الحرية والعبودية

أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
وأفضل الصلاة وأتم السلام علی أشرف الخلق وسید المرسلین محمد المصطفی وآله الطیبین الطاهرین

من العبارات البراقة هذه الایام والتي تستهوي الأمم والشعوب والافراد کلمة الحریة ولکن مع الأسف هذه الایام کلمة الحریة حصروها من لا یعرف واقع الأمور بالحریة في التعبیر الانسان الحر هو ذلك الذي یصرخ متی ما یشاء الحر هو ذلك الذي یفعل ما یشاء الی أن یصطدم بحریة الغیر البعض عندما یذهب الی بلاد الغرب أو الشرق مثلا تستهویه هذه الحریة بمعنی أن الانسان له الحق أن یعمل ما یرید مخالفاً لعرف لخلق لمصلحة واقعیة وغیرها هؤلاء جعلوا الحریة في قبال الشریعة والحال بأن التأمل نعلم أن التقید بالشریعة خلاف الحریة الانسان ما خُلق لیکون حراً بل خُلق لیکون عبداً وما خلقت الجن والأنس الا لیعبدون العبودية في مقابل الحریة نعم بني آدم حر في قبال الغیر یعني الانسان لا یری لأحد سلطاناً علیه طبعا سوی من أمر الله عزوجل بولایتهم انما ولیکم الله ورسوله والذین آمنوا هذه اشارة للوصي اذاً رب العالمین ثم النبي ثم الوصي هؤلاء لهم السلطنة والسیطرة علی العباد بأمر الله عزوجل ولهذا في عبارات امیرالمؤمنین علیه السلام کثرت هذه التعابیر وإن نسبت الی غیره هذه کلمات امیرالمؤمنین مدونة في النهج وفي غرر کلمات لا تکن عبد غیرك وقد جعلك الله حراً أنت موظف في دائرة أنت عامل في مصنع أنت صاحب وظیفة لا تنظر الی رب العمل والی المسئول وکأنه یملك رقبتك کن حراً اذا رأيت أن بقائك في ذلك العمل فیه امتهان لکرامتك ما لك وهذا العمل؟ ایها الناس إن آدم لم یلد عبداً ولا امة من کلام امیرالمؤمنین علیه السلام إن الناس کلهم أحرار حتی العبد الذي کان یباع ویشترى في الأزمنة الغابرة إن کان هذا الاستعباد شرعیاً لئن الاستعباد کان شرعیاً وغیر شرعي حتی لو کان العبد شرعاً عبداً في واقعه حر کیف؟ عندما یعیش التحرر من شهواته وأهوائه امیرالمؤمنین عندما یصف أخاً له یقول کان خارجاً من سلطان بطنه وفرجه یعني هذا الانسان کان حراً طعام وشراب والنساء طبعا کله بالحرام لا یستهویه لا یملکه حتی في الحلال فرق بین انسان یأکل طعاماً بنهم وبین من یأکل للتقوي المؤمن یتزود والفاسق یتمتع اذاً الحریة بالمعنی الباطني هذا المعنی موجود عند المؤمن ایضا ولکن في المقابل اولیاء الجور خلفاء الجور کیف صنعوا بالناس؟ هؤلاء کانوا ینظرون الی الناس وکأنهم عبید لهم یزید بن معاویة علیه لعان الله دخل المدینة الروایة عن الامام الباقر علیه السلام لأنه هو الذي عایش مع أحداث المدینة یقول أن یزید بن معاویة دخل المدینة وهو یرید الحج هؤلاء الحکام الجائرون یتظاهرون بالتقدس طلباً بالدنیا وهم الذین رموا الکعبة بالمنجنیق في فترة من الفترات المهم بعث الی رجل من قریش فأتاه فقال له یزید أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت أسترقیتك؟ رجل من قریش انسان حر هکذا منطق یزید مع فرد في هذه الامة وهذا الرجل یبدوا کان جریئاً ما قصر في الکلام امامه قال والله یا یزید ما أنت بأکرم مني في قریش حسباً ولا کان أبوك أفضل من أبي في الجاهلیة والاسلام وما أنت بأفضل مني في الدین ولا بخیر مني فکیف اقر لك بما سئلت؟ تریدني عبداً لك؟ فقال له یزید إن لم تقر لي والله قتلتك العلاج سهل البدیل هو القتل بمجرد أن أستنکف أن یکون عبداً لیزید فقال له الرجل کلمة جمیلة الآن هذا الرجل من؟ لا نعلمه لعله بهذه الجملة رب العالمین یدخله الجنة فقال له الرجل لیس قتلك أياي بأعظم من قتلك الحسین بن علي فأمر به فقُتل هکذا توقع الظالمین من هذه الامة فإذاً اخواني الانسان المؤمن یعیش هذه الحالة من ترك الشهوات کان حراً نعود الی الحدیث اشارة من امیرالمؤمنین علیه السلام للحریة الباطنية الحر حر وإن مسه الضر قد یکون الانسان مثلا حراً یقع في ید انسان یستعبده نفسیته نفسیة الأحرار ولهذا امامنا الصادق علیه السلام یستشهد بیوسف یقول کما کان یوسف الصدیق الأمين صلوات الله علیه لم یضرر حریته إن أستعید وقهر واُسر باعوه بثمن بخس دراهم معدودة کان في قصر زلیخا علی أنه عبد ولکن یوسف سید الأحرار اذاً الانسان بظروف الزمان قد یکون هکذا مثلا یصبه الذل والأذی ولکن في باطنه انسان یعیش أعلی درجات الحریه.
کلمة أخیرة هنالك انسان ظاهره حر ولکن یبیع نفسه للدنیا وزخرفها وشهوتها هذا مملوك للدنیا وإن کان مالکاً لها ولهذا یقول امیرالمؤمنین علیه السلام الدنیا دار ممر في عبارة أخری خذوا من ممرها الی مقرها أنت تعبر جسراً لتصل الی الضفة الأخری لماذا تبني بیتاً علی الجسر رأيتم عاقلاً یبني بیته علی جسر؟ هذا ممر والناس فیها رجلان رجل باع نفسه فأوبقها ورجل إبتاع نفسه فأعتقها شری نفسه فرق بین انسان یبیع نفسه للدنیا وبین انسان یشتري نفسه من الدنیا الانسان إن لم یلتفت طبیعیاً قهریاً یکون عبداً للدنیا یشتري نفسه من الدنیا فیصبح حراً، هنیئا لمن کان حراً في دنیاه وفي آخرته.

اللهم بحق اولیائك وبحق الصالحین من عبادك اجعل من خیر عبادك الصالحین ابلغ سلامنا الی امام زماننا واردد الینا منه السلام والفاتحة مع الصلوات.