابقة للواقع أو مقاربة للواقع فلا مشكلة لأن الإنسان يتعامل مع الواقع من خلال الصورة الذهنية القريبة للخارج، ولكن يمكن أن نقول بأنهُ في أغلب الأحيان لا مطابقة بين الصورة الذهنية وبين الواقع الخارجي وخاصة في العلوم التي لا تخضع لأدوات المختبر، المخترع أو المكتشف توجد في ذهنه فرضية من الفرضيات يضعها ثم يذهب إلى المختبر ويجري التحليلات والاختبارات والقياسات، عندئذً يخرج بنتيجة أن هذهَ الفرضية هل هي واقعية أو مجرد حالة من الوهم والخيال، ومن أمثلة ذلك ما جاء به فرويد وغيره من النظريات التي شغلت الباحثين دهرا كالتطور وغير ذلك، ولكن مع مرور الأيام أثبتوا بأن هذه من صنع الفكر البشري، والمختبرات والأدلة الواقعية لا تؤكد ذلك، فإذن في عالم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والإحياء وغير ذلك حتى الرياضيات، توجد معايير نثبت بها صحةَ النظرية أو خطأها، ولكن في عالم الإنسانيات في عالم الأفراد خارطة الإنسان الداخلية مجهولةٌ حتى لنفسه، في بعض الأوقات الإنسان بعد خمسين أو ستين سنه من العشرة الزوجية يكتشف أنه لم يعرف زوجته كما ينبغي والعكس كذلك رغم هذهِ العشرة الطويلة، فالإنسان عندما يعتقد أن هنالك خارطة في باطنه ينبغي أن يرسمها بمساطر دقيقة، ولا بد أن يجرد ذهنه من الأحكام المسبقة ويُفرغ ذهنه من القبليات يرسم بقلم بريءٍ شعارهُ هو القواعد الشرعية، وعدم اتّباع الظن، فبين الحق والباطل كما في الروايات أربعةُ أصابع بين الأُذن وبين العين، ما يسمعهُ الإنسان وما يراهُ الإنسان، فلا بد أن نكون في غاية الدقة عند رسم ما في أذهاننا من خرائط للواقع سواء لواقع الأشياءِ أو لواقع الأشخاص فإنّ الأمر يحتاج إلى بصيرة وإلى رؤيةٍ إلهية. فمعرفة الحق حقا والباطل باطل لوحدهما لا يكفي في هذا المجال بل لا بد من التوفيق لاتباع الحق واجتناب الباطل، استفهم الله يفهمك، اطلب من الله (عزّ وجلّ)، أن يلقي عليك ذلك النور الذي ترى به الحق، ولهذا ندعو في جوف الليل: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، فلا بد وأن يُرزق الإتّباع، أن يُليّن ربُ العالمين فؤاده لهذهِ الحركة، وهو أمر معهود في حياة الأنبياء، وقد جاء في القرآن الكريم في قصة إبراهيم (عليه وعلى نبينا السلام) عندما ترك نبينا ذريته في وادٍ غير ذي زرع بين جبال مكة في حالةٍ موحشة، إذ ترك امرأة وصبيا، فقد طلب من الله (عزّ وجلّ)، أن يجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم، وما نراه اليوم توافد الناس إلى هذا المكان استجابة لهذا الدعاء الإبراهيمي، ومن عجائب الأمور فإننا نجد أُناساً من الصين والسند والهند وأقاصي الأرض في موسم الحج يجتمعون حول هذا الحرم الإبراهيمي، لأن الله (عزّ وجلّ)، أراد أن يثبت للبشرية بأنّ هذا الوادي الذي لم يكن فيه زرع، الوادي الذي ضم امرأةً كهاجر وضم ولداً كإسماعيل، ربُ العالمين أراد أن يثبت كيف أن الله (عزّ وجلّ)، ايضاً في بعض الموارد يقلب القلوب بما فيه صالح المسيرة الإلهية على وجه الأرض.
محفّزات الوهم
تقدم أن من موانع اليقظة هو غَلبَةُ الوهم ولكن ماذا نعمل لسد روافد الوهم، هنالك بعض الروافد في هذا المجال أذكرها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.
