أسال الله عزوجل أن يكتب لنا في ليالي القدر ، أو كتب لنا في ليالي القدر السعادة الأبدية.. هنالك عبارة جميلة من المناسب أن يرددها الإنسان المؤمن في هذه الليالي الأخيرة من شهر رمضان المبارك.. فليقل بلسان الحال والمقال ، وإن أمكن بدموع جارية ، وإن أمكن بقلوب منكسرة : (اللهم إن كنت أثبت اسمي في ديوان السعداء ، فلك الحمد ولك الشكر !.. وإن كنت أثبت اسمي في ديوان الأشقياء ، فامحُ شقائي ، وأثبتني في ديوان السعداء ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب !)..
وصلنا في فقرات جميلة من دعاء الافتتاح ، حيث ذكرنا أئمة أهل البيت (ع).. وأعتقد أن ترسيخ حبهم وذكرهم ، أمر لزام على كل مسلم ، هؤلاء ما كانوا من أئمة فرقة من الفرق ، ومن هنا قلنا : (اللهم صل على أئمة المسلمين) ، هؤلاء حملوا لواء المسلمين ، وإمامنا الصادق (ع) كان صاحب مدرسة كبرى ، ومن المعلوم أن آلاف فقهاء المدينة تُلمذوا على يده (ص) ، ومنهم أبو حنيفة صاحب المذهب ، هؤلاء هم أئمة المسلمين.. وعليه، فمن اللازم علينا ذكرهم ، والدعوة إليهم ، وتعلم محاسن كلامهم ؛ فإن الناس لو عرفوا وعلموا محاسن كلامهم ، لاتبعوهم ، كما قالوا هم (ص)..
– (اَللّـهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِىِّ اَمْرِكَ الْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَر ِ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ ، وَاَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ يا رَبَّ الْعالَمينَ ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْهُ الدّاعِيَ اِلى كِتابِكَ ، وَالْقائِمَ بِدينِكَ ، اِسْتَخْلِفْهُ في الاَْرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ ، أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ اَمْناً ، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً ، اَللّـهُمَّ اَعِزَّهُ وَاَعْزِزْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً ، وَاْفتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً ، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً ، اَللّـهُمَّ اَظْهِرْ بِهِ دينَكَ ، وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ ، حَتّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَىْء مِنَ الْحَقِّ ، مَخافَةَ أَحَد مِنَ الْخَلْقِ..)..
وصلنا إلى ذكر إمامنا المهدي (ص).. في ختام ذكر أئمة البيت (ع) ، يسلم الإنسان على القائم المؤمل والعدل المنتظر ، ذلك الإمام الذي سيحي آمال الأنبياء.. الأرض منذ أن شهدت ولادة آدم إلى يومنا هذا ، ما شهدنا العدل المطبق.. النبي الأكرم (ص) فتح مكة والمدينة ، وبعض البلاد حوله ، ولم يصل إلى كل الأرض.. علي (ع) أيضاً كان إمام المسلمين ، وبقاع شاسعة من البلاد الموجودة في زمانه بيد الكفر ، واليهود والنصارى والمشركين.. لم نعهد حكومة إسلامية إلهية مستوعبة لكل بقاع الأرض ، والحال بأن القرآن الكريم وعد بهذه الدولة الجامعة ، وبهذه الأمة الحاكمة ، الأمة التي ستحكم الأرض جميعاً : {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} ، {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}.. من الذي سيطبق هذا الشعار ؟.. من الذي سيحي هذا الأمل في النفوس ؟.. هو ذلك الإمام المهدي بهداية الله عزوجل..
والآن إمامنا (ص) شأنه شأن الشمس وراء السحاب.. هب أننا لا نرى الشمس وراء السحاب ، ولكن النهار نهار ، بفضل تلك الشمس المحتجبة.. ونحن في زمان الغيبة ، أيضاً ننتفع بهذا الوجود ، هذا الوجود الذي يبعث الأمل في النفوس.. ولا شك أن من موجبات الصبر ومقاومة الأمة هذه الأيام لصور الظلم ، ولتحدي الطواغيت ، هو اعتقادنا بهذه الدولة الكريمة ، التي سيعز الله تعالى بها الإسلام وأهله ، إنه سميع مجيب.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.