تنتاب الناس حالة من الوسواس في الطهارة والنجاسة وغيرها من الأمور، وهذه ظاهرة غير صحية، بل هي حالة مرضية.. فالذين يبتلون بهذا المرض، أول ما يسلب منهم الخشوع؛ حيث أن الإنسان يصلي وعينه على انتقاض وضوئه مثلا.. ولكن هناك وسوسة من نوع راق، كم من الجميل أن يبتلى كل الناس بهذه الوسوسة الطاهرة المباركة!.. ولأنها وسوسة طاهرة ومباركة، فإن عامة الناس لا يفكرون في هذا الأمر؛ فضلا عن الوسوسة فيها.. هذا الوسواس الطيب، هو أن يعيش الإنسان هاجس الخوف من عدم رضا الله -عز وجل- عنه.. في كل يوم، وفي كل لحظة، يحتمل أن الله غير راض عنه.
أولاً: هذه وسوسة عقلائية منطقية، هل هناك إنسان لديه شهادة اعتماد: أن الله قد رضي عنه؟.. من منا يعيش هذه الحالة؟.. ما الذي جعل الأنبياء والأوصياء والأولياء طوال التاريخ، يضجون إلى الله طلبا لرضاه؟.. القرآن الكريم يصف يوم القيامة بهذا الوصف {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}.. أحدنا غاية ما يراه هذا الجلد، حتى أن أحدنا لم ير قلبه إلى الآن؛ فهو لم ير جوفه المادي، فهل رأى جوفه المعنوي؟.. بل ما رأى شكله؛ منذ أن خلق الإنسان إلى أن يموت لا يرى نفسه، وما يراه هي عبارة عن صور ومرايا.. الناس تراه، أما هو لا يرى نفسه؛ فكيف بباطنه؟.. مادام الباطن مخفيا، فإذن لابد من هذه الوسوسة المباركة.
ثانياً: إن هناك بعض المعايير والموازين هي بمثابة مختبر، يجب أن يدخل الإنسان نفسه في هذا المختبر؛ إن خرج الختم: أن النتيجة إيجابية؛ فهو على خير.. مضمون الرواية: (إذا أردت أن تعرف مالك عند الله، فانظر ما لله عندك)؛ أي ما وزن الله عندك؟.. يعلم وزن الله عند الإنسان في مواطن، منها:
١- عند الحلال والحرام.. مثلا: في بعض الأوقات يتزوج الإنسان امرأة، ويعلم بعد سنوات من الإنجاب، أنها محرمة عليه.. -كأن يتزوجها في عدة الغير مثلا- فينسحب بكل طواعية.
٢- عند المكروهات والمستحبات.. رب العالمين جعل مساحة للترقي، فللخروج من النار عليك بالحلال والحرام.. أما إذا كنت تريد أن تترقى؛ فعليك بالمستحبات.
٣- عند تمني الموت.. من شكا أنه على خير، فليختبر نفسه، كما ورد في سورة الجمعة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.. لأن الذي لا يتمنى الموت، عنده خلل في البين.. من منا مستعد أن ينقل من دار عمارة إلى دار خراب!..
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.