الأول: التلقين، فالإنسان عندما يُلقّن نفسهُ-في كل وقت-فكرةً ما، تتحول من فكرةٍ عابرة إلى فكرةٍ متبناة في نفسه، ولهذا في عالم الإعلام الباطل يقولون: أكثر من الكذب حتى يصدقك الناس، فيظن الإنسان إنّ هذه الكذبة حقيقة، ولكن في بعض الأوقات يلقن الإنسان نفسه تلقيناً باطلاً، فلا يصدق به في بادئ الأمر ثم يُلقن نفسهُ ثانياً ثالثاً، فإذا إطمأنَّ بأنَّ الرأي العام يساعد على هذا التلقين تحولت الفكرة الباطلة إلى فكرة راسخةٍ في وجوده، فالتلقين وتكرار الفكرة بشكل متواصل في قالب النفس من موجبات غلبة الوهم في هذا المجال.
الثاني: الاتكال على ما لا يورث اليقين فمع الأسف من روافد الوهم في حياتنا اليومية الاعتماد على مسائل ليست صحيحة كالأحلام، فالكثير من عامة الناس يعامل الأحلام معاملة الوحي النبوي، نحن نعلم أن منام الأنبياء في الواقع يختلف عن منام غير الأنبياء، فمن طرق الوحي وإيصال الفكرة للنبي هو عالم الرؤى الصادقة في المنام كما حدث مع نبي الله إبراهيم(عليه السلام) في قضية ذبح ابنهِ إسماعيل(عليه السلام) حيث تلقى إبراهيمُ الخليل هذا الأمر في حالة النوم، حيث يقول سبحانه وتعالى على لسان نبيه إبراهيم: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[١]، فهل كل شخص منا عندما يرى في منامه أنه يذبح ولده، عليه أن يذبح ولده فعلاً؟ الجواب بالتأكيد كلا؛ وذلك لأنّ الرؤى التي نراها لا تورث اليقين. فهنالك قسم من المنامات انعكاس لعالمِ اللاشعور الباطني، فإذا عادى الإنسان شخصاً ما، فمن الطبيعي أن يراهُ في المنام على هيئة مخيفة، التي نُسميها في عرفنا الكوابيس، وبعكس ذلك إذا أحببت شخصاً تراهُ في حالةٍ طيبة، فإذا كان لكَ ميت أنت تُحبهُ وتشتاق إلى لقاءه من الممكن أن تراه في مظهر حسن في عالم البرزخ، فلا حدود لهذا المنام أبداً، بل إنّ بعض العلماء يقول: إن رؤية المعصوم في المنام مما لا يُعوّل عليه أيضاً كحجةٍ شرعية، أما الحديث المروي عن النبي(صلى الله عليه وآله) وهو: (مَنْ رَآنِي فِي اَلْمَنَامِ فَإِيَّايَ رَأَى فَإِنَّ اَلشَّيْطَانَ لاَ يَتَشَبَّهُ بِي)[٢]. إنّ صح فتفسيره أن من رأى النبي (صلى الله عليه وآله)، في اليقظة ثم رآه في المنام فهو قد رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) حقاً لأن الشيطان لا يتمثل بشكله الواقعي، أي إنّ من رأى النبي في حال اليقظة وحفظ شمائلهُ المباركة ثم رآه في المنام فهذا هو النبي(صلى الله عليه وآله) فعلاً، أمّا مَن يقول رأيت النبي (صلى الله عليه وآله)، في المنام وقال لي كذا وكذا أو أمرني بكذا فجواب ذلك من قال إنّ هذا هو النبي (صلى الله عليه وآله)، وما البرهان عليه؟ فعلى الإنسان ألا يتبع الظن فالظن لا حُجيّة له في هذا المجال أصلاً، بل الأمر لا يصل حتى إلى الظن. بل يكون وهماً لا غير.
