– (اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ ، وَلا يُغْلَقُ بابُهُ ، وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ ، وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ..)..
إن من الصفات الإلهية التي تثير في العبد حالة الالتجاء والانقطاع الدائم ، هو هذا الانفتاح الدائم لأبوابه.. فالملوك تغلق أبوابها ، وأهل العطاء وأهل الكرم أبوابهم ليست مفتوحة دائماً ، ولكن الرب المتعال ، الحي القيوم ، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، بابه مفتوح للسائلين..
إن هذا الباب مفتوح دائماً ، إلا أنه يفتح بشكل أوسع في أماكن وأزمنة معينة ، فإن فيها يلتفت رب العالمين إلى عبده التفاتاً مضاعفاً ؛ ومن هنا ينبغي للمؤمن أن يتعرف على ساعات استقبال الله عزوجل لأوليائه استقبالاً خاصاً..
وهي من حيث المكان : كالمسجد الحرام ، وعند الحطيم ، وعند الميزاب ، وعند المستجار ، وفي المسعى ، وفي عرفة ، وفي مشاهد أوليائه… فهذه مواطن يحب الله عزوجل أن يدعى عندها.
وأما من حيث الأزمنة : فمنها ساعة الأسحار.. ومن المتعارف أن الصائمين هذه الأيام يستيقظون لتناول طعام السحور ، وهي من العبادات أيضاً ، ولهذا فالذي يستيقظ ليتزود لنهاره أكلاً وشرباً ، من المناسب أن ينوي قصد القربة ، فقد ورد عن الرسول الأكرم (ص) ، ما يشير إلى التأكيد على السحور ، وعلى عظمة ثواب المتسحرين ، حيث قال (ص) : (إن الله وملائكته يصلون على المستغفرين ، والمتسحرين بالأسحار..)..
وفي خصوص شهر رمضان ما دام هذا التوفيق متاح لأغلب الخلق ، إذ يستيقظون للتزود المادي لنهارهم ، فلماذا لا يضيف المؤمن إلى ذلك ، التزود المعنوي أيضاً.. أليس من الخسران أنه إنسان يستيقظ لتناول طعام السحور مثلاً ، ثم يستلقي نائماً ؛ فيفوت على نفسه صلاة الفجر ، ويحرم بركات الليل ؟!.. ومن المعلوم بأن الله عزوجل قال لنبيه المصطفى (ص) : {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} ، حيث أنه في خصوص صلاة الليل رب العالمين أبهم الجزاء ، إذ قال : {مقاماً محموداًْْ}.. ولكن ما هو هذا المقام المحمود ؟.. لا ندري.. حتى في القرآن الكريم لم يفصل ثواب صلاة الليل..
ومن الساعات التي تفتح فيها الأبواب أيضاً : هي ساعة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها..
وفي ساعة الزوال ، في منتصف النشاط اليومي ، حيث إلتهاء الخلق بشؤونهم : الجامعي في جامعته ، والمكتسب في متجره ، وربة المنزل في منزلها… فالإنسان يقطع نشاطه اليومي عند الزوال ، ليقف بين يدي ربه ، ليقيم الصلاة الوسطى ، المفسرة بصلاة الظهر..
وعند التقاء الصفين.. عندما يقف جيش الإسلام أمام جيش الكفر ، فهذه من ساعات الاستجابة وطلب المدد من الله عزوجل..
وأخيراً من ساعات الاستجابة : عندما يصلح المرء بين متخالفين.. فالذي أصلح بين مؤمنين : زوجة وزوجها -مثلاً- ، فإن رب العالمين في تلك الساعة ، حيث قام بهذا العمل الصالح ، ينظر إليه بعين اللطف والرحمة.. ولهذا فهي من الساعات المناسبة للاستجابة ، ويحسن له أن يستغلها.. فليسجد لله شاكراً ، وليسأله أن ينظر إليه بعطائه الذي لا نفاذ له.
اللهم أصلح أمورنا ، وأنلنا بركات هذه الليالي والأيام ، بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين !.
ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.