- ThePlus Audio
المتعة في الكتاب والسنة
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي نظرة الشريعة إلى المتعة أو الزواج المنقطع؟
إن من المسائل العقائدية التى كثر الحديث حولها بين العامة والخاصة؛ هي مسألة الزواج المنقطع أو المتعة. فما هو رأي الشرع في ذلك؟ وهل هناك ضوابط أخلاقية في هذا المجال؟
المتعة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
ينبغي لنا أن نبين مسألة الزواج المنقطع من خلال الكتاب والسنة؛ إذ أنكر بعض المسلمين هذا النوع من الزواج. إن القرآن الكريم قد ذكر في آية واضحة حلية هذا الزواج فقال تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)[١]. وقد وردت كلمة الاستمتاع في هذه الآية بالإضافة إلى كلمة الأجور وهو بخلاف المهر في الزواج الدائم. وليس في القرآن الكريم ما يدل على عدم جواز الزواج المنقطع. وأما في السنة الشريفة فقد روي في صحيح مسلم في كتاب النكاح الباب الثالث: (خرج علينا منادي رسول الله (ص) فقال: إن رسول الله قد أذن لكم أن تستمتعوا، يعني متعة النساء).
وروى مسلم في صحيحه عن عطاء، قال: (قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ مُعْتَمِراً فَجِئْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَسَأَلَهُ اَلْقَوْمُ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمَّ ذَكَرُوا اَلْمُتْعَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ اِسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ)[٢]، وفي رواية أخرى: (مَا زِلْنَا نَتَمَتَّعُ بِالنِّسَاءِ حَتَّى نَهَى عَنْهَا عُمَرُ)[٣]. وكانوا يجعلون المهر قبضة من التمر أو الدقيق بحسب ما روي عن جابر. هناك روايات كثيرة في هذا المجال، تدل على أن التشريع كان معمولاً به، وقد ذكروا أسماء بعض التابعين ممن ولدوا من هكذا زواج.
فرق الزواج الدائم عن المنقطع؟
وقد يستغرب البعض أنه كيف يمكن الزواج لأيام أو ساعات من خلال بعض الكلمات والألفاظ والحال أن في الزواج الدائم هي الكلمات نفسها التي تصير الحرام حلالا ولكن الفرق في الزواج المنقطع أنه مقيد بالوقت ليس إلا. فهناك اتفاق ومهر وعدة وأرث وولد شرعي ينتسب إلى الرجل، فما المشكلة في ذلك؟
لماذا الزواج المنقطع؟
أفهل يبطل زواج من تزوج بامرأة بصورة دائمة وهو عازم على الطلاق منذ البداية بعد شهر من ذلك الزواج؟ أليس فارق الزواج المنقطع عن هذا الزواج أنه يتم فيه تحديد وقت الانفصال منذ بدايته وهو مما لا يوجب الوهن فيه وخاصة أن الشريعة سهلة سمحة تستوعب ظروف الإنسان؟ فقد لا يتمكن الإنسان من الزواج الدائم ويدور أمره بين الحرام وبين هذا الزواج فيجد فيه متنفسا له عن الحرام القاصم للظهر.
ارتكاب المحرمات بذريعة الوصول إلى الحلال..!
وبالطبع أن هناك فئة من الناس تسيء الاستفادة من هذا الحكم الشرعي. فيتخطى حدود الشرع في كثير من الأحكام قبل الوصول إلى بغيته الشريعة من استراق النظر والحديث الشهوي الذي يدور بينه وبين من ينوي الزواج منها وقد يصل الأمر إلى المصافحة وما شابه ذلك. وإذا كان الأمر متوقف على هذه المحرمات فلماذا الإقدام عليه منذ البداية؟ إنما هو زواج له شرطه وشروطه وينبغي لنا الالتزام بتلك الشروط.
وليس جواز العمل في الشريعة دليل على رجحانه ومحرك للإقدام عليه؛ فالمؤمن يوازن بين الإيجابية والسلبية. فإذا كان هذا الزواج مما يهدم العش الزوجي أو يؤدي إلى تفكك الأسرة أو يحدث شرخا نفسيا بين الإنسان وشريكته فهل يبقى الإقدام عليه راجحا؟ والأئمة (ع) كانوا دعاة التوازن في كل شيء، فقد كتب الإمام الهادي (ع) لبعض مواليه: (لاَ تُلِحُّوا عَلَى اَلْمُتْعَةِ إِنَّمَا عَلَيْكُمْ إِقَامَةُ اَلسُّنَّةِ فَلاَ تَشْتَغِلُوا بِهَا عَنْ فُرُشِكُمْ وَ حَرَائِرِكُمْ فَيَكْفُرْنَ وَ يَتَبَرَّيْنَ وَ يَدْعِينَ عَلَى اَلْآمِرِ بِذَلِكَ وَ يَلْعَنُونَا)[٤]؛ أي إياك أن يكون هذا العمل مما يبعدك عن زوجتك الدائمة.
المتعة والاعتبارات الاجتماعية
وثم يأخذ الإمام (ع) مسألة الاعتبارات الاجتماعية بعين الاعتبار؛ فقد يكون المؤمن في وضع أو مكان أو مقام توجب له الوهن ممارسة هذا الحكم الشرعي، فقد روي عن الصادق (ع) أنه قال لأصحابه: (هَبُوا لِيَ اَلْمُتْعَةَ فِي اَلْحَرَمَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّكُمْ تُكْثِرُونَ اَلدُّخُولَ عَلَيَّ فَلاَ آمَنُ مِنْ أَنْ تُؤْخَذُوا فَيُقَالَ هَؤُلاَءِ مِنْ أَصْحَابِ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ)[٥]
إن من الأمور التي ينبغي أن نلاحظها في هذه المسألة، أن البعض يكثر من هذا الأمر حتى يتحول إلى موجود شهواني لا يقـنع بالقليل، ويعيش دائماً هاجس الاستمتاع بعنصر جديد. فإذا لم يتفق له ذلك: إما يصاب بنكسة نفسية، أو بضيق وتبرم، أو يلجأ إلى الحرام، لأن هنالك اشتغالا في الباطن، لا يطفيه الحلال، فلا بد أن يتوجه إلى الحرام. هذا بالإضافة إلى أن الذي يصبح ذواقا يبدأ بقياس تلك النسوة التي فيهن محترفات في هذا المجال بزوجته المؤمنة الصالحة العادية فيبدأ الازدراء والانتقاص والظلم لهذه المسكينة.
هاشتاغ
خلاصة المحاضرة
- إن المتعة مما أحلها الله عز وجل، وليس لأحد الحق في ردها أو قبولها لقوله سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).