الإنسان عادة لا ينفك من الرؤى والأحلام، فمن منا لا يرى مناماً في بعض لياليه وأيامه، وهناك قاعدة شرعية في هذا المجال وهي إن رأى المؤمن رؤيةً مخيفة ومفزعة فعليه أن يقوم بالتصدّق ويقول: يا رب اكفني شر هذا المنام، أمّا إن رأى خيراً فيقول يا رب هب لي خير هذا المنام. هذا الذي نذهب إليه كأدبٍ وسنةٍ في هذا المجال وخاصةً بالنسبة إلى تقييم الأشخاص، فإذا رأى أحدُنا مؤمناً في منامه في حالةٍ غير جيدة ليس له الحق أبداً أن يحكم عليه حتى في خِياله فضلاً عن بيانهِ ولسانهِ.
الثالث: العيش في ضمن أجواء الواهمين والغافلين، فالإنسان الذي يعيش في مجتمع متخلف ويعيش حالة الوهم والخِيال، والاعتقاد بالأبراج وما شابه ذلك من الأمور التي لم يقم عليها دليل، فمن الطبيعي أن ينساق مع هذا الجو الواهم أيضاً، ولذلك نلاحظ الشريعة المباركة تنهى عن التعرب بعد الهجرة، والتعرب؛ هو الذهاب إلى البادية، والتعبير بالبادية لا يراد منه خصوص بادية العرب فحسب، وإنّما استخدمت البادية كناية عن الذهاب إلى الأماكن التي يوجب البقاء فيها، فهي تشمل كل البلاد التي يضعف فيها دين الإنسان فعلى هذا تكون البوادي كثيرة جداً ومنتشرة على وجه الأرض ويمكن أن نسميها هذه الأيام؛ التعرب بعد الهجرة، فالذهاب إلى البلاد التي من الممكن أن تؤثر على مستوى الإيمان منهياّ عنه؛ وذلك لأنَّ غلبة الوهم على هؤلاء القوم مما يمكن أن يسري إلى قلب الإنسان.
الرابع: الشهوة والغضب إحدى موجبات غلبة الوهم، فالإنسان إذا عاش حالة الغضب والنفور من شخصٍ أو شيءٍ فإنّه ينسج في ذهنهِ كثيراً من الخيال والوهم، ولطالما وقعنا في بعض المشكلات القولية المحرمة نتيجة لهذه الأحكام المسبقة، وبعكس ذلك يكون الحب والانجذاب لشخص أو شيء فإنّه لا يرى أخطاءه ومساوئه، فقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): أنّ حُب الشيء يُعمي ويُصم[٣]. ما أعظم نهج البلاغة، في الواقع ليس هذا نهجاً للبلاغة فحسب وإنّما هو نهجٌ للسعادة، فالبلاغةٌ مقدمة لإيصال الإنسان إلى سعادة الأبد، ورد في كلمات علي (عليه السلام)، أنّه قال: (إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى عَبْدٍ أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَه)[٤]. فالإنسان عندما ينظر بعين الرضا وعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ، لا ترى العيب فيمن تُحب، ولكن عين السخط تبدي المساويا، فالسخط وعدم الرضا هو الذي يُبدي العيوب.
الخامس: هناك حالة مرضية، توجب غلبة الوهم لدى الإنسان، فهنالك بعض الخلل الذي يُصيب دماغ الإنسان فيعيش حالة من الوسواس والخيالات، وما يسمى في عرف الطب القديم في الماليخوليا، فيعيش حالة الأوهام والأباطيل، وعلى الإنسان المبتلى أن يُراجع أهل التخصص للتخلص من هذه الحالة، وهناك مرضٌ شائع هذه الأيام في أوساط المؤمنين وهو ما يُسمى بالوسواس القهري، فالإنسان الذي ينبغي له أن يكون وضوءه وغسله وتيممه باباً ومقدمة للدخول في بحر الصلاة والمناجاة بين يدي الله (عزّ وجلّ)، والعروج إلى المولى تعالى، فإذا به يقف عند الوضوء والغسل والتيمم ليعيش عالماً من الوهم والخيال ويفعل ما هو أقرب للجنون، فالإنسان الذي يمضي شطراً كبيراً من وقته وهو يغتسل ألا يسأل نفسه إنّه وقع في شبهةُ الإسراف في هذا العمل، هذا الإنسان الذي يصلي وفكرهُ في انتقاض وضوءه وفي مقدمات صلاته يصلي ركعةً بعد ركعة وهو كارهٌ لهذهِ الصلاة، ويعيد الصلاة بعد الصلاة ظناً منه أنّ الله تعالى لا يقبل صلاته إن كانت بهذه الشاكلة، بل قد يظن أنّه واقعٌ في سخط الله وغضبه، لكنه في الحقيقة واقع في غضب الله تعالى لأنّه يأخذ بمثل هذه الشكوك والوساوس الشيطانيّة، إذ إنّ إجماع الفقهاء قائم على لزومِ عدم الاعتناءِ بهذا الشك، فهو يزعم أنّه يريد أن يُطيع الله عندما يعيد الوضوء أو الصلاة، وإذا به يطيع الشيطان ويعصي الله تعالى من خلال أخذه بمثل هذا الشك.
السادس: الاعتماد على المصادر التي كُتبت باللغة الرمزية والباطنية، في هذا المجال هنالك كتبٌ كثيرة مؤلفة وبعضُ هذه الكتب يستوحي مفاهيمهُ من المؤلف، والحال أنّ المفترض بالإنسان المؤمن أن يعتمد على الكتب والمصادر التي تستلهم مفاهيمها من الكتاب والسنة ومن المسلمات الوجدانية والعقلية وما ينبع من العقل السليم والفطرة المستقيمة، ولكن مع الأسف نلاحظ أنّ البعض يأنس بما كُتب بلغة الرمزية والباطنية، ما يمكن أن نقوله في هذا المجال هو أننا لا يوجد عندنا أسرار مخبئة، فلدينا شريعة واضحة، فالنبي الأكرم’ جاء بالشريعة السمحاء التي توافق فطرة الإنسان، فلا نحاول أن نُدخل الدين في عالم التأويل والباطنية، فإنّ أفضل من يبين الكتاب الإلهي هو من خوطب به، عندما نقرأ بعض التفاسير نراها تنقلنا إلى عالم من الوهم والخِيالِ والتفسير الذي يجانبُ ظواهر الآيات، نعم لا يُنفي باب التأويل؛ لأنّ هناك أسرارٌ لكتاب الله (عزّ وجلّ)، وبطون ومعاني خفية، كما أنّ هناك إشارات وعبارات ولطائف، ولكن الذي يبين هذه الأمور هم الذين خوطبوا بالقرآن الكريم النبي وآله الطاهرين (عليهم السلام)، فهم الذين لهم الحق أن يفسروا لنا كتاب الله عندما تُخفى علينا بعض الأمور كتفسيرِ مقطعات السور، العلماء في هذا المجال المنصف منهم يقول: الله أعلم بمراده، فلا نعلم معنى هذه الحروف المقطعة، ولكن ربُ العالمين لماذا أنزل هذهِ الحروف؟ مع أنّ القرآن الكريم كتاب للبشرية جمعاء، وهذا الكتاب يقعُ بيد المسلمِ والكافر، فلماذا هذه الحروف التي لا نعلم معناها؟
ذهب البعض إلى أن القرآن الكريم مؤلف من الم حم، ولكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا التكرار؟ يكفي في آية من الآيات أن يُفهمنا القرآن هذه الحقيقة، وهذا يوحي لنا بأنّ الأمر أعمق وأرقى من ذلك، فهذا يدل على أنّ الله تعالى أراد أن يُبهم هذه الحروف من أجل إفهام الناس أن هنالك بعض الإشارات والحديث المتبادل بين رب العالمين وبين أوليائهِ وهم من خواص الخلق.
السابع: التقوقع والانطواء على النفس، البعض عندما يسير في مجال التكامل الأخلاقي ينطوي على نفسه لأنّه شاهد الجمال الحقيقي، فهذا الشخص من ناحيةٍ له الحق، مثاله كالذي قد تزوج مثلاً بامرأةٍ لا حظّ لها من الجمال والكمال، وبعد ذلك تزوج بامرأة أخرى هي أجمل امرأة في هذا الوجود، فالذي يتزوج هكذا امرأة يقال بأنها ملكةٌ في جمالها، فمن الطبيعي أن يميل إليها ميلاً تلقائياً، القرآن يقول: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)[٥]، هذا في الجوانب الماديّة، فكيف اذا كان التفاوت بين الثرى والثريا بين الأرض والسماء، فالذي تُفتح له بعض الأبواب المعنوية الإلهية من الممكن أن يأنس بهذا العالم اللذيذ، بعالم المناجاة مع رب العالمين فيرى ثِقلاً في الحديث مع المخلوقين ويرى بأن الجلوس إلى العائلة والأولاد والوالدين – وهم من عامة الناس قد يكون أباً جاهلاً أُماً أُميةً- يرى بأن هذا الجلوس ثقيلٌ جداً على فؤاده، والإحساس بأن هنالك اثنينية الدنيا والآخرة التي تعبر عنها بعض الروايات ضرتان لا تجتمعان، من الممكن أن يتوجه بشكل تلقائي إلى عالم التقوقع والعُزلة، وهذا الذي وقع فيه بعض الرهبان، فهؤلاء عندما ذهبوا إلى الجبال فهم لم يذهبوا إلى قصدٍ عدواني لكنهم رأوا بأنَّ الجلوس في أعلى الجبال أو على هامش نهر جارٍ تحت شجرةٍ فيها ثمارٌ متدلية تكون عيشة من أفضلِ أنواع العيش، ولكن هذهِ الرهبانية ابتدعوها من عندهم لأنَّ ربُ العالمين ما كتب هذهِ الرهبانية وما أمرهم بها، النبي الأكرم’ وهو المقياس في كل الأمور يقول سبحانه: (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[٦].
النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عندما ينزل من السماوات – والمعلوم أن معراج النبي لم يكن معراجاً روحيا وإنما عرج بجسمهِ وروحه وهنا الإعجاز -كان يرجع من عالم المعراج بعد أن تحدث مع ربه حيث ذهب إلى منطقةٍ لو تجاوزها جبرائيل أُنملةً لاحترق بعد أن تلقّى الأسرار الإلهية يقول سبحانه: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)[٧]، فكلمة (ما) في هذه الآية تُفهم أن هنالك سراّ ولغزاّ لا يعلمهُ إلا الله سبحانه وتعالى، وإذا بالنبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) يهبط إلى الأرض ليأتي إلى المدينة ويواجه جُفاة الأعراب، حيث كانوا ينادونهُ باسمهِ حتى جاءت الآية ناهيةً عن التسمية باسم النبي (صلى الله عليه وآله)، ورغم كل هذا القرب إلى الساحة الإلهية المقدسة كان يعيش مع الناس كأحدهم، فلم ينقل التاريخ الإسلامي أنّ النبي المصطفى جفا أحداً قط، أو أن النبي كان بعد صلاتهِ لا ينسجم مع الناس ويهرب منهم، نعم تنقل أُم المؤمنين عائشة بأن النبي (صلى الله عليه وآله)، بينما كان يُحدثنا أو هم نحن نحدّثه فيدخل وقت الصلاة وإذا بالنبي كأنهُ لا يعرفنا، لدخول وقت اللقاء مع رب العالمين، هذا مسجلٌ في حياة النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) لأنه جاء وقت الخلوة مع حبيبه، ولكن فيما عدا ذلك لا نجد أنّ هناك حالة من البعد عن الجماهير وخاصة في أولِ أيامِ المدينة، ففي السنة الأولى في المدينة كانت هذه البلدة متنافرة ومتشتتة ففيها اليهود والمنافقين والمتخالفين فيما بينهم الأوس والخزرج، المهاجرون والأنصار مجتمع غير متجانس، والنبي (صلى الله عليه وآله)، كان يعيش معهم ولم يسجل التأريخ هفوةً في هذا المجال.
علامتان كانتا على جسد الإمام الحسين (عليه السلام) عند دفنه
كانوا أئمة الهدى (صلوات الله وسلامهُ عليهم)، يقسمون لياليهم إلى قسمين:
قسم من الليل كان للعبادة والمناجاة بين يدي الله سبحانهُ وتعالى والقسم الآخر من الليل كان مخصصاً لتفقدِ دور الأيتام والمساكين والأرامل، فالإمام الحسين (عليه السلام)، عندما أرادوا دفنه وجدوا على بدنهِ علامتين، أحدهما أثرُ الجراح في سبيل الله (عزّ وجلّ)، لرفع راية الإسلام بلغة الدم من السهامِ والسنانِ والسيوف، والأخرى أثار تفقد المساكين على جسمه الشريف من حملهِ الجراب إلى الفقراءِ والمساكين، وهكذا كان قبله أمير المؤمنين’، وبعده الإمام زينُ العابدين (عليه السلام)، هكذا كانت سيرتهم في الجمع بين الأُنس بالله (عزّ وجلّ)، وبين الأُنس بالمخلوقين، واتفاقا هناك حديث جميل بهذا المضمون: (أن المؤمن لا يأنسُ إلا بالله أو بمؤمن مثله) المؤمن أنسهُ في هذهِ الحياة بالله (عزّ وجلّ)، وبمن ينسجم معهُ في فكرهِ وطريقته، صلوات الله على ذلك التلميذ الذي أحسن التّتلمذ على يدِ النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلى يد وصيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، ألا وهو سلمان المحمدي الذي قال عنهُ النبي (صلى الله عليه وآله)، كلمةً ما قالها في حق أحدٍ من الصحابة عندما قال: (سلمان منا أهلُ البيت)، سلمان بقربه من النبي والوصي عرف حقيقة الدين فكان يقول ما مضمونه: (أنهُ لولا هذا الأمر وهذا الأمر لما أحببت البقاء في هذه الدنيا؛ السجود والمجالسة مع الغخوان) [٨].
الحديث مع المؤمنين من صور الاستمتاع في هذهِ الحياة الدنيا، فالمطلوب من المؤمن أن يعيش العزلة عن الباطل بقلبه، ويخالط المؤمنين، ولكن عليه أن لا يكون مع المنحرفين من الناس، فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّه قال: (كن في الناس ولا تكن معهم) ومعنى لا تكن معهم، أي لا مع كل واحد منهم، إذا رأيت أنّه لا تنفعك معاشرته، سُئل عيسى (عليه السلام): يا روح الله من نجالس؟ قال: (جالسوا من تذكركم بالله رؤيته)[٩].
ذكر الله بين الغافلين أفضل أنواع الذكر
إذا اضطرَّ المؤمن أن يعيش في وسطٍ غافل عليه أن يكون معهم ببدنه ويذكر الله تعالى في نفسه، ذكر الله (عزّ وجلّ)، بالذكر الخفي في غاية الأهمية، يقال إنّ من أفضل أنواع الذكر هو ذكرُ الله (عزّ وجلّ)، بين الغافلين، لذلك فقد أُمرنا بالذكر في ساعة دخول الأسواق، فإنّ أبغض الأماكن إلى الله أسواقُها وأحب الأماكن إليه تعالى مساجِدُها، فعلى المؤمن أن يعيش هذهِ الحالة وهي أن يكون جسمهُ في النّاس، لكن روحهُ في المحل الأعلى في الملأ الأعلى، وبدلاً من أن تتخذ صومعةً في أعلى الجبال كالرهبان وأهل الأديرة، هنالك حل آخر معقول أيضاً، وهو أن تكون في النهار مع النّاس تقضي حوائجهم، تتعامل معهم تشتغل معهم كسباً للرزق الحلال، وأما في الليل فخذ خلوتك مع رب العالمين، وهنيئاً لمن وجد مَسجداً فارغاً في جوف الليل، ينتقل في ظلام هذا الليل من منزله إليه، طوبى لمن توضأ في بيته وزارني في بيتي، لعل هذا مضمون الحديث ،يأتي لبيوت الرحمن في هدوء الليل البهيم ليناجي ربه، يقف على باب المسجد منادياً: يا محسن قد أتاك المسيء، ربُ العالمين يباهي بهذا العبد، خذ خلوتك في الليل، خذ الليل صومعةً لكل ليلةٍ من ليالي عمرك، من الذي يمنعك من ذلك، الصومعة وهذه الخلوة عونٌ لك على جهاد النهار وعلى عمل النهار، ولهذا نلاحظ أنّ القائم في الليل لا تعتريه الغفلة في النهار أبداً، لأن شحن القوى المعنوية تكون في الليل، فعندما يدخل النهار يكون بكامل قوته ونشاطه.
الثامن: اتّباع المزاجية، هنالك دعاء ورد في القرآن الكريم وهو قوله: (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)[١٠]، العمل الصالح من الأهمية بمكان، ولكنه يفقد قيمته إن لم يكن مرضياً عند الله تبارك وتعالى، لأن المؤمن الحقيقي هو ذلك الذي يختار من الأعمال الصالحة ما يُرضي الله (عزّ وجلّ)،، هنالك أبوان هنالك أُمٌ مريضة، أبٌّ مريض، الزوجة بحاجة إلى خدمة وأنت قد جعلت لنفسك ورداً، عبادةً، ختمةً في تلك الساعة، هذه الخدمة عمل صالح وهذا الذكر عملٌ صالح عليك أن تبحث عن العمل المرضي لله (عزّ وجلّ)،، في هذه الساعة ربُ العالمين ماذا يريد مني، فالعبادة مطلوبة، وقراءة القرآن مطلوبة، لكن قد يحرم عليه ذلك في هذه الساعة بالخصوص، لوجود أمر آخر قد يكون أهم في نظر الشارع المقدس، فالمؤمن لا يَتبع مزاجهُ فيما يريد، البعض له مزاج خدمة الآخرين فيرى الدين في خدمة الغير، البعض مزاجه في الجانب العلمي فيكرس حياته صباحاً ومساءاً بين الكتب وهكذا، البعض يستهويه العمل السياسي الاقتصادي الاجتماعي … في زحمة الحياة على المؤمن أن يختار بين سلة الأعمال الصالحة من كل صنفٍ نوعاً يكون جامعاً لكل صنوف التكليف، ولهذا الذين يقرأون حياة علي (عليه السلام)، يعجبون بهذه النقطة في حياته، أيَّةُ نقطة؟ ففي ميدان الجهاد هو المقاتل الأول، وفي ميدان القضاء هو القاضي العادل، وفي جوف الليل هو العابد المنقطع لربه، فكان يجمع بين مختلف صنوف التكليف، وهذا الذي ميّزهُ عن غيره صلوات الله وسلامهُ عليه، على المؤمن في طريق الطاعة أن يبحث عن رضا المولى اينما كان هذا الرضا هو الذي يوصلنا إلى الله (سبحانه وتعالى)، فإذا أخطأ الإنسان في تشخيصه وسلك طريقاً ما كان عليه أن يسلكهُ بعد أن قامت الحجة والبينة، سيكون مأجوراً في سعيه وسوف يصل إلى ربه في مرحلة من المراحل لأن الله (عزّ وجلّ)، ينظر إلى قلوبنا ونياتنا، فنيّة المؤمن خير من عمله، ولكل امرئ ما نوى وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- الفرص التي تمر على الإنسان في تقلبات حياته هي من أغلى ما أعطاه الله لخليفته في هذا الوجود، وما لم نستثمرها ونغتنمها ستذهب أدراج الرياح من دون أي فائدة، ولا بد من تحري الطرق الصحيحة والنافعة في استثمار تلك الفرص.
- فالإنسان في مرحلةٍ من مراحل حياته يمر بحالةٍ من حالات اليقظة قد تعتريه في حالةٍ عباديةٍ متميزة أو في مكانٍ عباديٍ متميز، فيَفتحُ الله تعالى عليه باباً من أبواب الهدى، لكن هذا الباب الذي يُعتبر هبةً من الله تعالى لا يُعلم متى يُفتح، فقد يُفتح في أوائل سن التكليف؛ الذي يُعتبر اكراماً من الله تعالى للإنسان، فيذيقهُ شيئاً من حلاوةِ القربِ مثلاً، وقد يكون في وقت آخر.
- ومن يجاهد نفسه فقد هيئ الأرضية للحصول عليها، وعلى الإنسان المؤمن اغتنام هذه الفرص. فاليقظة والخشوع هباتٌ من الله عز وجل لكرامة مكان أو زمان، ولا بد للإنسان من برنامج تكاملي لاستثمار هذه الحالة والفرصة الثمينة.